مجلة العودة

كيف يقرأ المثقف الفلسطيني ثورتا تونس ومصر وانعكاساتهما؟

ثورتا تونس ومصر
كيف يقرأ المثقف الفلسطيني في الشتات انعكاساتهما؟
 

وسام الحسن/ دمشق

حمزة برقاوي: اتحاد كتاب مصر كان أولى النقابات المصرية التي أُعلن تأييدها لثورة 25 يناير

عبد الرحمن غنيم: المراهنون على التسوية السياسة فقدوا الظهير العربي الذي يعتمدون عليه

عبد المعطي أبو زيد: إلى الآن لم أسمع كلمة «تسقط كامب ديفيد» فكيف أتعامل مع موقف لم يتغير؟

نظيم أبو حسّان: إن مأساتنا نحن الفلسطينيين أنه ليس للمثقفين أي دور إلا من خارج المشهد!

أمام الأحداث التاريخية في تونس ومصر، وسقوط الأنظمة فيها، كان المثقف الفلسطيني متابعاً لما يحدث باستمرار، لذا حرضت العودة على حوار عدد منهم للوقوف على آرائهم بما جرى.

حمزة برقاوي أمين سر الأمانة العامة لاتحاد الكُتَّاب والصحفيين الفلسطينيين

طال الفساد في مصر وتونس جميع مناحي الحياة في هذين البلدين، وقطاع الثقافة كان من القطاعات التي تأثرت بصورة مباشرة فيهما، لأن هذه الأنظمة لم تر في المثقف إلا أداة لترويج شعاراتها ولتبني سياساتها وقد مارست أكثر من أسلوب في هذا الاتجاه، أذكر منها على سبيل المثال الجوائز المشبوهة التي كانت تعطى ويعرف ضمناً وبصورة مسبقة أنها لن تعطى إلا إذا كانت في هذا الاتجاه الذي أرادته هذه الأنظمة. ولذا فإن أي إصلاح لا بد أن ينعكس على الثقافة، من هنا نقول: حينما يتاح المجال أمام الحرية والتفكير، حينما يتاح المجال أمام المؤسسات الثقافية التي تعمل وفق خطط وطنية تعرف مشاكل هذه الأمة ومشاكل هذا الشعب وتحاول أن ترتقي بها إلى مستويات عليا، نعرف تماماً أن هذا الأمر مرتبط بتلك الفئة التي تتولى مقاليد السياسة.

وحين نعتبر أن الذي حصل في هذين البلدين هو إيجابي، وأنه فتح المجال أمام انتهاج سياسات على مختلف الصعد الوطنية الملتزمة بمشاكل أمتنا وشعوبها، نعرف تماماً أننا أمام تغير على صعيد ثقافتنا. وعلى الصعيد الفلسطيني، نعتقد أن الجبهة الثقافية الفلسطينية لا تختلف عن الصعد العربية الأخرى، ولا تقل أهمية عن الصعيد السياسي والاقتصادي وحتى المقاوم ونقول: إننا متفائلون مع ما حدث، وخاصة أننا تواصلنا مع المثقفين في هذين البلدين، ليس فقط الممثلين باتحادات الكتاب فيهما، بل أيضاً مع مثقفين مستقلين تنظيمياً ولكنهم ملتزمون وطنياً وقومياً. وتكفي الإشارة إلى أن اتحاد كتاب مصر الذي تواصلنا معه مباشرة كان أولى النقابات المصرية التي أُعلن تأييدها لثورة 25 يناير. وفي المناسبة قبل يومين كتب رئيس اتحاد كتاب مصر، وهو في الوقت نفسه الأمين العام للأدباء والكتاب العرب، كتب مقالاً أشاد فيه بوقوفنا وبالاسم مع ثورة 25 يناير، ورأى أن هذا الأمر كرّس هذا البعد القومي العربي لهذا التواصل. وفي حديث شفهي مع إخوة لنا في تونس في اتحاد كتابهم تبين لنا أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة منذ البداية، وأنا شخصياً سمعت من ينادي بكل وضوح بضرورة تحرير فلسطين في شوارع تونس. حينما نكتشف أن هذا الشعب العربي في هذين القطرين كما هو في أقطار عربية أخرى يعلي شأن فلسطين وينادي بتحريرها، فإننا نؤكد أن البعد الثقافي كان حاضراً، وهو الذي أوحى إلى هؤلاء بالثورة، وبناءً على ذلك نقول أنه ليست هناك سياسة من دون خلفية ثقافية وبنية نظرية تحدد آفاق هذه السياسة.

