مجلة العودة

أسرى فلسطين.. إلى متى ؟

أسرى فلسطين.. إلى متى ؟

د. لطفي زغلول
كاتب وأديب - نابلس
 
يتبادر إلى أسماعنا حكايات كثيرة تروي بعضاً من صمودهم في مواجهة السجان الإسرائيلي.من هذه الحكايات الإضراب عن الطعام .إنه السلاح الوحيد الذي يملكه هؤلاء الأسرى الذين تتعرض حياة بعضهم إلى الهلاك جراء إضرابهم هذا.
ثمة فرق كبير بين الأسير والسجين. فالسجي ن هو شخص آخر يطلق عليه "سجين الحق العام"أي كل من ارتكب مخالفة قانونية أو جنحة أو جريمة أياً كانت وأمره يعود إلى قوانين بلاده.وهناك السجناء السياسيون أو الموقوفون السياسيون جراء معارضة أو ممارسة سياسية أو اختلاف في الرأي.
في العالم الثالث يكثر هذا الشكل من السجناء على خلفية انعدام الديموقراطية وغياب منظومة حقوق الإنسان.

الأسير لا يحاكم ولا يحكم عليه بالسجن إلا إذا ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه ارتكب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، ساعتها تتولى أمره محاكم دولية خاصة بهذا النوع من المحاكمات وهي المخولة في ا لبت في أمره.والأسير لا يعامل معاملة السجناء العاديين ولا يحشر معهم في معتقلاتهم.

هذا الحديث ينطبق على الأسرى. إن الملاحظ أنه على مدار هذه الحروب كان جل الأسرى أيضا هم من الفلسطينيين لذات السبب الذي أشرنا إليه آنفاً. كما كانت هناك حالات محدودة ومعدودة لوقو ع أسرى إسرائيليين في أيدي الفلسطينيين.

إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ تأسيس الدولة الصهيونية في العام 1948 حتى أيامنا الحالية قد انتهجت سياسة ثابتة تجاه الأسرى الفلسطينيين تتمثل في عدم اعتبارهم أسرى حرب، ودأبت على معاملتهم على أنهم " قتلة، مخربون، إرهابيون، ملطخة أيديهم بالدماء أو خارجون على القانون، أو خطرون، أو أعضاء في تنظيمات معادية".

إن الحكومات الإسرائيلية دأبت على تصنيف الأسرى الفلسطينيين.
هناك فئة تقول عنها إن أيديها "ملطخة بالدم"، وأخرى تقول عنها إنها منتمية لهذا التنظيم أو ذاك، وثالثة تقول إنها لن "تتوب" فيما لو تم الإفراج عنها، وستعود إلى ارتكاب ما ارتكبته.
ورابعة لا "تبدي ندماً على ما اقترفته"، وهذه الفئات في مجموعها ومن منظور إسرائيلي لا يمكن أن تدخل في أية تسوية لإطلاق سراحها.
في ذا ت السياق، وعلى خلفية هذا المنظور الإسرائيلي في تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين، فإن ظروف اعتقالهم تظل إحدى القضايا الإنسانية اللافتة للنظر، والأكثر تأثيراً في الشارع الفلسطيني.
إن هذه الظروف لا تخضع لاتفاقيات جنيف بأي شكل من الأشكال.بناءً عليه فلم يعد وصف أحوال هؤلاء الأسرى ضرباً من التخيل أو التخمين.
هؤلاء ال أسرى يعيشون في معتقلات نائية محاطة بالأسلاك الشائكة، وإن إحدى أهم سماتها الإكتظاظ الشديد وانقطاعها عن العالم الخارجي.
أما الظروف الحياتية فهي سيئة للغاية وتنعدم فيها أبسط الشروط لإيواء البشر علاوة على عوامل العزلة، وانقطاع الإتصال بالأهل، كون الزيارات تخضع هي الأخرى لمعايير خاصة فرضتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وهذا يفسر الإضرابات المتلاحقة عن الطعام التي يقوم بها الأسرى بين الفينة والأخرى احتجاجاً على هذه الظروف اللاإنسانية التي يعيشونها.

إن موضوع الأسرى الفلسطينيين بالغ الأهمية، وهو جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية التي يطالب كل فلسطيني ويصر أن يوجد لها حل شامل وعادل، وهذا الحل لا يمكن أن يكتمل إلا بإغلاق ملف الأسرى الذي هو واحد من منظومة الثوابت الفلسطينية. إن الفلسطينيين صغيرهم قبل كبيرهم لا يتصورون سلاماً يحل في المنطقة دون آخر أسير يتحرر من المع تقلات الإسرائيلية.

كلمة أخيرة لا بد منها.
إنهم أسرى فلسطينيون، وليسوا سجناء عاديين.وليس لهم أية صفة أخرى سوى أنهم أسرى نضالات الشعب الفلسطيني.إنهم لم يقاوموا الاحتلال والاغتصاب لوطنهم إلا باسم فلسطين وباسم شعبها وهو حق مشروع كفلته الشرائع السماوية والوض عية.
ولا فرق بين أسير وأسير فكلهم أبناء فلسطين.