مجلة العودة

حضور لافت في الحراك الشعبي وإغلاق ملف سحب الجنسيات

حضور لافت في الحراك الشعبي وإغلاق ملف سحب الجنسيات
حصاد 2012: اللاجئون الفلسطينيون وأمل المواطنة الكاملة


العودة - عمان


لم تختلف أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الأردن عن حالهم في السنوات الماضية؛ فعام 2012 كان حافلاً بالأحداث والقرارات التي مست تلك الطبقة، فضلاً عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي توالت عليهم من قرارات رفع أسعار.سحب الجنسيات، رفع أسعار المحروقات، المطالبة بالإصلاح، تقليص خدمات الأونروا، وغيرها من الملفات التي تهمّ اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، كانت مثاراً للجدل، وقضايا حساسة شهدها عام 2012، وكان فيها العديد من الإجراءات التي أُصلحت، لكن ملفاتٍ أخرى بقيت موجودة ولم يتغير حالها.

مجلة "العودة" من خلال حصاد 2011 تسلط الضوء على مجموعة من الفعاليات والأحداث التي تخص اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وما آلت إليه بعض القضايا التي تمسّ أوضاعهم المعيشية.

سحب الجنسيات

خلال عام 2012 عملت الحكومة الأردنية على تعديل العديد من القضايا التي تتعلق باللاجئين، وكان منها تصويب أوضاع حملة بطاقات الجسور، التي أقرها مجلس الوزراء الأردني. وتضمن القرار إعادة الأرقام الوطنية لحاملي بطاقات الجسور الصفراء ممن فقدوا حق المواطنة في الضفة الغربية أو سحبت منهم بطاقات إحصاء الجسور الصفراء على هذا الأساس. وقرر المجلس تشكيل لجنة لدراسة التعليمات النافذة ومعالجة الاختلاف في نص المادتين 2 و11 من التعليمات الصادرة عن وزير الداخلية عام 2002 بحيث تُقَرّ تعليمات ناظمة لقرار فكّ الارتباط، يكون فيها الوضوح والشفافية عنواناً لعمل دائرة المتابعة والتفتيش.

وكان مجلس الوزراء قد شكل لجنة وزارية دائمة لدراسة تصويب أوضاع عدد من حملة بطاقات إحصاءات الجسور.

وفي ما يتعلق بموضوع سحب الجنسيات الذي شغل أذهان العديد من اللاجئين، فقد عملت الحكومة الأردنية على تحديد الجهة التي من خلالها تُسحب الجنسيات من المواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية. كذلك أُعيد النظر في قرارات سحب الجنسية وحصرها بالمجلس. وجمّد مجلس الوزراء عمل دائرة المتابعة والتفتيش، وقرر اعتبار دائرة الأحوال المدنية والجوازات المرجعية للأردنيين غير الخاضعين لتعليمات فكّ الارتباط، لا دائرة المتابعة والتفتيش التي عملت على مدار 10 سنوات في التحكم بسحب الجنسيات من دون مبررات.

تقليص خدمات الأونروا

وبالنظر إلى ملف وكالة الغوث والحديث المتجدد عن تقليص عمل تلك المؤسسة الدولية تمهيداً لحلها، شهد عام 2012 تأكيداً للمخاوف من تقليص خدمات وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين، وتحديداً في ما عُدَّ أنه إنهاء مستقبلي للمؤسسة الدولية التي تقدم خدمات الإغاثة للاجئين.

وعبّرت الحكومة غير مرة عن قلقها العميق بسبب ما آلت إليه أوضاع وكالة الغوث والفجوة الكبيرة بين الاحتياجات المالية اللازمة والإيرادات المتوافرة، الأمر الذي ينعكس سلباً على أوضاع اللاجئين من حيث الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.

