مجلة العودة

تذمّر من الوضع الصحي والتعليمي للمخيمات

تذمّر من الوضع الصحي والتعليمي للمخيمات

 
 

قيس أبو سمرة / الضفة الغربية

 
 

 تعيش مخيمات الضفة الغربية أوضاعاً صحية وتعليمية متردية، بحسب مختصين وسكان المخيمات، في ظل تقاعس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين عن تقديم خدماتها وبرامجها.

ووصف اللاجئون الوضع الصحي والتعليمي بالمتراجع، والذي يسير نحو مصير مجهول.

الاكتظاظ مشكلة مدارس وكالة الغوث

"شباب، شو رأيكم، بدنا نأدب الأستاذ الجديد". على هذا اتفق أفراد مجموعة من الطلبة في مدرسة ذكور بلاطة الأساسية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مخيم بلاطة، أكبر مخيمات الضفة الغربية.

ما اتفق عليه الطلبة ليس نتيجة لسوء التربية أو لتقصير المدرسين في التعليم، بل لعدم وجود أماكن ووسائل يروّحون فيها عن أنفسهم، فبات مثل هذا السلوك وسيلة تفريغ وحيدة حسب الاختصاصيين التربويين.

وتعاني مدارس الوكالة ضيقاً بالساحات وأماكن الترفيه.

من جانبها، وصفت منسقة العلاقات العامة والإعلام بلجنة خدمات مخيم بلاطة للاجئين الوضع التعليمي بالمنهار، وقالت لـ"العودة" إن "المدرسين يعانون اكتظاظاً في المدارس وعدم القدرة على ضبط الطلبة، ما يعني وقوع مشاكل وشجارات مستمرة بين الطلبة".

وأضافت أن وكالة الغوث لا تعمل على توظيف الكفوئين، بل تؤدي الواسطة دوراً كبيراً في ذلك.

وقالت: "من خلال عملنا في لجان الخدمات، نلمس تسرباً كبيراً من الطلبة، بالإضافة إلى تدني المستوى الأخلاقي للطلبة".

وفي مخيم بلاطة وحده، يتلقى نحو 4500 طالب وطالبة العلم بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وعددها خمس مدارس.

مدير مدرسة ذكور بلاطة الأساسية، فريد مسيمي، يقول لـ"العودة" "إن مدرسته تضم 900 طالب في21 شعبة، ويعمل فيها 31 مدرساً وتدرس الطلبة من الصف الخامس حتى التاسع.

ويصف مسيمي مشكلة المدرسة بوقوعها وسط التجمع السكاني في المخيم، ما يعني صعوبة ضبطها.

وأوضح أن الطلبة باتوا ناقلين للعنف من الشارع إلى المدرسة، كأسلوب للتفريغ عمّا في النفس والترويح، نظراً إلى عدم توافر أماكن خاصة يقضون فيها أوقات فراغهم.

وتعاني المدرسة من صغر ساحاتها، ما يعرقل تنفيذ الأنشطة اللامنهجية، إلى جانب ضغط الدوام المدرسي، بحيث يتلقى الطالب 7 حصص مدرسية يومياً.

وأشار مسيمي إلى وجود نقص في الكوادر الفنية للمكتبة وغرف الحاسوب والمختبرات.

وتزامن وقت استضافة المدرسة لـ"العودة" مع الفسحة المدرسية، حيث تحولت ساحات المدرسة إلى ساحة عراك ولعب بين الطلبة.

وتظهر الصورة جلية عدم قدرتهم على التحرك في الساحات لاكتظاظها بالطلبة.

من جانبه، وصف الناشط في قضايا اللاجئين أمين أبو وردة، وضع الطلاب في مدارس الوكالة بالصعب، قائلاً إن الطلبة باتوا يتجهون نحو التفريغ عن أنفسهم بطرق جديدة يقولون عنها إنها عصرية.

وأضاف قائلاً: "بات من اللافت اهتمامهم باللباس والشعر أكثر من الدراسة، وقد انعكس ذلك من الحالة السياسية التي تعيشها القضية الفلسطينية وانعكس سلباً عليها".

وقارن أبو وردة حالة التعليم اليوم بالوضع الذي كان قائماً في خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، قائلاً إنه رغم الاعتقالات والشهداء، إلا أن التعليم كان أفضل بكثير، فكانت الروح الوطنية تنعكس على الطلبة بوضوح. أما اليوم، فباتت الموضة والقلق الاقتصادي والمشاكل تنعكس على المدارس في المخيمات الفلسطينية.

من جانبه، أوضح بهاء أبو كشك، من مخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين، أن الطلبة في المخيمات يعانون العديد من المشاكل التي تعد عائقاً أمامهم في التقدم والنجاح.

وقال المواطن: "لدي أربعة أبناء في مدارس وكالة الغوث يتلقون التعليم كما يتلقاه باقي الطلبة في المدارس الحكومية الفلسطينية، إلا أن عوامل عدة لا تساعدهم على التفوق، أهمها قلة الترويح والضغط النفسي الذي تعانيه المخيمات".

من جانبه وصف سعد حمايل من مخيم عسكر القديم، الوضع التعليمي لأبنائه بالمتدني، ويقول إنه لولا إصراره على تعليمهم ومتابعته اليومية لهم في البيت، لما استطاعوا الدراسة؛ لسبب مهم، هو الاكتظاظ وما يسببه من مشاكل للطلبة.

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تقدم للطلبة التعليم مجاناً، بينما اليوم يجب على الطلبة أن يدفعوا تبرعات مدرسية قيمتها 5 شواقل للصفوف الابتدائية وعشرة شواقل للثانوية.

تذمّر من الوضع الصحي:

لا يختلف الوضع الصحي في المخيمات الفلسطينية كثيراً عن الوضع التعليمي، بل وصفه اللاجئون بالأكثر سوءاً لعدم توافر العديد من الأدوية.

وقال منسق لجان الخدمات في مخيمات الضفة الغربية إبراهيم صقر لـ"لعودة" إن الوضع الصحي في المخيمات متردٍّ ولا يسد أقل حاجات السكان.

وأضاف قائلاً إن في كل مخيم عيادة صحية واحدة، يعمل فيها ثلاثة أطباء، أحدهم طبيب أسنان.

وتساءل: هل من المعقول أن الأطباء يقومون بدورهم الحقيقي كأطباء، حيث يعملون من الساعة الثامنة حتى الثانية بعض الظهر، يعالجون في خلالها ما يقارب 500 مراجع يومياً.

وأضاف صقر أن العيادة الصحية لا يمكنها أن تستوعب المراجعين.

وبيّن أن لجان الخدمات لديها شكاوى عديدة من المواطنين بخصوص النقص الحاد في الأدوية وعدم تغطية التحويلات إلى المستشفيات الخاصة.

وقال إن عدداً من الأمراض لا تتوافر أدويتها في عيادات الوكالة، مثل السرطان.

وبين أن التحويلات إلى المستشفيات الحكومية لا تغطى كاملاً، وضرب مثالاً على ذلك عمليات القلب؛ إذ تغطي الوكالة قسماً من العملية، والقسم الأخر على المريض، بالإضافة إلى تكلفة الشبكية على المريض وإذا ما زاد بقاؤه في المشفى على 10 أيام يتحملها المريض فقط..