مجلة العودة

فلسطين "أوراق ومقالات نادرة"

فلسطين "أوراق ومقالات نادرة"


عبد الرحمن بكر - القاهرة


إنه التاريخ، هذا الذي لا يمكن محوه ما دامت الوثائق تسجله. وهذا ما يدفعني دائماً إلى البحث بين طيّات الكتب ونوادر المجلات، وفي كل مرة أسقط على ثمرة من ثمرات التاريخ لكي أضعها بين أيديكم. ولأن عددنا اليوم قد اختصّ بذكرى النكبة الأليمة، فلا بد أن يكون ما فيه مقالات تجعلنا نعيد التفكير وننتبه إلى ما نعانيه في واقعنا العربي لكي لا نكرر ما عانيناه من قبل. وفي تلك المقالة التي سأبدأ بها، يُفشي كاتبها الروائي الشهير والسياسي المُحنك، إحسان عبد القدوس، سرّ زيارته لفلسطين عام 1945، ويكشف لنا كم تهاونّا، وكم خططوا، ل?لّ أجيالنا القادمة تنجح في التخطيط لتاريخ الحرية. إنها مقالة "صيحات في الهواء" التي نُشرت في مجلة الاثنين والدنيا في عددها الصادر في 17 مايو 1948، وهو عدد خاص عن حرب فلسطين.    
صيحات في الهواء
بقلم: الأستاذ إحسان عبد القدوس
في عام 1945 زرت فلسطين لأول مرة في رحله صحفية، وقد ذهبت إلى هناك دون أن أحمل خطابات توصية أو تقديم لأحد من زعمائها، ودون أن يكون لي سابق معرفة بأحدٍ منهم. ذهبت وقد نويت أن أتصل بالفريقين: أتصل بالعرب لأؤيدهم، وأتصل باليهود لأفهمهم.
وبحثت بمجرد وصولي عن زعماء العرب، فخيّل إليّ أنّ كل أهل فلسطين زعماء، أو أنهم أمّة بلا زعماء! وانتهى بحثي إلى تحديد الزعامة إلى ستة أشخاص ليس لهم من صفات الزعامة إلا أنهم عاطلون! وكان لكل منهم رأي، ولكل منهم خطه، ولكل منهم اتجاه.
ولم يكن يجمع بينهم إلا المصيبة الواحدة، والخنجر المسموم الذي يدخل من صدر أولهم ويخرج من ظهر آخرهم. وحدثوني عن تاريخ المشكلة الفلسطينية، وعن تفاصيل المؤتمرات، والمشروعات، والكتب البيضاء والخضراء والحمراء، ومختلف المحاولات التي بُذلت في سبيل حل المشكلة. ولم يكن حديثهم بجديد على من قرأ تاريخ فلسطين في الكتب، فكنت أقاطعهم بسؤالي: ماذا تفعلون اليوم؟
وكان جوابهم دائماً: لا شيء! لا شيء سوى الانتظار المرير القاتل لمصيبة يؤمن الجميع بأنّها إن لم تقع اليوم فستقع غداً، وإن لم تقع هذا العام، فستقع في العام التالي، وانتظار المصيبة أقسى على النفس من وقوعها، ولذا تولد في نفس عرب فلسطين شعور دائم بعدم الاطمئنان، انقلب إلى نوع من الأسى المكبوت، وتطور الأسى المكبوت إلى حقد دفين، حقد على العالم الذي يظلمهم، وعلى الدول العربية التي تأبى أن تمدّ يد العون، وعلى زعمائهم الذين عجزوا عن قيادتهم.
وخلال الفترة الطويلة التي قضيتها في فلسطين، لم أسمع من واحد من أهلها ضحكة صافية. كان الواحد منهم يسير يتلفت حواليه خشية أن تصيبه رصاصة غادرة، أو تنفجر تحت قدميه قنبلة آثمة، أو تمتد يد ملعونة فتطعنه في ظهره. كانوا يعيشون ولا يدرون أين سيكونون غداً، وهل هذه الأرض لهم أم لأعدائهم، وهل سيقضون الليل في أسرتهم أم سيقضونه مشردين في الصحارى التي تحيط بهم.
