مجلة العودة

وسط دعوات لتفعيل القضية بشكل أكبر

وسط دعوات لتفعيل القضية بشكل أكبر
العـودة في 2011... مشهد ثقافي يتحرك ببطء

العودة – قطاع غزة

لم يكن المشهد الثقافي في فلسطين غائباً عن استحضار مأساة اللاجئين الفلسطينيين ووجع النكبة والتهجير الذي امتد لأكثر من ستة عقود، وقد شغلت تلك المعاناة الأدباء والشعراء الفلسطينيين على امتداد جغرافية الوطن العربي ودول الشتات.

ولم يكن المثقفون ودور الثقافة في منأى عن الأحداث التي تجري في المنطقة العربية، فكان عام 2011 زاخراً بالعديد من الفاعليات والمشاهد والأنشطة التي أوصلت رسالة للاحتلال، أنه "مهما طالت السنون، فلا بد من أن نعود إلى الديار...، وإن مات الكبار، فالصغار يحملون ذاكرة لا تُمحى أبداً".

ومثّلت الذكرى الـ63 للنكبة والفاعليات التي واكبتها فرصة لتشديد الفلسطينيين على حق العودة إلى المناطق التي هُجروا منها عام 1948، عبر المهرجانات والاعتصامات والمسيرات التي طالبت المجتمع الدولي بإلزام حكومة الاحتلال وقف سياساتها التعسفية المتمثلة بالاستيطان وبناء الجدار والاعتراف بحق العودة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 194.

ورغم حالة القتل والإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون يومياً في قطاع غزة، والحصار الإسرائيلي الخانق الممتد منذ أكثر من خمسة أعوام، إلا أن غزة كانت عاصمة فلسطين في إحياء ذكرى النكبة وتجديد حق العودة في نفوس صغارها وكبارها.

استحداث كل جديد

وكيل وزارة الثقافة في حكومة غزة مصطفى الصواف، أكد أن الوزارة رغم كل المعوّقات والعقبات استطاعت أن تُحيي ذكرى النكبة لعام 2011 بالكثير من الفاعليات والمؤتمرات وحشد للرأي العام، وترسيخ حق العودة في أذهان المواطنين وطلبة المدارس والجامعات.

وقال الصواف في حديث خاص لـ"العودة": "إن وزارة الثقافة تعمل على قدمٍ وساق منذ بداية العام لإحياء ذكرى النكبة في عامها الـ63... وترسيخ مفهوم العودة للديار التي هُجرنا منها بدلاً من مصطلح النكبة".

ولفت إلى أن وزارة الثقافة بكافة أركانها تعمل كل عام على تجديد كافة المظاهر لإحياء هذه الذكرى وعدم اقتصارها على فاعلية بعينها تقام في كل عام وموسم، وعملت على استحداث الجديد الذي يشد الناس ويجذبهم ويذكرهم بوطنهم المسلوب.

وأوضح أن عام 2011 كان المعلم الذي اختير له هو مفتاح العودة كرمزية، واختير المكان الأقرب من قطاع غزة إلى فلسطين المحتلة، فاختيرت أقرب نقطة بين فلسطين المحتلة ومدينة بيت لاهيا لتكون مكاناً للمعلم، مضيفاً: "وأُصدرت بطاقة تعريفية للاجئين الفلسطينيين، فيها تعريف كامل بكل لاجئ مع صورته الشخصية وبلدته الأصلية".

واعترف بأن وزارة الثقافة في غزة مهما نظمت من فاعليات لإحياء هذه المناسبة، فإنها تبقى مقصّرة ولا تعطي كل ما عندها، رغم أنها تبذل كل ما بوسعها وتسخر كل إمكاناتها ليبقى حق العودة راسخاً في الوجدان والعقول.

مشاهد خجولة

وتابع بالقول: "إن القصور أمر موجود، ولا يستطيع أحد إنكاره، ونحن نعمل وفق الإمكانات وهامش الحركة المتاحة لنا، في ظل ما يشهده قطاع غزة من عدوان متواصل وحصار سياسي وثقافي... وفق تلك الحدود نبذل كل جهد مستطاع ونحاول استحداث أنشطة جديدة وفاعليات متنوعة".

وشدد الصواف على وجود تراجع ملحوظ للمنابر الثقافية والأدبية في فلسطين عن تناول قضية حق العودة، وجعلوا منها قضية موسمية، حيث تسلَّط الأضواء عليها في شهر أيار/ مايو من كل عام فقط وتوضَع في طيّ النسيان بقية شهور السنة.

