مجلة العودة

على ساحات الفيس بوك والمواقع الاجتماعيـة ... فلسطينيون يقاومون .."

على ساحات الفيس بوك والمواقع الاجتماعيـة ...

  فلسطينيون يقاومون في القرية الصغيرة، وصوت اللاجئين "يعلو ويرتفع"
 
العودة/غزة
 
على صدر صفحات «الفايس بوك»و»تويتر»ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، يعلو صوت اللاجئين المطالبين بحق العودة، وعلى فضاء تلك المواقع تتربع الصور واللافتـات المتضامنة مع اللاجئين، وفي مقدمتها «مفتـاح العودة»و»أوارق الطابو»، وهو الأمر الذي رأى فيه خبراء ومختصون ساحـة جديدة من ساحات الإبداع والتضامن الفعّال مع قضية اللاجئين وتحريك الرأي العام العالمي لنصرة قضية اللاجئين.

إلا أن هؤلاء المختصين أكدوا في أحاديثهم لـ»مجلة العودة»أن هذه المواقع المنتشرة عبر مختلف منتديات وشبكات التواصل الاجتماعي بحاجة إلى خطة عملية لكي تنظم عمل هذه الشبكات، وأن تتوحد جهـودها لخدمـة قضية اللاجئين.

وفي الأيام القليـلة الماضية، قام الآلاف من متصفحي شبكة الفايسبوك ونشطائها، بتغيير صورهم الشخصية إلى لوحات تضامنية مع اللاجئين في ذكرى النكبة.ويحاول النشطاء عبر هذه المواقع أن ينشروا التقارير والأخبار عن اللاجئين وأهم قضاياهم.

وبالرغم من أعدادها القليـلة ونشاطاتها المحدودة عبر فضاء شبكات التواصل الاجتماعي، يعمل الكثير من النشطاء بقـوة وفاعلية لكي تصل أصواتهم إلى جميع أنحاء العالم بسهولة ويسر وبلا قيود.

وعلى صفحات التضامن مع اللاجئين، يحاول القائمون عليها أن تصل أصواتهم إلى أبعد حد، وأن يلفتوا أنظار العالم وأحراره إلى معاناة الفلسطينيين في مخيمات اللجوء المنتشرة في مختلف الدول العربية والأجنبية.

عائـدون

والمتتبع لهذه المواقع، ومن أبرزها:«عائدون... لاجئ نت... العودة حق»، لا يحتاج إلى كثير من الوقت لكي يدرك مدى تميّزها من خلال استخدام الصور والمؤثرات الصوتية والمرئية والاعتماد على أكثر من لغة لمخاطبة الغرب وإقناع العالم بعدالة قضية اللاجئين.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين، بحسب إحصائيات فلسطينية، نحو 4,3ملاين، موزعين على الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية.

ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات الشتات ظروفاً اجتماعية واقتصادية صعبة وقاسيـة، ويعيشون في مساكن ضيقة ومتـلاصقة، فيما يتلقون المساعدات الإنسانية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا».

ويريد القائمون على هذه الصفحات أن تكون ـ في ظل السكوت الرسمي عن قضية اللاجئين ـ صوتاً قوياً يمد العالم بمعلومات وأخبار عن ملايين اللاجئين في الشتات، والتركيز على حق العودة، وأنه من أهم القضايا الفلسطينية وأَولاها.

«حـق العـودة» على صفحـة الفايس بوك ينشط ويزداد الإعجاب بزواياه يومياً. يحاول أن يعرّف العالم بالمخيمات التي يقطنها اللاجئون وكيف تسير حياتهم، وينشر العديد من مقاطع الفيديو التي تروي شهادات من عاصروا التشريد وآلام الهجرة عن الوطن.

وتطل «المجموعة 194»كأكثر وأبرز المواقع الإلكترونية تفاعلاً على شبكة الإنترنت، وهي كصفحة حق العودة والعديد من صفحـات التواصل الاجتماعي تتبع لناشطين أرادوا لأصواتهم أن ترتفع بعيداً.وكأغلب الصفحات، لا تتبع هذه العناوين لمنظمات حكومية.

واختارت المجموعة «القرار 194»عنواناً لها، باعتباره يتضمن الاعتراف الدولي بحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها، وترى المجموعة أن الدفاع عن هذا الحق وصونه مدخل للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

وبحسب المشرفين على «المجموعة 194»الإلكترونية، فإنها تنطلق في دفاعها عن قضية اللاجئين وحقوقهم باعتبارها حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، أكده الميثاق العالمي لإزالة كل أشكال التمييز العنصري والمواثيق الأوروبية والأميركية والأفريقية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكول عام 1967 الخاص بوضع اللاجئين والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

كذلك فإنها ترى أن حق العودة حق جماعي غير قابل للتصرف، ولا يسقط بالتقادم، كفلته الأمم المتحدة بقرارها رقم 194، وأعادت تأكيده أكثر من 110مرات، وهو إلى ذلك حق شخصي وطبيعي وشرعي، ولا تجوز فيه الإنابة أو التجزئة أو المقايضة أو التمييز، ولا تلغيه أية اتفاقيات تتناقض مع مضمون هذا الحق.

