حوار
عصـام عـدوان: حمـلات إسرائيلية شرسـة لطمس "حق العودة"
عصـام عـدوان: حمـلات إسرائيلية شرسـة لطمس "حق العودة"
العودة /غزة
أكد الدكتور عصام عدوان، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أن ما تسعى إليه سلطة رام الله من خلال تقديمها طلب دولة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة له منحى فائق الخطورة على اللاجئين الفلسطينيين، مبيناً أن ذلك سينتزع منهم صفة لاجئين.
وقال عدوان في حوار مع مجلة "العودة": "هناك مخاوف حقيقة على قضية العودة واللاجئين؛ فالنص الذي تقدم به الرئيس محمود عباس لا يوفر أي ضمانات لعودة اللاجئين، بل إنه لا يذكر كلمة اللاجئين".
وعن حملة "أنا لاجئ يهودي"، أوضح عدوان أن الهدف من وراء مثل هذه الحملات هو تضييع حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض معاً، وهي تسعى إلى القول بوجود لاجئين يهود وإلى أن يعاملوا كاللاجئين الفلسطينيين.
وفي ما يأتي نص الحوار:
العودة: بعد أن فشلت سلطة رام الله في توجهها لمجلس الأمن الدولي لطلب دولة فلسطينية كاملة العضوية على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، تتجه الآن إلى الأمم المتحدة لطلب دولة غير كاملة العضوية. ما خطورة ذلك على قضية اللاجئين؟
إن ذلك يشكل خطورة كبيرة على قضية العودة واللاجئين؛ لأن ذلك سينتزع منهم صفة اللجوء، وسيؤثر تأثيراً كبيراً وسلبياً على القضية برمتها، وهناك مخاوف حقيقية جادة وخطيرة تحف قضية اللاجئين من جراء هذه الخطوة؛ لأن النص الذي تقدم به الرئيس محمود عباس لا يوفر أي ضمانات لعودة اللاجئين، بل إنه لا يأتي على ذكر اللاجئين أصلاً
وسلطة رام الله تدرك هذه الخطورة.
ونحن في دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية حماس تناقشنا في هذا الأمر مع 27 خبيراً من القانونيين والكتّاب والإعلاميين والخبراء، وكانت الغالبية العظمى منهم ضد هذه الخطوة، بل إن أحد كبار القانونيين نصح بعدم المغامرة بهذه الخطوة، وهو يرى أن وضعنا الحالي بالأمم المتحدة كافٍ ويحقق الغرض المطلوب.
ووجهت الكثير من الدعوات لاتخاذ كل إجراء من شأنه أن يوقف عباس عن هذه الخطوة التي تمسّ قضية أساسية من قضايا الشعب الفلسطيني، وهي حقنا بالعودة إلى أراضينا التي احتلت وسُرقت.
العودة:لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة جرى توافق على عقد اجتماعات حول "اللاجئين اليهود من الدول العربية"، فما خطورة ذلك على قضية العودة واللاجئين؟
إن هذا الاجتماع خطير جداً، وله تبعات خطيرة قد تؤدي إلى تغييب قضية اللاجئين الفلسطينيين وطمس معالمها الحقيقة، وإن عقد اجتماع لمناقشة هذا الموضوع سابقة خطيرة تسهم في تزوير التاريخ. وإن دولة الاحتلال تعمد من خلال ممارساتها المختلفة إلى تضييع حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض معاً، وتسعى إلى البحث عن لاجئين يهود إلى أن يعاملوا كاللاجئين الفلسطينيين، ويكون لهم الحق في العودة.
إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية وإعلامية من خلال طرح القضية (اللاجئين اليهود) والابتزاز السياسي، ويسعى إلى التشويش على الرأي العام العالمي في ما يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين.
ومثل هذا الاجتماع يُمثل خطورة كبيرة؛ فهؤلاء اليهود ليسوا لاجئين كما يزعمون، بل هم مسؤولون عن تهجير الشعب الفلسطيني، وهؤلاء هاجروا في عمليات سرية من بعض البلاد العربية ووصلوا إلى أرض فلسطين ليقوموا مع غيرهم من يهود العالم بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وبناء دولة يهودية على حسابه.
العودة: أخيراً، قامت وزارة الخارجية ووزارة شؤون المتقاعدين، بالتعاون مع المؤتمر اليهودي العالمي، بتنفيذ حملة "أنا لاجئ يهودي". حدثنا عن هذه الحملة؟
حملة "أنا لاجئ يهودي" تبناها نائب وزير الخارجية الإسرائيلية "داني أيالون"، وقامت حسبما أعلن على مساعدة الإسرائيليين الذين جاؤوا إلى فلسطين من الدول العربية لنشر شهادات توثيقية على شبكة الإنترنت تتحدث عن ادعاءات من قبيل كيف سُلبوا أموالهم وممتلكاتهم في بلدانهم الأصلية، ومن ثم طردهم معدمين لمجرد كونهم يهوداً.
