مجلة العودة

تحقيق: 108 عائلات تتسلم بيوتها في نهر البارد من 4 آلاف مازالت مشردة

108 عائلات تتسلم بيوتها في نهر البارد من 4 آلاف مازالت مشردة
 

يزداد أهالي مخيم نهر البارد استياءً وهم يرون البطء في عملية إعادة الإعمار بعد مرور سنة ونصف على بدايتها، سبقها فترة موازية من التأخير أعقبت انتهاء المعارك بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام». كانت «أونروا» قد تعهدت بتسليم الرزمة الأولى في سبتمبر 2010، لكن لم يكتمل بناء سوى 100 وحدة كان يفترض أن تسلم في نهاية آذار الماضي حسب وعد «أونروا» الأخير الذي تأجل للمرة الرابعة. وتمثّل الـ100 وحدة سكنية جزءاً من 540 وحدة هي مجموع الرزمة الأولى من أصل ثماني رزم لم يبدأ الإعمار بـ6 منها. ويحتاج المتعهدون إلى نصف سنة أخرى على الأقل حتى إكمال الرزمة الأولى، و14 سنة أخرى لبناء الـ7 الباقية إذا بقي الوضع على حاله. والأسوأ من التأخير هو حال البيوت المبنية حديثاً، (فقد شاهد الأهالي النش ومياه الأمطار تسربت الى بيوتهم، والدهان الذي بدأ يتساقط، الحجم الصغير للمنازل).

ولم تلزم الأونروا الشركة المتعهدة بدفع غرامات تأخير البالغة 16 الف دولار عن كل يوم حسب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، ما أدى الى مضاعفة الوقت الذي تحتاجه الشركة حتى الانتهاء من الإعمار. وتفيد مصادر في «أونروا» بأنها ستطبق الشروط في المستقبل، وهي لم تطالب المتعهد لإعطاء الفرصة للتسريع بالعملية.

هدر بلا حدود

أما في ما يتعلق بالهدر المالي، فحدث ولا حرج؛ إذ فتحت سوء الإدارة الباب واسعاً أمام الهدر والصفقات المشبوهة. يقول أبو النمر ميعاري (مهندس وأحد مؤسسي هيئة الإعمار)، إنه لم يكن هناك مناقصات علنية بين «أونروا» والمتعهدين، بل جرت من تحت الطاولة. ويوضح ميعاري أن تسعير أعمال البناء، ومنها التشطيب، يفوق الأسعار المتعارف عليها أربعة أضعاف وخمسة أضعاف وأحياناً أكثر. فبحسب المناقصة (tender) الموقعة بين ممثل «أونروا» والشركة المتعهدة (أيلول 2009)، تبلغ تكلفة متر التلييس 20.5 دولاراً، فيما سعره لا يتجاوز دولارين، وكذلك بالنسبة إلى تكلفة متر الدهان، حيث بلغت 9.5 دولارات، وسعر متر الألمنيوم 109 دولارات، في حين هو لا يتجاوز 75 دولاراً.

ووصل الهدر إلى رواتب الموظفين العاملين في المشروع، حيث يفوق معاش الموظف الأجنبي 17000 دولار (مسؤول وحدة) بينما الفلسطيني الذي يعمل في المرتبة نفسها يبلغ راتبه 3400 دولار.

بعد كل هذا، يقول سلفاتوري لومباردو مدير مكتب لبنان إن عدم توافر الاموال هو العقبة الأبرز التي تحول دون الإسراع في عملية إعادة الإعمار، فيما عرضت حركة حماس المساهمة المادية والعينية (من خلال علاقاتها ببعض الدول القريبة منها). ويقول ياسر عزام إن لومباردو أجابهم بأن مثل هذا تدخل يفسد عليه علاقاته الخارجية.

سوء إدارة

يشير سامي (مهندس مطّلِع) إلى أن المسؤولين في إدارة مشروع إعادة الإعمار يتغاضون عن أعمال التلاعب والأخطاء التي ترتكب داخل المشروع، وعلى رأسها التغيير في المواصفات المتفق عليها وعدم مطابقتها للنص. فبالرغم من المبالغ الطائلة المدفوعة للمقاولين، إلا أن كثيراً من أعمال البناء جاءت رديئة جداً. والاستهتار لم يكن بالبيوت فقط، بل كان بأرواح العاميلن في المخيم حيث غياب أنظمة الحماية (safety) أثناء العمل، أدى إلى إصابة نحو 95 عاملاً أثناء العمل في الفترة الماضية، منهم من أصبح لديه إعاقة دائمة.

وأيضاً هناك علامات استفهام كثيرة عن كيفية إجراء المناقصة بين الأونروا والشركات التي يرى فيها كثير من الناس أنها تابعة لجهات سياسية في الدولة. بينما يتولى موظفون فاسدون المسؤولية في إدارة مشروع عملية الإعمار للمخيم، حيث ثبت أن بعض المهندسين لا يملكون شهادات جامعية. وهناك أحد المسؤولين (م.أ) ارتبط اسمه بإحدى الشركات المتعهدة، ويُلاحظ أنه يدافع عن الشركة المتعهدة ضد الاستشاري الذي يقوم بعملية المقارنة ويكشف الأخطاء واختلاف معايير البناء. ويملك (م.أ) شركة تعهدات صغيرة باسم أحد أصحابه يلزّمها بأعمال صغيرة لقاء مبالغ طائلة.

التعويضات لم تدفع

بعد مرور نحو ثلاث سنوات ونصف على انتهاء أحداث البارد، لم يتسلم أصحاب المنازل في المخيم الجديد (المناطق المجاورة) أية تعويضات مالية أو عينية لا من الأونروا ولا من الدولة اللبنانية باستثناء ذوي الجنسية اللبنانية أو الذين سجلوا بيوتهم باسم لبنانيين. أما سكان البرايمات (المناطق الملاصقة للمخيم)، فقد تسلم أصحاب 495 وحدة سكنية (بين كراج ومنزل) من أصل 1,126 تعويضاً مقدماً من السفارة الإيطالية.

أما بالنسبة إلى التجار وأصحاب المحال في المخيم، فلم يُعطَ أحداً تعويضات عن الخسائر الةي تكبدوها وفاقت 90 ميلون دولار حسب إحصاءات لجنة التجار. ويقول حسن موعد رئيس لجنة التجار إن الأونروا قدمت أموالاً كجزء من مساعدات عاجلة لا تتعدى 3% من مجموع الخسائر.