مجلة العودة

فلسطين الشهيدة ...صرخة ضد قرار التقسيم عام 1947م

فلسطين الشهيدة ...صرخة ضد قرار التقسيم عام 1947م
 
 
سمير عطية - دمشق

عاشت فلسطين منذ مطلع القرن العشرين بداية الحراك الصهيوني والاستعماري لنزعها من حضنها العربي الإسلامي ،ولم تكد تقترب من منتصف القرن العشرين حتى صارت المؤامرة الاستعمارية حقيقة مؤلمة على الأرض ،وكان أهلها أمام هذه المؤامرات صامدين ثابتين ، متمسكين بالأرض والمقدسات والديار ،ويبرقون لأبناء العالمين العربي والإسلامي بخطورة ما يجري في فلسطين ، ولأنّ فلسطين لها مكانتها الدينية المهمة في نفوس المسلمين لكونها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ولأنها أرض الإسراء والمعراج ،وأرض الأنبياء والشهداء، كانت حاضرة ببعدها في نفوس علماء الأمة، الذين كانوا يقرعون أجراس الخطر مع أهل فلسطين، لينصروها ويقفوا إلى جانبها في دفع الظلم ورفع الضيم وكشف الغمة.
من هنا تواصلت صرخات العلماء من منابر المساجد وعبر الدروس والبيانات ، دعوة لنصرة فلسطين الشهيدة على حد وصف البيان الذي أطلقه علماء الأزهر في عام 1947 بعد قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين ، فكان النداء الأزهري بوجوب الجهاد لإنقاذ فلسطين وحماية المسجد الأقصى . وقد نشر جزء مهم من هذا البيان  في العدد الأول من مجلة الرابطة التي صدرت عن رابطة الطلاب الأردنيين في مصر تحت عنوان «فلسطين الشهيدة» .
بسم الله الرحمن الرحيم
يا معشر المسلمين، قضي الأمر، وتألبت عوامل البغي والطغيان على فلسطين وفيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومنتهى إسراء خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه.
قُضي الأمر وتبين لكن أن الباطل ما زال في غلوائه، وأن الهوى ما فتئ على العقول مسيطرا، وأن الميثاق الذي زعموه سبيلا للعدل والإنصاف ما هو إلا تنظيم للظلم والإجحاف، ولم يبق بعد اليوم صبر على تلكم الهضيمة التي يريدون أن يرهقونا بها في بلادنا، وأن
يجثموا بها على صدورنا، وأن يمزقوا بها أوصال شعوب وحد الله بينها في الدين واللغة والشعور.
إن قرار هيئة الأمم المتحدة قرار من هيئة لا تملكه، وهو قرار باطل جائر ليس له نصيب من الحق والعدالة، ففلسطين ملك العرب والمسلمين بذلوا فيها النفوس الغالية والدماء الزكية، وستبقى إن شاء الله ملك العرب والمسلمين رغم تحالف المبطلين، وليس أحد كائنًا من كان أن ينازعهم فيها أو يمزقها.
 وإذا كان البغاة العتاة قصدوا بالسوء من قبل هذه الأماكن المقدسة فوجدوا من أبناء العروبة والإسلام قساورة ضراغم ذادوا عن الحمى، وردوا البغي على أعقابه مقلم الأظافر محطم الأسنة، فإن في السويداء اليوم رجالا وفي الشرى أسودا، وإن التاريخ لعائد به سيرته الأولى وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
يا أبناء العروبة والإسلام:
لقد أعذرتم من قبل، وناضلتم عن حقكم بالحجة والبرهان ما شاء الله أن تناضلوا حتى تبين للناس وجه الحق سافرًا، ولكن دسائس الصهيونية وفتنها وأموالها قد استطاعت أن تجلب على هذا الحق المقدس بخيلها ورجلها فعميت عنهن العيون، وصمت الآذان والتوت الأعناق، فإذا بكم تقفون في هيئة الأمم وحدكم ، ومدعو نصرة العدالة يتسللون عنكم لواذًا بين مستهين بكم، وممالئ لأعدائكم ومتستر بالصمت متصنع للحياد، فإذا كنتم قد استنفدتم بذلك جهاد الحجة والبيان فإن وراء هذا الجهاد لإنقاذ الحق وحمايته جهادًا سبيله مشروعة وكلمته مسموعة، تدفعون به عن كيانكم ومستقبل أبنائكم وأحفادكم، فذودوا عن الحمى، وادفعوا الذئاب عن العرين، وجاهدوا في الله حق جهاده.
«فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا».
«الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا».
وقد وقع على الفتوى كل من فضيلة:
الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الجامع الأزهر.
الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية.
الشيخ عبد الرحمن حسن وكيل شيخ الأزهر.
الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية السابق.
أعضاء جماعة كبار العلماء وكثير غير هؤلاء من العلماء والمدرسين في الكليات والمعاهد الأزهرية في القاهرة والأقاليم المصرية. ♦