مجلة العودة

 تكريماً لرفعت النمر

«أوراق فلسطينية وعربية»

 

تكريماً لرفعت صدقي النمر في الذكرى الأولى لرحيله قام محبّوه بإنجاز كتاب يعتبر مشروعاً ثقافياً أكثر مما هو كتاب يتناول اهتمامات الراحل، أشرف على «المشروع الثقافي»

وحرر كتابه الدكتور أنيس الصايغ، الذي تواصل مع نحو مئة مثقف فلسطيني وعربي بين سياسييين وخبراء وناشطين ومقاومين، ليشاركوا في هذا الكتاب الذي اختيرت عناوينه بدقة واستهداف.                       

وقد استجاب للصايغ نحو سبعين مشاركاً، نذكر منهم على سبيل المثال: بسام الشكعة، بهجت أبو غربية، بيان نويهض الحوت، جابر سليمان، جواد يونس، جورج جبور، حسن أبو رقبة، حسين أبو النمل، خيرية قاسمية، رامي رفعت النمر، شفيق المصري، صلاح صلاح، طلال ناجي، عبد الله حمودة، عبد العزيز السيد، عصام نعمان، فضل شرورو، قاسم عينا، ليث الشبيلات، ليلى خالد، ماجد الزير، ماهر الطاهر، محسن صالح، محمد العدلوني، مصطفى اللداوي، معن بشور، ممدوح رحمون، منير شفيق، ميشال إده، هارون هاشم رشيد، وليد محمد علي، وياسين سويد، بالإضافة إلى العديد من الكتاب والشخصيات الوطنية.

الكتاب صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون - بيروت، ويعود ريعه لجمعية الرعاية الصحية التي أسسها الراحل النمر، ويقع في أكثر من ستمئة صفحة.

***

يقسم الكتاب إلى خمسة أقسام تتحدث عن حياة واهتمامات رفعت النمر في فترات طويلة من حياته.

تنقسم أوراق المحور الأول إلى ثلاثة أقسام، فلسطينية و«إسرائيلية» وعربية.

أما المحور الثاني (القسم الرابع) فهو يقدم نُبذاً موجزةً عن عشرين مؤسسة أو هيئة عربية عُني النمر بها وتواصل وتعامل معها بشكل فاعل ومستمر، كمسؤول أو عضو مشارك في النشاطات أو مستشار أو مخطط، وكداعم مالي رئيسي في معظم الأحيان.

وإذا كانت أوراق المحور الأول، في الأقسام الثلاثة الأولى، تعطي القارئ فكرة عن اهتمامات رفعت النمر السياسية والثقافية والاجتماعية والتربوية والإنسانية، وخاصة على الصعيدين الوطني الفلسطيني والقومي العربي، فإن أوراق المحور الثاني (في الفصل الرابع) تُجسد عملياً وواقعياً تلك الاهتمامات النظرية، وخاصة في مجالات النشاط والالتزام في دائرتي النضال الفلسطيني والعمل الوحدوي العربي.

أما آخر أقسام الكتاب فهو أوثق صلة برفعت النمر من الأقسام الأربعة الأخرى. إنه يضم محاولات قام بها اثنا عشر كاتباً وباحثاً من معارف الفقيد ودارسيه لدراسة المنابت التي نشأ الرجل في كنفها، أولاً، ثم لتقويم الحاصلات التي تعهدتها هذه التربة الخصبة فنمت وازدهرت وأعطت ثماراً كثيرة. تعالج الأوراق الخمس من هذا المحور مواقع نشأة النمر، الأسرة والمدرسة والمدينة. وتعالج الورقتان التاليتان المشروعين الأبرز في عطاءاته، وهما المصرف الذي كرّس له ربع قرن من حياته قبل تقاعده، فنجح في التعبير عن موهبة الرجل التطبيقية في دنيا المصارف والمال؛ والصندوق الخيري للتنمية الذي أراد منه أن يسدد دينه لمجتمع ترعرع فيه وأحبه وأكرمه. أي إن هذين المشروعين أنموذج ثنائي، عملي وواقعي، لحياة رجل يؤمن بأن المال الذي يجنيه الإنسان في عمله بكدّ وجهد وأمانة إنما هو في النهاية نواة ثروة تبذل لمصلحة المعوزين من بني شعبه (وخاصة في حقلي التطبيب والتعليم).

وختم القسم الخامس (الأخير) من الكتاب بقراءاتٍ خمسٍ في الفكر السياسي والفلسطيني والثقافي والاقتصادي والإنساني لرفعت النمر.

***

ومع أن الرجل عُني بالعمل والممارسة أكثر بكثير من انكبابه على الكتابة والتأليف والمحاضرة، لكنّه ترك لنا صفحات من مقالات ومداخلات وملاحظات قيّمة تعبّر عن أفكاره وآرائه في الأوضاع الراهنة والمشاكل القائمة، مقرونة دوماً باقتراحات للحلول ومحاولات في رسم خطط لمستقبل أفضل لأمته العربية عموماً ولشعبه الفلسطيني خصوصاً. ونشاهد بالتالي إشارات متقطعة ولمحات عابرة لا تكشف لنا أيضاً سر الالتزام الذاتي الذي مارسه بصدق وثبات وأمانة طوال حياته في مجمل المراحل الزمنية والمواقع العملية والمهام الرسمية والخاصة، وهو التزام مثالي من أجل الوطن والمجتمع قل نظيره. ♦