أكثر من موقع

وتعد صفحة «لاجئ نت»، الأكثر اهتماماً بقضية اللاجئين وأخبارهم، حيث تهتم بنقل أخبار اللاجئين في المخيمات، وإعداد التقارير والتحقيقات عن الأوضاع الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، وخاصة في لبنان.

وتعتمد الشبكة على عدد من الكتاب والمراسلين في مختلف المخيمات والتجمعات، إضافة إلى مجموعة من المعايير، أهمها أن الموقع الإخباري يتعاطى مع جميع القوى السياسية الفلسطينية، وينقل جميع الأخبار والآراء، ويغطي كامل المخيمات والتجمعات، ويفسح المجال أمام جميع الأفكار والمواقف.

وتتضمن الصفحة معلومات حديثة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية والقانونية للاجئين الفلسطينيين، كذلك فإنها تتيح للاجئين الفلسطينيين في لبنان التواصل مع المسؤولين من خلال إطلاقها لخدمة «بين اللاجئ والمسؤول»، التي تعطي الفرصة للاجئين للاستفسار عن قضية متعلقة بالشؤون الفلسطينية.

وعلى صدر صفحة «عائدون إلى مدننا»، ينشط التعريف بالمدن الفلسطينية وأبرز تلك المدن التي تشرد منها أهلها، مع التشديد على أهمية حق العودة والرجوع إلى الديار.

ويُعَدّ مركز العودة من أبرز مواقع اللاجئين في تعريف الرأي العام في أوروبا، وخاصة في بريطانيا، بالأبعاد الحقيقية للقضية الفلسطينية، وتسليط الضوء على الحقوق الفلسطينية الضائعة.

والمركز هو مؤسسة فلسطينية تُعنى بتفعيل قضية فلسطينيي الشتات والمطالبة بحقهم في الرجوع إلى ديارهم، وهو مركز يمثّل مصدراً إعلامياً أكاديمياً يسعى إلى أن يكون رافداً للمعلومات والنشاط السياسي للقضية الفلسطينية، وخصوصاً مسألة العودة، ويتخذ المركز لندن مقراً له.

ويهدف المركز ـ بحسب القائمين عليه ـ إلى إبراز قضية حق العودة، باعتبارها قضية سياسية وإنسانية، والحفاظ على هوية الشعب الفلسطيني العربية الإسلامية والحيلولة دون ذوبانها في المجتمعات التي يعيش فيها، وتسليط الضوء على هموم شعبنا في كافة أماكن إقامته، ومقاومة كافة مشاريع التوطين والتهجير التي تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين.

ويأمل المركز أن يصبح مصدراً للمعلومات والإعلام والنشاط السياسي الخاص بالقضية الفلسطينية، وخصوصاً قضية العودة التي يتبناها.

إنهم «ثـوار»

يتمنى القائمون على الصفحات المعنية بقضايا اللاجئين أن تتسع الجهود أكثر فأكثر، وأنتُفعَّل قضايا اللاجئين، إلى أن يُدفَع بهـا نحو جهدٍ موحد يضم كل الرؤى والاقتراحات والأنشطة المتعلقة بقضية اللاجئين.

ومنذ أن نشطت ثورة «الفايس بوك» ومواقع التفاعل الاجتماعي، تألق الشباب الفلسطيني في استخدامها من أجل نصرة القضية الفلسطينية والتركيز على قضايا اللاجئين. ففي العام الماضي كان الفايس بوك في مقدمة الميادين من أجل إحياء ذكرى النكبة، ويومها قام الناشطون الفلسطينيون بحملة واسعة على المنتديات الاجتماعية من أجل الإعداد لمسيرات العودة المليونية والزحف تجاه فلسطين لرفع الأصوات المطالبة بحق العودة.

 الناشط الشبابي «أحمد أبو رتيمة»، قال في حديث خاص لمجلة «العـودة» إن مسيرة العودة العام الماضي لم تكن لتنجح لولا التفاعل على صفحات التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها «الفايس بوك»، وقال:«إن الأصوات التي خرجت لتنادي بحق العودة كان جلها للشباب» وأضاف: «مسيرة العام الماضي الحاشدة كانت فكرة فشعاراً فصفحات ملأت فضاء المواقع الاجتماعية لتتحول إلى دعوات مصحوبة بالعمل على الأرض، لتخرج المسيرة المليونية إلى النور».

وقد انطلقت الفاعليات الواسعة في 5/15العام الماضي، وزحف اللاجئـون باتجاه فلسطين لرفع أصواتهم عالياً، مطالبين بحق العـودة، بالرغم من تنكيل الاحتلال بهم وإطلاق النار صـوبهم ليسقط عشرات الشهداء والجرحى.

