مجلة العودة

رأفت مرة :أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تزداد سوءاً و...

حماس في تقريرها السنوي الثاني عن أوضاع اللاجئين:
أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تزداد سوءاً والقوانين اللبنانية ظالمة
 
رأفت مرة - بيروت

كشفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن استمرار حالة المعاناة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، وأظهرت الحركة بالوقائع والأدلة أبرز أشكال هذه المعاناة المأساوية، من خلال تسليطها الضوء على كيفية تعامل السلطة اللبنانية مع اللاجئين الفلسطينيين في مجالات الحقوق الإنسانية والاجتماعية والخدماتية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقدته حركة حماس في بيروت يوم الخميس 12 /1 /2012، عرضت في خلاله تقريرها الثاني عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وظروفهم الإنسانية.
وركز التقرير على ناحية واحدة فقط، هي النقاط التي لها علاقة بدور الحكومة اللبنانية، وذلك من أجل إبراز تقصير الحكومة في عدم منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم.

الدلالات

لهذا المؤتمر الصحافي مجموعة من الدلالات أهمها:
- أن هذا المؤتمر هو المؤتمر الصحافي الثاني الذي تعقده حركة حماس في لبنان، ويتعلق بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومعاناتهم. وكان التقرير الأول قد عُقد في شهر نيسان/ أبريل عام 2010، وكان من المفترض عرض هذا التقرير في عام 2011، لكن التطورات المحلية منعت ذلك، حسب ما قال ياسر عزام مسؤول ملف اللاجئين.
-أن عرض هذا التقرير يعكس اهتمام حركة حماس البالغ بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ونضالها من أجل تحسين أوضاعهم، وذلك يأتي من ضمن الضغوط الاستراتيجية لحماس وأولويات عملها في لبنان.
- أن هذا التقرير يظهر أن جهة فلسطينية كبيرة ومؤثرة مثل حركة حماس، التي لها وزنها المحلي والإقليمي، تتابع وتراقب أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتسعى لكي ينالوا حقوقهم.
- هذا التقرير ليس عملاً منفرداً أو مجتزأً، بل يأتي من ضمن مجموعة من المواقف والتحركات وخطة العمل التي تقوم بها حماس لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين. فقد استُبق هذا المؤتمر بلقاءين عقدتهما حركة حماس مع السفير عبد المجيد قصير رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ولقاء آخر مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، وخلال هذه الاجتماعات بُحثت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وحقوقهم ودور الحكومة اللبنانية في منحهم هذه الحقوق.

أهم عناوين المعاناة

تذكر حركة حماس في تقريرها أهم عناوين المعاناة كالآتي:

أولاً: حقوق اللاجئين

في ما يتعلق بحق العمل، قال التقرير إنه لم يحدث حتى الآن أي تقدّم، بل إن القرارات والتعديلات والقوانين التي جرت في شهر آب/ أغسطس من عام 2010 في المجلس النيابي كانت شكلية وخالية من أي مضمون، ولم تسهِم مطلقاً في نيل اللاجئين حقّهم في العمل.
أما حق التملك، فإن اللاجئ الفلسطيني لا يزال ممنوعاً من تملّك العقارات والشقق السكنية، والقيود تزداد، وإجراءات المنع تتسع، والتضييق يكون على كل تخفيف يجري التوصل إليه، وتصدر قرارات إدارية رسمية تمنع التخفيف عن اللاجئين. وأظهر التقرير أنّ اللاجئ الفلسطيني في لبنان لا يزال ممنوعاً من نقل ملكية منزله أو أرضه التي اشتراها سابقاً وفق القوانين اللبنانية، وممنوعاً من توريث أملاكه، وهذا ما يُعَدّ مخالفة واضحة للحقوق الإنسانية ولقانون الأحوال الشخصية المعمول به في لبنان.

ثانياً: أداء الحكومة اللبنانية الحالية

جاء في التقرير أنه منذ أن تولّت الحكومة اللبنانية الحالية مهماتها، لم تتخذ أية خطوة إيجابية لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتطويرها. والعبارات التي صيغت في البيان الوزاري في الشأن الفلسطيني لم تُحوّل إلى واقع ملموس.. وزيارتنا الأخيرة لدولة الرئيس نجيب ميقاتي في 2011/11/14، أظهرت لنا حسن نيات رئيس الحكومة في مقابل غياب الآلية الإدارية الرسمية في توصيل الصوت إلى الحكومة ورئيسها. ونحن نرى أن ما جاء في البيان الوزاري عن تحسين أوضاع اللاجئين هو خطوة جيدة، إلا أنها غير كافية.
والمفاجأة كانت في حدثٍ مثير للاستغراب كاد يُمرَّر في مجلس الوزراء الذي كان مقرراً أن ينعقد في 2011/8/2 من خلال وجود بند على جدول أعماله، وتبين أنه كان يهدف إلى اتخاذ إجراءات أمنية حول المخيمات تحت عنوان السماح بالإعمار، وكاد يمرَّر لولا تدارُك المعنيين للأمر.

