مجلة العودة

صفحة من كتاب: فلسطينيو أوروبا والبعد الجغرافي

فلسطينيو أوروبا والبعد الجغرافي
 أجسادهم في أوروبا.. وقلوبهم في فلسطين والقدس

كتاب «مؤتمر فلسطينيي أوروبا» - الوقائع والوثائق - 2008 - ص 26.

ها هو الطرف الصهيوني يؤكد يوما بعد يوم على لسان قادة الإرهاب من الأحزاب الصهيونية المختلفة، لا فرق في ذلك بين يمين ويسار، ويصرحون بأن لا عودة للاجئين في أي تسوية مع فلسطين.
 

وعلى صعيد آخر: ها هم المستسلمون أو المفرطون أو الواهمون، يروجون لما يطرحه العدو، بتصريحات هنا ومشاريع ومبادرات هناك أو أشباه أبحاث مظلمة هنا وهناك تنبعث منها رائحة نتنه. بعضهم يجهل وبعضهم بحجة طرح الحلول العملية والواقعية وهم قليل قليل، لكن كثيرٌ منهم لا يملك المراقب إلا الشك في نواياهم،وإنهم يخدمون مشروع المحتل ويوفرون له الغطاء الأخلاقي والسياسي على حساب حقوق أهلهم ووطنهم.


إن الرسالة التي نوجهها اليوم لهؤلاء أن الشعب الفلسطيني سيبقى صاحب الكلمة الفصل،وإن المشاريع والحلول المطروحة لن يكتب لها النجاح ما لم تأخذ بالاعتبار إعادة الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حق العودة لكل اللاجئين والنازحين والمبعدين إلى بيوتهم وقراهم ومدنهم التي هجروا منها قسرا. وإن الشعب الفلسطيني الذي ضحى طيلة خمس وخمسين سنة (بعد النكبة) من أجل استعادة حقوقه الكاملة على الاستعداد للاستمرار في التضحية والمقاومة إلى أن يتحقق حلم العودة والتحرير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وما ذلك على الله بعزيز.

أن البعد الجغرافي للفلسطينيين المقيمين في أوروبا عن وطنهم وسهولة العيش النسبية: لم ولن تجعلهم يقبلون بحلول لا تعيد إليهم الحقوق الكاملة وعلى رأسها حق العودة.

قولوا لهم بوضوح إن اللاجئين الذين يتمتعون بكل أسباب العيش بأمن وكرامة ورخاء حرصاء كل الحرص على حق عودتهم، ويرفضون مشاريع التوطين. فالفلسطيني الحر أينما كان يعلم أبناءه أن حب أرض فلسطين من بحرها إلى نهرها هو جزء من العقيدة، وهو كالماء والهواء من غير هما لا طعم للحياة.

ونحن في مركز العودة الفلسطيني عندما نقول ذلك لا نقوله من منطق عاطفي، بل إن الأعداد الكبيرة من موقعي وثيقة التمسك بحق العودة التي قام مركز العودة بتوزيعها على الفلسطينيين في أوروبا تبيّن أن الأجيال الجديدة - ومواليد أوروبا على الخصوص - أبدت الحرص نفسه أو أكثر على حق العودة إلى قراهم ومدنهم في فلسطين التاريخية. نعم، قولوا لهم إن أجسادنا تعيش في لندن وبرلين وكوبنهاغن وبرشلونة وفي روما وأثينا ولكن القلوب معلقة في القدس وبيت لحم ونابلس ويافا وحيفا وجبال الكرمل وسهول جنين القسام.

رغم المؤامرات وحلكة الظلام، إلا أن الأمل الأكبر وملامح الغد مشرقة بإذن الله، وليس أدل على ذلك الرعب الذي يدب في قلوب المحتلين من انتفاضة الأقصى وعمليات المقاومة. فهم مدركون أن المعركة محسومة لنا نحن أصحاب الحق وأصحاب الأرض، وهم يعلمون أن المسألة مسألة وقت، وأن الوقت بدأ يضيق عليهم، ومن أجل ذلك تراهم يبحثون عن حلول علها تزيد من عمر دولتهم بضع سنين.

من هنا، لا بد أن يدرك بعض أهلنا من قصيري النفس أن الضعف الحالي للأمة لا يبرر التنازل بحجة الواقعية فيظلمون بذلك أنفسهم ويظلمون الأجيال القادمة ويظلمون القضية وعندئذ لن يرحمهم الشعب ولن يرحمهم التاريخ.

ولكي نرى ذلك اليوم، علينا واجب العمل وبذل الجهد وعدم اليأس. علينا أن نصون وحدة الموقف الفلسطيني الشعبي إزاء هذه القضية المركزية، وعلينا دعم الجهود والإبداعات الفكرية والمؤسسية التي تهدف إلى صيانة حقوقنا وعدم التفريط بدماء الشهداء ومعاناة أبناء شعبنا. وأن نبني بإصرارنا وجهودنا المشتركة وبالعمل الدؤوب والمتواصل من المخلصين، حواجز كبيرة وخطوط حمراء لا يستطيع أحد القفز عليها.

ومن هذا المنطلق نأمل في مركز العودة الفلسطيني أن يكون مؤتمركم (مؤتمر العودة الفلسطيني أوروبا الأول) هذا نواة لإنشاء حركة شعبية عالمية للدفاع عن حق العودة. وإذا كان من الصعب إخراج هذه الفكرة إلى حيّز التنفيذ في مثل هذا الوقت القصير، فلا أقل من زرع البذرة والتعاهد على رعايتها وتطويرها في مؤتمرات وملتقيات قادمة، لعلها تكون أداة فعالة في الحفاظ على حقنا جميعا في العودة إلى البيت والقرية، وإلى تراب الوطن المقدس.

ليكن اجتماعنا اليوم صرخة في وجه أولئك الذين يسعون إلى تهميش حلم الملايين من اللاجئين.

وليكن اجتماعنا اليوم رداً واضحاً وبصوت مرتفع على شارون وعصابته، وعلى الذين يدورون في فلك مشروعه: إننا لا نفرط بحق العودة، وأننا سنستمر في العمل والنضال حتى يعود كل لاجئ فلسطيني إلى بيته ووطنه.

وليكن اجتماعنا اليوم تأكيداً لوحدة الموقف الفلسطيني من هذه القضية الحساسة، والرافض للتفريط بحق العودة.