مجلة العودة

من صحافتهم: قراءة إعلامية في نتائج الانتخابات الأميركية - عباس إسماعيل

قراءة إعلامية في نتائج الانتخابات الأميركية

عباس إسماعيل/ بيروت

شُغل المحللون الإسرائيليون في قراءة نتائج الانتخابات الأميركية، وانعكاساتها المحتملة على «إسرائيل»، وفيما برز شبه إجماع على أن نتيجة الانتخابات كانت جيدة لنتنياهو، أشار كثيرون إلى أنّ هذه النتيجة غير قابلة للاستثمار في مواجهة الإدارة الأميركية، على اعتبار أنَّ نتائج الانتخابات لن تترك أثراً على السياسة الخارجية الأميركية التي هي من صلاحية الإدارة، ولا شأن للكونغرس فيها. ومع ذلك لفت بعض المحللين إلى أن أوباما سيعود للاهتمام والتركيز على القضايا الداخلية، بينما رأى آخرون أن العام المقبل هو عام الحسم بالنسبة إلى أوباما في الشرق الأوسط، وذهب آخرون بعيداً بقولهم إن أوباما قد يلجأ إلى الحرب كحلّ للاقتصاد، ما سيُهيئ الظروف لصفقة تاريخية مع «إسرائيل»: إحباط التهديد الإيراني مقابل استقلال للفلسطينيين وتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية.

في هذا المجال، رأى ألون بنكاسن في معاريف، أنه «لا توجد في النتائج أي تأثيرات حقيقية على السياسة الخارجية. مجلس نواب جمهوري لا يوشك على الصدام مع الرئيس على الشرق الأوسط حتى لو كان في القدس من يعوّل على ذلك. ليس لمجلس النواب التفويض أو الصلاحيات الدستورية للانهماك في بلورة السياسة الخارجية وتصميمها إلا من جانب الميزانية (التي بحد ذاتها هي صلاحيات هائلة)، ومن يعتقد إنه يمكن في الواقع الحالي في أمريكا لعب الألعاب في واشنطن بين الحزبين فسيفرم بسرعة».

بدوره قال ألوف بن في صحيفة هآرتس إن «انتصار الجمهوريين في مجلس النواب جيد لنتنياهو». السياسة الخارجية كانت منذ البداية ملجأ الرؤساء الأمريكيين الذين تعرضوا للضربات في انتخابات منتصف الولاية. وزير الدفاع ومستشار نتنياهو المقرب إيهود باراك يقدر بأن أوباما سيعمل بكل قوته على إقامة دولة فلسطينية في الصيف المقبل. هذا هو ما وعد به، هذا ما يتوقعه العالم منه، وهذا يناسب إيمانه الداخلي وإحساسه بالعدل. وحسب هذا النهج، سيسعى أوباما إلى إقامة فلسطين وسيتجاهل الثمن السياسي الداخلي.

لكن هذا ليس الخيار الوحيد، فالأنباء الجيدة التي قرأها نتنياهو جاءت في مقال دافيد برودر، كبير المحللين السياسيين في أمريكا، في «واشنطن بوست»، إذ جاء فيه أنه إذا استمر الركود، فلن يتمكن أوباما من أن يعاد انتخابه، كما رأى برودر، الذي غطى كل الحملات الانتخابية في الخمسين سنة الأخيرة. لكن للرئيس تأثير هامشي فقط على حجم الأعمال التجارية. كيف يمكنه مع ذلك أن يؤثر؟ «الجواب واضح من تلقاء ذاته، لكن آثاره مخيفة. الحرب والسلام يؤثران على الاقتصاد». كتب برودر وذكر كيف أن فرانكلين روزفلت أنقذ بلاده من الأزمة الكبرى، فقط عندما دخل إلى الحرب العالمية الثانية.

استنتاج برودر: على أوباما أن يسعى إلى مواجهة مع إيران. هذا فقط سينقذه من الأفول السياسي. الكونغرس الجمهوري والجمهور سيؤيدانه، والاستعدادات للحرب ستحفز من جديد الاقتصاد الأمريكي. «إذا ما صد أوباما التطلعات النووية لإيران، فإن العالم سيكون أكثر أمناً، وهو سيذكر كأحد الرؤساء الناجحين في التاريخ»، رأى برودر. وهذا بالضبط ما قاله نتنياهو لأوباما في لقائهما الأول: «التاريخ سيحاكمك حسب نجاحك في صد التهديد الإيراني».

إذا ما أنصت الرئيس له فستنشأ الظروف لصفقة تاريخية مع «إسرائيل»: إحباط التهديد الإيراني مقابل استقلال للفلسطينيين وتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية. إيتمار مقابل نتناز، ليفنغر وكتسوفار مقابل أحمدي نجاد وخامنئي.

وقال آري شافيت في هآرتس: «إن اللعبة الحقيقية تبدأ الآن. واسم اللعبة: فلسطين. ونهاية اللعبة: إنشاء دولة فلسطينية قابلة للبقاء في غضون سنة، لماذا؟ لأن الرئيس الأمريكي المُتولي عمله يشايع الفلسطينيين ومعاناتهم ويريد أن يعدل معهم. ولأنه يؤمن بأن إنشاء فلسطين سيرضي العالم العربي والإسلامي الذي يريد مصالحته. ولأن الرئيس الأمريكي يعلم أنه مع عدم وجود أنباء جيدة في العراق وإيران وأفغانستان، فإن فلسطين هي احتماله الوحيد لأنباء دولية جيدة. إن فلسطين وحدها هي التي ستُسوغ جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها، وفلسطين وحدها ستمنح أوباما التراث الدولي الذي يأمله، وفلسطين وحدها سترفع معنويات المجموعة الليبرالية التي يتوخاها أوباما. لهذا، ستصبح فلسطين في 2011 بالنسبة إلى الرئيس ذي التصميم ما كان التأمين الصحي بالنسبة إليه في سنة 2009. إن باراك حسين أوباما سينشئ دولة فلسطين بالحسنى أو بالسوء، بالنار أو بالماء، بالحكمة أو بالحماقة».

وقال شمعون شيفر، في يديعوت أحرونوت إن «من يعتقد أنه سيكون ممكناً استخدام الكونغرس ضد أوباما فإنه يرتكب خطأً مميتاً. نتنياهو يفهم هذا. في اليوم التالي للانتخابات في الكونغرس أوباما كفيل بأن يركز على تثبيت الوضع الداخلي في أمريكا، لا على معالجة جذرية لأمراض النزاع الإسرائيلي – العربي، ونتنياهو من شأنه أن يكتشف أن التهديد الإيراني أيضاً لن يحظى بنوع المعالجة التي يتمناها. الرئيس الأمريكي معني بأن يكمل في السنة المقبلة الخروج من العراق، كل شيء آخر – الهجوم على إيران، مثلاً– من شأنه أن يبقي القوات الأمريكية لسنوات طويلة أخرى في المنطقة».

البروفيسور إبراهام بن تسفي في صحيفة «إسرائيل اليوم» قال: «لا ينبغي توقع أن تركز إدارة أوباما على المسائل الخارجية، إلا إذا أجبره الشرق الأوسط مثلاً على معالجة إدارة الأزمات. العكس هو الصحيح. احتمالات أن يعيد البيت الأبيض بناء مكانته المتهالكة في السنتين المقبلتين منوطة بنحو حصري تقريباً بمدى قدرته على أن يدفع إلى الأمام ولو بعضاً من جدول أعماله الأصلي، جدول الأعمال هذا يتضمن إصلاحات في مجالات الاقتصاد، الرفاه، التعليم، الطاقة والهجرة».