فلم يكن غريباً ألّا أسمع ضحكة صافية ترنّ في فلسطين لتبدد من حولها هذا الوجوم المحموم، ولم يكن غريباً ألّا أسمع في فلسطين كلها "نكتة" محلية تتناقلها الألسن، بل لم يكن غريباً أن أبحث فلا أجد مطرباً فلسطينياً واحداً، ولا موسيقاراً فلسطينياً واحداً، ولا ممثلاً فلسطينياً واحداً.
فلم تكن الحالة النفسية لأهل فلسطين تسمح لأيّ فنٍّ من الفنون بأن يعيش بينهم، فكانوا يعتمدون في التخفيف عن بلواهم، على ما تمدهم به الأقطار العربية من فنون.
وكانت هذه الفنون هي كل ما تمدّهم به الأقطار العربية من معونة!
كانت هذه هي حالة العرب. أما اليهود، فلم تكن بي حاجة للبحث عن زعمائهم؛ فقد بحث عني زعماؤهم. وبمجرد أن وطئت قدماي فلسطين، نشرت صحفهم خبراً عن وصولي، وأضافت إلى اسمي "الصحفي المصري المعروف"، ولم أكن يومها معروفاً، ولكن هذا اللقب كان بمثابة "رشوة" اعتادت أقلام الدعاية أن ترشو بها الصحفيين الأجانب!
وفي سرعة عجيبة، نظمت مقابلة بيني وبين "الياس ساسون" رئيس القسم الشرقي بالوكالة اليهودية، وحدثني ساسون عن الدعوة الصهيونية حديثاً محدداً منظماً كان يتلوه من كتاب.
ولما تعمقت في أسئلتي، صحبني إلى مكتب "موسى شرتوك"، رئيس القسم الخارجي بالوكالة اليهودية، والرجل الذي وقف في هيئة الأمم، وقال عن الدول العربية: "اتركوا لنا هؤلاء الثرثارين لنؤدبهم". ولم يجب موسى شرتوك عن أسئلتي إلا بعد أن وجّه إليّ أكثر من عشرين سؤالاً، وكان من بينها هذا السؤال: "هل أنت متزوج؟"، ولك أن تؤوّل كيف شئت ما كان يرمى إليه حضرة الفاضل من وراء هذا السؤال! وعندما بدأت أوجه أسئلتي، كان يجيب عن كل سؤال بكتاب يقدمه إليّ، ثم يقوم ليشرح ما فيه على خريطة معلقة أمامه على الجدار، وعندما وجهت إليه سؤالاً خاص?ً بحالة الزراعة في الأراضي الصهيونية، دقّ جرساً موضوعاً على مكتبه ليستدعي رئيس القسم الزراعي بالوكالة ليجيبني بكتاب جديد! وعندما سألت عن الحالة الاقتصادية، دقّ الجرس مرة أخرى ليستدعي رئيس القسم الاقتصادي.
وكان كل من استدعاهم يسرد ما يفعلونه اليوم، وما سيفعلونه بعد عام، وما سوف يفعلونه بعد عشرين عاماً.
وخيِّل إليّ أنّي داخل آلة ضخمة تدور بحساب دقيق، وقد حُسب حساب كل مسمار فيها، وكل قطعة منها!
خرجت من الوكالة اليهودية وقد انتابني شعور خفيّ بالخوف، الخوف من ثعبان سامّ ضخم يزحف في صمت، ويلتفّ حول قدميّ، ثم يدور حول جسدي صاعداً حتى يبلغ عنقي ليخنق أنفاسي.
ولاحقتني دعوات الوكالة الصهيونية لزيارة كل مكان، ووضعوا تحت أمري سيارة لتدور بي أينما شئت، ولكني رفضت السيارة، ورفضت الدعوات، وعدت أجري وراء زعماء العرب أستحلفهم بالله أن يخبروني ماذا هم فاعلون، وقد أصبحت أكثر إيماناً منهم بأنّ الخطر ليس على فلسطين وحدها، بل على الدول العربية جمعاء.
