مجلة العودة

حتى نعود: أنا الشتات.. أنا الشتاتُ - الشاعر خميس لطفي

أنا الشتات.. أنا الشتاتُ

الشاعر: خميس لطفي

كان الوطن حاضرا في قلبه ومحابره، في وجدانه ويومياته، أنى يقلب وجهه في السماء، يقاوم بذاكرته زمن النسيان في الشتات، ويحاصر أطماع من ظنوا أن الفلسطيني سيعيد ترتيب ذكرياته في أماكن لجوئه، لكنَّه كان حاضرا بهويته وتاريخه وذاكرته.. هكذا وقف الشاعر الراحل خميس لطفي ليقولها شعرا:

كَثُرَتْ بشأنك يا غريبُ الشائعاتُ.

قالوا: نسيتَ شوارعَ القدسِ العتيقة واختلفْتَ هنا،

وألْهَـتْكَ الحياةُ.

ونسيتَ أيامَ الطفولةِ والصبا،

ثم انمحت من ذكرياتك ذكرياتُ.

ما عُدتَ نفسَكَ يا غريبُ ولم تعدْ

تغريك في الأقصى العبادةُ والصلاةُ.

لم يبق ممَّن كُنْتَه يوم اللجوء إلىَّ،

إلاَّ اسمٌ رباعيُّ،

وصوتُكَ، والملامحُ والسماتُ.

مات الفلسطينيُّ فيكَ ولم تعد

لك في النضال مساهماتُ.

قالوا: لك الأموال والأعمال تملكها هنا،

ولك البنونَ مواطنونَ كغيرهم، ولك البناتُ.

ماذا تريد إذن من الدنيا ؟

وهل بقيت لمثلك أمنياتُ ؟!

وإذا استطعتَ، فهل تعود لحضن أمكَ بعدما

كثرت لديك الأمهاتُ.! ؟

أيعودُ مَن فيَّ استقرَّ ؟

وكم يعودُ ترى الألوفُ أم المئاتُ.؟!

لم يعرفوك كما عرفتُك يا غريبُ وقولهم

هو تُرَّهاتُ.

فأنا الشتاتُ..أنا الشتاتُ.!

وأنا الذي آويتُ شعبك ذا الملايين الكثيرةِ،

حين شرَّده الغزاةُ.

وأنا الذي لولاي ما ابتسمت لك الدنيا،

ولا فتحت ذراعيها الجهاتُ.

لكنَّ قلبكَ.. لم يكن يوماً معي،

وكثيرُ حبك نابني منه الفتاتُ.!

يا أيها المَسكون حيث حللتَ بالحب القديمِ ويا،

وحيداً في الزحام بجسمهِ، والروحُ تنقصهُ،

وتملأ نفسَه المتناقضاتُ.

يا أيها الطير الذي،

مازال يحلم بالرجوع لعشه وكأنما،

فُطِرت على حب الرجوع لعشها،

رغم السنين، الكائناتُ.

ما زلتَ تشعر بالحنين لقريةٍ،

بُنيت على أنقاضها المستوطناتُ.

وبرغبةٍ في نظرةٍ للبحر،

قبلَ غروب شمسك يا غريبُ،

وقبل ما يأتي المماتُ.!

لكنَّ حقك في الرجوع مقدسٌ،

لن تستطيعَ النيلَ منه مفاوضاتُ.

ومدافعٌ ومجنزراتُ.!

لن يستطيعوا نزع حبكَّ من فؤادك يا غريبُ،

فتلك معجزةٌ، وما عادت هنالكَ،

غير صبرك واحتمالك، معجزاتُ

******