مجلة العودة

الغلاف: مع اختتام 2011 لاجئو الأردن يختفون خلف الحراك الشعبي

       مع اختتام 2011 لاجئو الأردن يختفون خلف الحراك الشعبي

إغلاق ملف سحب الجنسيات إعلامياً وترحيل بقية الأزمات للعام القادم  

أحمد سعد الدين/ عمّان

لم يمر عام 2011 على اللاجئين الفلسطينيين في الأردن كباقي الأعوام الماضية؛  فقد تعالت في هذا العام صيحات الحراك الشعبي الأردني برفض مطلق وواضح لما سمي الوطن البديل .

ورغم غياب الكتلة الفلسطينية عن هذا الحراك، إلا أن مطالبهم السياسية كانت حاضرة؛ لكونهم يمثّلون جزءاً مهماً من نسيج المجتمع الأردني.

وتميز هذا العام بالكثير من القضايا التي تمسّ أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وما يجري معهم من قضايا تتعلق بواقع معيشتهم، من بينها سحب للجنسيات الذي اقترب من الإغلاق على الأقل إعلامياً، بحسب التصريحات الرسمية للحكومة. فيما يبقى تقليص خدمات الأونروا وغيرها من القضايا حاضرة سيجري ترحيلها إلى عام 2012.

وكما كان للربيع العربي دوره في إعادة تعزيز الحريات والبحث عن العدالة، كان له دور في التأكيد أن القضية الفلسطينية ـ وإن عمل البعض على حصرها في أنها قضية تخص الفلسطينيين وحدهم ـ إلا أن مسيرات العودة التي كانت قد انطلقت في العديد من الدول العربية، وتحديداً في الأردن دفعت في الحديث عن مركزية القضية الفلسطينية لدى العرب واللاجئين الذي يقدر عددهم بـ7 ملايين لاجئ فلسطيني في جميع أنحاء العالم.

وتهدف "العودة" من خلال حصاد 2011 إلى تسليط الضوء على مجموعة من الفاعليات والأحداث التي تخص اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وما آلت اليه بعض القضايا التي تمس أوضاعهم المعيشية.

حراك المخيمات الفلسطينية والإصلاح في الأردن

على مدى أكثر من عشرة أشهر من الحراك الشعبي في الشارع الأردني والمطالبة بمحاربة الفساد في الأردن والعدالة الاجتماعية،  كانت المخيمات الفلسطينية تبتعد عن المشاركة في هذا الحراك لأسباب متعددة .

وعلى الرغم من ارتفاع وتيرة المطالبات الشعبية، إلا أن تلك المخيمات لم تنظم أي نشاطات داخل المخيمات الفلسطينية المنتشرة في الأردن، ولم تعمل على المطالبة بأي حقوق أو مطالبات تساعد على تطوير واقع المخيمات. ويرى مراقبون أن أسباب عدم مشاركة اللاجئين في الحراك تعود إلى عدة عوامل، لعل من أبرزها عدم اتهام تلك المخيمات في قضية الوطن البديل، إضافة إلى تعرض أبناء المخيمات خلال السنوات الماضية لمضايقات أمنية خلال مشاركتهم في النشاطات المشاركة في الإصلاح.

بينما يرى آخرون أن هناك اختلالاً واضحاً في علاقة الأردنيين من أصل فلسطيني بجهاز الدولة، وذلك على مدى أكثر من أربعة عقود، وهو من وجهة نظره ناجم عن سلسلة من السياسات والممارسات التي اتخذت خلال هذه الفترة، وأدت إلى أن شعر الأردنيون من أصول فلسطينية بما وصفه بالإقصاء والتهميش في ما يخص مشاركتهم السياسية ومشاركتهم في الدولة والقطاع العام.

إضافة إلى وجود اقتناع لدى الأردنيين من أصول فلسطينية بأن "رد الفعل الأمني على أية مشاركة من مشاركاتهم أكثر قسوة من رد الفعل الذي يتعرض له إخوانهم ذوو الأصول الأردنية".

سحب الجنسيات

تُعَدّ  قضية سحب الجنسيات من  أكثر القضايا التي تخص اللاجئين،  وذلك بعد تصريحات حكومية عن توقف سحب جنسيات اللاجئين الفلسطينيين وما صرح به رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة،  بأن تلك القضية "معيبة " ،  وأنه  "كيف يبيت الإنسان أردنياً  ليجد نفسه غير أردني في الصباح؟ ".

لكن العديد من اللاجئين يؤكدون أن تلك القضية لا تزال مستمرة، وإن لم تكن ظاهرة في وسائل الإعلام، فإن دائرة المتابعة والتفتيش تمتنع عن تجديد جوازات السفر للأردنيين من أصول فلسطينية، وذلك من خلال رفض تجديد جوازات سفر عدد من المواطنين، بحجة أن والد حامل الجواز من مواليد فلسطين منذ سنوات الارتباط الإداري بين الأردن وفلسطين.