وقد زرت تل أبيب ـ ولم تكن تل أبيب يومها وقفاً على اليهود، بل كان يسكنها اليهود، ويتردد عليها العرب ليبعثروا على موائدها وحِسانها أموالهم ـ زرتها وكان اليهود يحتفلون مع الحلفاء بهزيمة ألمانيا، فأقاموا لذلك احتفالاً عسكرياً، ومرت أمامي فرقة "الهجانة" بسياراتها المصفحة، وفرق الكشافة وفي ثياب كل منهم جندي ينتظر الأمر بالقتال! وفرق المتطوعات اليهوديات في الـ A.T.S، وقد عادت كل منهن بعد أن لقنها الحلفاء فنون الحرب.
وفجأة، مرّت أمامي فرقة من جنود البحّارة، فقلت متسائلاً: "من هؤلاء؟"، وردّت عليّ يهودية حسناء لم أكن أعرفها: "هؤلاء هم رجال الأسطول اليهودي"!
✽ ✽ ✽
 أما المقالة الثانية، فهي أكثر عجباً؛ لأنها تنبهنا مرة أخرى إلى الواقع الإعلامي الذي لا يزال يطاردنا بجهله وصوته العالي ويُضيع الكثير من فرص النجاح على شعوبنا العربية، وهي للأستاذ "حسين مؤنس"، وقد صاغها بلهجة التحقيقات القضائية:
أمر حظر
بقلم: الدكتور حسين مؤنس
"أمر حظر.. لمناسبة التحقيق الجاري في شأن الجناية رقم 1 لسنة 1948 التي اعتُدي فيها على فلسطين العربية، ونظراً لما يتطلبه هذا التحقيق من إجراءات لا بد أن تتم في جوّ من السرية حتى يتم القبض على الجناة، وطبقاً للمواد 1، 2، 3 من قانون السياسة والحزم التي تقضي بعدم إذاعة أسرار أي خطوة من خطوات العمل للدفاع عن سلامة البلاد، لهذا.. تحظر النيابة العربية العليا على الصحف نشر أية أخبار أو صور أو مقالات تفصيلية من شأنها أن تكشف للعدو استعدادات "البوليس العربي" بصورة مباشرة أو غير مباشرة".
قلت وقلبي يفيض بالسرور:
ـ تستطيع الآن أن تقول إن فلسطين أصبحت في جيبنا؛ فقد قررت الدول العربية شراء صفقه كبيرة من الأسلحة، وسترسل مندوبيها إلى تشيكوسلوفاكيا لتسلمها، وستقيم المعسكرات لتدريب المجاهدين على استعمالها. ما رأيك؟
فاندفع يقول بصوت غاضب لا عهد لي به منه:
ـ ماذا تريدني أن أقول؟ هل قضية فلسطين ينقصها الكلام حتى تطالبني بأن أقول شيئاً؟ هذه أعمدة الصحف تفيض بالكلام، وهذه منابر الكلام قد تعبت من حمل الخطباء، ماذا تريد؟ 
ـ ألا يسرك الخبر الذي نقلته إليك؟ هذا ليس كلاماً، إنه برنامج عمل.
ـ بل هو أسوأ وأضرّ بقضية فلسطين من الكلام الحماسي الصرف. هؤلاء العرب يكشفون خططهم للعدو ببلاهة تثير الغيظ! تصور أنهم إذا اشتروا بندقية قالوا: اشترينا بندقية! وإذا بعثوا عشرين مجاهداً في مهمة "سرية" قالوا: بعثنا عشرين مجاهداً! وإذا فكروا في عقد صفقة أسلحة قالوا: قررنا شراء كذا وكذا من الأسلحة، وسنشتريها بكذا جنيهاً، وقد أرسلنا فلاناً الفلاني إلى البلد الفلاني لكي يتسلم الأسلحة. فأية بلاهة هي أشدّ من هذه؟ هل عرفت جيشاً يذيع أسراره العسكرية بهذا "العبط" الذي نذيع أخبارنا الحربية به؟ تصور أن اليهود يعرفون مقدم?ً كل ما سنعمل. لا لأنهم يرسلون جواسيس ليسرقوا الأخبار، بل لأننا نعلن لهم كل شيء أولاً بأول.
