مجلة العودة

بن مخلوف رئيس: أجزم بأنّ الشعب الفلسطيني هو اليوم أقرب إلى العودة - ماهر الشاويش

شكيب بن مخلوف رئيس «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا»
أجزم بأنّ الشعب الفلسطيني هو اليوم أقرب إلى العودة
 

حاوره: ماهر الشاويش

برز حضور مسلمي أوروبا خلال الأعوام الماضية في مساندة القضية الفلسطينية في مجالات شتى، مثل التفاعل الجماهيري وإقامة النشاطات والبرامج المتنوِّعة، والمساهمة في جهود كسر الحصار، فضلاً عن التواصل السياسي وإبراز المواقف الداعمة لفلسطين وقضيّتها.

وقد سجّل «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا» أداءً ملموساً في هذا المجال، وخاصّة أنّ هذا الاتحاد يضمّ في عضويته مؤسسات واتحادات وتجمّعات إسلامية كبرى من نحو ثلاثين دولة على امتداد القارّة الأوروبية.

وقد التقت «العـودة» الأستاذ شكيب بن مخلوف، رئيس «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا»، وناقشت معه عددا من القضايا المهمة، فكان هذا الحوار.

«العـودة»: تقفون على رأس «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا»، للدورة الثانية على التوالي. ماذا تقول لنا ابتداءً بهذا الشأن؟

نحن الآن في العام الثاني من الدورة التاسعة للاتحاد، وبحمد الله تعالى فقد تواصلت مسيرة الاتحاد المباركة طوال ما يزيد على ربع قرن؛ تواصلت من التأسيس إلى التميّز الساعي نحو الريادة، ونسأل الله عزّ وجل أن يجعل ذلك في موازين الأعمال الصالحة لجميع من ساهموا في هذا الصرح وهذا العمل أينما كانوا.

وقد سجّلت اجتماعات الهيئة العمومية ومجلس شورى الاتحاد، التي انعقدت خلال هذه الدورة، ما تميّزت به الدورة المنصرمة وسابقاتها، من مهنيّة عالية في تقديم التقارير الأدبية والمالية، ومن تراكم في الجهود الإيجابية، ومن تطلّع إلى إنجازات ونجاحات إضافية، مع الاستجابة للتحديات المتزايدة التي يواجهها مسلمو أوروبا، فضلاً عن التفاعل مع القضايا العادلة، وفي صميمها قضية فلسطين.

«العـودة»: كيف يتعاطى الاتحاد مع فلسطينيي أوروبا، وما هو موقعهم في برامجه؟

بدايةً؛ إنّ «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا»، في حالة تفاعل متبادل مع فلسطينيي أوروبا، سواء لحضورهم ضمن مؤسساته الأعضاء، أو عبر توجّه الاتحاد نحو المسلمين ككلّ في هذه القارّة، ونحو عامّة المجتمعات الأوروبية على تنوّعها.

لكن بلا شكّ تبقى للقضية الفلسطينية خصوصية مؤكدة في منظور الاتحاد وفي أدائه، فالاتحاد يلتزم نصرة هذه القضية العادلة ومساندتها من موقعه في المجتمع المدني الأوروبي.

«العـودة»: ما هو الدور الذي يضطلع به الاتحاد من أجل دعم القضية الفلسطينية وتبيان عدالتها في الوسط الأوروبي، ولا سيّما أنّ هذا الوسط يشكل البيئة الحاضنة لمعظم مؤسسات المجتمع الدولي؟

من الإنصاف القول إنّ المرء - مهما كان موقعه - لا بدّ أن يستشعر التقصير نحو القضية الفلسطينية مهما بلغت مساندته لها. ومع ذلك اسمح لي أن ألفت الانتباه إلى بعض مستويات تفاعل الاتحاد مع هذه القضية. فهناك ما يتعلّق بالالتزام المبدئي بالتعريف بها ونصرتها، وعلى مستوى آخر هناك التفاعل مع الأحداث والتطوّرات وطبيعة المبادرة وردود الأفعال بشأنها. وعلى مستوى ثالث، هناك الدور التنسيقي والتكاملي الذي يقوم به الاتحاد ضمن مجمل تحرّك المجتمع المدني في أوروبا نحو القضية الفلسطينية.

فمستوى الالتزام المبدئي بالتعريف بالقضية الفلسطينية ونصرتها، يتحقّق من خلال مساهمة الاتحاد في جهود التوعية والتعليم والتثقيف والإعلام.

أمّا مستوى التفاعل مع الأحداث والتطوّرات، فيكفي في هذا الصدد تعقّب البيانات الكثيرة التي أصدرها الاتحاد في محطّات هامّة، من قبيل العدوان على المسجد الأقصى المبارك أو الهجمة الاحتلالية على القدس الشريف، أو اقتراف المجازر وجرائم الحرب البشعة بحق الشعب الفلسطيني.

ويبقى مستوى التنسيق والتكامل في الأدوار. فالاتحاد يتفاعل أيضاً مع القضية الفلسطينية ضمن مجمل تحرّك المجتمع المدني في أوروبا نحو هذه القضية العادلة. ومن ذلك على سبيل المثال؛ حثّ المستوى السياسي الأوروبي في مذكّرات ورسائل على اتخاذ مواقف من القضية الفلسطينية وانتهاكات الاحتلال بما ينسجم مع مبادئ حريات الشعوب وحقوق الإنسان، وكذلك تشجيع الجمهور على تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني بالتبرّع عبر المؤسسات الخيرية الفاعلة.

