مجلة العودة

ثابت: أين الكرامة في تجمّع الكرامة؟

ثابت: أين الكرامة في تجمّع الكرامة؟

هم 67 عائلة، أي نحو 400 لاجئ فلسطيني مهجَّر من سورية، يقيمون في 60 خيمة أقامها الأهالي لطوارئ الإيواء المؤقت بالقرب من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الملاصق لمدينة صيدا في جنوب لبنان.

"ثابت" زارت التجمع والتقت بالأهالي واستمعت إلى معاناتهم وشكواهم واحتياجاتهم من الغذاء والدواء والكساء والماء والإيواء. استمعت إلى تذمرهم من الصحافة ووسائل الإعلام والمسؤولين والفصائل والأونروا والمؤسسات المحلية والدولية. يحدثنا الناطق باسم التجمع خالد موسى "أبو موسى" قائلاً إن "معظم اللاجئين ينتمون إلى قرى فلسطينية تابعة لقضاء طبريا وحيفا في فلسطين، جاؤوا على عجل من مخيمات سورية من اليرموك وسبينة وخان الشيح وغيرها من المخيمات والمناطق هرباً من القصف والقتل والخطف والدمار والعوز وقلة الحيلة"، ويضيف: "اخترنا أن نسمي مكان إقامتنا "تجمع الكرامة"، لعل من يؤمن بالمساواة وبحق الإنسان في العيش بكرامة أن ينتبه إلينا ويلتفت الى معاناتنا".

 

حرارة صيف تموز الحارقة بلغت ذروتها في الخيم، وفيها الأطفال والنساء والرجال وكبار السنّ والمرضى والمعوقين، خيمٌ صُنعت من قطع الكرتون القديمة والقماش الممزق وقطع الخشب المتناثرة والنايلون والأوراق وغيرها من بقايا الأشياء مما وقع عليه السكان ليستروا عوراتهم. ومن حسن حظ البعض وجود بعض الأشجار التي تستظل خيمهم في ظلها، فتخفف عنهم تأثير أشعة الشمس الحارقة. جميع الزواحف والقوارض من الأفاعي والعقارب والجرذان والفئران والصراصير والنمل والبعوض وغيرها... أصبح لها مكان داخل الخيم وبين الزواريب والأماكن الضيقة التي تفصل كل خيمة عن الأخرى، ويحسب لها الأهالي في كل يوم وليلة ألف حساب؛ فقد تمكن أحد الجرذان من نهش يد الطفل (وليد) الطرية ذي الثلاث سنوات وهو نائم في خيمته بين ذويه. "وحالات الإسهال بدأت تكثر عند بعض الأطفال"، يقول أحد الواقفين ويراقب، و"مياه الشرب متوافرة فقط عندما تتوافر الكهرباء، مياه الاستحمام فقط باردة والمياه الساخنة غير متوافرة، مياه الغُسل متوافر أيضاً وبنفس مكان الاستحمام، 60 خيمة تحصل على 15 أمبير من الكهرباء" يضيف أبو موسى، لا مجاري بين الخيم، فبقايا المياه يكون التخلص منها هنا وهناك تارة لتبتلعها الأرض أو لتتجمع لتكثر حولها الحشرات والروائح الكريهة. المراحيض أيضاً متوافرة، اثنان منها للرجال واثنان آخران للنساء، واثنان للاستحمام للرجال، وأيضاً اثنان للنساء؛ فالمساواة مطلوبة. والازدحام يشتدّ صباح كل يوم، ومعه تكثر المشاكل والتدافع.

 

 تقول السيدة أم مصعب: "في مخيم اليرموك كانت مائدتي في شهر رمضان المبارك، فيها ما لذّ وطاب، والعائلة كانت تجتمع. أما اليوم، فإن فطورنا شوربة العدس، وأفراد العائلة مشتتون، وكرامتي لا تسمح لي بأن أقف على أبواب المؤسسات نستجدي الطعام. لا نريد أن نستوطن في هذه البلاد، ولولا ما أصابنا من الخوف على أنفسنا وبيوتنا وأعراضنا، لما تركنا منازلنا في مخيماتنا في سورية، ولكن أين هي الإنسانية؟ أين هو شعور الإنسان مع أخيه الانسان؟ أين الكرامة؟ متى يرانا الناس ويشعرون بنا ويتجاوبون مع مطالبنا؟". صرخة أطلقتها أم مصعب باسم أهالي التجمّع لعلها تصل إلى آذان المعنيين من المؤسسات الدولية والمحلية والأونروا والفصائل واللجان الشعبية والأهلية، لتشاركها "ثابت" الصرخة، ولنغادر التجمع ونسأل: متى تحلّ الكرامة على تجمع الكرامة؟