"هل كان أحد منا يتوقع استيلاء اليهود على حيالحزم؟ بهذه الصورة المفاجئة المحكمة؟ هل كان أحد يتصور أن الأمر على هذه السرعة وبهذا الحزم؟
."لقد صاح رجال العرب: "هذه خيانة
نعم، هي خيانة. ولكن ماذا كنتم تريدون؟ أكنتم تريدون أن يقف رجال اليهود قبل تنفيذ الخطة بأشهر ويقولوا على أسلوبنا: نحن نفكر في احتلال حيفا بعد خروج الإنجليز؟ لقد أعددنا كذا ألف جندي للقيام بهذا الهجوم. اسمعوا أيها العرب، نحن سنفاجئكم، فكونوا على حذركم! هل كان سادتنا العرب ينتظرون من اليهود ذلك؟
ـ إنهم يذيعون برامجهم حتى تطمئن الشعوب العربية.
ـ وهل اطمأنت الشعوب العربية إلى هذه الإذاعات؟ أرني عربياً واحداً معقولاً لم يسأم هذه البيانات. أرني يهودياً لا يطرب حين يجدنا نقدم له ما هو بحاجة إليه من المعلومات في طبق ليأكله هنيئاً مريئاً.
ألم تقرأ خبر الصهيوني الذي ضبط وهو يحاول إفساد السيمافور الذي ينظم سير القطارات الحربية إلى فلسطين؟.
ـ جناية فظيعة. ذلك من إجرام الصهيونيين.
ـ بل من إجرامنا. أنا ـ معذرة! ـ فقد أعلنّا في الصحف ألف مرة أننا سننقل كذا من الجنود ابتداءً من اليوم الفلاني بقطارات كذا كذا. تصور نفسك في تل أبيب، وتصور أنّ الوكالة الصهيونية أذاعت أنها ستنقل إلى حدود مصر كذا وكذا من الجنود ليكونوا على أهبة دخولها في الوقت المناسب. ألا يكون من واجبك كعربي مخلص أن تنهض لإيقاف سير هؤلاء الجنود؟.
إن اليهود يعرفون بالضبط كم طائرة عندنا، وكم جندياً وكم مدفعاً، بل كم رصاصة. هذا وحده نصف انتصار لهم.
فتناولت الصحيفة التي قدمها لي وقرأت: "الجنود المصرية على أهبة الاستعداد للسير نحو فلسطين"، فقال:
ـ تصور، هذه العبارة "على أهبة الاستعداد للسير"، معناها هو أنّ الجنود المصرية لم تأخذ الأهبة بعد، ولم تستعد بعد للسير. أتدري ما معنى ذلك؟ معناه أننا نقول لليهود: أيها اليهود، نحن سنسير إليكم ولكن لا تخافوا. أمامكم مهلة كافية للاستعداد؛ فنحن لم نتأهب بعد، ولم نستعدّ بعد. خذوا راحتكم.
يا صديقي، لقد دبّر هتلر غزو أوروبا كلها دون أن يعلم أحد. كنت تصحو من نومك في الصباح فتسمع المذيع يقول: في الساعة الثالثة من صباح اليوم بدأنا الهجوم على النرويج، وقد احتللنا العاصمة ومعظم المواقع.
هل تذكر السرية التي أحاط الحلفاء بها مشروع غزو شمال أفريقيا؟ إن سادتنا وقادتنا لم يتعلموا شيئاً. إذا وقعت جناية سياسية خطيرة في مصر، بادرت النيابة التي أصدرت قرار حظر تمنع فيه نشر أي خبر عن سير التحقيق؛ لأن ذلك يساعدها على القبض على المجرمين.
جريمة اليهود على فلسطين هي أعظم جريمة سياسية دبرت ضد الحكومات العربية، وفيها الدولة المصرية، فلماذا لا تصدر "النيابة العربية العليا" قرار حظر تمنع فيه نشر أي خبر عن سير العمل للقبض على المجرمين والقضاء عليهم؟
لماذا "تنشطر" على هذه الجرائم التي تعدّ صغيرة جداً إذا قيست على قضية فلسطين وتترك "التحقيق" في أمر القضية الكبرى "سبهللة" يعرف المجرمون عن أسراره أكثر مما يعرف المجني عليهم؟
نحن في حاجة إلى أمر الحظر هذا "وكفى عبطاً، وسذاجة.
