مجلة العودة
مذبحة دير ياسين.. في كتاب
  معارك القدس الجديدة ومداخلها عام النكبة
 
 
صفحة من كتاب, معارك القدس الجديدة ومداخلها عام النكبة، ص-105-108، المؤلف: نهيل عادل عويضة

مذبحة دير ياسين

قام الصهاينة بهجوم ثان تلك الليلة على موقع يبعد 3 كيلومترات عن القسطل، هو موقع قرية دير ياسين الإستراتجية. ويحدثنا شاهد عيان المناضل بهجت أبو غربية الذي كان مرابطاً مع رجاله في القسطل قائلاً: ودير ياسين تقع على مرتفع مجاور «يفصلنا عنه واد واسع عميق أعرفه جيداً» «وفجأة يتفجر لجحيم» حتى الصباح في الوقت نفسه.

وتقع قرية دير ياسين على بعد كيلومتر واحد غربي القدس وبلغ عدد سكانها 610 فلسطينيين حسب تعداد 1945، وفي عام 1948 أصبحوا نحو 800 لم يبيعوا أراضيهم رغم الضغوط لأنهم محاطون بأحياء مكتظة بالمهاجرين الصهاينة. وقد بلغ عدد سكان المستعمرات المحيطة بهم 150 ألف صهيوني. فمن الشرق كانت منتفيوري الجديدة وبيت فيغان، ومن الشمال الشرقي غفعات شاؤول، ومن الجنوب مستعمرة يافتنوف ومن الجنوب الشرقي بيت هاكريم ومن الغرب بأراضي موتزا و أرزا. وكان سكان غفعات شاؤول يتربصون بأهل دير ياسين «فعندما نشب القتال في القدس خاطب القائد اليهودي المسؤول عن جفعات شاؤول وجهاء القرية قائلاً ما لنا ولغيرنا، اعملوا معروفاً وتعالوا نتفق فلا تعتدوا علينا ولا نعتدي عليكم فوافق الوجهاء ولم يعتدوا على أحد وجرت المخابرة بين الطرفين عن طريق الهاتف».

وفي الليلة التي انسحب فيها معظم المجاهدين من القسطل لتشييع القائد الشهيد عبد القادر شرعت عصابات الصهاينة لاحتلال دير ياسين، وكان 85 شاباً مناضلاً من سكان دير ياسين يشكلون الحامية وكانوا مسلحين ذاتياً لكن الذخيرة كانت محدودة لاحتلال شامل أو بالأحرى لمذبحة شنيعة كهذه. واجهت حامية القرية المهاجمين الذين قادهم الإرهابي مناحيم بيغن من عصابة الأرغون بالاشتراك مع إسحاق شامير من عصابة شترون بمعرفة قوات الهاغانا. هاجم 3000 مقاتل من العصابات الصهيونية القرية واستمرت المعركة 13 ساعة من ليلة الجمعة حتى ظهر يوم السبت 10 نيسان. صمد المناضلون حتى استنفدت ذخيرتهم فذهبوا يستنجدون بالمناضلين المنسحبين من القسطل في عين كارم. لكن لم يقم بنجدتهم أحد بسبب المعنويات المتدنية بعد استشهاد القائد عبد القادر . ولم تتدخل القوات البريطانية لوقف المجزرة، و«رفضت طلب الدكتور حسين الخالدي- سكرتير الهيئة العربية العليا – إرسال قوة من جند إلى القرية بل رفضوا حراسة بعض العرب الذين أرادوا أن يذهبوا إلى القرية لجمع الجثث ودفنها بينما كانت ترسل القوات الكثيرة من الجيش والبوليس إلى المستعمرات النائية والتي كان يحدق بها العرب باليهود وقوافلهم لنجدتهم و بناءً على إذاعة السكرتير المومأ إليه في الصحف دون أن تجرؤ السلطات على التكذيب».

ودخلت العصابات الأزقة ونسفت البيوت وقتلت النساء والأطفال والرجال بدم بارد وقد قتل في هذه المجزرة 110 من القرية بينهم 41 امرأة منهم 25 امرأة حامل وكان الهدف من هذه المجزرة ترويع الفلسطينيين وإجلاؤهم عن قراهم حسب خطة نحشون، وقد نجحوا في ذلك.

جمعت العصابات الصهيونية الناجين الذين كان معظمهم من النساء والأطفال ليطلقوا عليهم النار، لكنهم توقفوا في اللحظة الأخيرة ونقلوهم إلى الشاحنات وداروا بهم في أحياء القدس الجديدة ذات الأكثرية الصهيونية فمشوا حفاة مكشوفي الرؤوس وتلقوا الإهانات بشكل شنيع ثم أوصلوهم إلى حي ميوشيريم ليكملوا الطريق مشياً إلى الأحياء العربية «في التاسعة من مساء اليوم الثالث للمجزرة، كان قسم من رجال القائد بهجت أبو غربية يرابطون هناك فرأوهم»، وكانوا بحالة انهيار كامل وهكذا اكتملت أهداف الصهاينة لترويع العرب وللأسف لم ينتبه العرب للعامل الإعلامي الذي كان يمكن تفويت الفرصة على واضعي خطة نحشون. أتباع زئيف جابونتسكي الذي دعا إلى إحلال الصهاينة محل العرب في كل فلسطين. كان يجب التنبه للمؤامرة والتخفيف من اللهجة الإعلامية المرافقة للثلاثة أحداث. فقد تزامن استشهاد القائد عبد القادر الحسيني مع مجزرة دير ياسين وسقوط القسطل وتهجير أهالي قرية طالونا. كل هذا أدى إلى سقوط الروح المعنوية ليس فقط لأهالي القدس وقراها بل لكل فلسطين.

وقيل إن الصهاينة خسروا 350 قتيلاً وأعتدة في معارك القسطل، لكنهم استطاعوا إخلاء بعض القرى في تلك المنطقة.