مجلة العودة

فعاليات : اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة: بين اتفاق أوسلو والاعتراف بالدولة الفلسطينية

اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة: بين اتفاق أوسلو والاعتراف بالدولة الفلسطينية
 
فايز أبو عيد/ بيروت
 

اختُتمت في العاصمة اللبنانية بيروت يوم الاثنين 2011/9/12، ورشة العمل التي نظمها كل من مركز العودة الفلسطيني - لندن، ومنظمة "ثابت" لحق العودة - لبنان، وتجمع العودة الفلسطيني "واجب"، تحت عنوان: اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة: بين اتفاق أوسلو والاعتراف بالدولة الفلسطينية، مراجعة سياسية وقانونية"، وذلك بحضور شخصيات لبنانية وفلسطينية وعدد من الخبراء والمتخصصين على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

  افتُتحت الورشة بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني، ثم ألقى  المدير العام لمركز العودة الفلسطيني في لندن، الأستاذ ماجد الزير، كلمة أشار فيها إلى النتائج السلبية لاتفاق أوسلو على القضية الفلسطينية، محملاً السلطة الفلسطينية عواقب نتائج تفردها باتخاذ القرارات نيابة عن الشعب الفلسطيني. ورأى الزير أن ذهاب السلطة الفلسطينية إلى مجلس الأمن لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967، يثير العديد من التساؤلات والمخاوف بشأن حق العودة، ومستقبل منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.

ثم تطرق للحديث عن الجدل والانقسام في الشارع الفلسطيني الدائر حول أهمية هذه الخطوة وما ستعود عليه من مكاسب للشعب الفلسطيني، مشدداً على أهمية الحوار الشعبي للخروج برؤية واضحة، يكون أساسها استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة.

  الجلسة الأولى:

  ناقشت ورشة العمل التي قُسِّمت إلى جلستين، إحداهما قانونية والأخرى سياسية، العديد من المحاور، حيث تطرقت الجلسة الأولى التي ترأسها الأستاذ "طارق حمود" المدير العام لتجمع العودة الفلسطيني "واجب" إلى ثلاثة محاور، ألقى المحور الأول فيها د. محمد المجذوب، وجاء تحت عنوان "الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة: رؤية نقدية بالعموم"، تحدث فيها عن الإجراءات القانونية لقبول فلسطين في هيئة الأمم المتحدة، وعرض نماذج عديدة لدول سبق أن ذهبت للأمم المتحدة لطلب الاعتراف بها كعضو فيها، وأضاف د. المجذوب أن المسؤولين الفلسطينيين يعلمون أن إقامة دولة على جزء من أرض فلسطين يعني الاعتراف بالكيان الصهيوني دولةً يهودية، وهذا التنازل سيقود إلى تنازلات أخرى  منها، وإلغاء حق العودة وشطبه. ووضّح المحاضر من الناحية القانونية أهمية وعدم أهمية التوجه إلى الأمم المتحدة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وختم الدكتور محمد المجذوب محاضرته بالتأكيد أنه لا يحق لأي جهة أو مؤسسة أو أي نظام أن يتحدث باسم  الشعب الفلسطيني ويتخذ القرارات المصيرية بدلاً منه.

بدوره، رأى الدكتور أنيس قاسم، في المحور الثاني، "اتفاق أوسلو من وجهة النظر القانونية بالعموم وأثره على قضية اللاجئين وحق العودة"، أن ما يقوم به محمود عباس بالذهاب إلى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية كمن يقوم بصلاة الاستسقاء ليهطل المطر. ومن ثم لخص مراحل دخول منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، وتحدث عن المكاسب التي استطاعت منظمة التحرير تحقيقها من خلال اعتراف الأوروبيين وجامعة العربية ودول عدم الانحياز بها. وأوضح أن منظمة التحرير الفلسطينية استطاعت أن تنتزع عام 1974 اعتراف الأمم المتحدة وأن تكون فيها عضواً بصفة مراقب، فضلاً عن المشاركة لاحقاً في المؤتمرات التابعة للأمم المتحدة، واعتراف أكثر من 108 دولة في تلك المرحلة بالدولة الفلسطينية. وشدد على أنه كان من الأجدر والأجدى لتلك السلطة الحفاظ على هذه الاعترافات لا نسفها من خلال التوجه مجدداً إلى الأمم المتحدة.

