مجلة العودة

إعادة نظر: حلف الأطلسي.. عند تخوم بيوتنا - بلال الحسن

حلف الأطلسي.. عند تخوم بيوتنا

بلال الحسن

اجتمع الحلف الأطلسي، ووضع قادته استراتيجية جديدة له، وهي الاستراتيجية الثالثة منذ تأسيسه. نجد في الاستراتيجية الجديدة تعاوناً مشتركاً بين دول الحلف ودولة روسيا، وسيتركز هذا التعاون كما قيل على نشر «الدرع الصاروخية» في العالم.
 
حين تكون روسيا حليفاً استراتيجياً مع حلف الأطلسي، يبرز سؤال عن الهدف من الدرع الصاروخية.

 لقد كان الخطر السوفييتي سابقاً هو المبرر الأساسي لسياسات من هذا النوع، وحين تحول الأمر إلى روسيا، وعارضت روسيا نشر الدرع الصاروخية في الدول المحيطة بها، كان هناك مبرر عسكري لسياسات من هذا النوع. لكن الآن، وبعد التحالف مع روسيا، وفي هذه النقطة تحديداً، يبرز السؤال: ضد من ستكون الدرع الصاروخية في ضوء الإصرار على نشرها؟

ليس بمقدورنا أن نجيب نيابة عن الحلف الأطلسي، لكننا نلاحظ أن الحلف الأطلسي يقيم علاقات شراكة تخصنا نحن العرب. فهو يقيم علاقات شراكة مع إسرائيل، ويقيم علاقات شراكة مع منطقة الخليج. فالأمر إذاً يهمنا مباشرة. هذا طبعاً إذا استنتجنا أنَّ الدرع الصاروخية ليست موجهة ضد الصين مثلاً، أو ضد الهند، أو ضد البرازيل، باعتبار أنَّ الولايات المتحدة لا تفكر في الحروب مع هذا النوع من الدول.

وفي ما يتعلق بإسرائيل، فإن نيات الحرب لديها معلنة ضد العرب وضد إيران، ولا يتورع القادة الإسرائيليون عن إعلان نيات الحرب ضد لبنان وضد سوريا وضد غزة وضد إيران. وقبل أيام تصاعد حديث الحرب الإسرائيلية ضد العرب، وقال مسؤول أمني كبير إنَّ الوضع في الشرق الأوسط متفجر جداً رغم الهدوء الذي يبدو سائداً على السطح، وأعلن أيضاً موقفاً جديداً لافتاً قال فيه إنَّ الخطر الأساسي الآن ليس إيران، بل هو حزب الله في لبنان، وبسبب الصواريخ التي يملكها. وتبرع مسؤول إسرائيلي ثان ليقول: إذا وقعت الحرب، فإن المواطن الإسرائيلي لن يستطيع التفكير بالمغادرة، لأنَّ المطار سيكون خارج الخدمة، ولا نستطيع أن نصف هذه التصريحات إلا بأنها تصريحات حرب. وكذلك فإن توجه حلف الأطلسي إلى التفكير بالحروب، حروب الوقاية وحروب الردع كما ذكر بيانه الرسمي، لا يمكن عزله عن التوجهات الإسرائيلية التي لها باع طويل في ما يسمى (حروب الردع).

وإذا ربطنا كل هذا مع فشل إمكانية تجديد المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإن النتيجة ستكون أوضح، فمن يفكر بالحرب لا يلتفت كثيراً إلى المفاوضات، وبخاصة مع طرف أصبحت حكومة نتنياهو تنظر إليه على أنه طرف ضعيف، وهي تسيطر على وضعه الداخلي بالكامل.

لذلك نقول إن ما يبدو استراتيجية عالمية، تخص دولاً كبرى، هو أمر وثيق الصلة بأوضاعنا العربية الداخلية، ومن واجب كل مسؤول، وكل قائد، وكل عسكري، أن ينظر إلى الوضع من هذه الزاوية، فالخطر داهم، وإسرائيل تستعد للحرب، والدعم الأميركي لها بالمال والسلاح والدعم السياسي أمر معروف ومعلن ومتصل، والحرب لن تقتصر على لبنان، بل ستشمل سوريا أيضاً، وقد تمتد إلى إيران.

والغريب أنَّ القادة العرب يعرفون كل ذلك من دون شك، لكنهم لا يتحركون. لا يتحركون سياسياً، ولا يتحركون حتى من أجل الدفاع عن بلدانهم، مع أن الحرب إذا وقعت فستصل إلى تخوم بلدانهم، بل وحتى إلى تخوم بيوتهم، والأمر يحتاج إلى يقظة، لكنها يقظة غائبة للأسف.

بعض الوزراء العرب حضروا القمة الأطلسية، فهل نطقوا بحرف واحد؟

وبعض المثقفين العرب يُدعَون (!!) إلى حضور اجتماعات حلف الأطلسي، فهل كتبوا عن أسرارها ونياتها حرفاً واحداً؟؟

الأزمة كبيرة، والخطر كبير، والعدو يستجمع قواه، ومن لا يتحرك ليحمي بلده، فستنفجر الأمور داخل بلده، وقد يُغرقه الطوفان.