تفاصيل صغيرة
شباب العودة والتكنولوجيا... ماذا يمكن أن يقدّموا؟
شباب العودة والتكنولوجيا... ماذا يمكن أن يقدّموا؟
سماح المزين - غزة
لافتات مختلفة الأحجام والأبعاد، منها ما هو عميق جداً لا يستطيع الوصول إلى عمقه أي كان، والبعض بارز بشكل لا يسمح بأن يتخطاه المارّ من دون الالتفات إليه والتدقيق فيه. فمن يتقن أسباب الكتابة، لا يملك الجرأة ليسيطر على قلمه، ومن يمتلك ريشة لا تعوقها الحواجزُ ينطلق بها ومعها، من دون أدنى قدرة على المقاومة. أشكال العرض مختلفة والموضوع واحد، هو "حق العودة". إنه المصطلح والثابت الذي لا تتقبل عقول الجيل الجديد المساس به أبداً. قد يختلف صنّاع اللافتات في طريقة التعبير وألوان العرض، والأماكن المستهدفة، لكن الهدف واحد، وكل المعروضات جذابة، والمارُّ مصادفة حائر بين هذا وذاك، لكن من يقصد المكان بكامل رغبته لا يقرر أن يتركه إلا مكرهاً!
يقيدني الشعور بالفخر حين ألتقي شباباً وشاباتٍ في عمر الربيع لا يتنفسون إلا حب وطن مسلوب يعذبهم حبه فيحبونه أكثر، ويدافعون عنه بما يملكون من قدرات وخبرات. مع أن كل شيء متاح أمامهم في ظل الانفتاح والمساحات الواسعة التي تتيحها منابر الإعلام الجديد لكل ذي صوت حتى يطلق صوته ولو تحت اسمٍ مستعار من دون خوف. وفي زحمة اللافتات التي لا هدف لها إلا الاستعراض غالباً، تحركهم القضية فيحملون لافتات وطنية كلها انتماء.
ما إن تقترب ذكرى النكبة حتى تكتظ معظم المواقع الإلكترونية بالتصاميم والدعوات والكلمات التذكارية وتجديد العهود عبر الفعاليات المختلفة وكرنفالات الاحتفال الإلكترونية، ويشتد التنافس في طرح الموضوع الأشمل، والصورة الأجمل، وتطرح الكثير من الأنشطة الأدبية والثقافية، الدعوات إلى حضور المهرجانات والفعاليات التي تقام على أرض الواقع، لوحة هنا وقصيدة هناك، في كل مكان تصادفك أغنية أو مقطع فيديو، أو مقابلة تلفزيونية، مقال أو بيان أو حتى جملة إنشائية قصيرة يعبّر صاحبها فيها عن شعوره أو يقسم في المحافظة على حقه. واللافت أكثر أن الفلسطينيين وغير الفلسطينيين يشتركون في ذلك، الأمر الذي يساهم في نشر القضية وتوضيح صورتها والتعريف بها أكثر.
ولا يمكن بحال التقليل من شأن مثل هذه المنابر في لفت الأنظار إلى شيء مهما كان، حتى إنها أصبحت تساهم في حشد الجماهير وتوجيه الرأي العام، بل وأكثر من ذلك، بتكوين لوبيات شبابية ضاغطة وموجهة لتحقيق أهداف معينة. فحين يسأل سائل: ماذا يمكن أن تقدم كل تلك الجهود والأوقات التي يقضيها شباب الجيل مع التكنولوجيا؟ تفاجئه الحقيقة بأن منابر الإعلام الجديد، من مدونات ومنتديات ومواقع للتواصل الاجتماعي، وقنوات صوتية وفيلمية، أصبحت شيئاً لا يستهان به في التأثير بالمجتمع وتوجيه أنظاره إلى الهدف الذي يجب أن تتوجه إليه.
ولا يمكن أن تفارق مخيلتي أبداً صورة شباب الثورات وصنّاع الربيع العربي الذي شكلت أول ملامحه مثل تلك اللافتات التي يطلقها شباب منتمون وأصحاب قضية ملّوا من الظلم فخرقوا سقف الحرية الكاذبة وانطلقوا إلى فضاء أرحب.♦