مجلة العودة

الحراك الشعبي المُطالب بالإصلاح من جديد في المخيمات الفلسطينية

الحراك الشعبي المُطالب بالإصلاح من جديد في المخيمات الفلسطينية

أحمد سعد الدين / عمان

 

بعد مرور الانتخابات النيابية في الأردن، وهدوء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح، عاد نشاط المخيمات الفلسطينية في المخيمات للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي وتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين باعتبارهم شريحة مهمة في المجتمع الأردني.

لأكثر من عامين على انطلاق شرارة الربيع الأردني، والعمل على توحيد الحراك الشعبي في المحافظات الأردنية، عملت المخيمات على المشاركة في الحراك الشعبي في مختلف المحافظات، بهدف توحيد العمل تجاه الإصلاح السياسي المنشود في الساحة الأردنية، الذي ـ كما يرى الأردنيون ـ لم يحقق ثماره بعد.

وانطلقت أيضاً عدة مسيرات خلال العام الماضي من عدة مخيمات، أبرزها مخيم الحسين والبقعة والوحدات، وتعددت فيها المطالب بضرورة انعكاس الإصلاح على أوضاع المواطنين ولا سيما اللاجئون الفلسطينيون الذين يرزحون تحت أزمة اقتصادية وسياسية.

رفضت المخيمات الفلسطينية المشاركة في الانتخابات النيابية التي جرت أوائل العام الجاري، إلا أن الانقسامات التي ظهرت على السطح بين أوساط اللاجئين بين اختيار البرلمان أو اللجوء إلى الشارع في المطالبة بالإصلاح دفعت إلى مشاركة طفيفة من اللاجئين، وتحديداً في العاصمة عمّان والزرقاء، وبقيت مشاركة المخيمات الأخرى غائبة عن صناديق الاقتراع.

وتتركز مطالب المخيمات على الإصلاح، وتحسين أوضاعها الاقتصادية والسياسية، والنظر إلى حقوق اللاجئين كغيرهم من المواطنين من حملة الأرقام الوطنية، والمساواة في التعيين في المؤسسات الحكومية والرسمية.

اللاجئون الفلسطينيون، كغيرهم من أبناء الشعب الأردني، مسّهم العديد من القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، ومنها قرارات حكومة الدكتور عبد الله النسور الذي أعلن تكليفه برئاسة الحكومة الشهر الماضي، وهو صاحب قرار رفع الدعم عن المحروقات، وقد دفعت تلك القرارات إلى مشاركة أوسع من الأردنيين من أصول فلسطينية الذين يشكلون ما نسبته 43 في المئة، وعمل قرار رفع الأسعار على التأثير عليهم بنحو سلبي، يزيد من تفاقم أزمتهم الاقتصادية.

ولعل الجانب الاقتصادي أهم ما يشغل الشارع الأردني، باعتبار أن أزمة الأردن "اقتصادية"، والعديد من التأثيرات مسّت الأردنيين من أصل فلسطيني، وهم من يدفعون الضرائب ويشاركون في الاستثمار، وهم أيضاً من حقهم المشاركة في الحراك والمطالبة بالحقوق، كما يرى مراقبون.

في سياق متصل، جددت جهات رسمية ومنظمات تحذيرها ممّا سمّته اللعب بـ"ورقة المخيمات"، وذلك لما تعتبره المطالبة بالحقوق لغير أصحابها.

ولعل تحذيرات الجهات الرسمية بشأن عدم إدخال المخيمات في الحراك، كان سببها الخوف من موجة اللاجئين وتركيزهم داخل المخيمات، وسط تخوفات من نشاطهم الاقتصادي في الأردن، وعبّر كتاب صحافيون غير مرة عن تحذيرهم من دخول المخيمات على خط الاحتجاجات.

ولم تخرج مسيرات المخيمات عن نطاق المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وكان لافتاً للانتباه دخول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على خط الاحتجاجات الشعبية السلمية، حيث شهدت مخيمات البقعة شمال عمّان وعزمي المفتي في إربد والحسين وسط عمّان وفي مدينة الزرقاء مسيرات حاشدة.

