مجلة العودة
حجارة السجيل.. عهد جديد
ثامر سباعنة/نابلس
 
 
لقد ظن نتنياهو أنّ عملية اغتيال سريعة للقيادي القسامي أحمد الجعبري، تتبعها سلسلة من عمليات القصف، كافية لأن ترفع رصيده الانتخابي لدى الشارع الإسرائيلي. لكن ما إن تدحرجت كرة الثلج، حتى باتت تكبر وتكبر وتنقلب على نتنياهو وكل كيان الاحتلال.

المقاومة فاجأت الجميع بقدرتها على امتصاص الضربة وتخطي عامل المبادرة الذي لعبت عليه دولة الاحتلال. واستطاعت المقاومة ـ بأسرع من المتوقع ـ أن ترسم خطوطاً جديدة للمواجهة والحرب، وأعلنت البدء بحرب (حجارة السجيل) رداً على (عمود السحاب) الذي أعلنه جيش الاحتلال اسماً لحربه على غزة.

حجارة السجيل تأسيس لعهد جديد لواقع غزة والقضية الفلسطينية:

• أعادت إلى القضية الفلسطينية وهجها وحضورها العربي والدولي، وقد تحركت الشعوب العربية في العديد من العواصم دعماً لغزة وفلسطين، وقد كان هذا التحرك سريعاً؛ إذ تحركت هذه الشعوب من ثاني يوم للحرب، ولم تنتظر أسابيع وأسابيع كما حصل في حرب الفرقان التي تأخر فيها الشارع العربي في نصرته لغزة.

• حرص جيش الاحتلال – حتى الآن – على تجنب قتل عدد كبير من المدنيين، على عكس حرب الفرقان، وذلك دليل واضح على خشية الاحتلال من تأثير ذلك على الشارع العربي الماضي في ربيعه، وبالتالي تصاعُد الغضب الشعبي العربي ضد كيان الاحتلال وتحوله إلى ثورة عربية حقيقية على الاحتلال.

• حجارة السجيل أثبتت مقدار الضعف والوهن في الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال، وعدم قدرة سكان هذا الكيان على الصبر وتحمّل فترة زمنية تحت الضغط والرعب. وقد تعرضت حكومة الاحتلال لموجة قوية من اللوم والعتب والمحاسبة من الشارع الإسرائيلي ومن وسائل الإعلام الاحتلالية؛ فملايين الإسرائيليين يسكنون الملاجئ، وهذا الأمر لا يستطيع الإسرائيلي تحمّله، بينما برهنت على قوة الجبهة الداخليه لغزة وثباتها، وإصرار أهلها على النصر، بل والتمسك بالمقاومة.

• أظهر فعل المقاومة وضرباتها للاحتلال أنه لم يعد هنالك خطوط حمراء، وأن الأرض الفلسطينية كلها أصبحت في مرمى المقاومة وقدرتها على الضرب. هذا الأمر سيدخل كيان الاحتلال في حالة من الرعب والبحث عن تهدئة حقيقية مع المقاومة. وقد تكون هذه الهدنة طويلة الأمد لتجنب الوقوع في مواجهة جديدة مع المقاومة، وبالتالي سقوط صواريخ على تل الربيع والقدس وباقي المدن الفلسطينية المحتلة.

• حجارة السجيل برهنت على صدقية المقاومة وإعلامها، وفي المقابل أظهرت كذب الاحتلال وضعف إعلامه؛ فقد استغلت المقاومة الإعلام أفضل استغلال، بل إن إعلام الاحتلال نقل الأخبار والصور من إعلام المقاومة، ولقد صدقت المقاومة في ما كانت تعلنه من عمليات قصف واستهداف لمواقع الاحتلال، وخير مثال هو إنكار الاحتلال لاستهداف المقاومة مدينة تل الربيع بالصواريخ لتثبت المقاومة ذلك بعد ساعات من خلال تسجيلات الفيديو التي نشرتها، ليعترف الاحتلال بعد ذلك بوقوع الصواريخ على تل الربيع.

•الضفة الغربية تحركت وثار أبناء الشارع الضفاوي نصرة لإخوتهم في غزة، وخرجت حماس الضفة بعد سنوات من غيابها عن الشارع الضفاوي ورفعت الأعلام الحمساوية في شوارع الضفة. بل إن الهتافات الحمساوية علت في سماء الضفة الغربية، وهذا يعني عودة حركة حماس إلى العمل في الضفة الغربية، بالإضافة إلى أن هذا يشير إلى مقدار الاحترام والحب والثقة الذي تملكه حماس في نفوس أهل الضفة الغربية وقلوبهم، رغم غيابها عن الفعل هناك.

• رئيس الوزراء المصري يزور قطاع غزة وسط القصف الاحتلالي، ويتبعه وزير الخارجية التونسي، بالإضافة إلى وفود عربية رسمية أخرى دخلت إلى قطاع غزة، رغم الحرب الاحتلالية عليه. وكذلك تصريحات المسؤولين العرب، كتصريح وزير خارجية قطر بأن جريمة الاحتلال يجب ألّا تمر بلا عقاب، ومسارعة وزراء الخارجية العرب إلى الاجتماع لبحث وضع غزة في اليوم الرابع للحرب. كل ذلك يؤكد تغيّر الحال والواقع الذي يحياه العرب، وأظن أن ذلك نتيجة قوة ضربات المقاومة وأثرها الحقيقي على الأرض.

حجارة السجيل تأسيس لواقع جديد ستحياه غزة والأمة العربية والإسلامية؛ فلن تكون هنالك تهدئة كما تعوّد الاحتلال، بل تهدئة أو هدنة حقيقية تخطّ سطورها المقاومة الباسلة. ولن يستمر الحصار الظالم المفروض على غزة، بل سيتصدع ويسقط أمام صبر أهل غزة وعطائهم. حجارة السجيل عهد جديد سيفكر بعده كيان الاحتلال ألف مرة قبل أن يقدم على اغتيال أي فلسطيني. حجارة السجيل روح جديدة تدب في روح الأمة والشعوب العربية وشعب فلسطين لتقول لهم إن تحرير فلسطين ليس بالمستحيل.