مجلة العودة

مقابلة ثقافية: المؤرخ محمد شرّاب كل ما أكتبه من أجل عيون فلسطين - خليل الصمادي

كل ما أكتبه من أجل عيون فلسطين والعودة إليها تسبقها عودات
المؤرّخ شُرّاب: أنجزت نحو أربعين مؤلفاً وسُرق بعض مخطوطاتي ومؤلفاتي
 

خليل الصمادي/ دمشق

حملنا معنا إلى العلامة المؤرخ محمد بن محمد حسن شُرّاب، أسئلة متعددة وقضايا شائكة ليحدثنا عنها، طلب منا أن ننتظر لأيام، فرمضان الإيمان والصحة لا يسمحان له بأن يجيب سريعاً. بعد أيام عدنا لتسلّم الإجابات، فحصلنا على مقابلة متميزة وتاريخية لكاتب وباحث متميز، لم يسعفنا عدد الصفحات أن نقدمها كاملة لقراء «العـودة»، ورغم ذلك اختصرنا منها ما اضطرتنا الضرورة إليه. وفي ما يأتي نص الحوار:

«العـودة»: من المعروف أن لك أكثر من ثلاثين كتاباً في موضوعات مختلفة، ما حظّ فلسطين من أسفارك المتعددة؟

كتبت حتى عام 2010 خمسة وثلاثين كتاباً، منها ما كان في مجلد واحد أو في مجلدين أو في ثلاثة مجلدات.. وما نشر من الأبحاث في الصحف والمجلات ولم يُجمع في كتبٍ، يوصل مؤلفاتي إلى الأربعين..

كتبتُ في فلسطين: مدنها وقراها وعشائرها وأعلامها وشعرائها وأدبائها وأيامها وتاريخها.

كتبتُ في اللغة والنحو والأدب: لغة العرب ونحوهم وأدبهم، وكتبتُ في مدائن العرب وآثارها.

وكتبتُ في موضوعات شتى، تدخل تحت هذا العنوان أو ذاك.. وكل ما كتبته كان من أجل فلسطين ومن أجل عيون فلسطين.

أما تحت عنوان «فلسطين» الصريح، فقد خصصت الموضوع بنحو عشرين كتاباً، فتح الله عليّ بها وكانت تشمل كل ما يحتاج إليه العربي بعامة والفلسطيني بخاصة.

فقد أعانني الله وجمعت فلسطين في مجلد واحد تحت عنوان «معجم بلدان فلسطين»، أردت أن يكون وثيقة في بيت كل عربي، ومن خلت منه مكتبته فقد ذاكرته وأتبعته بمعجم صغير شرحتُ فيه معاني أسماء القرى والمدن الفلسطينية فاثبتُّ عروبتها، وكشفت عن سرقة اليهود لها.

وأعانني الله على جمع شتات القبائل والحمائل الفلسطينية في مجلد تحت عنوان «معجم الحمائل والقبائل الفلسطينية» منسوبة إلى قراها ومدنها، ومن نبغ فيها من رجال الأدب والعلم، وهو وثيقة هامة يرجع إليها الباحثون.

ووفقني الله إلى الترجمة لثماني مدن فلسطينية في كتب مفردة، هي: غزة هاشم، وحيفا، والناصرة، والخليل، واللد، والرملة، وعكا، والقدس.

أما القدس أو بيت المقدس، فأحمد الله أن هداني إلى الحق في تأريخه، فأعانني على الكشف عما اختلط بها في نميرة وجلّيته للقارئ العربي في صورته العربية الإسلامية الناصعة النقيّة من دنس أكاذيب اليهود. فكتبت عنه أربع صور: بيت المقدس والمسجد الأقصى في مجلد، موسوعة بيت المقدس والمسجد الأقصى في مجلدين، القدس: في سلسة مدائن فلسطين، القول المبين في تأريخ القدس وفلسطين.

وكان لشعراء فلسطين في القرن العشرين صولة وجولة، وكان كثير منهم من أصحاب السيف والقلم الذين كانت قصائدهم تدوّي في الآفاق، فتُنبه الغافلين وتغيظ المعتدين فألقى الكثير منهم العنت والعذاب في سبيل الوطن وهو سبيل الله واستشهد بعضهم على ثرى الوطن، فكانت تجربتهم تستحق التسجيل والتخليد، فقصصت مآثرهم في مجلد كبير ضم أكثر من أربعمائة شاعر تحت عنوان «شعراء فلسطين في العصر الحديث».