ثالثاً: الإجراءات الأمنية حول المخيمات

قالت حماس إن السلطات اللبنانية لا تزال تتخذ إجراءات أمنية مشددة حول المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتقوم بأعمال تفتيش قاسية وغير مبررة عبر الحواجز المنتشرة، وتُخضع جميع الأهالي والسيارات للتفتيش، ما يلحق الأذى والضرر باللاجئين.
ورغم الكثير من المطالبات التي نادينا بها، لا نلمس استجابة جدية في هذا الأمر، ونلمس إصراراً على الاستمرار بها، والمعالجات تجري لكل حالة على حدة.
يندرج في هذا البند أيضاً منعُ دخول مواد البناء لإعمار البيوت الآيلة إلى السقوط أو ترميمها في مخيمات الجنوب اللبناني.

رابعاً: مخيم نهر البارد

ورأت حماس أنّ من غير المعقول، منطقياً وإنسانياً، استمرار الحالة العسكرية والأمنية التي تمنع تحسين الأوضاع ولا يعزز الثقة بين الطرفين، بل إنه يؤدي إلى تشنج العلاقة بينهما.
ومن غير المقبول أن يستمر «تفهُّم» الأعذار والتبريرات والأسباب في التأخر في إعمار مخيم نهر البارد. فالجهات الرسمية لم تبذل جهداً كافياً لجذب الدعم من المانحين، لمتابعة وتيرة الإعمار بالسرعة المناسبة. وقد سُلِّمت رزمة واحدة فقط، مع أن المخطط كان يفترض زمنياً البدء بالرزمة الثالثة.
وسجل التقرير أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بسبب التهجير والحصار الأمني والبطالة وقوانين العمل اللبنانية تمثّل عاملاً إضافياً وفاعلاً في مضاعفة أزمة أهلنا في مخيم نهر البارد المنكوب، حيث ما زال أهلنا في المخيم يعانون من فرض التصاريح الأمنية عليهم وعلى زوّارهم، ويسألون عن مصير الموقوفين من أبنائهم في السجون اللبنانية منذ أكثر من أربع سنوات، ويتخوفون من عملية إخلاء منطقة البركسات بالقوة من دون بدائل لائقة. كذلك إن قضية طريق المدارس الطويلة على الطلاب أخذت بالتفاقم والتدهور مع حلول الشتاء والعواصف والمطر الغزير، من دون أن يحرك أحدٌ ساكناً. كل ذلك، من دون أن ننسى قضية مصادرة منطقة (A برايم) ورفض تسليم العقارات لأصحابها الذين اشتروها بطريقة شرعية من أصحابها قبل منعهم من التملك.
ولا يبرئ التقرير وكالة «الأونروا» من التقصير الحاصل في قضية إعادة إعمار المخيم، ما ينعكس تأخيراً في تسليم المنازل لأصحابها.

خامساً: المطلوبون والموقوفون

كشف التقرير أن عدد المطلوبين الفلسطينيين للجهات الأمنية اللبنانية كبير، وبات يُلقَى ثِقلُ هذه القضية على المخيمات. وقد تبيّن لنا بالدراسة الميدانية أن الغالبية العظمى من هؤلاء المطلوبين، سُطّرت بحقهم مذكرات الجلب بسبب تقارير أمنية قد تكون في كثير من الأحيان تقارير كيدية. بالإضافة إلى أن كثيراً من الشكاوى لا تصل إلى صفة الجنحة، وبعضها سقط بمرور الزمن. وقد بات من الضروري والمُلِحّ إيجاد حلّ لكل هذه القضايا والتقارير وتنظيف ملفات المستحقين بنحو هادئ وإيجابي، ونقوم بجهود حثيثة مع قيادة الجيش اللبناني لمعالجة قضية المطلوبين، وقد بدأنا خطوات عملية في هذا الشأن.
ورأى التقرير أنّ من المعيب استمرار مأساة الموقوفين في السجون اللبنانية، ومعظمهم من مخيم نهر البارد، وعددهم 31 موقوفاً، وهم الذين سلّموا أنفسهم كي لا يبقوا في المخيم، فحُسبوا على تنظيم «فتح الإسلام»، حيث إن القضايا التي اتهموا بها تعود إلى ما قبل حرب نهر البارد، وقد سلّموا أنفسهم بناءً على ضمانات ووعود من الجهات المعنية. وكل ما نطالب به محاكمة عادلة وسريعة، والإفراج عن البريء منهم.

