مجلة العودة

نسيمة أيوب : وبدو القدس أيضاً يهجّرون

وبدو القدس أيضاً يهجّرون

نسيمة أيّوب/ بيروت

لقد غطت هذه الصفحة منذ عددين معاناة البدو في صحراء النقب وتحدثت عن مخطط برافر الذي ينوي تهجير أكثر من 30 ألف من البدو الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم.. وفي هذا العدد سيتم استعراض عملية تهجير أخرى ضحيتها عشرون تجمعاً بدوياً من مناطق القدس وأريحا. ونبدأ مع جريدة الغارديان اللندنية The Guardian والتي نشرت في عددها الصادر في 5ديسمبر/كانون الأول الماضي أن السلطات الإسرائيلية ستهجّر حوالي 2300 شخص من بدو الجهالين إلى موقع بالقرب من مكب للنفايات على مشارف أبو ديس شرقي القدس.

وتنقل الغارديان عن البدو اعتراضهم بأن هذا التهجير سيعرّضهم لمخاطر صحيّة وسيحرمهم من الوصول إلى أراض صالحة للرعي.. كما أنه يهدد نمط حياتهم وعيشهم التقليدي. وبالنسبة للأمم المتحدة فإن موقع البدو الجديد لا يتمتّع بالحد الأدنى من المعايير الصحية للسكن.. أي من حيث المسافة التي تفصله عن المكب.. وخاصة أن بعض العائلات التي نقلت هناك من قبل عانت من مصاعب صحية وحالات وفاة...

ويعتبر البدو أن قدرتهم على الصمود قد تراجعت أمام اتساع المستوطنات اليهودية وإنشاء مناطق عسكرية وتهديم البيوت وحظائر الحيوانات وبناء طريق سريع قطّع أواصر مناطقهم. ويُعتبر هذا التهجير مرحلةً أولى من برنامج طويل الأمد يهدف إلى تهجير 27,000 بدوي من منطقة Cفي الضفة الغربية، والتي تساوي 62% من أراضي الضفة، كما تقع هذه المنطقة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية.

وتضيف الغارديان أن البدو أنفسهم لم يبلّغوا بالخطة التي كشفتها الإدارة المدنية الإسرائيلية للأمم المتحدة. ذلك ما عدا زيارة قام بها رئيس هذه الإدارة إلى منطقة خان الأحمر أعلن خلالها أن ملكية هذه المناطق تعود للحكومة وأن وضع البدو فيها غير قانوني..

وتضيف الغارديان أنه سيتم تكريس الأراضي التي ستسحب من أماكن وجود بدو الجهالين لتوسعة مستوطنة معالي أدوميم. وتنقل الصحيفة عن بعض الفلسطينيين قولهم أن ما يحدث هو جزء من خطة استراتيجية لبناء سلسلة من المستوطنات تعزل شرقي القدس عن الضفة الغربية.. وتوسّع مستوطنة معالي أدوميم إلى منطقة غور الأردن حتى يتم تقسيم الضفة الغربية بالكامل.. وبالتالي سيصبح إنشاء دولة فلسطينية مترابطة على هذه الأراضي مستحيلا.

أما جريدة The Washington Postفقد نقلت في13 ديسمبر أن هناك معارضة أمريكية شديدة لمخطط التهجير وتوسعة معالي أدوميم وذلك لأن هذا الأمر سيُحدُّ من احتمالات إقامة دولة فلسطينية مترابطة..

بالمقابل فإن زاك رسنِك من موقع Mondoweiss، قد أشار في 2 نوفمبر الماضي، أن 80% من هؤلاء البدو هم من مهجري 1948. وبالرغم من أنهم يحصلون على مساعدات إنسانية.. إلا أن 55% من هذه المجتمعات البدوية تعاني من نقص في الغذاء. وفي 13 ديسمبر أيضاً، نقل ألستير جورج من حركة التضامن العالمية وذلك على موقع الحركة على الإنترنت، تصريحاً لإيال هاروفني، الباحث في منظمة B’Tselem بأن إخلاء منطقة C من كل البدو يعني أن أكثر من 20% من الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة سيُهجّرون منها رغماً عنهم. وهذا يُعتبر قانونياً خرقاً صارخاً لحقوق الإنسان.. وهناك بعض المنظمات التي وصفته بأنه جريمة حرب.

أما بالنسبة لمكب النفايات والذي سيكون موقع السكن الجديد للبدو.. فهو مكب يحتوي على سبعة ملايين طن من النفايات والتي فشلت السلطات الإسرائيلية في السيطرة على الغازات المنبعثة منه. وقد كان مقرراً إغلاقه في 2006 ثم تأجل الأمر عدة مرات وآخرها حتى سنة 2012. ويضيف هاروفني أن 95% من النفايات تأتي من "إسرائيل"، أي من مناطق فلسطين المحتلة سنة 1948.. وقد أقرّت وزارة البيئة الإسرائيلية أن هذا هو أسوأ مكب للنفايات يستعمله الإسرائيليون.

ويشير ألستير جورج أيضاً إلى تصريح لنيكولا هاريسون، المسؤولة في منظمة الأونروا، أنّ الجدول الزمني للخطة الإسرائيلية غير واضح، وأنّ الإسرائيليون يرفضون إظهار المخططات المكتوبة لأي طرف خارج السلطات الإسرائيلية.. ولكنها أكدت أنّهم ماضون في تنفيذها.

العراقيب.. الجهالين.. خان الأحمر.. أسماء متعددة لمعاناة واحدة.. التهجير والتشريد والاستخفاف بكل من هو غير يهودي .. والخطط ذات هدف واحد، ألا وهو قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وتحت عباءات مختلفة. إنه الاحتلال بصورته الحقيقية البشعة... وهذه الممارسات هي عين العنصرية..