مجلة العودة

ثابت: شاتيلا مخيم استثنائي بحاجة إلى حلول سريعة قبل فوات الأوان

ثابت: شاتيلا مخيم استثنائي بحاجة إلى حلول سريعة قبل فوات الأوان

27http://www.alawda-mag.net/assets/issue71/p-6.jpg ألف شخص مقيم في مخيم شاتيلا، أما سجلات الأونروا في بداية كانون الثاني/ يناير 2013، فتشير إلى وجود أكثر من 8500 لاجئ مسجل. إذاً، أكثر من ضعفي عدد اللاجئين يعيشون على قطعة أرض مساحتها أقل من نصف كيلومتر مربع. إبان حرب المخيمات في ثمانينيات القرن الماضي اضطر عدد كبير من العائلات للهجرة إلى الدول الإسكندنافية، لذا إن العدد الفعلي للاجئين المسجلين في المخيم يصل إلى نحو خمسة آلاف، حسب أمين سر اللجنة الشعبية للمخيم عن التحالف سليمان عبد الهادي. الغالبية العظمى من المقيمين من اللبنانيين والسوريين، والفلسطينيين السوريين، وفلسطينيين مهجرين من مخيمات أخرى نتيجة للحروب المختلفة التي مرت بها المخيمات (تحديداً النبطية وتل الزعتر وجسر الباشا التي دُمِّرت بسبب القصف الصهيوني والحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975 و 1976على التوالي). والبقية من المقيمين الذين لا يشكلون أكثر من 3%، حسب علي المصري عضو اللجنة الشعبية للمخيم عن فصائل منظمة التحرير، من جنسيات مختلفة (الباكستانية والفيليبينية والهندية والمصرية والبنغلادشية...)، والذي دفعها إلى الإقامة التوفير في النفقات مقارنة بالسكن خارج المخيم، هذا بالإضافة إلى وجود فلسطينيين غير مسجلين وفلسطينيين من فاقدي الأوراق الثبوتية.

استمدّ المخيم شهرته العالمية من المجزرة التي ارتكبت بحق أبنائه في أيلول من عام 1982 إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان وسقط جرائها أكثر من أربعة آلاف شهيد حسب الكاتب الأميركي رالف شونمان، وأصبح رمزاً ومحطّ زيارة للعديد من الوفود الأجنبية من مختلف دول العالم تأتي كل عام لتشارك أهالي الضحايا في إحياء الذكرى.

في إطار زياراتها الميدانية للمخيمات والتجمعات الفلسطينية، زارت "ثابت" مخيم شاتيلا بتاريخ 29/7/2013 والتقت باللجان الشعبية والأهالي واطلعت عن كثب على الأوضاع الإنسانية المزرية للمخيم، التي أقل ما يقال فيها أنها استثنائية بحاجة إلى حلول سريعة قبل فوات الأوان، ولا سيما على مستوى الازدحام السكاني الذي لا يطاق. الحمد لله الوضع الأمني مستقر، وهذا يحسب لوعي الجميع، كما يقول أحمد عبادي، عضو اللجنة الشعبية عن فصائل المنظمة. إلا أن المشكلة الرئيسية الآن هي ما ينتج من هذا الازدحام السكاني من مشاكل اجتماعية وصحية وتربوية ونفسية وبيئية، وخاصة بعد استقبال المخيم لنحو 860 عائلة فلسطينية، أي ما يقارب 4000 فلسطيني مهجَّر من سورية، وهذا برسم الجميع من فصائل فلسطينية وأونروا ومؤسسات مجتمع مدني ولجان شعبية وأهالٍ. وللأسف لا خيارات أخرى للسكن؛ فهذا أمر واقع ومطلوب التكيّف. وتبقى المشكلة الأكبر، وهي وجود النفايات في زواريب المخيم وأزقته، وخاصة في فترة ما بعد الظهر التي ترتفع في بعض الأزقة إلى أكثر من متر عن سطح الأرض وتعطل حركة المارة، كما يقول فؤاد عابد (أبو طافش) عضو اللجنة الشعبية عن التحالف. أحد موظفي الأونروا في المخيم يقول إن الوكالة وظّفت خمسة أشخاص قبل أربعة أشهر للمساعدة في عمليات جمع النفايات، وخاصة بعد تزايد هجرة الفلسطينيين السوريين إلى المخيم، الأمر الذي يؤكده سليمان عبد الهادي، ولكن "حاجتنا إلى هؤلاء الموظفين بعد الظهر، لا قبل الظهر"، ويقترح قائلاً: "فليبق عدد الموظفين كما هو وينضم الخمسة إلى العمل بعد الظهر، وعندما فاتحنا الأونروا في الموضوع قالت إنّ هذا يخالف سياسة عملها".

في المخيم عيادة واحدة للأونروا، أي طبيب واحد للاجئين الفلسطينيين والفلسطينيين القادمين من سورية، ومدرسة ابتدائية واحدة تابعة للأونروا هي مدرسة أريحا، ومركز طبي واحد للهلال الأحمر الفلسطيني، بالإضافة إلى ستّ عيادات خاصة و15 صيدلية. مياه الشرب غير متوافرة في المخيم منذ ثمانينيات القرن الماضي، لذا يشتري الأهالي مياه الشفة. أما مياه الغسل فهي مالحة. في المخيم أربع آبار للمياه، اثنتان "قطاع خاص" يدفع الأهالي مبلغاً مالياً شهرياً مقابل الحصول على مياه الغسل، واثنتان "قطاع عام" تشرف عليهما اللجان الشعبية بالمجان. ويجري الآن تنفيذ مشروع "تحلية مياه" من قبل وكالة الأونروا وتمويل الوكالة السويسرية للتنمية، حيث سيسلّم المشروع في أيلول القادم. هناك رضىً من الأهالي عن مشروع البنى التحتية الذي نفذته الأونروا في المخيم قبل سنتين بتمويل من الاتحاد الأوروبي وألمانيا وأميركا، والحمد لله لم يحصل طوفان في الفترة السابقة، يقول عبد الهادي. ويضيف أبو طافش: "إلا أنّ ثمة مشكلة برزت على هامش تنفيذ المشروع بسبب أعمال الحفر في الأزقة واستخدام الآلات المُثبِّتة للتربة التي أدت إلى تأثر بعض البيوت وتصدعها، وهي بالأصل قديمة وقائمة على غير أسس هندسية صحيحة، ويتألف بعضها من أكثر من خمس طبقات ومهددة بالانهيار على رؤوس ساكنيها، وهذا بحاجة إلى متابعة سريعة من قبل الوكالة التي تتحمل مسؤولية أية تداعيات في المستقبل".أما مشكلة مبنى "جيش التحرير" الملاصق لمخيم شاتيلا، فلا تزال على حالها، إحدى عشرة عائلة فلسطينية وسورية مهجرة من سورية تقيم في المبنى المتصدع، ولا تزال المنازل التي تشبه الصناديق يؤجرها بعض المستفيدين.

يقول أبو طافش: "إننا نحن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إقامتنا مؤقتة، ورغم الفقر والبؤس ومعاناتنا اليومية، فإننا نتطلع للعودة قريباً إلى قرانا في فلسطين، ولكن إلى أن يتحقق هذا الوعد نريد أن نعيش بكرامة".سألنا بعض أطفال المخيم عن أحلامهم وأمنياتهم، فقالوا: "نريد أن نلعب في مكان لا نزعج فيه أحداً، ولا أن يخرج علينا الأهالي من الشبابيك ليقولوا روحوا العبوا بمكان تاني... بدنا نرتاح".