مجلة العودة

مَراكبُ اللاَّجئين ...تُحاصِرها السياسة !

مَراكبُ اللاَّجئين ...تُحاصِرها السياسة !

تدخل المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ضمن نشرة الأخبار مجددا، وزير الخارجية الأمريكي الذي يغير من برنامجه لزيارة رام الله وتل أبيب وعمّان، يعطي قليلاً من الوهج المؤقت إعلاميًّا، خاصة بعد مئات الجولات التي رعتها الإدارة الأمريكية بين "الطّرفين"، وهو مصطلح من ذات المصطلحات التي تناغمت مع مشروع التسوية منذ أكثر من عقدين.

الوهج الإعلامي الذي أراده البعض من خلال هذه السيناريوهات يضيع في ضجيج الإعلام ، وسرعان ما يختفي أمام تعقيدات القضية ومستجداتها الساخنة في الوطن والشتات.

تل أبيب تسارع إلى إطلاق حملة استيطان في القدس قبيل زيارة كيري، ومجنّدات في الجيش الصهيوني يقتحمن المسجد الأقصى، ولقاءات بين رئيس السلطة محمود عباس وطاقمه التفاوضي دون الوصول إلى رؤية واضحة عن ملامح المستقبل، باستثناء تصريحات تعبر عن عدم الارتياح من "كبير المفاوضين صائب عريقات".

ليس بعيداً زمنيًّا عن هذا وعما جرى قرب مخيم عين الحلوة من أحداث الشيخ الأسير والجيش اللبناني، يصل محمود عبّاس للقاء الرئيس اللبناني وسط ظهور جملات إعلامية إلكترونية فلسطينية غير مرحبة بهذه الزيارة، لأسباب عديدة أهمها رفض سياسة السلطة التي ترى في تهميش قضية اللاجئين الفلسطينيين وجعلها على طاولة البحث المؤجل منذ أوائل التسعينيات وقبل التوقيع على أوسلو 1993 الذي يكمل بعد شهرين اثنين عامه العشرين!

كُنا سنشفق على السّاسة لو أنهم حملوا عبء اللاجئين وعملوا على تخفيف المعاناة بشكل منهجي ومرحلي، فحينها لم يكن للاجئ إلا الشعور بالانتماء إلى وطنه، وساعتها كان مستوى القلق من تهميش قضيته سينخفض في المستوى البياني الذي رسمته الأفعال السياسية في السنوات الماضية.

مخيّمات لبنان اليوم ، هي ميراث الصمود الذي نعرف، وتركة الجرح الذي ينزف، وجع تل الزعتر المدمّر ، وذاكرة صبرا وشاتيلا التي صبرت على الأشلاء ولم تنكسر، وهي القوانين اللبنانية التي تحاصر الفلسطيني في أن يعيش كريماً عزيزاً إلى أن تتحقق العودة، وهي آلاف الفلسطينيين من مخيماتها الذي عبروا إلى المنافي الجديدة في أوروبا والأمريكيتين وأستراليا، وهي على قلة ذات اليد التي استضافت منذ شهور الفلسطينيين من سورية حين ألقت بهم أيدي الأحداث اللامسؤولة في خارطة التهجير القسري.

يصل أبو مازن إلى لبنان، وإلى مخيماته التي تقاوم البؤس ، وتحارب اليأس ، تحاول أن تنظر في يومياته علّها تخطئ توجسها الذي يعلم أنّ طريق المصالحة هو الحل،وأنّ إعادة الاعتبار لقضية اللاجئين والمخيمات يكون في لفظ أوسلو والتخلّي عنها، والانحياز من جديد لإعادة بناء منظمة التحرير ومشروع استرداد الحقوق كاملة غير منقوصة في الأرض والمقدسات، حينها سيكون من حق اللاجئ أن يبدأ بالاطمئنان أنّ مراكبه ستوصله إلى شواطئ الوطن، لا أن تلقي به على ضفاف الشتات البعيد!