مجلة العودة

الملف :فلسطينيو العراق... ملكنا أطراف الدنيا لجوءا

فلسطينيو العراق... ملكنا أطراف الدنيا لجوءا
ثامر مشينش /بغداد 

لم يكن يدور في خلد أحد أن خيمة اللجوء الفلسطيني ستُنصَب مرة أخرى في صحراء العرب. لكنّ سبب نصبها اليوم لم يكنالعدو الصهيوني البغيض، بل يد الشقيق الذي تلطخت يداه بدم أخيه. أما مؤسسات الأمم المتحدة فستستمر بدورها في الإذلال والتشتيت وطمس الهوية، والحكومات العربية تشارك باللامبالاة والصمت وغلق الحدود.

الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 سبب منذ اللحظات الأولى بطرد 430 أسرة فلسطينية من بيوتها، لتُنصَب لها الخيام في ساحات مجمع البلديات الفلسطيني في بغداد، ويُطلق عليها اسم «مخيم العودة»، لتكمل بعدها يد الغدر الطائفية الشعوبية، بمباركة الاحتلال، العمل على القتل والخطف والتهجير وترويع الآمنين، لتدفعهم إلى المجهول بحثاً عن ملاذ آمن، ليجدوا صحراء مقفرة وحدوداً عربية مُغَلُقة ويداً أممية عابثة، لتتشكل مخيمات الرويشد والطريبيل والهول والتنف والوليد، ولنجد بعدها فلسطينيي العراق موزعين على جهات الأرض الأربع في شتات جديد، ولم يبقَ سوى 7000 لاجئ فلسطيني من مجموع 35000 لاجئ كانوا يسكنون في العراق.

نتساءل إلى أين نحن ذاهبون؟ وما الهدف من كل ما يجري؟ الجواب يحتاج إلى تمحيص وتدقيق وإمعان بالأسباب والنتائج المحصلة لكل ما يجري.

لنبدأ مع اللاجئين الفلسطينيين داخل العراق:

الوضع القانوني

لم يكن هناك قانون يحدد طبيعة الوجود الفلسطيني، بل مجموعة من القرارات والتشريعات التي تتبع للمزاج السياسي لهذه الحكومة أو تلك، ما أتاح للقادم مع المحتل التلاعب بالفلسطيني كما يشاء وبالقانون. ثم هناك مسألة روح القانون بالتعامل مع النص، وهي غير موجودة، وعلى سبيل المثال القرار 202لسنة 2001 الذي ينص على:

أولاً – يعامل الفلسطيني المقيم إقامة دائمة في العراق معاملة العراقي في جميع الحقوق والواجبات، باستثناء الحق في الحصول على الجنسية العراقية.

ثانياً – يخوّل أعضاء مجلس قيادة الثورة ونواب رئيس مجلس الوزراء صلاحية حجز كل موظف يتصرف بما يتناقض مع أحكام هذا القرار، ولا يرفع أمره إلى الرئاسة إلا بعد مضي مدة ستة أشهر على إيداعه الحجز.

ثالثاً – لا يعمل بكل نص يتعارض وأحكام هذا القرار.

رابعاً – ينفذ هذا القرار من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

وقد فعّل هذا القرار مجلس شورى الدولة ومجلس الوزراء في عام 2010، لكن عند التطبيق على أرض الواقع لا نلمس أي أثر له. المطلوب تحديد قانون ثابت وواضح للتعامل مع الوجود الفلسطيني في العراق، وإيجاد آلية عملية لتنفيذ القرارات بنحو دقيق من دون ترك أي مجال للاجتهاد.

التحريض الإعلامي

هناك خطاب إعلامي تحريضي على الوجود الفلسطيني في العراق وعلى فلسطين عموماً. ونرى أن هذا التحريض ممنهج ومستمر وتصاعدي على مختلف القنوات الإعلامية المرئية والمقروءة الإلكترونية. التحريض يسبق أحياناً استهداف الفلسطينيين، ويكون سبباً للقتل أو الخطف والاعتقال والاتهامات الباطلة.

في المقابل، هناك تواطؤ من جهات نافذة في الحكومة العراقية من خلال الصمت على ما يجري وعدم القيام بدورها في توضيح الحقيقة والقيام بحماية الفلسطينيين، حتى لو كان بعضهم متهماً (لم تثبت حتى هذه اللحظة أي تهمة على فلسطيني عراقي بأذية العراق أو العراقيين).

