مجلة العودة

العام الدراسي الجديد على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان التحديـات والصعوبـات

العام الدراسي الجديد على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان التحديـات والصعوبـات
 
محمد أبو ليلى/بيروت
 
 بعد أكثر من 64 عاماً على النكبة، وبحسب الإحصائية الأخيرة لوكالة الأونروا في العام الجاري، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى465,798  لاجئاً، موزعين على 12 مخيماً رسمياً معترفاً بها من قبل الدولة اللبنانية و54 تجمعاً سكنياً ممتداً ومتصلاً بالمدن اللبنانية الرئيسية. وقد شكل هذا التوزع جملة من التحديات على وكالة الأونروا، ولا سيما أبرزها في المجال التعليمي.

واجهت وكالة "الأونروا"بشكل "واضح" العديد من الانتقادات في مستوى الأداء الذي تبديه على الصعيد التعليمي إزاء الطلاب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.والسؤال هنا يطرح نفسه: ما مدى استعداد الأونروا في تحسين أدائها التعليمي هذا العام، وخاصة أن أبواب المدارس قد فتحت في 13من شهر أيلول الجاري بوجه الطلاب الفلسطينيين الموجودين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية من جهة، وفي استقبال الطلاب الفلسطينيين النازحين من سورية إلى لبنان بسبب المعارك الدامية الحاصلة هناك من جهة أخرى؟

أولاً: واقع الأونروا وسياستها التعليميان "إحصائيات وأرقام 2000 – 2012"

بحسب الإحصائيات التي تنشرها الأونروا سنوياً، تشير إحصائية عام 2000م إلى أن عدد الطلاب بلغ 41,153 طالباً وطالبة، وأن عدد المدارس بين ابتدائي ومتوسط وثانوي بلغ 74 مدرسة. أما في عام  2005، فقد أشارت الإحصائية المعدّة من المصدر نفسه إلى أن عدد الطلاب تضاءل ليصبح 39,290 وأن عدد المدارس قد بلغ 87 مدرسة.

وفي الإحصائية الرسمية الأخيرة للأونروا في كانون الثاني من العام الجاري، ورد أن عدد الطلاب أصبح 32,213، وأن عدد المدارس أصبح 68 مدرسة. وفي مقارنة بسيطة، من الممكن أن نستنتج مدى التراجع المخيف في مستوى أداء الأونروا، ولعل العنوان العريض في هذا التراجع يتعلق بالتسرب المدرسي لدى الطلاب والطالبات. ففي اثنتي عشرة سنة تضاءل عدد الطلاب إلى نحو 8900 طالب وطالبة، أي بنسبة 28% من مجمل عدد الطلاب، وهذا ما يدفع المراقب للشأن التعليمي في الأونروا إلى التساؤل عن سياسة الأونروا في المجال التعليمي وعن مصير هؤلاء الطلاب.

ثانياً: عن سياسة "الأونروا" في مدارسها

لدى "الأونروا"العديد من الأخطاء الفادحة على صعيد سياساتها في المجال التعليمي، منها الترفيع الآلي للطلاب "الذي عدّل حديثاً".وفي مضمون هذا القانون أنّ نسبة النجاح يجب أن تكون في مدارس الأونروا 75% وأن نسبة الرسوب يجب ألّا تتجاوز 25%، ما يعني رفع المئات من الطلاب إلى مستوى أعلى من دون تحقيق المعدل المطلوب للنجاح. أيضاً من القوانين المؤثرة في تضاؤل المستوى التعليمي، إصدار الأونروا قانوناً يمنع الأستاذ من تنفيذ أي عقوبة بحق أي طالب، للتماشي مع تمادي الطالب في عدم تنفيذ واجباته وتقصيره في دراساته.

ومن أخطر الأسباب التي أدت إلى تدهور الواقع التعليمي في مدارس الأونروا، إضافة إلى السياسة الخاطئة، انخفاض التمويل المالي، فخفّ تقديم المناهج والكتب الجيدة؛ "فكثير من الطلاب يتسلمون الكتب الممزقة والناقصة"، وتقليص عدد المدرسين، وباتت أبنية المدارس وأثاثها في حالة مزرية.

ثالثاً: التحديات بعد نزوح الإخوة اللاجئين الفلسطينيين من سورية

بعد أكثر من عام وثمانية أشهر على الأزمة السورية، والتزام الفصائل الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين في سورية النأي بالنفس من الأحداث الحاصلة في سورية، شاء الله تعإلى إلا أن يكون اللاجئ الفلسطيني هناك أيضاً جزءاً من حمّام الدم الذي يُراق.وقد أشار بعد المتابعين للشأن الفلسطيني في سورية إلى سقوط ما لا يقلّ عن خمسمئة شهيد فلسطيني. وفي ظل هذه الظروف العصيبة التي تمرّ على اللاجئين الفلسطينيين، قدّر الله ألّا تكتفي المسميات للفلسطيني بأن يكون فقط لاجئاً، بل أيضاً نازحاً ولاجئاً.

وفي خضمّ الأوضاع التي تشهدها سورية، فإن التحديات التي قد تواجه "الأونروا"في هذا العام الدراسي تعود إلى نزوح الآلاف من النازحين الفلسطينيين إلى لبنان، إثر الاضطرابات الأمنية والعسكرية الحاصلة في سورية، ولا سيما بعد استهداف مخيم اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بشكل خاص، واللاجئين الفلسطينيين بكافة سورية بشكل عام، وبالتالي استيعاب العدد الهائل من الطلاب في المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان "الأونروا"، وهذا ما أكدته الأخيرة للأهالي النازحين "بأنها ملتزمة تماماً توفير أفضل مساعدة ممكنة لكل الأطفال الفلسطينيين النازحين من سورية بما يتماشى مع احتياجاتهم التعليمية".

إلا أن ذلك لا يمنع من طرح بعض علامات الاستفهام حول مدى قدرة "الأونروا" في استيعاب المئات من الطلاب النازحين في مدارس الأونروا.وفي جوهر هذه القضية رزمة من العقبات، منها المناهج التعليمية المختلفة إلى حد كبير بين الدولتين المضيفتين سورية ولبنان، ما سيدفع  الأونروا إلى دراسة عدة احتمالات لاستيعاب هؤلاء الطلاب في مدارسها، حيث أشارت الوكالة إلى أنّ من المقترح إجراء الاختبارات لتقويم المستوى التعليمي لكل طالب نازح.

رابعاً: الخلاصة

لا شك في أن واقع الطالب الفلسطيني في لبنان صعب جداً، وقد قال الإمام الشافعي:

"بقدر الكدّ تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي"، يبدو أن ذلك لا ينطبق إلا على الطالب الذي يعيش في موطنه آمناً مطمئناً يرى مستقبله بين عينيه. أما الطالب الفلسطيني في لبنان، فله قصة وحكاية أخرى.