وكانت بلاد الشام، ومنها فلسطين، من مقاصد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حياته، وبخاصة بعد ليلة الإسراء، ولو امتدت حياة رسول الله لفتح الشام في حياته لأنها من بلاد العرب الذين خُصوا بالخطاب الأول للدعوة حيث كان النبي عربياً ولسان الدعوة عربياً فبلاد العرب جزيرة وليست شبه جزيرة وبلاد الشام ومنها فلسطين من تمام جزيرة العرب، وكان فتح الخلفاء الراشدين امتداداً للتوجيه النبويّ وامتداداً لسنّته حيث وصلت جيش رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مؤتة في شرقي الأردن، ثم وصل جيش أسامة إلى ربوع فلسطين، فكتبت في هذا السبيل كتاب «الجذور التاريخية للعرب في بلاد الشام».

ولفلسطين كان نصيب من سلسلة أعلام فلسطين، فأفردت ثلاثة كتب لثلاثة من الأعلام كان لهم أثر محمود وقدوة صالحة «تميم الداري راهب أهل عصره وعابد أهل فلسطين»، و«أبو عبيدة بن الجراح فاتح القدس والشام»، و«عز الدين القسام شيخ المجاهدين في فلسطين».

ولما كان تاريخ فلسطين بعامة وتاريخ القدس بخاصة قد كررته الأخبار التوراتيّة واليهوديّة واختلط أمره وأشكل على كثير من القراء والمؤلفين، فقد أفردت كتاباً لهذا الموضوع تحت عنوان «الأخبار التوراتيّة اليهوديّة خرافات تكدّر ينبوع التراث الإسلام »، بينت فيه ما وقع فيه بعض المؤلفين العرب والفلسطينيين حيث نقلوا تاريخ القدس من كتاب يهود الذي أخبرنا الله بكذبه.

«العـودة»: كتب الأستاذ محمد شُرّاب في الصحف السعوديّة، ما الموضوعات التي كان يتناولها؟

موضوعات متنوعة تدخل تحت عنوان الأدب بمعناه الواسع، اللغة والنقد الأدبي ونقد الكتب وتاريخ فلسطين وبلاد العرب والمساجلات الأدبيّة، وأخصّ بالذكر مع الشكر مجلة «المنهل» التي تصدر في جدة حيث أفردت باباً خاصاً تحت عنوان «فلسطيننا» وبقيتُ سنواتٍ أغذّيهِ بالأبحاث الأدبية والتاريخيّة عن فلسطين والقدس، ويُعدّ ما كتبت في هذا الباب مرجعاً غنيّاً في موضوع فلسطين وجديراً بالمؤسسات الفلسطينية، ولم أقرأ في كتب المؤلفين في بلاد الشام إشارة إليه، وهذا نقص في البحث.

هذا وقد كنت أحتفظ بنسخ مخطوطة ومطبوعة مما كتبت في الصحافة السعوديّة، ثم ضاع أو سُرق، ولسرقته قصّة تدخل في غير هذا المقام. مع أنه لو جُمع لجاء في كتب كبيرة، وإني لحزين على سرقته، فمن أعاده إلي فقد كفكف دمعة حرّى ما زالت تحرق في صدري.

«العـودة»: بمن تأثرت من المؤرخين الفلسطينيين في العصر الحديث؟

أحببت اثنين، منهم الأول: محمد عزّة دروزة، فقد كان الرجل حجة علميّة نادرة وأعجبني فيه فهمه العميق للقرآن الكريم والسنة النبويّة، واستطاع أن يستخرج منهما سنن الجهاد، ويطبق نصوصها على الواقع الفلسطيني، ولو كان لفلسطين وزارة ثقافة وتعليم أو جامعات وهيئات ثقافية لجعلوا كتبه وأبحاثه نبراساً، لكني أجده مجهولاً عن المعنيين بالثقافة الإسلامية.