المطلوب إيقاف التحريض الإعلامي، وانتهاج خطاب إعلامي رسمي يدعو إلى احتضان الفلسطينيين، ولا سيما أن الكثير منهم كان في خدمة العراق وضحّى من أجله، ومعاملتهم كأخوة ضيوف لحين عودتهم إلى بلدهم فلسطين.

الوضع الأمني

عمليات دهم وإهانات واعتقالات مستمرة، وأجواء متوترة في تجمّع الفلسطينيين في البلديات، ودائماً تكون التهم ملفقة، ليُفرَج عن المتهمين بعد فترة من السجن والعذاب، وبعد دفع مبالغ طائلة من الأموال، مع عدم وجود أي مرجعية فلسطينية أو عربية أو أممية تعمل على رعاية اللاجئين الفلسطينيين في العراق وحمايتهم. ولا نعلم أين الحكومة العراقية من كل ما يجري. هل هي سياسة تتبعها؟ أم أن هناك أطرافاً فيها تعمل على ذلك، ويصعب السيطرة عليها؟

في كل الأحوال، على الحكومة تحمّل مسؤولياتها وإيقاف هذا المسلسل من استهداف الفلسطينيين وحمايتهم.

الوضع الاقتصادي والمعيشي

الأوضاع الأمنية والقانونية والتحريض الإعلامي كلها أسباب لتضييق فرص العمل والتوظيف في القطاعين العام والخاص وارتفاع معدل البطالة وانخفاض مستوى الدخل، مع عدم وجود جهات داعمة مثل الأونروا أو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أو مؤسسات المجتمع المدني يصبح اللاجئ في مستوى خط الفقر أو تحته.

نتيجة لكل ما جرى ويجري إلى الآن، نرى اللاجئ مضطراً إلى إخفاء هويته الفلسطينية من أجل الحفاظ على حياته، ومهيّأً للتخلي عن هويته، أو هكذا يراد له، مقابل إيجاد ملاذ آمن يحيا فيه بكرامة كبقية بني البشر في العالم. وهذا ما سعى إليه أصحاب المشروع الصهيوني منذ طردهم الفلسطينيين من بلادهم عام 1948، وها هم يستكملون حلقاته بعد أكثر من ستين عاماً.

فهل سنبقى متفرجين على ما يجري لفلسطينيي العراق ونشارك بمزيد من البيانات والشجب والتنديد، أم أنّ هناك حلولاً؟

مخيمات فلسطينيي العراق الصحراوية

هذه المخيمات هي وصمة عار على جبين الحكومات العربية؛ لأنها أقفلت الحدود بوجه اللاجئين، وتركتهم يفترشون صحراء مقفرة في خيام بالية، ولم تترك لهم خياراً سوى القبول بعروض الأمم المتحدة في الشتات الجديد إلى أصقاع الأرض من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.

نعرض المخيمات (والحلول الإبداعية) للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين

مخيم الرويشد

أنشئ داخل الحدود الأردنية، وضم ما بين خمسمئة وألف شخص، وسمحت الحكومة الأردنية بدخول نحو 386 من الفلسطينيين المتزوجين بأردنيات وأولادهم، وأُغلق المخيم في أواخر سنة 2007، بعدما عاد جزء من قاطنيه إلى بغداد بإغراءات مادية ووعود، والجزء الآخر رُحِّل إلى البرازيل وكندا.

الفلسطينيون الذين أُدخلوا إلى الأردن لم يُسمَح لهم بالعمل، ولم يمنَحوا جوازات أو حتى هويات، أي زادت معاناتهم بتخلي المفوضية عنهم.

107 لاجئين هُجّروا إلى البرازيل، اضطُروا بدوافع عدة إلى القبول بمثل هذا البلد، الذي يفتقر إلى أبسط مقومات إعادة تأهيل اللاجئين، لا اندماجهم. ومازالوا يعانون، وقد شُتِّتوا داخل البرازيل. وطلب من بعض نسائهم العمل في البارات والملاهي الليلية، مع العلم بأنهم أُفهموا أن أبناء البلد يحترمون عادات الفلسطينيين وتقاليدهم. وتنتهي مهمة المفوضية بوصولهم إلى البرازيل.

54 لاجئاً إلى كندا قد يكون وضعهم أفضل، لكنهم أيضاً مبعثرون في ولايات متباعدة.

