مجلة العودة

بعد هجوم الإعلام المصري المثقفون وفلسطين : ينتصرون للقضية وشعبها

بعد هجوم الإعلام المصري
المثقفون وفلسطين : ينتصرون للقضية وشعبها

العودة/القاهرة - بيروت - عمّان

عشرات السّاعات من البث الإخباري والبرامج التلفزيونية في عدد من الفضائيات المصرية الحكومية والخاصة من بعد الثلاثين من يونيو ، وجهت للهجوم على غزة والشعب الفلسطيني، على المقاومة ومكوناتها ، والشعب الفلسطيني.

افتراءات تاريخية، واختلاقات وسيناريوهاتفي البعد الأمني ، وتخويف من شعب محاصر ومهجّر.

محابر صحف يومية وأسبوعية تصنع عدوًّا ليس بعدو، وتحاول تعليق كل المشاكل الاقتصادية وتصدير الأوضاع الدّاخلية في مصر بتعقيداتها إلى ساحة أخرى بريئة من هذه التهم ، وشعب ليس معنيًّا إلا بتحرير أرضه والعودة إليها والتخلص من الاحتلال الصهيوني .

الحديث عن هذه المسلّمات بعد 65 عاماً من عمر النكبة يدلل على خطورة ما نحن بصدده ، من شيطنة للقضية وأصحابها ، وسعي لتبديل مكونات القضية تاريخيا، لتتبدل المعادلة ويتغير المفهوم .

العودة التقت نخبة من المثقفين في القاهرة وعمّان وبيروت، الذين رفضوا هذه الافتراءات ، وصوّبوا المغالطات ، ووجهوا البوصلة في اتجاهها الصحيح ، حيث الفلسطيني هو الأصيل بقضيته وشعبه ، وأنّ ما يجري من حديث له أبعاده الأخرى خلف المشهد ، توجّهنا إلى ضيوفنا بعدد من الأسئلة فكانوا واضحين في منطقهم ، مدللين لأرائهم بالحجج والبراهين ، منحازين في تاريخهم وهويتهم وانتمائهم إلى فلسطين ، عنوان الأمة ورمزيتها المقدسة، فكانت هذه الأسئلة وكانت هذه الوقفات المهمة :

- ما رأيك في الهجوم الذي تشنّه بعض القنوات المصرية على الشعب الفلسطيني؟

- ما دور الأديب في تجسير المسافات بين شعوب الأمّة؟

- هل نحن أمام تمايز في المشهد الثقافي بين أديب قُطري وآخر وحدوي؟

- ما هو المطلوب ثقافيّاً من الأدباء في هذه المحطات المهمة؟

- كلمة أخيرة، شعراً أو نثراً.

الشَّاعر المَصري وحيد الدَّهشان:

- الهجوم الإعلامي من مصلحة الكيان الصهيوني المجرم

- يُشتّت الأذهان ويَهدم الثوابت ويُبدل التصورات

* أعتقد أن تشويه الصورة الذهنية للشعب الفلسطيني بوجه عام عند المصريين ولحركة حماس بوجه خاص يساعد إلى حد كبير في تشويه صورة الإخوان المسلمين في وجدان الشعب المصري ليسهل التخلص منهم ويصبّ أيضاً في مصلحة الكيان الصهيوني المجرم من ناحية أخرى، وأيضاً يشتت الأذهان ويهدم الثوابت ويبدل التصورات التي هي أساس بناء الأحكام، وأيضاً يصرفنا عن لبّ القضية ويأخذنا إلى متاهات فرعية ويدخلنا في أنفاق مظلمة الله وحده يعلم متى يمكن الأمة أن تعود منها. ولعل كل هذا هو بعض أسباب هذه الهجمات الإعلامية الشرسة في هذا التوقيت.