ولقد جُمع نحو عشرين ألف حالة حتى الآن، ويتوقع أن تزيد الحالات، وخاصة في ظل النشاط المنظم الذي تقوم به المؤسسات الثلاث عبر تنظيم المؤتمرات الصحافية والندوات الدولية بالتزامن مع انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وتستند الحملة إلى افتراءات وأكاذيب تسعى إلى ترويجها لكسب تأييد دولي، فتدعي أن عدد "المهاجرين" اليهود من الدول العربية إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي يفوق عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين طُردوا من ديارهم عام 48، وأن حجم الخسائر التي تكبدوها يتجاوز100 مليار دولار ـ وفق ادعاءاتهم ـ لذلك يجب تعويضهم وتسويتهم باللاجئين الفلسطينيين وتقديم قضيتهم على قضية اللاجئين الفلسطينيين.
العودة: ما هي أبرز أهداف حملة "أنا لاجئ يهودي"؟
هذه الحملة تهدف إلى القول ضمناً بأن أي ترتيبات نهائية يجب أن تكفل تسوية قضية اللاجئين الفلسطينيين، مع عدم إهمالها قضية اللاجئين اليهود، وخاصة في ما يتعلق بالتعويض، وصولاً إلى إجبار الطرف الفلسطيني من دون أي تعويض للطرفين الفلسطيني أو اليهودي.
كذلك تريد دولة الاحتلال من خلال الحملة، الضغط على الولايات المتحدة لتقليص مساعداتها للأونروا، وتحثها على ضرورة تصفيتها من قبل الأمم المتحدة في إطار التسوية النهائية لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وهذه الحملات والتصريحات الإسرائيلية تُعيد إلى الأذهان تعليق موشيه دايان على القرار (242)، الذي قال بحل عادل لمشكلة اللاجئين من دون أن يُحدد جنسيتهم، فلسطينيين أو يهوداً، حيث أوضح وقتها رؤيته في تسوية الصراع، بقبول دولة الاحتلال باللاجئين اليهود الذين جاؤوها من الدول العربية ووطنتهم، وما يتطلبه هذا الإجراء من الدول العربية من توطين اللاجئين العرب، الذين وفدوا إليها من فلسطين.
العودة: في ظل ما يشهده اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من مجازر يومية وإبادة، ما تقويمك للأوضاع في سوريا؟
إن اللاجئين في سوريا يعيشون وضعاً مأساوياً؛ فقد تجاوز عدد الشهداء 500 شهيد، فالنظام السوري بات يدخل إلى المخيمات السورية لملاحقة الثوار ويستهدف باستمرار المباني بالقصف، ما يؤدي إلى ارتقاء شهداء سوريين وفلسطينيين على حد سواء.
واللاجئون الفلسطينيون استُدرجوا في هذا الصراع الدائر بعد فرار مواطنين سوريين إلى داخل المخيمات الفلسطينية، وبالتالي أصبحت هذه المخيمات أهدافاً في القتال، كما يحدث حالياً في مخيم اليرموك الذي لجأ إليه أكثر من 60 ألف عائلة سورية، ما زاد الاكتظاظ داخل هذا المخيم الذي أصبح يعاني نقصاً شديداً في الخدمات الإغاثية المقدمة من الأونروا.
وبالرغم من الحالة المعيشية المأساوية التي يعيشها اللاجئون داخل سوريا وخارجها، إلا أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين مقصرة في توفير الغوث للاجئين لهم؛ فهناك نقص شديد في التموين والإغاثة والحماية، والوكالة تتذرع بنقص الإمكانات، رغم أنها لم ترفع أي تقرير للأمم المتحدة تطالب بالمزيد من التمويل".
العودة: ختاماً، ما هو تقويمك لالتفاف الشارع الفلسطيني في الداخل والشتات حول العودة إلى فلسطين التاريخية؟
نحن متيقنون أن الشعب الفلسطيني مجمع على حقه في العودة إلى دياره التي هُجر منها وينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، وهو حق ورثه الأجداد للآباء والأجداد والأحفاد، لكن هناك عملية إلهاء للشعب من خلال المفاوضات العبثية التي تقوم بها سلطة رام الله مع الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى الأحداث الجارية في الساحة العربية التي تعمل على تشتيت الفلسطينيين.
ولو نزلنا إلى الشارع وعبرنا داخل المخيمات الفلسطينية في الداخل والخارج وأجرينا دراسة عن تمسكهم بقرار العودة، لوجدناهم متمسكين بحق العودة ولن يقبلوا بأي وطن بديل لوطنهم فلسطين؛ فكل الأجيال السابقة واللاحقة متمسكة بحق العودة، ولن يجرؤ أحد على التفريط بهذا الحق المقدس.♦