وبيّن أن التقصير يشمل الجميع، ولا يقتصر على فئة معينة بذاتها، لكن ربما كان السبب عائداً إلى كثرة القضايا والهموم التي تطرح على الساحة الفلسطينية والعربية، مستدركاً: "قد لا يسمى تقصيراً بالمعنى الحرفي للكلمة... لكن الاهتمام بقضية ما قد يكون على حساب قضية أخرى بسبب كثرة الأحداث المتلاحقة".

وأردف: "الكل مطالب الآن بتفعيل قضية العودة على كافة المنابر الثقافية على مدار العام وأن لا يقوقعوا القضية في شهر أيار/ مايو فقط؛ فالمجالات واسعة ومتنوعة من خلال الكتابة والقصيدة والقصة والمسرحية والمقالة والقصة والرسم والنشيد والأفلام الوثائقية والأوراق البحثية والكثير من هذه الأدوات الثقافية التي يمكن استغلالها على مدار العام، وكل ذلك يتطلب استراتيجية شاملة، ومع الأسف هذه الاستراتيجية غائبة ومغيبة".

وأشار إلى أن المطلوب خلال السنوات المقبلة، تفعيل هذه القضية أكثر، وعدم التركيز على التغطية الإعلامية فقط. بل أن تتضافر الجهود في كل الأماكن التي فيها الشعب الفلسطيني، وألا يقتصر الأمر على اللاجئين في فلسطين المحتلة.

وشدد على أنه لا بد من تفعيل كل القوى في الخارج والشتات واستثمار علاقاتهم مع الآخرين في هذا المجال عبر تفعيل مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الحقوقية والقانونية ووسائل الإعلام المختلفة لشرح قضية اللاجئين وأبعادها الإنسانية.

وفي السطور الآتية أبرز ما قامت به وزارة الثقافة في قطاع غزة لإحياء الذكرى الـ63 للنكبة عام 2011:

* بدء انطلاق فاعليات إحياء الذكرى الـ"63" للنكبة يوم الاثنين الموافق لـ2011/5/2 م، بالمشاركة في اعتصام لأهالي الأسرى في مقر الصليب الأحمر الدولي.

* عقد مؤتمر صحافي وسط مخيم الشاطئ ألقى فيه رئيس اللجنة العليا لإحياء الذكرى الـ"63" للنكبة بيان انطلاق فاعليات ذكرى النكبة.

* عقد لقاء في منزل دولة رئيس الوزراء إسماعيل هنية، مع مخاتير وممثلين عن الشعب الفلسطيني، وقدم رئيس اللجنة العليا لإحياء فاعليات الذكرى الـ"63" للنكبة بطاقة هوية العودة التي تصدر عن الفاعليات لدولته، وأيضاً قُدِّمت درع ومفتاح من أحد المشاركين.

* دُشِّنت جداريات "راجعين لن ننسى" على شوارع قطاع غزة في تاريخ 2011/5/2 م شارك فيها مجموعة من الفنانين.

* إطلاق هوية حق العودة بتاريخ 2011/5/4 م في وزارة اللاجئين والأسرى والقدس بحضور معالي وزير الأسرى واللاجئين والقدس د. عطا الله أبو السبح، حيث وُزِّعت خلال الفاعلية هوية العودة، وأُطلقت الهوية للجمهور في الداخل والخارج.

* أُطلقت مسابقة راجعين في الصحف، وتضمنت فروعاً مختلفة من الإبداع والفن والأدب وفروعاً خاصة بالأطفال، ولا سيما ما يتعلق بالنكبة وترسيخ مفهوم العودة.

* المشاركة في مسيرة العودة المتجهة نحو معبر بيت حانون بعنوان (راجعين) في 15 مايو2011م، بمشاركة فصائلية وحكومية وشعبية.

* افتتاح معرض راجعين بتاريخ 2011/5/10 على أرض الجامعة الإسلامية، واشتمل المعرض على عدة زوايا مختلفة (تراثية، فنية، فولكلورية، أعمال يدوية، صناعات وطنية). وتخلل المعرض حفل تراثي وحفل فني وعرس فلسطيني.

* طباعة كتاب بعنوان "اللاجئ الفلسطيني إشكالات التعريف والحلول الواجبة" للباحث د. عصام عدوان، وُزِّع في معرض راجعين.

* طباعة وتوزيع أسطوانة CDتحتوي على معلومات تاريخية خاصة بالنكبة الفلسطينية.

* إزاحة الستار عن المعلم التذكاري "راجعين" في مدينة بيت لاهيا ـ دوار العودة، بمشاركة رئيس الوزراء إسماعيل هنية.

* الحفل الختامي لإحياء فاعليات الذكرى الـ63 للنكبة بتاريخ 2011/5/15 م، في القاعة الكبرى بالجامعة الإسلامية، بحضور وزير الثقافة ولفيف من الضيوف وعدد من الفرق الفنية والاستعراضية وعدد كبير من المواطنين.