مجلة العودة

فلسطينيو سورية... ومبادرات الوقت الضائع

فلسطينيو سورية... ومبادرات الوقت الضائع

ماهر شاويش
بعد أكثر من عامين ونصف على الأزمة السورية، ارتقى فيها ما يزيد على 1500 شهيد وآلاف الجرحى ومئات المعتقلين والمختطفين من فلسطينيي سورية، فضلاً عن حجم هائل من الدمار في المنازل والممتلكات في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وآلاف النازحين، بعد هذا كله جاءت مبادرة محمود عباس لإيجاد حلّ سلمي لمسألة مخيّم اليرموك وعموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية على الأرض السورية، التي نقلها إلى دمشق وفد رباعي باسم منظمة التحرير الفلسطينية رأَسَه السيد زكريا الآغا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والوزير في السلطة الوطنية الفلسطينية والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني الدكتور أحمد مجدلاني، وبلال قاسم، والعميد إسماعيل من الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، وهي الزيارة الثالثة للوفد المذكور لدمشق خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.
لن ندخل في تفاصيل المبادرة التي أجمعت عليها الفصائل بغياب حركة حماس، وهي نقطة تشكل ثغرة كبيرة في المبادرة؛ لما تمثله الحركة من ثقل في أوساط الشعب الفلسطيني وفي الوسط السوري معارضة وموالاة على حد سواء، بقدر ما سنسلط الضوء على جدواها في هذا التوقيت. فلا شك، أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي أبداً. لكن هذه المقولة لا تنطبق على الواقع هنا، ولا سيما أن المطلوب من الفصائل ومنظمة التحرير تجاه فلسطينيي سورية لم يكن ضرباً من المستحيل، كذلك لا يستدعي الأمر أي تأخير؛ فمقياس الربح والخسارة هنا متعلق بالأرواح والممتلكات، لا بالمكتسبات السياسية والصفقات التي تحتمل تكتيكاً هنا ومناورة هناك.
ببساطة وباختصار، كان من المفترض أن توضع مصلحة الشعب الفلسطيني في سورية على رأس سلم الأولويات وتحييد مصالح جميع الفصائل الفلسطينية جانباً على الأقل في هذا الملف، ولا سيما أن الاتفاق على مبادرة وحلّ كان من الصعوبة بمكان؛ نظراً إلى اختلاف الفصائل الفلسطينية ذاتها أصلاً من الأزمة السورية، حيث يمتلك كل فصيل رؤيته بناءً على تحالفاته وارتباطاته المحلية والإقليمية، وربما العالمية بالنسبة إلى البعض.
أما وأنّ هذا المعيار لم يوضع ولم يُستنَد إليه، فقد ذهبت كل المحاولات التي كانت أصلاً خجولة، على استحياء ذهبت أدراج الرياح، والخاسر الوحيد كان فلسطينيي سورية.
وفي النتيجة التي جاءت متطابقة مع التوقعات التي كانت تؤكد أنّ المبادرة لا حظوظ للنجاح لها على أرض الواقع، وأنّ وظيفتها سياسية وإعلامية لقطع كل المبررات، يبقى السؤال المطروح مرتكزاً على مآلات أوضاع فلسطينيي سورية، ولا سيما أننا نكتب هذه السطور وطبول الحرب تقرع بقوة، وكل الاحتمالات تدرس وترصد دون التطرق إلى مصير من بقي من أبناء فلسطينيي سورية. فهل نحن أمام سيناريو فلسطينيي العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003؟ أم أنّ النتائج مفتوحة على خيارات شتى يدفع اللاجئ الفلسطيني فيها الضريبة الأكبر، في ظل غياب فصائله وقياداته وانهماك بعضها في جولات جديدة من مفاوضات عبثية، ربما شكّل الفلسطيني السوري فيها مادة دسمة لتنازل هنا وصفقة هناك.
بكلمة، المؤشرات غير مشجعة، والواقع صعب، والنتائج المرجوة لا ترقى إلى طموحات شعبنا الفلسطيني؛ فقط يحدونا الأمل إلى أن يبقى اللاجئ الفلسطيني قابضاً على حقوقه ومتمسكاً بها؛ فلا تعويل إلا على مواقفه بعد الله.