مجلة العودة

فلسطينيو العراق: غياب تعريف اللاجئ الفلسطيني في الدول المضيفة - محمد المحمدي

غياب تعريف اللاجئ الفلسطيني في الدول المضيفة
فلسطينيو العراق نموذجاً

محمد المحمدي⁄ بغداد

رغم مرور وقت طويل على محنة الشعب الفلسطيني وتشتيت أبناء شعبه وتحويلهم إلى لاجئين، إلا أننا لا نجد تعريفاً ملائماً للاجئ الفلسطيني في المعاهدات والمواثيق الدولية، بحيث يغطي الحالة الإنسانية والسياسية والاجتماعية للاجئ الفلسطيني. ورغم وجود تعريف من جهة أممية هي الأونروا إلا أنه تعريف غير كامل يستثني أعداداً كبيرة من اللاجئين وخصوصاً من هم خارج مناطق عمليات الأونروا. لذلك فإنهم يتعرضون في الدول المضيفة وخصوصاً العربية، لعودة مشاكل، محورها الأساس عدم وجود صيغة قانونية واضحة تنظم أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في تلك الدول، أو توفر لهم الحماية القانونية اللازمة لاستقرار حياتهم لحين عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم. ولعل ما حصل للاجئين الفلسطينيين في ليبيا والكويت والأردن (سحب الجنسية) والخليج (موضوع العمالة الفلسطينية)، أو ما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون في العراق خير دليل على نتيجة غياب تعريف اللاجئ الفلسطيني.

أهمية التعريف

تنبع أهمية التعريف من كونه يصف حالة اللجوء بوضوح ويحدد الإطار القانوني الذي ستتعامل معه الدولة المضيفة، ما يؤدي إلى أنَّ اللاجئ الفلسطيني لن يكون عرضة لأهواء المسؤولين في الدول المضيفة أو تبعاً لعلاقاتهم مع القيادات الفلسطينية.

على سبيل المثال اللاجئ الفلسطيني في العراق يخضع للقوانين الآتية:

- منح وثيقة سفر عراقية استناداً إلى تعليمات عام 1961

- منح بطاقة تعريفية استناداً إلى قانون اللجوء السياسي الرقم 51 لعام 1971

- يمنع الفلسطيني من تسجيل سيارة باسمه يشتريها من ماله الخاص وفق قانون 23 لعام 1994

- لا يستطيع الفلسطيني الزواج ببنت عمه مثلاً إلا بعد الحصول على الموافقة الأمنية من مديرية الإقامة، وهذه تستغرق ستة أشهر على الأقل - وفق تعليمات مديرية الإقامة

- لا يسمح للفلسطيني بالسفر إلا بعد الحصول على موافقة بالمغادرة (خلال عشرة ايام) والعودة (خلال ثلاث اشهر) – وفق تعليمات مديرية الإقامة

- يعامل الفلسطيني معاملة العراقي وفق قانون 202 لعام 2001.

فهل بعد هذا التناقض في التأصيل القانوني لوضع اللاجئين قول، ونحن نتكلم على مجموعة من اللاجئين لا تتجاوز 35 ألف لاجئ قبل الاحتلال الأمريكي.

مآلات غياب التعريف

ظهرت نتيجة غياب القانون الذي يصوغ حياة اللاجئين الفلسطينيين في العراق في حقبة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في القتل والاضطهاد والتهجير الذي تعرضوا له ، حيث إن الحكومة العراقية (التي تألفت بعد الاحتلال) كانت تعامل الفلسطيني كوافد إلى العراق وتطالبه بمراجعة مديرية الإقامة كل شهر مرة، ثم تطور الأمر بسبب زخم المراجعين وسوء معاملة الموظفين، وعدم وضوح القانون حتى بالنسبة إلى الأدوات التنفيذية، إلى مراجعة كل ثلاثة أشهر فستة أشهر ثم إلى سنة، لينتهي بعدم المراجعة، باعتبار أن اللاجئين الفلسطينيين مقيمون دائمون في العراق، ولك أن تتخيل كم أخذ هذا التدرج في فهم وضع اللاجئين الفلسطينيين في العراق من جهد ومن إرهاق للاجئين، ومن مشاعر سخط لما كان يحصل لهم من اضطهاد أثناء مراجعة الدوائر الأمنية المختصة. وحتى عندما قررت الحكومة العراقية أن تصدر بطاقات تعريف للاجئين، لم تجد أي تشريع (قانون، قرار، تعليمات) لإصدار مثل هذه البطاقة سوى قانون اللجوء السياسي الرقم 51 لسنة 1971 الذي لا يمت بصلة للاجئين الفلسطينيين، ما يدل على حجم مشكلة غياب التعريف.

موقف الجامعة العربية

لا بد للدور الذي تضطلع به الجامعة العربية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينين أن يتغير، فالخطاب الذي تستخدمه منذ بداية النكبة يفترض أن يكون باتجاه تحصيل الحقوق للشعب الفلسطين لا التفريط بها، فالمتابع لسلوك الجامعة العربية يقف مندهشاً إزاء المواقف الهزيلة بالنسبة إلى القضية الفلسطينية وتبعاتها، والوقت الطويل الذي مر على اللاجئين الفلسطينيين في الشتات زاد من معاناة اللاجئين وعقَّد قضيتهم، ما يستدعي أن يتبدل سلوك الجامعة العربية باتجاه يُؤصل لوضع قانوني صحيح للاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة وأن تؤسس لميثاق ملزم لكل الأطراف العربية، وعلى رأسها حماية اللاجئين وصياغة قانون واضح للتعامل معهم دون تأثير من الولايات المتحدة الأمريكية أو ربيبتها «إسرائيل» أو الأوروبيين.

أما آن الأوان؟

لا شك في أننا أمام حراك واضح في المنطقة تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، قد لا يبدو هذا الحراك واضحاً في بعض المناطق كسورية مثلاً، لكونها تضم قيادات العمل الفلسطيني وخصوصاً المقاومة منها، وما يعنيه ذلك من زيادة في وعي اللاجئين الفلسطينيين تجاه قضيتهم.

أجزم بأن المهتمين بقضية اللاجئين الفلسطينيين وصلوا إلى مرحلة أصبحوا قادرين فيها على صياغة وثيقة تضم تعريف للاجئ الفلسطيني يراعي الوضع المتغير للاجئين، ويثبت حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فقد آن الأوان لطرح مثل هذه الوثيقة لتحصل على التوافق الوطني الفلسطيني أولاً ثم تنتقل إلى التوافق العربي، وصعوداً حتى اعتمادها وثيقة دولية. ♦