إن تمسكنا بما نسميه الثقافة الوطنية الفلسطينية، حينما نذكر الثقافة الفلسطينية، فإننا نشير مباشرة إلى الوطن، وإذا كان الوطن محتلاً، فالجواب بالتالي يكون بمقاومة الاحتلال والانتصار عليه.

عبد الرحمن غنيم أمين سر فرع اتحاد الكتاب الفلسطينيين في دمشق

هناك انعكاسات لثورتَي تونس ومصر من نوعين: الأول، امتداد الأفق الثوري إلى أماكن أخرى في الوطن العربي، وإحساس العرب للمرة الأولى بعد عشرات السنين بذاتهم وبقدرتهم على التغيير والتطوير، ومن الطبيعي أن يقود هذا التطور إلى عودة القضية الفلسطينية لأن تكون قضية العرب الأولى، وبالتالي لا بد لنا من أن نتوقع تبدلات في السياسات تشمل على سبيل المثال اتفاقية كامب ديفيد، بالرغم من أن ذلك لن يتحقق في هذه الفترة. إذن نحن أمام آفاق جديدة وتطورات هامة ستنعكس مباشرة على الساحة الفلسطينية، والمراهنون على التسوية السياسة في الساحة الفلسطينية يشعرون بأنهم فقدوا الظهير العربي الذي يعتمدون عليه في التمسك بهذه السياسة.

أما بالنسبة للانعكاسات الثقافية، فأنا لا أريد التحدث عن المثقف الفلسطيني، ولكني أريد أن أتحدث عن الجيل الفلسطيني الذي علَّم الجيل العربي الجديد طريق الحرية، الجيل الفلسطيني حين تبنى العمليات الاستشهادية تحديدا،ً عمّق علاقة الجيل الجديد بفكرة الثورة والوصول إلى الهدف مهما كانت التضحية؛ فمبدأ الاستعداد للاستشهاد هو الأساس. الشباب الين خرجوا في تونس ومصر خرجوا وعندهم الاستعداد المطلق لتقديم التضحيات وللاستشهاد هذا الشيء كان مفاجئاً للأمة.

إن جيل الشباب الفلسطيني دخل مرحلة هامة من التعامل مع الحاسوب والإنترنت، ولكن يبقى سؤال: إلى أي درجة يمكن أن يستثمر هذا الجيل ما تعلمه في التواصل مع أشقائه العرب وإحياء القومية العربية التي حاول الأمريكان هدمها وهدم أحزابها طول السنوات الماضية؟