وبدأ نشاط الأردنيين من أصل فلسطيني في الحراك الشعبي منذ أكثر من عام ينشط تدريجاً على وقع التصعيد المتبادل بين الحكومة والحراكات الشعبية.

وانطلقت في مخيم الحسين مسيرات حاشدة شارك فيها المئات تحت عنوان "الصمت يقتل يقظتنا 2".

المسيرة التي دعا إليها "أحرار العاصمة عمّان" جاءت انطلاقاً من سعي "أحرار العاصمة" "توسيع قاعدتهم الجماهيرية"، و"حرصاً على إيصال الرسالة النضالية"، و"رفضاً للظلم والاستبداد ونهب مقدرات الوطن"، فضلاً عن "التنديد بالأيدي التي تمادت وتطاولت على البلاد".

وتحدث في المسيرة عدد من النشطاء، أكدوا في كلماتهم "وحدة النسيج الوطني وإدانة تفكيكه من قبل المغرضين الفاسدين"، حيث ألقى كلمة "أحرار العاصمة" الناشط بشار الرواشدة، وقال: "تأتي المسيرة رفضاً لسياسة الدور الوظيفي التي ينتهجها النظام منذ نشأته".

وانطلقت مسيرة من مخيم البقعة أكبر المخيمات الفلسطينية في الأردن، عقب قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، ما أدى إلى انخراط مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الحراك الشعبي للمطالبة بتغيير النهج السياسي والاقتصادي الذي أدى إلى تفاقم الأزمة وزيادة الأعباء المعيشية التي يرزح المواطنون تحت وطأتها.

مخيم البقعة انضم إلى "هبة تشرين" التي شهدت في ذلك الوقت مواجهات واشتباكات بين محتجين وقوات الدرك، أُغلق خلالها الشارع بالإطارات المشتعلة، فيما ردت قوات الدرك بإطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة داخل المخيم.

وبعد ليلة عصيبة جابت شوارع المخيم مسيرة جماهيرية انطلقت بعد صلاة الجمعة من أمام مسجد القدس إلى "دوار الشؤون"، ندد خلالها المشاركون برفع الدعم عن المحروقات، مطالبين بالتراجع عن السياسات الاقتصادية التي انتجت ما تشهده البلاد من أزمة خانقة.

وحافظت مسيرات المخيمات على عنوان السلمية، ورفضت غير مرة التخريب أو العبث بمقدرات الأردن، على اعتبار أنّ الهمّ الأردني لديهم حاضر في الإصلاح ولا نية للعبث.

وفي العودة إلى مسار الحراك الشعبي بالمشاركة مع المخيمات الفلسطينية، يرى مراقبون مشاركة واسعة من الأردنيين من أصل فلسطيني، وعدم اقتصار الحراك على أبناء المخيمات أو ممن لا يحملون الأرقام الوطنية.

ويبرز نشاط اللاجئين الفلسطينيين في الأردن خلف حراكات ومسميات، منها جماعة الإخوان المسلمين، وعدد من المعارضة والحراكات كأحرار عمان، و24 آذار، وأحرار العاصمة ضمن أكثر من 50 حراكاً في الأردن.

وتنظر الحكومة الأردنية إلى الأردنيين من أصل فلسطيني على اعتبارهم محركاً رئيسياً في الاقتصاد الأردني وسط أزمة اقتصادية تمر في البلاد لأكثر من 5 سنوات من عجز في الموازنة وارتفاع الدين للدول والمنظمات الأجنبية.

في ذات السياق يتحدث مراقبون عن نشاطات عديدة بدأت تركز على الهم المحلي داخل المخيمات، وإن صانع القرار بات يتلمس تشكل حراكات شبابية داخل المخيمات الفلسطينية، تطالب بمواطنة متساوية وتندد بالتهميش السياسي الذي تتعرض له.