✽ ✽ ✽
وننتقل من المجلات إلى الأخبار التي تناقلتها مجلة آخر ساعة في عددها الصادر عام 1948، ومن أهمها هذا الخبر:
اتضحت للمسؤولين أخيراً حقيقة خطيرة؛ فقد ظهر أن المسؤولين الثمانية الذين يمثلون مصر فى سكرتارية هيئة الأمم المتحدة هم أربعة من اليهود، هم المسيو سليم شالون وابن المسيو شالون والآنسة مارجريت ليفى والآنسة هاورد...
أما باقي المجموعة الثانية، فهم الأستاذ حنا سابا، مدير قسم الامتيازات والحصانات بالإدارة القانونية والأستاذ عباس عمار رئيس قسم تلقي شكاوى الأراضي غير المتمتعة بالحكم الذاتي، والأستاذ صالح محمود بالقسم السياسي والدكتور زكي هاشم بالقسم الاقتصادي!
ومن المؤسف أن النية قد اتجهت إلى استدعاء الأستاذ حنا سابا من منصبه الكبير، وكان معنى هذا أن مصر ستفقد منصباً رئيسياً في هيئة الأمم المتحدة، ومن حسن الحظ أن خشبة باشا اقتنع أثناء وجوده فى باريس بضرورة إبقاء الأستاذ حنا سابا فى منصبه؛ لأنه لا يمكن إحلال غيره من المصريين في المنصب الرفيع الذي يتولاه.
وقد اتخذت الهيئات المسؤولة الإجراءات اللازمة لإبلاغ هيئة الأمم المتحدة أن الأربعة الذين اختارتهم على أنهم مصريون ليمثلوها في السكرتارية لا يمكن أن يكونوا أهلاً لهذا التمثيل!
ومما يذكر أن نسبة الموظفين اليهود في هيئة الأمم المتحدة هي 65% من عدد الموظفين، وكانت الوفود المصرية إلى هيئة الأمم المتحدة دائمة الاحتجاج على هذه النسبة المرتفعة، وكانت وفود الدول العربية تشكو من الضغط الشديد الذي تلاقيه من هؤلاء الموظفين لمصلحة قومهم (!) وكان أكثر ما يدهش الوفود العربية أن يكون نصف ممثلي مصر من اليهود، في الوقت الذي تشتبك فيه مصر في حرب مع اليهود!!
✽ ✽ ✽
أما هذا الخبر النادر أيضاً، فقد تناولته مجلة آخر ساعة في عددها الخاص عام 1948
المجدل من مندوب "آخر ساعة":
انتهى القائد العام للجيوش المحاربة فى فلسطين من إعداد مذكرة نهائية للجنة مراقبة الهدنة في فلسطين، وقد أثبت القائد العام للقوات المصرية المحاربة أن اليهود خرقوا الهدنة 431 مرة، وأنه قدم في كل مرة من هذه المرات تقريراً بالتفاصيل إلى لجنة مراقبة الهدنة، وكان القائد العام قد قال للجنرال لاندستروم رئيس مراقبي الهدنة ورئيس أركان حرب الوسيط:
أنا لا أستطيع أن أسكت عن هذه الاعتداءات المتتالية. وأنا مسؤول عن القوات التي أقودها.
وقال الجنرال لاندستروم إنه يرجو أن يتمكن من اتخاذ خطوة حاسمة تضع حداً لاعتداءات اليهود على الهدنة!
وأضطر القائد العام إلى أن يقدم مذكرته الأخيرة التي تسجل على اليهود كل هذه الاعتداءات على الهدنة، منها ما يقرب من مئتي اعتداء بواسطة الطائرات!
وقد قال القائد العام لمراقبة الهدنة، وهو يشرح لهم الموقف:
ـ أظنّ أنه ثبت لكم بوضوح أن اليهود لا يحاربون إلا في الهدنة!!♦