عبد المعطي أبو زيد رئيس اتحاد الفنانين الفلسطينيين

قبل أن نتحدث عن مصر وتونس، دعنا نتحدث عن ساحتنا. نحن من خلال الواقع الفلسطيني الذي نعيشه والأحداث التي تجري، نبحث عما ينقلنا من الدوامة التي نعيش فيها إلى انطلاقة جديدة تبني للمستقبل عملنا التشكيلي الفنان التشكيلي لا يمكن أن يكون مع اليمين أو مع اليسار أو مع الأمام أو الخلف. الفنان التشكيلي طليعي دائماً وموحِّد. لوحتنا الفلسطينية دائماً كانت لوحة جامعة لكل الناس. الأحداث البعيدة قد تؤثر قليلاً، ولكن الحرية في داخلنا. الآن الشعب المصري انطلق إلى الحرية، ولكن إلى الآن لم أسمع كلمة «تسقط كامب ديفيد» فكيف أتعامل مع موقف لم يتغير؟ أنا ابن قضية، وعندما أسمع أن الاتفاقيات المذلة مع الكيان الصهيوني قد ألغيت أو أسقطت، سأكون المعطاء الأول لهذه الثورة. وفي رأيي الشخصي الأمور لم تتغير كثيراً في مصر، فالسياسة الخارجية لم تتغير، فالمجلس العسكري أعلن التزامه بالاتفاقيات.

وعطفاً على دور الفن والثقافة في صناعة العودة والثورة، فنحن في لوحاتنا لدينا رموزنا وتشكيلاتنا الخاصة، وفي هذه اللوحات ترى أن موضوع العودة مطروح دائماً وأبداً. مثلاً، في تجربة الحمام الزاجل، أنا أقول إنّ هذا الحمام يرمز إلى الحرية والعودة، لأن الحمام أينما تأخذه يعود إلى بيته، وأنا أخذت هذا الرمز لأقول: أنا عائد مثل الحمام. وهذه بعض رموز العودة التي أطرحها في لوحاتي، وعندما نرسم البيوت الفارغة الخالية من السكان، وشبابيك ونوافذ كأنها تصرخ والناس خارج بيوتهم وأرضهم، هنا دلالة الإنسان اللاجئ والبيوت التي تستصرخ، وهذا مدلول آخر.

الفن تحريضي يُسهم مع مجموعة المثقفين في طرح أفكار، في طرح مفاهيم تكون مدروسة تماماً ليستوعبها الناس بكل بساطة.

الشاعر والأديب نظيم أبو حسان

لا شك في أن ثورتي مصر وتونس، هما تجديد لهذه الأمة من خلال تغيير ما هو مألوف تاريخياً في المنطقة، لذلك تأثيرهما سيطال جميع المجالات على الصعيد الثقافي والسياسي والاجتماعي والإنساني والأخلاقي أيضاً، لذلك نشد على أيادي هؤلاء الشباب الذين صنعوا الثورة.

ومن خلال هذه الثورة، فإن هناك قضية تعنينا نحن الفلسطينيين، فالرؤى ستختلف والمواقف والأعمال ستتبدل. ولا ننسى موضوع غزة وإغلاق الحدود بكل أسف، فهذا الأمر جعلنا نشعر بمرارة، وخصوصاً أن إخواننا في غزة يذبّحون، والحدود مغلقة بوجههم وبوجه أي إمدادات تعينهم على الصمود.

بحكم الثقافة والمعرفة، أنا أعتقد أن هذه الثورات ثورات تاريخية ستسجل في التاريخ على أنها ثورات شعوب وليست من العسكر ولا من القوى والأحزاب المتنفذة.

إن مأساتنا نحن الفلسطينيين أنه للأسف ليس للمثقفين أي دور إلا الدور من خارج المشهد، لذلك أتمنى أن نحذو حذو تونس ومصر في عملية تغيير واقعنا الفلسطيني المتمثل في التشتت والانقسام، وأن يأخذ المثقف دوره التأسيسي لحالة جديدة أيضاً، ولثورة فلسطينية تقوم على كل المفرطين الذين يبيعون ويشترون في تراب فلسطين. إن ما نسمع عنه وما نراه شيئاً غير معقول، وخصوصاً ما عرض في وثائق ويكيليكس والجزيرة.

لذا يجب على المثقف الفلسطيني أن يأخذ دوره في عملية التغيير، ويجب أن يكون فاعل وينزل للشارع وليرتقي شهداء. لقد تعودنا تقديم التضحيات وتعودنا بذل الدماء، إن الشعب يجب ألا تحكمه زمرة تفرط بحقوق اللاجئين.