مخيم التنف

أُنشئ بين الحدّين السوري والعراقي في 2006/5/12 بمجموعة صغيرة من اللاجئين. وكان أكثر من ألف لاجئ من أصل 1300 لاجئ فلسطيني مرّوا على هذا المخيم في أوقات مختلفة قد نُقلوا إلى دول أخرى، مثل: تشيلي، والسويد، وإيطاليا، وبلجيكا، والنرويج، وهولندا، وفنلندا، وبريطانيا. فيما نقل 300 لاجئ آخر إلى مخيم «الهول»، الذي يضم حالياً نحو 600 لاجئ يعيشون في ظروف غير ملائمة. أُغلق المخيم بتاريخ 2010/2/3، واحتفلت المفوضية بإغلاقه، رغم أنها وزعت اللاجئين على تسع دول، ورحّلت 300 منهم إلى مخيم الهول في الحسكة. وقال نائب ممثل المفوضية في دمشق، فيليب ليكلير: «استطعنا إغلاق المخيم، وهذه خطوة مهمة وإنجاز على طريق التوصل إلى حلول ملائمة للاجئين الفلسطينيين»، لافتاً إلى «أن مئات من اللاجئين الفلسطينيين لا يزالون يعيشون في مخيم «الهول» وهم بحاجة إلى قدر مساوٍ من التعاطف والتفهم من جانب المجتمع الدولي».

اللافت أن هناك عوائل كانت في مخيم التنف شُتِّتَتْ إلى أماكن متباعدة. مثلاً، عائلة حسين صادق أبو نوفل أُرسل الأب والأم الكبيرا السن والعمة الضريرة إلى إيطاليا، بينما أُرسل أبناؤهم إلى كندا. وعائلة أم عادل أبو الهيجا أُرسل الابن الأكبر إلى السويد والآخر إلى إيطاليا. بينما رُحّلَت الأم إلى مخيم الهول في الحسكة. والأمثلة كثيرة.

والطامة الكبرى في 181 شخصاً رُحِّلوا إلى بلاد المافيا في إيطاليا، حيث لم يجدوا الرعاية الكافية لتأهيلهم ودمجهم في المجتمع. وكثيرون منهم كانوا من كبار السن، حيث لا يستطيعون العمل، ولا ضمان اجتماعياً له، بالإضافة إلى أجواء الكراهية والمعاداة لهم؛ إذ إن بعض البيوت التي وُزِّعت عليهم مصادرة من المافيا.

وحاول 154 منهم إيجاد حل لهم باللجوء إلى السويد، لكن وقفت معاهدة دبلن في طريق حل موضوعهم، رغم تقصير إيطاليا، والحل يكون بإرجاعهم إلى إيطاليا وتوزيعهم على مختلف المدن الإيطالية بعدما كانوا موزعين على ثلاث مناطق، فضلاً عمّا عاناه المهجرون الـ116 إلى تشيلي، الذين وُزعوا على ثلاث مناطق.

أما من حالفهم الحظ بالترحيل إلى دولة أوروبية، فلديهم الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية، والحالات الكثيرة من الطلاق دليل على ذلك على وجهة المقارنة بعدم وجود حالة طلاق واحدة في مخيم التنف خلال أربع سنوات ونصف من وجودهم في الصحراء.

مخيم الوليد

يقع هذا المخيم على الجانب العراقي من الحدود مع سوريا عند معبر الوليد الحدودي، في منطقة نائية ليست بعيدة عن مخيم التنف.

AL-Waleed was formally recognizedas a camp in December2006. جرى الاعتراف رسمياً بالوليد معسكراً في كانون الأول/ ديسمبر عام 2006.The camp had over 1500 residents who fled ongoing threats and attacks in Baghdad.وكان في المخيم أكثر من 2000 من السكان الذين فروا من التهديدات المستمرة والهجمات في بغداد.

