مجلة العودة

الفلسطينيون في لبنان ..هل نقرع الجرس؟

الفلسطينيون في لبنان ..هل نقرع الجرس؟


ماهر شاويش
 

أزمة مركَّبة ومعقَّدة يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، بدأت تفاصيلها وحيثياتها منذ إرهاصات النكبة الأولى، وتتالت فصول المعاناة والألم عبر سني "استضافتهم". فمن حرب أهلية لبنانية زُجّوا بها عنوةً، إلى مجازر يندى لها جبين الإنسانية في صبرا وشاتيلا، مروراً بحرب سُميت باسم مخيماتهم، وليس انتهاءً بتدمير أبرز مخيماتهم بحجة مكافحة "الإرهاب والتطرّف".

أمّا اليوم؛فيستضيف اللاجئ الفلسطيني في لبنان أخاه اللاجئ من سورية، وتعجّ المخيمات والتجمّعات بأخوة اللجوء والتشرّد والنزوح، فتتفاقم المعاناة ويتضاعف الألم؛ فالبنى التحتية للمخيمات لا تكاد تعين أهلها أصلاً، فضلاً عن قاطنين جدد، وربّما بقي ذلك محمولاً ومُتقبَّلاً من قبل اللاجئ وأخيه النازح بانتظار حلّ للحالة السورية يرسو بها إلى شاطئ الأمان. لكنّ المتابع لمجريات الأحداث ووصولها إلى درجة التصعيد أكثر فأكثر مع سقوط النظرية اللبنانية المسمّاة"النأي بالنفس"، والضربة القاصمة التي وُجِّهت إلى ما سمي إعلان بعبدا،بدخول "حزب الله" المُعلَن على خط المعارك في سورية؛ يدرك تماماً أنّ الأمور تسير باتجاه أكثر تعقيداً، ربّما لم نكن بحاجة إلى الخوض في انعكاسات هذه المتغيرات لو أنها ستبقى ضمن ارتداداتها على الجانبين السوري واللبناني.

لكنّ نظرةً بسيطةً إلى مجريات الأمور على الأرض والحراك الإعلامي الذي يواكب التفاعلات؛ تشي بأنّ التغطية الإعلامية لمختلف الوقائع والأحداث تدفع باتجاه توريط العنصر الفلسطيني في الداخل اللبناني عبر موجة من الشائعات والأكاذيب والتلفيقات التي تبثها بعض وسائل الإعلام اللبنانية.

من نافلة القول التأكيد مجدداً أنّ مشروع اللاجئ الفلسطيني حيثما حلّ وارتحل هو العودة والتحرير، وأنّ بوصلته تشير إلى فلسطين، لا بل إنّ ذلك هو تأكيد للمؤكد. لكنّ الأوضاع المحلية في لبنان والمتغيِّرات الإقليمية في المنطقة تفرض الحذر والتنبّه لكل محاولة من أيّ طرف من الأطراف لحرف هذا المشروع وتغيير مساره أو اتجاه بوصلته، ربّما لأنّ اللعب على هذا الوتر وخلط الأوراق هذه المرّة، ولا سيما الورقة الفلسطينية، لن يخدم أيّ طرف. ولا نبالغ إذا قلنا إنه سينعكس سلباً على أصحاب هذه المحاولات؛ فتجربة الشعب الفلسطيني على مدار سنوات النكبة باتت أكثر نضجاً ووعياً لما يُحاك ضدّه، وتقديراته أصبحت أكثر تبلوراً. هذا على المستوى الشعبي. أما على المستوى الرسمي والفصائلي؛ فعلى الجميع تحسّس نبض الشارع الفلسطيني والسير على خطى طموحه ومتطلباته؛ بعيداً عن الحسابات الفئوية والحزبية.

نعم نقرع الجرس؛ لأنّ حالة الترقّب والحذر التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني في لبنان تفرض علينا ذلك، وتدفعنا بقوّة لاستخلاص الدروس والعبر من جميع المحطّات التي مرّ بها لاجئو فلسطين في حالات مماثلة خلال وجودهم في رقاع الجغرافيا التي تشتتوا عبرها، وليست التجربة في العراق عنّا ببعيدة. ولعلّ تجربة فلسطينيي سورية لا تزال ماثلة للعيان أمام الجميع، وقد باتوا اليوم يشكِّلون جزءاً من الحالة الفلسطينية في لبنان بعد أن آلت الشام إلى ما آلت إليه.

إرهاصات الأسوأ تحتِّم وقفة جادّة ومسؤولة، تأخذ بالحسبان دروس الماضي وتدعو إلى استشراف المستقبل بعين فاحصة ورؤية ثاقبة. وبمعزل عن الخوض ف التفاصيل والحيثيات؛ نخلص إلى الإعراب عن الأمل؛بألّا نكتب في المدى المنظور عن معاناة فلسطينيي لبنان في تايلند أو بلغاريا، أو عن فقدان عائلة فلسطينية من لبنان بين أمواج الكاريبي

.