ولعل تراجع الخدمات في وكالة الغوث كان له تأثير أيضاً في الأوضاع التي يمر بها اللاجئون؛ إذ طاول نقص الخدمات كافة فئات اللاجئين الفلسطينيين، حيث إن أكثر من 60 في المئة من سكان المخيمات في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 45 منهم عاطلون من العمل، وأكثر من 76 في المئة من اللاجئين ليس لديهم ممتلكات في أماكن لجوئهم، ونحو60 في المئة من عائلات اللاجئين يبلغ عدد أفرادها أكثر من 8 أشخاص.

اللاجئون والحراك الشعبي

مطالبين بالإصلاح، ورافضين للتخريب، انطلق اللاجئون من المخيمات يطالبون بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والسياسية، والنظر إلى حقوق اللاجئين كغيرهم من المواطنين؛ فالمخيمات الفلسطينية التي طالبت جهات رسمية باستبعادها من الحراك الأردني المطالب بالإصلاح، دخلت خلال عام 2012 إلى سياق المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وقد كان لافتاً للانتباه دخول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على خط الاحتجاجات الشعبية السلمية، حيث شهدت مخيمات البقعة شمال عمّان وعزمي المفتي في إربد والحسين وسط عمّان وفي مدينة الزرقاء مسيرات حاشدة طالبت بالإصلاح السياسي والاقتصادي.

وكان خروج المخيمات في بداية الحراك الأردني مستهجناً من بعض فئات المجتمع الأردني، وذلك على اعتبار أنهم أصحاب مواطنة منقوصة ولا يحق لهم المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد كغيرهم من حملة الأرقام الوطنية. فيما أكد اللاجئون ضرورة حضورهم السياسي على الساحة الأردنية، وذلك عبر المطالبة بالإصلاح في المسيرات التي خرجت تطالب بمحاربة الفساد في شتى مناطق المخيمات.

رفع أسعار المحروقات

ومع تصاعد الاحتجاجات في الأردن بعد قرار رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور برفع الدعم الحكومي عن أسعار المشتقات النفطية في شهر تشرين الثاني، وجد فلسطينيو الأردن أنفسهم أمام أزمة اقتصادية جديدة مع قرارات الحكومة الأردنية برفع أسعار المواد التموينية والمحروقات.

ولا يزال اللاجئون الفلسطينيون في الأردن يعيشون وضعاً اقتصادياً صعباً مع قرار رفع أسعار المحروقات التي تمسّ جوانب الحياة في الأردن، وارتفاع تكاليف المعيشة.

وأعلنت الحكومة رفع الدعم المالي عن المحروقات، مؤكدة أن القرار جاء لتوجيه الدعم إلى مستحقيه من الأردنيين الذين يحملون الأرقام الوطنية، فيما قالت إن الدعم المالي المقدم إلى المواطنين يستحوذ عليه الأغنياء والعمالة الوافدة، ما يعني أن رفع أسعار المحروقات سيؤثر مباشرة على اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يحملون الأرقام الوطنية، ومنهم أبناء قطاع غزة وغيرهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين يحملون الوثيقة المصرية.

ورغم ما يعيشه اللاجئون من ارتفاع في معدلات الفقر، إلا أن القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الأردنية ستؤدي إلى تصاعد مستويات الفقر والبطالة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين، وذلك مع تقلص ميزانيات الأسر التي تآكلت وضعفت نتيجة غلاء أسعار المواد الغذائية والمحروقات.

مجلس النواب والانتخابات

تميل نسبة من اللاجئين الفلسطينيين إلى مقاطعة الانتخابات النيابية في الأردن بسبب فشل المجالس النيابية في تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، سواء في العمل في المؤسسات الرسمية أو تحسين أوضاع المخيمات من حيث أماكن السكن.

ودفع الفشل الحكومي في الحشد للانتخابات النيابية، إلى اللجوء للمخيمات الفلسطينية المنتشرة في الأردن، بهدف دفع أكبر عدد من سكان المخيمات إلى المشاركة في الانتخابات التي تواجه مقاطعة كبيرة، ولا سيما من أبرز القوى السياسية في الأردن.