وقد شكل هذا الحدث علامة فارقـة في تاريخ فاعليات حق العودة التي لم تكن تحظى بأي اهتمام عربي، ولو على شكل بيانات تطالب بعودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم المهجرة.

وشدد أبو رتيمة على أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في نصرة ملايين المشردين والمهجرين، لافتاً إلى أن استخدام هذا الفضاء الإلكتروني من شأنه أن ينعش الاهتمام بالقضية الفلسطينية وملفاتها وكشف معاناة اللاجئين وكافة القضايا التي تشكل ألماً ومعاناة للشعب الفلسطيني. ومضى أبو رتيمة يقول: «واليوم في عصر ثورات الشعوب وانتفاضة الإرادات، صار الوسط والمناخ مناسباً من أجل التحرك في هذا الاتجاه وتفعيله...».

ووصف أبو رتيمة نشطاء الفايس بوك والمواقع الاجتماعية بأنهم الـ»ثوار الجدد»ومن سيقودون ثورات التغيير وصناعة التاريخ، غير أنه استدرك متابعاً: «علينا أن نوحّد جهودنا   لنخرج بتضامن استراتيجي يوحّد هذه الخطوات وتصل أصواتنا إلى كل مكان وأن نخبر العالم أجمع أن شبابنا لم يعد يرتقب الحدث إنما يريد صناعته ..»

وأنشأ الفلسطينيون العديد من الصفحات الإلكترونية التي تنشر المعلومات والوثائق الخاصة بالقضية الفلسطينية، متّبعين التنوع في الشعارات والعناوين المطروحة.

ويُعَدّ موقع التواصل الاجتماعي «الفايس بوك»، من أكثر المواقع انتشاراً وتأثيراً في العالم، بعد أن ساهم بفاعلية في نجاح الثورة التونسية والمصرية، ليثبت ظهوره كمنظومة إعلامية جديدة يمكنها إيصال المعلومة بطريقة سريعة وتأثير أكبر من الوسائل التقليدية، ما يساعد ذلك زيادة عدد المشتركين في الموقع.

الإعلام الجديد

من جانبه، رأى الكاتب الفلسطيني ناجي شراب، أن عصر المواقع الاجتماعية وما تتيحه من تواصل سريع وفعّال أغرى الشباب الفلسطيني بتكوين منظومة إعلامية جديدة تعمل على نصرة القضية الفلسطينية، وتابع قائلاً: «الإعلام الفردي تطور في الآونة الأخيرة وأصبح إعلاماً شاملاً كاملاً، وخاصة مع الحرية التي تمنحها هذه المواقع.وبما أن القضية الفلسطينية من أهم القضايا، فإن الجميع يريد أن يدعم هذه القضية وأن يسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين».

غير أن شراب طالب بعقد دورات متخصصة في الإعلام الجديد وكيفية استخدام هذه المواقع ووضع خطة استراتيجية لحشد أكبر عدد من الجماهير والمؤيدين على مستوى العالم، والعمل على خلق فضاء واسع لإيصال رسائل الشباب الفلسطيني إلى الجماهير والتفاعل معـهم.

ويحاول الناشطون الفلسطينيون بشتى الطرق الاتصال عبر صفحات «الفايس بوك» مع شخصيات لها دور فاعل في المجتمع العربي والدولي للتأثير في الرأي العام العالمي لإيصال صوت معاناة الفلسطينيين إلى كافة المحافل الدولية.

الكيف لا الكمّ

ومعلقاً على هذه الظاهرة، أكد عصام عدوان، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في قطاع غـزة، الذي تحاول دائرته عبر الفايس بوك وتويتر أن تكون السبّاقة في نقل معاناة اللاجئين وهمومهم أن مواقع التواصل الاجتماعي أدت دوراً مميزاً ومهماً في حشد الرأي العام العربي والدولي الداعم لقضية اللاجئين الفلسطينيين وما يواجهونه من تشريد ومعاناة.

وأشار عدوان إلى أن عدد الزائرين لصفحة دائرة شؤون اللاجئين على موقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» بلغت ربع مليون زائر، وذلك يعطي دليلاً على أن الإعلام الجديد يؤدي دوراً مهماً في إيصال قضية اللاجئين إلى العالم والتعبير عن مشاكلهم.

وشدد عدوان في حديثه لمجلة «العودة»على أهمية الاستفادة من زمن التكنولوجيا والاتصالات التي حوّلت العالم إلى قرية صغيرة جداً، غير أنه استدرك قائلاً:»لكن لا نريد لهذه المواقع والصفحات أن تكرر نفسها وأن يكون عملها بطريقة غير منظمة وعشوائية؛ فلا أسهل من أن يؤسس أحدنا صفحة تتحدث عن اللاجئين، لكن السؤال المطروح اليوم: ماذا تريد هذه المواقع أن تقدم لقضية اللاجئين، وكيف نحقق الهدف المطلوب؟ فنحن لا نريد التغني بإضافات رقمية، بل أن نحتفي بأن تلك الصفحات أسهمت في حل معاناة اللاجئين».