مجلة العودة

في الصميم: أفكار وخطوات أوروبية بشأن حق العودة - ماجد الزير

أفكار وخطوات أوروبية بشأن حق العودة

ماجد الزير

لدي حلم، كما حلم مارتن لوثر كينغ، بأن يبزغ فجر يوم نجد فيع اللاجئين الفلسطينيين قد زحفوا من كل أماكن وجودهم، من الدول المجاورة لفلسطين حيث المخيمات، ومن المنافي البعيدة، وبشكل سلمي، نحو فلسطين مطالبين بحقهم في العودة. ماذا عسى الإسرائيليون أن يفعلوا؟ لماذا ينتقل أي يهودي من أقاصي الدنيا، من أوروبا الشرقية وغيرها نحو بلد لا يعرفه ولم يرَه في حياته تحت عنوان قانون العودة اليهودي، ولا يحق في الوقت نفسه للفلسطيني أن يعود؟!

إن امتلاك الفلسطيني حقَّه في العودة لا يعني بالضرورة أن يمارس هذا الحق. فقد يختار أن يعيش في مكان آخر. المهم أن يمتلك هذا الحق!

هذه الكلمات هي فحوى ما قالته البارونة الطبيبة جيني تونغ عضو مجلس اللوردات البريطاني عن حزب الديموقراطيين الأحرار.

خلال لحظات لم تعد هذه الأفكار حكراً عليها، بل أيدها السير جيرالد كوفمان، عضو البرلمان البريطاني المخضرم عن حزب العمال. وأيدت الشخصيتان تالياً فكرةً أخرى عن العمل على إيجاد قيدٍ للاجئين الفلسطينيين حيث وُجدوا، ينتج منه أن يحصلوا على بطاقات، تجعلهم في حالة تهيئ لأية انتخابات تمثيلية. ويأتي معضِّداً لهما، السياسي البرلماني العمالي جيرمي كوربون، لجهة الدعم اللامحدود لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم ومدنهم التي هُجّروا منها.

ما سبق، جرى خلال ندوة في البرلمان البريطاني، عُقدت إحياءً ليوم اللاجئ العالمي في العشرين من شهر حزيران (يونيو)، تحدث فيها المشاركون عن اللاجئ الفلسطيني وقضيته في العموم، وشريحة فلسطينيي لبنان على وجه الخصوص. حيث عُرض نتائج زيارة الوفد البرلماني الأوروبي لمخيمات لبنان خلال شهر شباط (فبراير) الفائت، التي نظمها مركز العودة الفلسطيني (لندن) ومجلس العلاقات الفلسطيني الأوروبي (بروكسل). تألف الوفد من أربعة أعضاء من البرلمان الأوروبي وثلاثة من البرلمان البريطاني. البارز في التقرير أنه نقل شهادات حية للوفد عن هموم الشعب الفلسطيني في لبنان، وكذلك تسجيلهم لمدى تمسك اللاجئ اللافت للنظر لحتمية رجوعه إلى فلسطين.

لا تكمن أهمية الأفكار التي طرحها السياسيون في قربها الشديد من مطالب الشعب الفلسطيني، وخصوصاً مسألة اللاجئين والعودة فحسب، بل بدرجة ما تعكس من التطور الإيجابي الدراماتيكي في دعم القضية الفلسطينية من الساسة الغربيين، حيث من غير المألوف أن يوجد قبل عقدين من الزمن سياسي غربي مقتنع أصلاً بفكرة حق عودة اللاجئين، هذا إذا افترضنا أنه يعلم أبعادها وتفاصيلها. أما أن تُطرح بهذا الوعي الشامل والجرأة في التطرق لقانون العودة اليهودي وبصوت عالٍ ومن على منبر سياسي وبحضور صحافة مناوئة من المعسكر الصهيوني، فهذا يُعدّ حضوراً قوياً ومؤثراً للرواية الفلسطينية والمطلب الفلسطيني.

لا يقتصر الموضوع على مجرد طرح أفكار، فالسياسيون المؤيدون للقضية انتظموا في برامج عمل مستمرة، ونذروا أنفسهم لخدمة القضية الفلسطينية وشعبها. في مثال الوفد المذكور إلى لبنان، طرح أعضاؤه أسئلة في برلماناتهم على الوزراء المعنيين. في الحالة البريطانية عقدوا لقاءين منفصلين مع وزيري الخارجية والتنمية الدولية لعرض شهاداتهم بشأن قضية اللاجئين والحوار في تصورهم للحل. السيدة تونغ ذكرت في ما ذكرته أنها ترسل بمعدل ستّ رسائل أسبوعية للوزراء المعنيين، لكي تقيم عليهم الحجة وتنفي احتمال ادعائهم عدم المعرفة.

عندما نستدعي، بشكل موازٍ، الأحداث والمتغيرات التي في معظمها إيجابية على الساحة العربية، وخصوصاً على الصعيد الفلسطيني، فإننا نعيش بحق حال التطور الشامل، ونجد أنفسنا على أعتاب حقبة قادمة وقريبة، هي زمان تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني.