مجلة العودة

بين مشهدين وواقعين ...حاجةٌ إلى حراكٍ فاعل

بين مشهدين وواقعين ...حاجةٌ إلى حراكٍ فاعل

 

انقضت أيّام شهر مايو/أيّار الذي يسكن في الذاكرة الفلسطينية ، وتكاد تنتهي معه عشرات الفعاليات التي تحيي ذكرى نكبة فلسطين، أو تتلاشى .
يمكننا خلال الشهر المنصرم، ومع اقتراب ذكرى النكبة الثانية ( حزيران/يونيو 1967م ) أن نعرض على الحقائق التالية :


• الحالة الصهيونية ليست بأفضل أحوالها سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وإعلاميًّا، من الداخل هناك انكماش متسارع نحو دراسة التحديات التي تواجه الدولة، والمخاطر المرحلية والاستراتيجية التي تحدق بها، لكن في ذات الوقت فإنّ الحالة الصهيونية ليست في الحالة الأسوأ أيضاً، فالوصول إلى هذا الوضع بالنسبة للعدو المحتل يرتبط بقدرة الشعب الفلسطيني أوّلاً على إحداث تغييرات متقدمة تعيق تمدد المشروع الصهيوني وتجبره على التراجع والتقوقع الجغرافي، والوصول إلى حالة من الدفاع تجعله دائماً في حالة من الارتباك وارتكاب الكثير من الأخطاء التي من شأنها أن تأكل من رصيده بين أنصاره، ولعلّ حالة "استشهاد الطّفل محمد الدرّة في الثلاثين من سبتمبر أيلول من عام ألفين للميلاد"، حيث كان النفي الصهيوني مؤخّراً من خلال أعلى المستويات العسكرية والسياسية يدلل على ما نقول في هذا المجال.
• الحالة الفلسطينية : لا نبالغ إن وصفناها سياسيًّا بأنها "مهترئة "، فالخصام هو سيّد الموقف بين أكبر فصيلين، والتصريحات "الاحتفالية " التي تُطلق بين الحين والآخر
عن قرب موعد للمصالحة أو جولة من جولاتها، أصبحت مثار تهكم في الشارع الفلسطيني، بل ويأكل من الرصيد النضالي والسياسي للفصائل الفلسطينية بنسب مختلفة، مع تصاعد مستمر لحالة المتسبب بهذا الجمود، وانعكاس سلبي على الشارع الفلسطيني في الدّاخل والخارج.
يأتي هذا الحال السياسي في مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية التي لا يُسمع عنها إلا في بعض المحطات دون أي فعل حقيقي على الأرض، إلاّ في باب
المناكفة السياسية مثل الأخبار التي تصدر عن مصادر مقربة من السلطة في رام الله حول عزم المنظمة تشكيل حكومة تقفز عن الانتخابات والتوافق الفلسطيني والمصالحة!
في هذا البعد لا يسعنا أن نغفل أيضا عن حالة وفد المنظمة الذي زار سورية وينوي زيارتها مجدداً في تصاعد للاستفهمات عن حقيقة هذه الزيارة وأبعادها ودوافعها الأساسية، والتي تحمل تشكيكاً كبيراً في بعدين أولهما : عدم القدرة على إنجاز اختراق في تخفيف المعاناة العظيمة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون السوريون، وثانيهما: الصفقة السياسية التي نتج عنها الطلاق السياسي بين النظام السوري وفتح الانتفاضة من خلال تسليم حركة فتح للمقرات في سورية، بعيداً جداً عن أي حراك حقيقي يتجه لتخفيف الأزمة عن الفلسطينيين.
بين المشهدين يقف الشعب الفلسطيني، يضع على طاولة التشرد عشرات الأسئلة عن الضريبة التي يدفعها باستمرار، سواء في وجود قيادة تتحدث باسمه أو في وجود خصام بلا مصالحة تزيد من عذاباته، فيتواصل تجمد الأمل عروق المؤسسات الفلسطينية لتفعيل عمل حقيقي دون أي حياة حقيقية فيها، ولا نزعم أنّ هذا الأمر برمّته مستحيل،  في إحداث إزاحة للأمام رغم العوائق، فهذا مؤتمر أوروبا في دورته (11) مؤخراً في بروكسل ، استطاع أن يعطي إضاءات من الأمل في إمكانية الفلسطينيين من التقدم في مسار القضية إلى الأمام رغم المسارات الصعبة والأجواء السياسية الأصعب.
هناك إمكانية لتقدم حقيقي على أرض الواقع، يحتاج مصالحة فلسطينية عاجلة تدفع بالملفات الساخنة قدماً لإعطاء حلول تخفف من الضريبة المزمنة التي يدفعها الفلسطيني في كل أزمة في المنطقة، مصالحة مع الذات تؤكد أنّ حقوقنا ليست للمزايدات أو العروض السياسية، بل على طريق العودة إلى الوطن كلّ الوطن بكلّ اللاجئين.♦

رئيس التحرير