وفيما تدافع الحكومة عن قانون الصوت الواحد الذي دفع إلى مقاطعة كبيرة في أوساط المجتمع الأردني للانتخابات، وما يجري من مسيرة توصف بالبطيئة تجاه الإصلاح السياسي في الأردن، يرى مراقبون أن دفع الحكومة إلى اللجوء للمخيمات بهدف زيادة أعداد المسجلين للانتخابات الذي تجاوز عددهم أكثر من مليون ناخب، مسيء إلى المخيمات الفلسطينية التي طلب منها غير مرة عدم المشاركة في العملية السياسية.

ووسط مقاطعة كبيرة للانتخابات النيابية القادمة في الأردن المقرر عقدها في منتصف شهر كانون الثاني من عام 2013، نشط في الآونة الأخيرة حراك غير مسبوق لمؤسسات ليس الهدف منه الدفع بمشاركة أبناء المخيمات في الانتخابات فحسب، بل في تشكيل قوائم انتخابية تساعد على رفع تمثيل اللاجئين الفلسطينيين في مجلس النواب.

وعزز قانون الصوت الواحد وما استُحدِث في الدوائر الوهمية هذا الحضور، بل وصل إلى حد التنافس داخل العشيرة الواحدة، وبالتالي جزأت هذه الانتخابات المجزأ وأنتجت برلماناً على المقاس «الحكومي».

وأخذت نسبة تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية داخل البرلمان الأردني تتراجع خلال السنوات الماضية، بسبب ما يرى اللاجئون أنه تطبيق قانون الصوت الواحد الذي طبق في الأردن منذ عام 1993، واعتمد على التمثيل الجغرافي في البلاد وبحسب الدوائر والمحافظات، إلاَّ أنهم يضمون صوتهم في الوقت الحالي إلى الأصوات المطالبة بقانون انتخاب يعتمد على البعد الديموغرافي للسكان داخل الأردن.

فعاليات العودة

نشطت خلال عام 2012 فعاليات حثّ العودة والتذكير بأهمية حق العودة إلى فلسطين؛ فقد أُقيمت فعاليات ومهرجانات تطالب بالثبات على حق العودة ورفض أي تصريحات سياسية تعرب عن حق التفاوض أو التنازل عن العودة.

وأكدوا ضرورة العودة إلى المقاومة، وأن تحرير فلسطين لن يتحقق إلا بالمقاومة، لا عبر طاولة المفاوضات التي وصفوها بالعبثية، مؤكدين أن المشروع الصهيوني في انحسار، في ظلّ تقوقع الكيان الصهيوني ونهضة الشعوب العربية.

وجدد اللاجئون الفلسطينيون في الأردن تأكيدهم المطلق أن الأردن ليس وطناً بديلاً من فلسطين، وإن كانت الدعوات التي يطلقها العديد من دعاة الوطن البديل و"الكونفدرالية" قد ارتفعت في الآونة الأخيرة.

إلا أن تأكيدات اللاجئين تثبت الرفض المطلق والكلي لفكرة الوطن البديل أو الترويج له وأنهم يقفون في وجه الأطماع الصهيونية بكل حزم.

وخلال عام 2012 وجهت نخبة من القادة السياسيين والمفكرين ورجال الدولة والنشطاء المدنيين والإعلاميين ما يمكن وصفه بأنه أجرأ وأهم رسالة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تحصي بين يديه مظاهر التمييز الرسمي ضد المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني.

وشددت الرسالة التي تُعَدّ الأولى من نوعها، على التحدث بصراحة مع الملك، متمسكة بحق العودة ورفض الوطن البديل، وكذلك رفض الانتقاص من انتماء المواطن من أصل فلسطيني أو ولائه لوطنه ودولته الأردنية.

وصدرت الرسالة باسم المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية، وهي عبارة عن تجمع نخبوي ضاغط برز في البلاد منذ خمسة أشهر وصدرت عنه عدة دراسات قانونية عن مظاهر التمييز ومؤشراته في مؤسسات الدولة الأردنية.♦