والثاني أكرم زعيتر: فهو أبدع من كتب الأدب السياسي والمذكرات الوطنية، فهو أديب سياسي صادق اللهجة وصرف الثورة الفلسطينية 1935 – 1939 فأجاد وأبدع.. سجّل مذكراته في ساعة حدوثها وتقرأها مئة مرة فتجدها ما زالت حارّة ساخنة وكأنك تراها الساعة.

ولا أنسى أن أذكر شدّة إعجابي وتأثري بالشاعر إبراهيم طوقان، فقد دوّن بشعره تاريخاً صادقاً ينزف الدم حسرة كما كان ينزف صدره المكلوم رحمه الله.

«العـودة»: متى زرت خان يونس آخر مرة، وما هي ذكرياتك هناك؟

زرت خان يونس آخر مرة سنة المأساة الكبرى التي جلبت إلينا المآسي التي لا أساة لها، سنة أوسلو (1994) التي أسالت دماءنا على مذبح الغدر والخديعة، لكنني لم أدخل خان يونس مع الداخلين من رفح إلى غزة أولاً، وما كنت على موعد مع الذين دخلوا، بل دخلت بتصريح من طريق جسر الملك حسين. ومع أنني دخلت بعد دخول السلطة وبعد استقرار الزعيم في غزة، فقد قيل لي يومها: انتهت مدّة إقامتك، إما أن ترحل وإما تُحبس.. فرحلت وأنا حزين كاسف البال.

وتسألني عن ذكرياتي في خان يونس؟ وهل غابت خان يونس عن عينيّ لأتذكرها؟ خان يونس لا تنسى ولو أردتُ نسيانها ما طاوعني النسيان:

أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثّل لي ليلى بكل سبيل

«العـودة»: هل يذكر لنا أبو أحمد بإيجاز واقع الثقافة الفلسطينية؟

يختلف الجواب عن هذا السؤال باختلاف الميزان، ولكل ميزانه وتقويمه ومطالبه. وجوابي عن هذا السؤال قد يكون مرّ المذاق ولا يرضى عنه المثقفون المنتمون إلى الثقافة الفلسطينية. إن واقع الثقافة الفلسطينية مريض أو في غرفة العناية المركزة، قد توجد ثقافة سطحية مسطّحة، وقلّ أن توجد الثقافة المعمقة.

فثقافتهم في اللغة والتراث الإسلامي (علوم القرآن والحديث والفقه والسيرة) سطحيّة عند المتدينين، وتكاد تكون معدومة عند العلمانيين، وأكبر الجهل وأسوأ ما في واقع الثقافة الفلسطينية شيوع الجهل بتاريخ فلسطين والقدس وجغرافيّتهما، نسمع جعجعات دعوة الناس إلى التمسك بحق العودة وما يعرف هؤلاء الداعون إلا أقل القليل عن فلسطين، بل عامة المدعوين إلى العودة.

ولو سألت عشرات من المثقفين عن كتاب اسمه «معجم بلدان فلسطين» ما عرفه ولا احتواه في مكتبته إلا القليل منهم.

إن كل أهل فلسطين في سجل المقاومين أو المجاهدين، وأول ما يعرفه الجندي جغرافية المكان الذي يجاهد فيه. وأضرب مثلاً واحداً مما سجلته في دفاتري عن جهل المثقفين الفلسطينيين، كنت أستمع إلى برنامج ثقافي في أحد التلفازات الفلسطينية، فاتصل أحدهم بالمذيع.. قال المذيع: ما اسمك؟ قال: رامي، قال المذيع: أتعرف لم سمّاك أبوك رامي، وما معنى رامي؟ فلم يعرف وسأل الرجل أباه فلم يعرف، وليس هذا بعيب، فقد كان من العامّة. فقال المذيع المثقّف: سمّاك أبوك رامي لأن معنى رامي صاحب الصوت الجميل، فلطمتُ يومها خدّي وكدت أن أشقّ جيب قميصي.

فهذا المذيع المثقف يحفظ اسم أحمد رامي صاحب أم كلثوم، وظنّ أن ذكره مقروناً بأم كلثوم أنه كان جميل الصوت ولم يعرف أنه كان شاعراً ينظم الأغاني لأم كلثوم.

