مجلة العودة

عكا تلتهب وحمّى الترانسفير تتصاعد

عكا تلتهب وحمّى الترانسفير تتصاعد

اندلعت في مدينة عكا مواجهات بين شبان عرب ويهود استمرت حتى ساعات الفجر، أوقعت 15 جريحاً بين العرب. ففي 8/10/2008، انفجرت المواجهات عقب اعتداء يهود على شاب عربي دخل بسيارته قبل ليلتين إلى الجزء الشرقي من المدينة في ما يسمى «عيد الغفران»، حيث هبّ لنجدته مجموعة من الشباب العرب، ما أثار حالة من الفوضى، وتدمير 130 سيارة و30 محلاً تجارياً، وإصابة بعض المتظاهرين ورجال الشرطة.

وقد حوصرت عائلة فلسطينية في منزلها بعكا بعد قيام عدد كبير من الشبان اليهود برجم سيارتهم ومحاصرتهم داخل المنزل. وقال النائب عباس زكور الذي حوصر مع العائلة إنه كان على اتصال دائم مع شرطة عكا التي عجزت عن إحضار المزيد من القوات لحمايتهم وإخراجهم من داخل البيت المحاصر، وذلك بسبب تجمهر المئات من المواطنين العرب خارج الحي بعد سماع نداءات الاستغاثة عبر مكبرات الصوت في المساجد، حيث انشغلت القوات الكبيرة للشرطة بتفريق المتظاهرين العرب ونسيت أنهم عالقون داخل المنزل بين الحياة والموت.

تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن العرب يشكلون ثلث عدد سكان عكا من مجموع خمسين ألفاً في المدينة.

وأجمع العديد من الأهالي على أن نحو 850 يهودياً متطرفاً تم إحضارهم من صفد وطبريا للمشاركة في الاعتداء على أهل عكا العرب، بالإضافة إلى طلاب المدرسة التوراتية وعددهم نحو 200 طالب، فيما شكا الأهالي من وجود نحو ألف مستوطن تم نقلهم من قطاع غزة قبل ثلاث سنوات بعد عملية الفصل الأحادية الجانب وإسكانهم في أحياء عكا.

إلى هذا، أكدت مصادر أمنية وصحافية إسرائيلية، أن عصابات إرهابية يهودية تتدفق على مدينة عكا الفلسطينية العريقة لتصعيد الاعتداءات على الأهالي العرب أبناء المدينة الأصليين، وعلى رأسهم الإرهابي باروخ مارزل، من قادة مستوطني مدينة الخليل المحتلة.

وقالت مصادر في الشرطة الإسرائيلية، إن مجموعات يمينية متطرفة جاءت من خارج عكا من المدن القريبة لتصعيد الاعتداءات على العرب، وهذا بعد يوم من اعتراف قائد المنطقة الشمالية للشرطة، بأن من يحرض ويعتدي في هذه المرحلة هي جهات يهودية.

لمواجهة الاعتداءات

دعا النائب واصل طه إلى «المزيد من الوحدة حول القضايا الأساسية في عكا، وهي البقاء وعدم تفريغ المدينة من سكانها العرب والحفاظ على هويتنا الحقيقية». وحذر من أن العنصريين يحاولون تعميم هذه التجربة في عكا إلى باقي المدن المختلطة لترحيل سكانها العرب.

وفي السياق نفسه، فوجئ أهالي مدينة يافا بشعارات عنصرية حاقدة على الجدران تتضمن «الموت للعرب»، بالإضافة إلى شتائم وكلمات عنصرية نابية، وسط تخوف من امتداد موجة الاعتداءات العنصرية الأخيرة من مدينة عكا إلى مدينة يافا. وقد أثارت هذه الشعارات استياء السكان وغضبهم، وتم احتواء الموقف بعد تدخلات لشخصيات عملت على تهدئة الخواطر.

كما حذر رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 48 الشيخ رائد صلاح، من «توافق» عالمي وعربي ودولي، لتهجير فلسطينيي الداخل، في ظل الحديث المستمر عن تبادل سكاني بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل»، في حال التوصل إلى «اتفاق سلام»، مشيراً إلى أن المؤسسة الإسرائيلية تعتبر فلسطينيي الداخل خطراً استراتيجياً على الدولة ويهوديتها. وأكد الشيخ صلاح أن فلسطينيي الداخل «كانوا ولا يزالون يعانون من ظلم تاريخي حل عليهم منذ نكبة فلسطين عام 1948»، مشيراً بذلك إلى التمييز القومي والاضطهاد الديني الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي كـ «نهج ثابت».

ليست المرة الوحيدة

أصدرت هيئة «ائتلاف أهالي عكا»، التي تضم غالبية الفعاليات السياسية والثقافية في المدينة، «الكتاب الأسود»، وقد ضمنته الحقائق المتعلقة بالهجمة الأخيرة على العرب في عكا، وتحدثت في المضمون نفسه عن النيّات المبيّتة. وحسب المحامي مؤنس خوري، عضو «الائتلاف»، فإن هناك خلفية سبقت الأحداث تدل بوضوح على مخطط لترحيل العرب ضمن مخطط تهويد عكا الجاري. وقال إن من دلالات هذه الخطة في السنوات الأخيرة افتتاح «يشفات ههسدير» (مدرسة دينية) في عكا في عام 1997 وتجنيد الطلاب المتدينين المتطرفين لها، إلى جانب استقدام مستوطنين من الخليل والضفة الغربية لتقوية الوجود اليهودي في المدينة.

واستعرض الكتاب الأسود الاعتداءات المتكررة التي سبقت الأحداث الأخيرة، حيث أحرقت سيارة المحامية مديحة رمال في عام 2002، كما أحرقت ثلاثة بيوت في الحي نفسه عام 2005، وتم الاعتداء على صبحي مرسي، وهو عربي يسكن في الحي نفسه، وأُحرقت سيارته في أواخر عام 2007. وفي 8 أبريل (نيسان) 2008، قام متطرفون يهود بحرق بيت عائلة رمّال، مرة أخرى.