سادساً: لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني

وتناول التقرير نقد حركة حماس للجنة الحوار، فقالت إنه خلال السنة الأخيرة، بسبب التغيير الإداري المستجد، لم تنفّذ لجنة الحوار مشاريع أو أعمالاً مميزة، واقتصر أداؤها على متابعات روتينية ودراسات بحثية.
كذلك لا تملك هذه اللجنة سلطة إجرائية، بل إن دورها يقتصر على الاستشارات، وهو الأمر الذي يقلّص قدرتها على اتخاذ القرار، فضلاً عن بطء السير بقرارات متخذة سابقاً.
لذلك نطالب الحكومة اللبنانية بمنح اللجنة سلطات أوسع في اتخاذ القرار وتنفيذه، لتسهيل التعامل مع اللجنة وتسهيل تنفيذ القرارات المتفق عليها.

سابعاً: رفْضُ لبنان تطبيقَ توصيات مجلس حقوق الإنسان

تميز عام 2011، كما جاء في المؤتمر الصحافي لحماس، برفض لبنان عشرات المقترحات التي تقدمت بها جهات أوروبية ومنظمات إنسانية لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، ومن ذلك حق العمل بالكامل وحق التملك والتنقل.
وقد شهد مجلس حقوق الإنسان في جنيف في «الاستعراض الدوري الشامل»، لدى انعقاد جلسته النهائية في 14 آذار (مارس) 2011، رفضَ لبنان لاثنتي عشرة توصية من أصل ثماني عشرة توصية تتعلق بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
أهمّ المطالب الفلسطينية في لبنان:
وعرضت حماس في تقريرها السنوي الثاني أهم مطالب اللاجئين، وهي:
1- إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية، وعلى رأسها حق العمل والتملك بنحو واضح ونهائي وكامل.
2- العمل على تحسين العلاقة بين الحكومة اللبنانية واللاجئين وتحصينها.. وندعو الحكومة إلى الوقوف عند مسؤولياتها في حلّ قضايا اللاجئين والتعاون مع المجلس النيابي لإزالة الظلم عنا في لبنان.
3- إزالة الحالة الأمنية حول المخيمات، وبالأخص مخيم نهر البارد.
4- الإسراع في إعمار مخيم نهر البارد ووضعُ سقف زمني للانتهاء من الإعمار.
5- إيجاد حل جذري وعاجل لمشكلة المطلوبين والموقوفين.
6- تسريع الإجراءات الرسمية، وتسهيل عمل لجنة الحوار وتوسيعه، لتحاور كل الأطراف ومنحها صلاحيات أوسع في اتخاذ القرار.
7- منح فاقدي الأوراق الثبوتية مستندات تسمح لهم بالتنقل والإقامة والعمل وحق الرعاية الصحية والتعليم.
8- مكننة المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين لتصبح قادرة على حفظ ملفات اللاجئين بنحو أفضل، وإصدار بطاقات الهوية وإخراجات القيد وغيرها بشكل حديث.
وقائع صعبة
يظهر التقرير بوضوح حجم المعاناة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، إذ إن معظم هذه المعاناة ناتجة من سياسة الحكومة اللبنانية التي لا تمنح اللاجئين الفلسطينيين أبسط حقوقهم.
فالتقرير أظهر ما يأتي:
- على المستوى القانوني، لم يحصل أي تقدم طوال أكثر من عام لجهة استمرار الحكومة اللبنانية في منع اللاجئين من حق العمل وحق التملك.
- معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان مطوقة بإجراءات أمنية مشددة تمنع الحياة الطبيعية فيها.
- إن التعديلات القانونية التي أقرها المجلس النيابي اللبناني في شهر أيلول/ سبتمبر عام 2010 لم تكن مفيدة، ولم تقدم أي تحسن في أوضاع اللاجئين.
- هذا التقرير أظهر المعاناة بهذا الحجم، ولم يتناول دور الأونروا الضعيف، والواقع الأمني، ومستوى البطالة، وأخطاء الإدارات الفلسطينية المسؤولة عن أوضاع اللاجئين ♦