مجلة العودة

نسيمة أيوب: اللاجئون الجدد

اللاجئون الجدد
نسيمة أيوب /بيروت

هم فلسطينيون يشرّدون من ديارهم عنوةً، تهدم بيوتهم وتصادر ممتلكاتهم، وقد يقتل الاحتلال بعضاً منهم ويعتقل البعض الآخر، أما الباقون فهم مشرّدون أو مشاريع تشريد ممن سيفقدون ممتلكاتهم وإرثهم وجنى عمرهم ليبدأوا من جديد. هم ما زالوا داخل فلسطين لكنهم لاجئون داخل وطنهم. أما بالنسبة للأمم المتحدة، فهي لا تعتبرهم «لاجئين» وذلك لأنهم لم يطردوا خارج الحدود، وبالتالي الأونروا لا تعترف بهم.

القدس

نشر موقع Internal Displacement Monitoring Centre في مارس2011 أنه من يناير 2010 وحتى يونيو 2011 أكثر من 1,100 فلسطيني تم تهجيرهم في الضفة الغربية وشرقي القدس. وقد قدّر منسق الأمم المتحدة للطوارئ أن حوالي 85 ألفاً آخرين معرّضون للتهجير، أما أليسون دجر فقد كتبت على موقع Mondoweiss في ديسمبر الماضي، أن نير بركات، محافظ القدس، أعلن أنّه سيتم تجريد أكثر من 70 ألف مقدسي من هوياتهم المقدسية، وسيصبحون تحت سيطرة الإدارة المدنية للضفة الغربية. وتكمل دجر أن فلسطينيي أحياء شرقي القدس، كسلوان مثلاً، سيصبحون ضمن "القدس الكبرى” والتي يحيط بها الجدار العازل. فإذا ما تغاضينا عن أن هذا التهجير والتجريد من الهوية المقدسية هو خطوة من خطوات تهويد القدس ووصل معالي أدوميم بالقدس؛ وبالتالي ضم شرقي القدس بالكامل إلى غرب القدس، وإذا ما تغاضينا عن آلاف الدُّونمات التي تُصادر يومياً- وكلاهما كبير وجلل- فلا نستطيع التغاضي عن عشرات الآلاف من المقدسيين الذين سيشرّدون من ديارهم، أين سيسكنون وكيف سيعيشون؟ من يرصد أعدادهم ومعاناتهم؟ وأي المؤسسات الدولية ستهتم بهم؟

منطقة ج

ذكر تقرير لمنظمة أوتشا OCHA التابعة للأمم المتحدة، والذي صدر في فبراير الماضي باللغتين الإنكليزية والعبرية فقط، أن ربع الفلسطينيين في منطقة ج هم معرّضون للتهجير، من بين هؤلاء 7,900  بدوياً. وأضاف أنَّ 3,400 فلسطيني يعيشون في مناطق عسكرية وبالتالي هم معرّضون أكثر من غيرهم للتهجير. ففي 2011، هدمت قوات الاحتلال 200 مبنى سبّب بتهجير 430 فلسطيني وتضررت مصالح حوالي 1,200 آخرين.

صحراء النقب

كنا قد تحدثنا في عددٍ سابق عن خطة برافر Praver، وهي الخطة التي بموجبها سيتمّ تهجير 30 ألف بدويٍّ فلسطيني من أرضهم في صحراء النقب ومصادرة ثلثي أراضيهم، وذلك لإعادة تنظيم المنطقة وإسكان مستوطنين يهود على أراضيهم. ويبدو أن المخطط ماضٍ قُدُماً.. هذا ما أعلنه موقع Bedouin-Jewish Justice in Israel في فبراير الماضي. فحكومة نتنياهو تبنّت مشروع القانون والذي يخضع حالياً للإجراءات الروتينية في الكنيست لإقراره. وتتوقع الحكومة أن تكون هناك مقاومة لمشروع القانون، لذا أرفقته بمجموعة إجراءات قاسية وعنيفة لضمان حسن سير تطبيقه، وضمّنته مواصفات تجعله أسمى من أي قانون أو إجراء آخر، كإجراءات تعجيزية لكل من يفكر بمحاربته.

قطاع غزّة

أما في قطاع غزة، فقد نقل موقع  Internal Displacement Monitoring Centre أنَّ أكبر حركة تهجير في الداخل منذ نكسة 1967 تمّت خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في أواخر2008. حيث هجّر أكثر من 100 ألف شخص. بقي منهم حتى الآن 20 ألف لاجئ أي أكثر من ألفي عائلة، وذلك لأنَّ مواد البناء تمنع من الدخول من جراء الحصار، فهؤلاء إما يعيشون في شقق مستأجرة أو عند أقاربهم أو في خيام بجوار بيوتهم المدمرة، كما أنَّ البعض منهم يسكن في مخيمات، وفي تقرير لUNDP في 2010 قدّرت عدد البيوت المهدمة كلّياً أو بشكل أساسي وكبير بحوالي 6,300 بيتاً والتي تضررت بشكل غير أساسي 54,800.

الخارج

من أبرز اللاجئين الجدد خارج فلسطين هم فلسطينيو العراق. فهؤلاء الذين كانوا يقدّرون ب34 ألفا قبل غزو العراق (2003) أصبحوا بعد ذلك معرّضين للملاحقة والتعذيب والقتل، مما دفع ب 28 ألفا أن يصبحوا لاجئين جدد ويتركون البلاد، إلا أن حوالي ثلاثة آلاف منهم استحدثت لهم مخيمات وهي الوليد والتنف والرويشد وأقام قسم منهم في مخيم الحول، وبعدها أصبحوا لاجئين للمرة الثالثة في بلاد أوروبية وأمريكية. وكذلك لا ننسى لاجئي مخيم نهر البارد في لبنان الذين هجّروا مرة أخرى في 2007 وعددهم يقدّر ب35 ألف مهجّر ولاجئ، ولم يعد منهم إلا النزر اليسير.
وللأسف تبقى عملية اللجوء للفلسطيني متجددة على مدى السنوات. بل أصبح اللجوء المتجدد سمة للفلسطينيين يرثها الأبناء عن الآباء!  ♦