وبحسب ما يرى كاتبون أردنيون، فإن أبناء المخيمات ناقمون على ظروفهم المعيشية داخل المخيمات والتهميش، ومن حقهم إيصال أصواتهم إلى صانع القرار بهدف تحسين أوضاعهم الاقتصادية والعمل على توظيفهم في المؤسسات الحكومية.

في سياق متصل، عملت الحكومة الأردنية على إجراء عدة لقاءات مع شخصيات من المخيمات، بهدف دفعها إلى المشاركة في آرائها في مسيرة الإصلاح، ودفعها إلى المشاركة في الانتخابات النيابية التي جرت أوائل العام الماضي.

وفي ظل تصاعد وتيرة الاحتجاجات في الأردن، يجد الأردنيون من أصول فلسطينية أنفسهم بين فكي كماشة، فإما أن ينساقوا مع حركة الشارع التي تقود جزءاً منها أطراف كانت حتى وقت قريب تحسب على النظام "فقدت بعض مكاسبها"، وإما أن يلزموا الصمت الذي يعني التنازل عن الكثير من الحقوق المدنية والاجتماعية.

ومع تغير مفهوم المعارضة في الأردن، لجأت أطراف فلسطينية بداية الحراك الشعبي إلى التزام الحياد تجاه الأحداث الجارية على الساحة الأردنية واقتصرت مشاركتها في تلك الاحتجاجات على المطالب الاقتصادية والعمالية التي ترى أنها لا تحقق المواطنة العادلة للفلسطينيين، في جزء لا يتجزأ من الحراك الاجتماعي الغاضب.

ويهدف التنوع في المسيرات التي تنطلق من المخيمات إلى تنشيط أماكن وجود الأردنيين من أصول فلسطينية بهدف إيصال أصواتهم إلى صناع القرار، وعدم تجاوز مطالب المخيمات بالإصلاح السياسي والاقتصادي.

في سياق متصل، يتحدث النواب الذين يصفون أنفسهم بأنهم نواب المخيمات عن رفضهم للزج في المخيمات بأي صراع بدعوى الإصلاح، هدفه تحقيق مصالح حزبية ضيقة، إلا أن تلك الأصوات الضعيفة التي تحدثت بهدف دفع اللاجئين إلى المشاركة في الانتخابات، وتشجيعهم على طلب حقوقهم عبر البرلمان، بدأ أصحابها بالهروب من مناصريهم، وعدم الرد على هواتفهم، في ظل وعود أطلقوها قبيل وصولهم إلى البرلمان.

كذلك حقّق الأردنيون من أصول فلسطينية حضوراً في البرلمان الجديد، واستطاعوا رفع نسبة تمثيلهم من 19 إلى 30 مقعداً خلال الانتخابات البرلمانية.

وكانت المخيمات الفلسطينية الثلاثة عشر في الأردن قد أعلنت عزمها على المشاركة في الحراك الشعبي ومقاطعة الانتخابات النيابية بحكم التجارب السابقة في السنوات الماضية.

في سياق متصل، أعلن الحراك الشبابي الإصلاحي في مخيمات الأردن تأييده ومشاركته الفاعلة والواسعة في فعاليات المركزية التي تنظمها الحركة الإسلامية والحراكات الشعبية وكان آخرها جمعة "الشرعية الشعبية" التي نظمت احتجاجاً على الانتخابات النيابية التي وصفت نتائجها بـ"المزورة"

وأكد الحراك في المخيمات أنه جزء من الحراك الإصلاحي الأردني الذي يسعى إلى إعادة السلطة للشعب، داعياً أهالي المخيّمات إلى التعبير عن صوتهم باعتبارهم جزءاً من المجتمع الأردني، الذي مسّه الفساد وعمل على نهب ثروات الأردن.

وطالب حراك المخيمات بإعادة السلطة إلى الشعب، من خلال الإصلاحات الدستورية التي تتوافق عليها مكونات الشعب الأردني الساعي إلى الحرية والإصلاح السلمي الذي أصبح مطلباً شعبياً لا يمكن التنازل عنه.