 أما الدكتور شفيق المصري، فبين في المحور الثالث "الوضع القانوني للاعتراف بالدولة الفلسطينية وأثره على قضية اللاجئين وحق العودة"، النواحي القانونية لمسعى السلطة الفلسطينية في الذهاب للأمم المتحدة، ورأى أن هذه السلطة ارتكبت خطأً جسيماً بالتوجه إلى هيئة الأمم المتحدة؛ لأن مجلس الأمن سيرفض طلبها؛ لأنها ببساطة سلطة غير مستوفية الشروط المطلوبة لقيام دولتها. وشدد د. المصري على عدم الربط بين محاولة الحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وربط هذه المحاولة بالإبقاء على المفاوضات مع الكيان الصهيوني؛ لأن هذا الكيان غير معنيّ بقيام دولة فلسطينية، ولا بحل نهائي مع الفلسطينيين، وخير دليل على ذلك اتفاقية أوسلو التي تثبت هذه المقولة، وشدد د. المصري على عدم التفريط بالقرار 194 حول عودة اللاجئين الفلسطينيين وعلى التمسك برعاية الأونروا لأنهما الضمانة والحماية التي يمكن أن تضمن حقوق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

الجلسة الثانية:

أما الجلسة الثانية التي ترأسها مدير منظمة ثابت لحق العودة، الأستاذ علي هويدي، فناقشت البُعد السياسي من خلال ثلاثة محاور أيضاً: "خلاصة 18 سنة على توقيع اتفاق أوسلو وأثره على اللاجئين وحق العودة"، عنوان المحور الأول تحدث فيه: الأستاذ جواد الحمد عن حق العودة وأهميته بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني وتمسكهم بأرضهم وعدم الاعتراف بالوجود اليهودي على أرض فلسطين، ولفت حمد إلى أن حق اللاجئين لم يذكر في أي اتفاقية كتبت إلى اليوم، وأن هذا الحق لم يكن في تفكير المفاوض الفلسطيني. وسرد عدداً من البنود التي وردت في اتفاقية أوسلو وكامب ديفيد وواي ريفير ووادي عربة، المتعلقة باللاجئين وعودتهم إلى ديارهم، فكانت الخلاصة هي العمل على أساس التعويض والتوطين لا العودة.

 ومن جهته، تناول مدير مركز الزيتونة للدراسات الدكتور محسن صالح المحور الثاني "اتفاق أوسلو، رؤية سياسية نقدية"، تطرق فيه للعديد من الملاحظات على اتفاقية أوسلو، منها أن هذه الاتفاقية أخرجت فيها  "إسرائيل" أراضي عام 48 وغرب القدس من دائرة التفاوض وحصر الصراع  على أراضي قطاع غزة والضفة الغربية. وتابع د. صالح قائلاً إن من مساوئ أوسلو أيضاً اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني، بينما لم يعترف هذا الكيان بالوجود الفلسطيني على أراضي 48. وكذلك تعهدت منظمة التحرير الفلسطينية التوقف مطلقاً عن أي شكل من أشكال المقاومة والكفاح المسلح وألزمها الاتفاق اتباع السلوك السلمي، وأشار مدير مركز الزيتونة أيضاً إلى أن اتفاقية أوسلو لم تتطرق لحق تقرير المصير بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، وشدد على أن القضايا الجوهرية باتت مرتبطة بالموقف "الإسرائيلي" كالحدود، السيادة،المياه، المستوطنات وحق العودة، وأنه بعد مرور 18 سنة على اتفاقية أوسلو لم تُناقَش هذه القضايا، بل ترحَّل دائماً إلى مفاوضات الحل النهائي. وختم د. محسن صالح محاضرته بالتشديد على أن السلطة الفلسطينية عندما أقرت هذه الاتفاقية لم تقف على رأي الشعب الفلسطيني.

 تساءل الأستاذ جابر سليمان في بداية المحور الثالث، "الاعتراف بالدولة الفلسطينية وأثره على مستقبل اللاجئين وحق العودة": لماذا تعارض "إسرائيل" والولايات المتحدة ذهاب السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة؟ وهل يكفي أن يعارضا لكي نتحمس ونندفع للذهاب إليها؟ وتابع سليمان قائلاً: "إن اتفاقية أوسلو ليس لها مرجعية، ومرجعيتها هي الأطراف التي وقّعت تلك الاتفاقية، أما طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية فستكون مرجعيته الأمم المتحدة وإسرائيل تعارض أية مرجعية دولية للفلسطينيين". وميز بين مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومسألة العضوية في  الأمم المتحدة. في ختام المحور، شدد الأستاذ جابر سليمان على أن الجهد الذي تبذله السلطة الفلسطينية الآن للحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية كان الأجدى لها أن تدخره لقضايا أكثر حساسية وجوهرية، مثل قضية الاستيطان والقدس وعودة اللاجئين.

الجلسة الثالثة:

 أما الجلسة الثالثة والأخيرة، فقد كانت مفتوحة، وقد خصصها المنظمون للمزيد من المداخلات واستمزاج الآراء والخلوص بخلاصات. ترأس الجلسة الأستاذ ماجد الزير، وقد طُرحت في خلالها أفكار كثيرة، ولا سيما أهمية تعميم مخرجات الورشة على القاعدة الشعبية للاجئين الفلسطينيين والخروج بحلول عملية.