مجلة العودة
فلسطين في اليونسكو
العودة /فيينا

ضمّ فلسطين.. الولايات المتحدة تهدد بالانسحاب من "اليونسكو"

تطرّقت الصحيفة النمساوية الليبرالية "دير ستاندرد" إلى التهديدات التي أطلقتها الولايات المتحدة بالتوقّف عن دفع المستحقّات المالية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، الأمر الذي من شأنه فقدان أكبر مساهم في المنظمة التي تضمّ ألفي موظف. وأشارت الصحيفة إلى الإصرار الفلسطيني على الانضمام إلى المنظمة الدولية، وخاصة في ظلّ عدم وجود نظام حقّ النقض "فيتو" فيها، كما هي الحال في مجلس الأمن الدولي. ولفتت الصحيفة الأنظار إلى المخاوف التي تعتري واشنطن، من أن يسعى الفلسطينيون إلى بذل الجهود لدى منظمات أممية أخرى للحصول على حق الاعتراف بهم عضواً كامل العضوية، وهو ما من شأنه أن يشكّل ضغطاً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً.وستفقد المنظمة الأممية سنوياً 70 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 50.3 مليون يورو؛ إذ إنّ واشنطن تُسهم بنسبة 22 في المئة من ميزانية المنظّمة لمدّة سنتين بمبلغ 653 مليون دولار أمريكى، ما يجعلها أكبر الجهات المانحة، تليها اليابان وألمانيا.

الفلسطينيون يصرّون على الانضمام

وكان المجلس التنفيذي لليونسكو، وهو ثاني أهمّ هيئة في المنظمة، قد صوّت بأغلبية على ضمّ الفلسطينيين، مقابل رفض كلّ من ألمانيا والولايات المتحدة. وعندما يُمرَّر طلب عبر هذه الهيئة، فمن المعتاد أن توافق عليه الجمعية العامّة. وليس في المنظمة استخدام لحقّ النقض كما هو موجود في مجلس الأمن الدولي.

تحذير من واشنطن

وجاءت التحذيرات من واشنطن لا لبس فيها؛ فقد قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، إنّ الولايات المتحدة لا يُسمَح لها قانوناً بتمويل المنظمات التي تقبل الفلسطينيين أعضاء. ومن غير المعروف، ما إذا كانت الكلمات الواضحة ستؤدِّي إلى حدوث تغيير في أنماط التصويت خلال الجمعية العامة لليونسكو.

سبق للولايات المتحدة أن انسحبت

وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت بالفعل من "اليونسكو" من قبل، وقد برّرت انسحابها آنذاك في عام 1984، بسياسة معاداة الغرب والإدارة غير الفعّالة للمنظمة. ولم تعد الولايات المتحدة إلى المنظمة إلاّ في عام 2003. والآن يسود الخوف من إمكانية أن تكون هناك عودة مرّة أخرى.

وقد يتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً بشأن طلب للاعتراف بدولة فلسطينية من جانب الأمم المتحدة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر (2011). ومن المؤكّد أن يكون هناك إخفاق لهذا الجهد، لأنّ الولايات المتحدة كانت قد أعلنت بالفعل استخدامها حقّ النقض في مجلس الأمن.

   

عضوية "اليونسكو": لماذا تحذِّر ألمانيا أيضاً من فلسطين

تناولت صحيفة "هامبورغر آبند بلات" الألمانية، الأسباب التي ساقتها الحكومة الألمانية لتبرير رفضها التصويت على طلب إدراج فلسطين عضواً في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو". فقد نقلت الصحيفة عن متحدِّث في وزارة الخارجية الألمانية قوله إنّ قبول فلسطين لدى المنظمة سيكون له تأثير سلبي على عملية السلام في الشرق الأوسط، وسيُضعِف من جهود الوساطة التي تقوم بها اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط من أجل الشروع في محادثات غير مباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. ولفتت الصحيفة الأنظار إلى أنّ منظمة "اليونسكو" تُعَدّ البوابة الدولية للقبول الأممي؛ فقد سبق وقبلت بالدولتين الألمانيتين عضوين فيها، وهو ما مهّد الطريق أمام قبولهما عضوين في الأمم المتحدة.

ابتهاج في فلسطين، وتشكّك في أجزاء من العالم الغربي: فعلى الرغم من كلّ التحذيرات، وخلافاً للطلب الصريح من الولايات المتحدة، قبلت منظمة التربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" التابعة للأمم المتحدة، فلسطين عضواً كامل العضوية. فخلال المؤتمر العام في باريس بعد ظهر يوم الاثنين صوّتت الدول الأعضاء المئة والسبعة لمصلحة الطلب، بينما صوّتت ضده أربع عشرة دولة، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا. بينما أشارت معلومات من "اليونسكو" إلى أنّ ثلاثاً وخمسين دولة امتنعت عن التصويت. وحتى تكون العضوية سارية، يجب على الفلسطينيين التصديق على الميثاق التأسيسي لليونسكو.

وتحدّث مستشار للرئيس الفلسطيني محمود عباس عن "يوم انتصار"؛ فقد قال صبري زيدان بعد إدراج فلسطين في "اليونسكو": "إنّ هذا يوم تاريخي للفلسطينيين"، مشيراً إلى أنّ القرار يُعَدّ "عموداً سياسياً" جديداً في نضال الفلسطينيين من أجل تقرير المصير. وقال زيدان: "نحن أقرب إلى الاستقلال أكثر من أيّ وقت مضى.. وهذه رسالة هامّة للذين يعارضون الطلب الفلسطيني لدى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". وطلب المستشار من "معارضي طلب عباس بالحصول على العضوية الكاملة من لمجلس الأمن، أن يعيدوا النظر في مواقفهم مرة أخرى".