ولم يحفظ هذا المذيع المثقف قوله تعالى: «وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»، ولم يحفظ البيت الغزلي الشهير:

سهم أصحاب وراميه بذي سلم من العراق لقد أبعدت مرماك

مع العلم أن الحلقة أُذيعت مرة ثانية دون أن يصحح الخطأ، وهذا يعني أن عائلة التلفاز كلها كانت في نوم عميق هذا والقصة مسجلة في دفاتري بتاريخها واسم المذيع.

«العـودة»: أنت عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، ماذا قدّم الاتحاد لأبي أحمد، وماذا قدّم أبو أحمد للاتحاد؟

هذا سؤال «ملغوم» كما يُقال، ومع ذلك سأجيب عنه بأصرح ما يكون من القول، فأنا في مرحلة لا أخشى فيها من الألغام على نفسي، ووجب عليّ ان أقول «لعلّي لا ألقاكم في مثل يومي هذا وفي مكاني هذا، اللهم إني قد بلّغت، اللهم فاشهد».

ومن لم يعجبه الجواب فليشرب من بحر عكا وحيفا ويافا وعسقلان إن كان شجاعاً، أو يجرؤ على فكّ الحصار عن غزّة ويشرب مياه خان يونس الإقليميّة إن استطاع إلى ذلك سبيلاً.

يقول السؤال: «أنت عضو في اتحاد الكتاب»، وهذا خبر يحتاج إلى برهان، فأنا لا أحسّ بأني عضو في الاتحاد، لأن الحديث يقول: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسهر». فقد أغيب عن مقرّ الاتحاد شهوراً أو سنة فما يتداعى لي عضو واحد بالحمّى والسهر أو بالسؤال دون حمّى أو سهر، لا يسأل أحد لِمَ غاب ذاك الشيخ الذي كان يتعهدنا بالزيارة، وهذا يعني أني عضو مبتور يمكن أن يستغنى عنه أو يستبدل بعضو صناعيّ.

وأنا أفهم أن من أسباب قيام الاتحادات والنقابات التكامل الاجتماعي بين الأعضاء.

أما ماذا قدّم الاتحاد لي، وماذا قدّم أبو أحمد للاتحاد؟

فلم يقدّم الاتحاد لي شيئاً من المعرفة أو الثقافة أو العلم، وأنا أزوره منذ وضعت عصا الترحال في دمشق عام 1994، وما أعرف أنني عدت يوماً بكلمة تزيدني معرفة بفلسطين أو بأي فنّ من فنون المعرفة. فهم كما قيل «فاقد الشيء لا يعطيه»، بل هم جزء من واقع الثقافة الفلسطينية.

وكذلك، لم يقدم أبو أحمد للاتحاد شيئاً، ولم يكن ذلك بخلاً عليهم بما عندي، ولكنهم يأبون ويرفضون ما عندي، وكأنّ لغتي غير لغتهم وقبلتي غير قبلتهم، إنهم مشغولون بأشياء غير الثقافة، لا يتسع المقام لذكرها، والله الهادي إلى سواء السبيل ولكن الفتى العربي (فيهم) غريب الوجه واليد واللسان.

«العـودة»: ما الهويّة التي تحملونها هذه الأيام؟

يصنف الذين خرجوا عام النكسة 1967 والذين كانوا خارج فلسطين المحتلة عام 1967، يُصنّفون نازحين، وأنا وُلدتُ في خان يونس عام 1938 ولم أهاجر إليها، وكانت النكسة وأنا في السعوديّة فلم يُسمح لي بالعودة إلى بيتي.

أما «الهويّة» فإن كنت تسأل عن ورقة التعريف أو جواز السفر فهو الهويّة الغزيّة في صورة جواز سفر أردني مؤقت خُتم عليه «من غزة».

وإن كنت تسأل عن حقيقة الانتماء، فهي فلسطين كلّ فلسطين، ثم خان يونس التي لا أرضى منها بديلاً، ولو أعطيت قصور بني عثمان في إسلام بول ما سكنت فيها نفسي حتى أعود إلى خان يونس، أسكن في عريش من سعف النخيل تهبّ عليّ فيه نسمات ساعات الأصيل فتسكن روحي مطمئنة، والله القادر على ذلك.