Recently, The US government,approved 1350 of the camp residents for resettlement in the USA approved ، .ووافقت الحكومة الأمريكية على إعادة توطين (1350) من سكان المخيم في الولايات المتحدة. this major rescue operation degan in September2009.وبدأت هذه العملية (إنقاذ كبرى) في أيلول/ سبتمبر عام 2009. وفي الثاني من كانون الأول/ ديسمبر عام 2009، وصلت 45 عائلة إلى الولايات المتحدة وتوزّع أفرادها على عدّة ولايات، مثل: كاليفورنيا، تكساس، أيداهو، جورجيا، ويسكونسن، إيلينوي، بنسلفانيا، نيويورك، وكونيتيكت، فيرجينيا وفلوريدا.Refugee agencies contracted by the US government have been providing some essential services to those arriving. وهناك أيضاً 29 لاجئاً من المطلقات والأرامل وأولادهم القُصَّر، رُحِّلوا إلى آيسلندا، وآخرون إلى فرنسا والنرويج وفنلندا وغيرها، ولم يبقَ سوى 286 لاجئاً تعمل المفوضية بالاتفاق مع وزارة الداخلية العراقية على إعادتهم إلى بغداد، رغم استمرار الوضع السيئ للفلسطينيين داخل العراق ورفض اللاجئين للعودة، حيث تقوم المفوضية بمزيد من الضغط بتقليص الخدمات والتخلي تدريجاً عن اللاجئين.

مخيم الهول بالحسكة (بانتظار إغلاقه بوجه معاناة اللاجئين)

Located in the Hasaka desert region of Syria.يقع في منطقة الهول التي تبعد 40 كم عن الحسكة السورية الواقعة شمال شرق سورية، وعلى بعد 700 كم عن دمشق. أُنشئ المخيم عام 1991 لاستقبال اللاجئين العراقيين، ثم أُغلق إلى أن أُعيد افتتاحه لاستقبال 18 لاجئاً فلسطينياً فروا من العراق في أواخر 2005، ثم تبعتهم مجموعة أخرى تتكون من 286 شخصاً دخلوا المخيم في 2006/5/9 بموافقة سورية إثر توسط الدكتور محمود الزهار وزير خارجية فلسطين آنذاك. سكنوا الخيام البالية لمدة أربعة أشهر، وبعد تفاوض بين لجنة إغاثة فلسطينيي العراق وخيّرين من أبناء سورية الحبيبة مع مفوضية اللاجئين، كان الاتفاق على بناء وحدات سكنية لهم، لم تدفع المفوضية من تكلفتها سوى مواد من الحديد وسقوف الزنك كانت لديها والباقي تبرع به الخيّرون.

خدمات المفوضية بطيئة وضعيفة، ومشاكل عديدة من حالات التسمم أصابت اللاجئين، ثم تأتي الحلول للتشتيت: عائلتان إلى فرنسا، وعائلة إلى الدنمارك، والبقية وُزعوا بين كندا وأوستراليا والسويد، ولم تنتهِ مأساة المخيم.

كعادة المفوضية، تسعى إلى أغلاق المخيمات بترحيل معاناة اللاجئين إلى مناطق أخرى، حيث رحّلت مجموعة كبيرة من اللاجئين من مخيم التنف إلى مخيم الهول بالحسكة، على أن تحل مشاكلهم خلال أيام أو أشهر محدودة. لكن ما زال أكثر من مئة لاجئ منهم في مخيم الهول ينتظرون الحل.

ما يزيد على مئتي لاجئ مسجلين في مخيم الهول يسكنون في المخيم، وما يزيد على ألف ومئتي لاجئ مسجلين في المخيم (وضعهم قانوني بوجودهم داخل المخيم)، لا تسمح لهم المفوضية بالسكن فيه. من يصل إلى المخيم تمنع عنه المفوضية الغذاء والدواء، ولو كان بيدها لقطعت عنه الهواء. وما يقارب ألف لاجئ غير مسجلين في مخيم الهول تمانع المفوضية تسجيلهم في المخيم لتحرمهم الوضع القانوني السليم من دون إيجاد البديل لهم.

30 لاجئاً تحدَّوا قرار المفوضية نتيجة لظروفهم الصعبة، محاولين إيجاد موطئ قدم لهم في المخيم. لكن المفوضية تحاول بكل ما أوتيت من قوه كسر إرادة اللاجئ وإرغامه على الرضوخ لسياستها، ولو كانت ضد مصلحته.

ثم تُطلّ علينا المفوضية، معربة عن نيتها إغلاق المخيم، وذلك بنقل 132 لاجئاً إلى مخيم خان الشيح لتنتهي معاناة اللاجئين بحسب وجهة نظرها، وكأن (2400) لاجئ لا قيمة لهم، وحين نسأل المفوضية عن الحل لبقية اللاجئين تردّ بأنّ الجواب في حينه.