«العـودة»: كيف يقوّم رئيس «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا» العمل الفلسطيني العام في الغرب؟

لا بدّ من الإقرار بأنّ هذا العمل حقق نهوضاً ملموساً في الأعوام الأخيرة. إنه نهوض كمِّي ونوعي في الوقت ذاته. فهناك مزيد من المؤسسات، ومزيد من النشاطات والبرامج، وهناك في المقابل أداء أكثر جودة وجهوداً أكثر تطوّراً، فضلاً عن الاتجاه التخصّصي المتزايد في العمل، عبر بروز مؤسسات وأطر متخصصة بجوانب بعينها من القضية، مثل ملف العودة واللاجئين، والعمل الخيري والإنساني والإنمائي، والعمل الإعلامي، والعمل الجماهيري، والتواصل السياسي، وشؤون الأسرى، وكسر الحصار، وما إلى ذلك.

«العـودة»: لفلسطينيي أوروبا أنشطة وفعاليات متعددة، وهم مُقبِلون على عقد مؤتمرهم التاسع في ألمانيا. كيف تنظرون إلى هذه الفعالية عشية انعقادها؟

بلا شكّ، إنّ التقاء فلسطينيي أوروبا على صعيد واحد، وجمع كلمتهم وتدارسهم مستجدات القضية الفلسطينية، هو بحدّ ذاته خطوة هامّة. وقد حضر «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا» هذه المؤتمرات، ولاحظنا ما فيها من روح عالية تتمسّك بالحق وتتشبّث بمطلب العودة. وأرى أنّ نجاح هذه المؤتمرات الفلسطينية الكبرى، بما تحقِّقه من إقبال كبير، سيكون له أثره الإيجابي بإذن الله. في مستقبل القضية الفلسطينية ككلّ، فالحقوق لا تضيع إن كان وراءها مُطالبون بها. ثمّ العمل لأجل هذه القضية يستدعي تكاتف الجهود وتضافرها، وهو ما تنهض به مثل هذه المؤتمرات المباركة، وخاصّة أنها تحمل عناوين مهمّة مع كلّ انعقاد.

أمّا الرسائل الأهمّ التي أرى أنّ مؤتمر فلسطينيي أوروبا بعث بها إلى كلّ من يعنيه الأمر، فهي أنّ الشعب الفلسطيني بشتى مواقع انتشاره هو شعب واحد لا يتجزأ، تجمعه وحدة حال ومصير مشترك، بمن فيه الفلسطينيون في أوروبا. ثمّ إنّ أبناء الشعب الفلسطيني وبناته في أوروبا، يواصلون التمسّك بالحقوق الفلسطينية الثابتة، وهي حقوق عادلة وغير قابلة للتفريط أو التجزئة أو حتى المساومة أو الإرجاء، بما في ذلك حقّ العودة.

«العـودة»:  «إنّ الضمائر الأوروبية التي أبحرت إلى شواطئ غزة، لن تتجاهل دورها في التعجيل بالإبحار إلى شواطئ العودة»، هذا مقتطف من مقولة سابقة لكم. سؤالنا بالتالي؛ أين وصلت جهودكم في رفع الحصار عن غزة؟ وعلى أية مسافة يقف الفلسطينيون من شاطئ العودة برأيك؟

بداية لا بدّ من التذكير بأنّ حصار غزة هو سياسة غير إنسانية وغير أخلاقية، وهذه الحقيقة كانت باعثاً على جهود حثيثة لكسر هذا الحصار عبر السنوات الأربع الماضية. لعلّ الرائع في جهود رفع الحصار عن غزة، أنّها استطاعت أن تستوعب طاقات من مشارب متعدِّدة. ومن ذلك مثلاً ما نراه من تنوّع كبير للألسن والألوان والأديان والمشارب، في سفن كسر الحصار، وقوافل التضامن مع المُحاصَرين، والوفود التي تعاقبت على معبر رفح، وكنّا في «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا» قد نظّمنا من بينها وفداً وقافلة تضامنية في الأيّام الأخيرة من العدوان الحربي على غزة. ومن الواضح للجميع أنّ هذه الجهود متواصلة على قاعدة التكاتف الإنساني المتنوِّع مع الشعب الفلسطيني المُحاصَر في القطاع.

أمّا بشأن سؤالك عن قضية العودة، فأنا أجزم بأنّ الشعب الفلسطيني هو اليوم أقرب إلى تحقيق العودة من أي وقت مضى. فإنفاذ هذا المطلب المشروع وهذا الحقّ غير القابل للتصرّف، هو مسألة وقت إن شاء الله.

«العـودة»: ما هي رسالتك لأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل ومختلف مواقع الشتات؟

بداية، لا بدّ من توجيه التحية إلى الشعب الفلسطيني في شتى مواقع انتشاره. هذا الشعب المُصابِر المكافح الذي احتفظ بقضيّته ولم يفرِّط بها رغم مرور أكثر من ستة عقود على النكبة.

ثمّ لا بدّ من التذكير بعدد من المتطلبات الهامّة، مثل الثقة بالله والاعتماد عليه تعالى، وإدراك أنّ الزمان لم ينته وأنّ الاحتلال إن كان جزءاً من الماضي والحاضر فلا متسع له في المستقبل بإذن الله. هناك تضحيات كثيرة قدّمها شعب فلسطين من خيرة أبنائه وبناته، فلا بدّ من الوفاء لهذه التضحيات وأن تستلهمها الأجيال الجديدة. ثمّ أدعو إلى تمكين الشباب الفلسطيني من وعي دوره والقيام بواجباته والنهوض بمسؤولياته، فهذه القضية تتطلّب توظيف كلّ الطاقات في الاتجاه الصحيح. وكلمة أخيرة، إنّ الشعب الفلسطيني ليس وحده، فمعه أمّته، ومعه أصحاب الضمائر الحيّة في هذا العالم.