ومن بين المعارضين أيضاً، ألمانيا التي صوّتت ضدّ الطلب. ووفقاً لوجهة نظر الحكومة (الألمانية)، إنّ قبول فلسطين لدى "اليونسكو" سيكون له تأثير سلبي على عملية السلام في الشرق الأوسط. وقال متحدِّث باسم وزارة الخارجية الألمانية يوم الاثنين في برلين، إنّ الطلب يمكن أن يؤثِّر سلباً على الجهود الصعبة بالفعل للوساطة التي تقوم بها اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط من أجل الشروع في محادثات غير مباشرة.

وتبريراً للرفض الألماني لطلب إدراج فلسطين في "اليونسكو"، قال المتحدث باسم الوزارة إنّ الحكومة الألمانية ترى أنّ الطلب المقدّم إلى "اليونسكو" "لا يمثّل حكماً مُسبَقاً" على ما يجري حالياً في مجلس الأمن الدولي من إجراءات لبحث قبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة.

"إسرائيل" ترفض قرار "اليونسكو"

وتبحث إسرائيل إعادة النظر في التعاون مع منظمة "اليونسكو" بعد إدراج فلسطين عضواً كامل العضوية فيها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يغال بالمور: "إنّ إسرائيل تبحث اتخاذ خطوات إضافية في ما يتعلّق بالتعاون مع المنظمة". وترفض إسرائيل هذا القرار؛ فقد جاء أيضاً في تصريحات بالمور: "ليس ذلك سوى مناورة فلسطينية أحادية الجانب، لا تؤدِّي إلى أيّ تغيير على أرض الواقع، ولكنها تؤدِّي إلى تراجع التحرّكات من أجل إمكانية التوصّل إلى اتفاق سلام".

ولا يمكن تحقيق تقدّم في الشرق الأوسط إلاّ من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين. والطلب المقدّم من الفلسطينيين لليونسكو، وكذلك الطلب المقدّم إلى الأمم المتحدة، هما بمثابة "رفض للجهود التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل دفع عملية السلام". ومن المخيِّب للآمال أنّ الاتحاد الأوروبي أخفق في منع قرار منظمة "اليونسكو".

الولايات المتحدة قد توقف المدفوعات

ويعرِّض قرار "اليونسكو" المنظمة لخطر كبير أيضاً من ناحية التمويل؛ إذ قد تقوم الولايات المتحدة بوقف المدفوعات المقدّمة إلى المنظمة. فحسب وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، يحظر القانون على الحكومة الأمريكية تمويل المنظمات التي تقبل الفلسطينيين عضواً. ومن شأن التوقف عن ضخّ المال أن يكون سيناريو كارثياً للمنظمة الأممية. وتُعَدّ الولايات المتحدة حالياً، بحصّة قدرها 22 في المئة، أكبر مساهم في منظمة "اليونسكو"، تليها كلّ من اليابان وألمانيا. وتقدّر الميزانية الحالية للمنظمة لفترة سنتين، من دون أن تكون هناك أموال من خارجها، بـ653 مليون دولار أمريكي.

وكان المجلس التنفيذي لليونسكو، وهو ثاني أكبر هيئة في المنظمة، قد وافق على منح العضوية الكاملة لفلسطين. وكانت ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية ولاتفيا ورومانيا هي الدول الأربع التي صوّتت ضد الطلب الفلسطيني، بينما امتنعت أربع عشرة دولة، ووافقت ثمان وخمسون من أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة. وأعربت الدول الرافضة عن رأيها بأنّ إجراءات الإدراج من شأنها أن تُلحِق الضرر بعملية السلام في الشرق الأوسط. ورأت هذه الدول أنّ العضوية الكاملة لفلسطين لا يجب أن تتمّ إلاّ بعد مفاوضات سلام جديدة مع إسرائيل.

خلفية: بوابة "اليونسكو" - من ألمانيا إلى فلسطين

كانت منظمة التربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" التابعة للأمم المتحدة بمثابة البوابة لعدد من الدول، في طريقها أمام الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. ففلسطين ما زالت بانتظار قرار بشأن طلبها المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، لكنها قُبلت عضواً كامل العضوية في منظمة "اليونسكو". كذلك إنّ الدولتين الألمانيتين انتظرتا طويلاً قبل الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة في شهر أيلول/ سبتمبر 1973 ليكون لهما مقعد وتصويت في الجمعية العامة لمنظمة الثقافة والعلوم. وبوساطة من اللجنة العليا للحلفاء، أُدرجت جمهورية ألمانيا الاتحادية عضواً في تموز/ يوليو 1951، لتكون الدولة العضو رقم 64.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1972، قُبل الطلب الثالث للعضوية المُقدّم من جمهورية ألمانيا الديموقراطية. وصارت ألمانيا الديموقراطية الدولة رقم 130 في منظمة "اليونسكو". وبذلك، كانت "اليونسكو" أوّل منظمة متخصصة تابعة للأمم المتحدة تقبل برلين الشرقية عضواً كاملاً فيها.