كذلك، جاءت هذه الإجراءات رغم أن وزير الداخلية سعد هايل السرور تحدث عن أن وزارة الداخلية قررت وضع ملف (سحب الجنسيات) مرحلياً في الثلاجة، بمعنى تجميدها، ثم التعميم على دوائر الدولة أن تتوقف عن مطالبة المواطنين من حملة البطاقة الخضراء بمراجعة دائرة المتابعة والتفتيش لأغراض تحديد الوضع القانوني للمواطنة.

 اللاجئون يرفضون الوطن البديل

على مدار عام 2011،  جدد اللاجئون الفلسطينيون في الأردن تأكيدهم المطلق  أن الأردن ليس وطناً  بديلاً  من فلسطين،  وإن  كانت الدعوات التي يطلقها العديد من دعاة الوطن البديل قد ارتفعت في الآونة الأخيرة .

تأكيد اللاجئين يأتي في الوقت الذي تتحدث فيه قوى أردنية عن أن وجود اللاجئين مقدمة لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن.

إلا أن تأكيدات اللاجئين تثبت الرفض المطلق والكلي لفكرة الوطن البديل أو الترويج له وأنهم يقفون في وجه الأطماع الصهيونية بكل حزم.

 الأونروا وتقليص خدمات اللاجئين

وتأتي قضية تقليص خدمات اللاجئين من  أكثر القضايا التي تؤرق أوضاع اللاجئين بعد الحديث  عن  تقليص خدمات وكالة الغوث الدولية "الأونروا" في المخيمات التي يعيش فيها أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين ضمن 14 مخيماً منتشرة في المملكة .

 

ويأتي التخوف من تقلص حجم الخدمات التي تقدمها وكالة الغوث للاجئين، وذلك لعدم قدرة الحكومة الأردنية على تقديم الخدمات لأبناء المخيمات في ظل عجز متواصل في موازناتها.

وفي الوقت الذي طالبت فيه وكالة الغوث الدولية مساعدات دولية لتقليص العجز في موازناتها، يأتي الحديث متسارعاً عن عملية تهدف في طابعها إلى عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية التي تقدم سنوياً تجاه الأونروا، الأمر الذي عُدّ تسويقاً جديداً لفكرة الوطن البديل وتثبيتَ برنامج توطين ودمجاً قسرياً للاجئين، والتجنيس ضمن خطة التوطين. بينما أكدت دائرة الشؤون الفلسطينية رفضها أي تقليص أو تراجع في مستوى الخدمات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لفئات اللاجئين.

 مسيرات العودة إلى فلسطين

لم يغب الأردنيون واللاجئون الفلسطينيون في الأردن عن النبض الشعبي العربي، فأبوا إلا أن يحيوا ذكرى النكبة بطريقة تختلف عن سنوات الصمت العربية السابقة؛  فقد اختلط عرق آلاف الأردنيين والفلسطينيين أمام الحدود في مشهد أعاد إلى الذاكرة معركة الكرامة التي امتزج فيها الدم الفلسطيني بالدم الأردني .

اعتصامات ومهرجانات نظمت خلال عام 2011 لم تكن لتخرج قبل هذا الربيع من الوعي الذي أثبت أن اللاجئين لم يغيبوا يوماً عن فلسطين وعن قراهم ومدنهم التي تركوها منذ 63 عاماً.

وتأكيداً لحق العودة، ورفضاً لسياسات التوطين أو التعويض، أحيا الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن فاعليات نظمتها اللجنة التحضيرية للذكرى الثالثة والستين للنكبة الفلسطينية إضافة إلى ذكرى النكسة والمسيرة المليونية إلى القدس بمشاركة شعبية واسعة لمشاركين توافدوا من مختلف المحافظات الأردنية.

وجدد اللاجئون الفلسطينيون في الأردن رفضهم القاطع لأن تكون فلسطين وطناً لغيرهم، أو أن يكون الأردن هو الوطن البديل، مؤكدين أن حق العودة إلى فلسطين يصونه الشباب الذي صنع ربيع الثورات العربية وأصر على إعادة القضية الفلسطينية إلى حضن الوطن العربي.

وجاءت المسيرة السلمية لتؤكد رفض الوطن البديل والتمسك بحق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى دياره وممتلكاته التي هُجّر منها عام 1948 بقوة الإرهاب الصهيوني.

وجاء اختيار منطقة الكرامة في غور الأردن التي أقيمت فيها أولى فاعليات ذكرى النكبة تذكيراً بمعركة الكرامة، في إشارة رمزية إلى إمكان انتصار الشعوب العربية في ظل ربيع الثورات على الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيداً منهم لتلاحم الدم الأردني والفلسطيني الذي روى تراب الأردن.

فاعليات شعبية أقامتها الأحزاب الأردنية والقوى الشعبية في ذكرى النكسة، كان منها الاعتصام أمام السفارة الإسرائيلية، والتوجه نحو الحدود الفلسطينية، أرسلت خلالها رسالة واضحة في ما يراه الأردنيون واللاجئون بشأن قضية فلسطين.