إلى متى ستبقى المفوضية تدير ظهرها للاجئ الفلسطيني؟ كل لاجئي العالم حلت مشاكلهم إلا أنت أيها الفلسطيني. فما هو الجرم الذي اقترفه؟

محطات لجوء تنتظر الحلول

قبرص

خاضوا عباب البحر الهائج متسللين إلى ما اعتقدوه ملاذاً آمناً. منهم من مات غرقاً، ومنهم من اجتاز حقلاً من الألغام، مجازفاً بحياته ليضمن مستقبلاً آمناً لأولاده، وربما خسر أولاده في الطريق. وصل عددهم إلى ما يقارب 2500 لاجئ في مدينة لارنكا على ساحل البحر. ظنوا لوهلة أنهم وصلوا إلى مرادهم، لكنهم فوجئوا بكمّ هائل من العنصرية البغيضة والتعامل السيئ لا يحترم عادات وتقاليد، ولا يعطي حرمة لامرأة أو عجوز. تصوروا أن يُطلَب من امرأة عجوز العمل في ملهى ليلي (هل من مجير؟). حجج واهية لإلغاء ملفاتهم وإجبارهم على الرحيل إلى المجهول مرة أخرى، ومن لا حيلة له يوضع في معسكر للاجئين بأدنى حقوق الآدمية. والبعد الرسمي الفلسطيني عاجز عن فعل شيء إلا زيارة يقوم بها بين الحين والآخر السفير لمعسكرات اللاجئين. أعدادهم تتناقص، وذلك بالعودة إلى خوض عباب البحر مرة أخرى نحو المجهول.

ماليزيا

إلى جنوب شرق آسيا رحلوا. منهم من رحل إلى سيريلانكا أو تايلند أو إندونيسيا. لكن العدد الأكبر منهم، وهم عشرات الأسر، كانت وجهتهم ماليزيا، لعلّ هناك أمناً واستقراراً أو طريقاً للاستقرار. لكنهم ما زالوا إلى اليوم يعانون. المفوضية متبلدة المشاعر تجاههم، وفرص العمل قليلة، وإلى اليوم لم يستطيعوا دفع تكاليف الدراسة الباهظة لأبنائهم، ويعانون ارتفاع تكاليف العلاج. وإلى هذه اللحظة لم تلح في الأفق أية بوادر لانفراج أزمتهم.

الهند

تخيل أن الدول العربية بما رحبت ضاقت على فلسطينيي العراق لتصبح الهند، بلد الفقر والأوبئة، إحدى محطات اللجوء لمجموعة من اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا العراق إثر تعرضهم للقتل والاضطهاد. خرجوا يبحثون عن الأمان، مخاطرين بحياتهم للوصول إلى الهند.

أولى المجموعات وصلت في عام 2006، وعدد أفرادها 183 لاجئاً، وقد هُجِّروا في عام 2008 إلى السويد والنرويج. أما ثانية المجموعات فكان عدد أفرادها 37 لاجئاً دخلوا الهند في 2007، بالإضافة إلى 18 فلسطينياً في 2008، وعائلة فلسطينية من 4 أفراد في 2009. واليوم بقي منهم بضعة وثلاثون فلسطينياً في الهند قادمين من العراق، وهم بانتظار الالتحاق بقطار الشتات الجديد إلى كندا وأمريكا.

تركيا

إلى مناطق غازي عينتاب ومرسين وأنطاليا بضع عشرات من اللاجئين وصلوا إلى تركيا وسُجلوا في مفوضية اللاجئين. إقامتهم محددة في مناطق وجودهم. ظروف معيشية قاسية وغير مسموح لهم بالعمل. منهم من جرى توطينه من قبل المفوضية إلى كندا وأمريكا، ومنهم من ينتظر، وما زال البعض يلوذ إلى تركيا لعله يجد حالة من الاستقرار.

هذا حالنا نحن فلسطينيي العراق. ملكنا أطراف الدنيا لجوءاً، وما زلنا نستهدف داخل العراق، وما زلنا لا نستقبل أو نطرد في كثير من البلدان.

ما الجرم الذي اقترفناه؟ وما المطلوب منا حتى نحصل على رضاكم؟

أعتقد أننا بشر مثلكم ونستحق الحياة