«العـودة»: ماذا يعني لك حق اللاجئين؟

يعني عودتهم إلى بيوتهم وأراضيهم التي هجّروا منها عام 1948 وعام 1967 وما بعدها، إلى فلسطين التي رُسمت حدودها في اتفاقية سايكس بيكو وانتدبت عليها بريطانيا بعد سنة 1917 وحرصت على وضع هذه الحدود. لأن الذين يتحدثون عن حق العودة يخطئون في التعبير عن هذا الحق.

فقد يقولون «إلى فلسطين» وفلسطين في العرف الدولي ليست موجودة اليوم، فهي فلسطين التي يتفق عليها المتفاوضون وتشكل 10% من فلسطين. وقد يقولون إلى «فلسطين التاريخيّة» وهو تعبير فيه تضليل، وربما رضي به اليهود لأن فلسطين التاريخيّة لم تكن فلسطين بعد الاحتلال البريطاني وليست فلسطين الواردة في وعد بلفور، لكن تقتصر فقط على جنوب فلسطين مع جنوب شرقي الأردن فهذه التي وردت في المصادر العربية ثم اسم «جند فلسطين» منذ الفتح العربي – زمن عمر – إلى نهاية العصر المملوكي، لكن فلسطين الانتداب هي فلسطين العصر التركي.

أما شمال فلسطين (الجليل) وشمال شرقي الأردن فكان يسمّى جند الأردن.

ويخطئ الناشطون في مجال العودة عندما يتخذون القرار 194 سلاح قوّة وهو في الحقيقة سلاح فاسد يقتل حق العودة.

لأن هذا القرار صدر عن هيئة الأمم بعد الاعتراف بدولة اليهود في أراضي 1948، وكان من جملة الالتزامات الإنسانيّة على اليهود.

«العودة حق» وهنا الحقّ يأمرني بالجهاد في سبيله «من مات دون ماله فهو شهيد»، فهو حقٌ لا يُستجدى من اللصوص السارقين، بل هو حقٌ يرجع بالمقاومة والشهادة.

«العـودة»: بوصفك مؤرخاً قارئاً في التاريخ هل تعتقد (حتميّة) زوال دولة الكيان الصهيوني؟

أنا لا أميل إلى استعمال تعبير «حتميّة زوال كذا» لأنه يوحي إليّ بمعانٍ لا مجال لبسطها، وأحب استعمال التعبير القرآني حيث قال الله تعالى: {سنّة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلاً}.

وأقرأ أيضاً ما بعد الآيات، ففيها شرح لهذه السنّة الربانيّة. إنها سنة الله، وهي عقيدة المسلم، وأنا أرى بل أعتقد أن ما نحن فيه اليوم 2010 من سنن الله لا يظلم ربّك أحداً، وأعتقد أن تدمير اليهود وزوال كيانهم من سنن الله المقبلة. عندما يوجد مسلمون مؤمنون يعملون بأسباب النصر.

«العـودة»: كلمة أخيرة لمجلّة العودة؟

لقد جرى هذا اللقاء في العشر الأواخر من رمضان 1431هـ فأقول تقبّل الله طاعتكم وأعاد الله علينا رمضان بما نحبّ لأمتنا، «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وعودةً حميدةً إن شاء الله إلى فلسطين والعود أحمد.

والكلمة التي أريد أن أختم بها هذا اللقاء – نصيحة – أبدأها بما يناسب اسم المجلة «العـودة»، وأظن أن المقصود به هنا «العودة إلى فلسطين»، والعودة إلى فلسطين تسبقها عودات، أولاها العودة إلى الله وثانيتها وهي المناسبة لمقام الكتابة والصحافة «العودة إلى الجذور» لربط الفروع بها ويكون للفروع ثمار.. فأريد بالجذور التراث العربي الخالد والأدب العربي العتيق الذي لا ينقطع تأثيره ولا تخلُق جِدّته مع مرور القرون. إن قرّاء مجلة العودة اليوم من الشباب والكهول والشيوخ جوعى إلى وجبة شهريّة تقوّم عقولهم وألسنتهم في هذا الزمن الذي هجم علينا تسونامي التغرير والتغريب، وهم ظامئون إلى شربة شهريّة من ينبوع السحر الحلال، وإن من البيان لسحراً.