* أما عن دور الأديب في إقامة الجسور بين شعوب الأمة، فهو دور في غاية الأهمية عندما يكون مؤمناً بوحدتها، مقدراً لخطورة الفرقة والشقاق على مصيرها بوجه عام، وأيضاً عندما يكون مؤمناً بدور الموهبة التي منحه الله عز وجل إياها في التعبير عن آلام الأمة وآمالها والمساهمة في وضوح الرؤية وإزالة الالتباس وترسيخ قيم الحب والمودة والوفاء والتعاون البنّاء، حتى وإن بدا للبعض أن هناك من يعمل لوأد هذه القيم، ولله درّ من قال: قالوا تحب العرب؟ قلت أحبهم يقضي الجوار علي والأرحام قالوا لقد بخلوا عليك أجبتهم أهلي وإن ضنوا علي كرام. ويبقى في هذا السياق نقطة في غاية الأهمية من وجهة نظري، وهي أن ما تجود به قرائح الأدباء وما ينتجه المبدعون من أعمال تظلّ بلا أثر ولا فائدة إذا لم تكن هناك هيئات ومؤسسات وآليات إعلامية قادرة على نشر هذه الأعمال والترويج لها وترميز أصحابها والإلحاح بما يصوغونه من قيم على وجدان المتلقي.

*أما عن التمايز في المشهد الثقافي، فهو أمر ليس بجديد، وهو في الحقيقة ليس تمايزاً، بل صراع شديد بين أدباء أصحاب قضية وآخرين عدّوا الأدب وسيلة للارتزاق، فأكلوا على كل الموائد وساروا خلف كل ناعق إلى أن فرّغوا الأدب من مضمونه وجعلوه أشبه بالطلاسم التي تستعصي على الفهم. وللأسف الشديد، فهؤلاء هم من تسلموا منافذ الثقافة في بلداننا العربية المسلمة، وعملوا من خلالها على محو هوية الأمة وأغروا الكثيرين من أصحاب المواهب الواعدة والنفوس الضعيفة أن يسيروا في فلكهم، وما أسوأ أن يقع الأديب فريسة بين باطل يحمل أصحابه بعضهم بعضاً، وبين حق يخذل أصحابه أو مدعوه بعضهم بعضاً إلا من رحم ربي وقليل ما هم.

* أما عن المطلوب ثقافياً من الأدباء في هذه المحطات المهمة والمنعطفات الخطيرة، فأعتقد أنّ التعويل في هذا الأمر على أدباء القضية وحدهم الذين يقومون بدورهم إبداعاً وتنظيراً وحضوراً فاعلاً عندما تتاح لهم الفرصة، لكنهم للأسف الشديد غالباً لا يجدون من يهتم بهم وبإبداعاتهم، فيقعون فريسة للإحباط واليأس.

* أما كلمتي الأخيرة، فأقولها للمسؤولين عن المحور الثقافي والأدبي في الحركة الإسلامية بكل روافدها، إن كان هناك مسؤولون بمعنى الكلمة، أقول لهم: اتقوا الله في مبدعيكم.

د.حمدي المرسي:

- إرضاء الكيان الإسرائيلي، وهدم الجسور التي بناها الرئيس محمد مرسي، وثالثها التبعية الكاملة لأميركا

* ما يبثه الإعلام المصري الموالي للنظام السابق وللانقلابيين ما هو إلّا خسّة ونذالة يمجّها الأدب العربي الرصين، ولو كان جرير أو الفرزدق بيننا، لوجدا مادة ثرية يهجوان بها أولئكم الأنذال. ليس من شيمة العربي ولا المسلم أن يتعقب فارّاً أو مهاجراً أو مضطهداً أو مظلوماً، وكان ذلك من أخلاق العرب قبل الإسلام، وما حلف الفضول لعبد الله بن جدعان إلا نوع من رفع المظالم عن الضعفاء.

صدّعنا عبد الناصر ومن تركهم خلفه من أشباه بشر مشوهين، بفلسطين والحلم العربي، وها هم اليوم يتعقبون شعباً محاصراً محتلة أرضه مطارداً مهاجراً.

يؤلبون عليه العامة، متناسين تلك المرأة والملايين من أبناء الشعب المصري، تلك المرأة التي ركبت من بني سويف ومعها ما يسمى لدينا "التموين الشهري" الذي يشتمل على زيت وسكر وعدس وفول ومعكرونة، وذهبت إلى معبر رفح في الحرب الأخيرة على غزة 2009/2010 وهي فلاحة لا تعرف القراءة، ومدت ما بيدها لقافلة تدخل إلى غزة تطلب منها أن يوصلوا هذا الزيت والسكر لأبنائها في غزة، ويؤلّبون عليه العامة ويصدق عليهم القول:

دعِ المكارمَ لا ترحل لبغيتهاواقعد فإنّكَ أنتَ الطّاعمُ الكاسي

يصدرون عن نفوس مريضة لا تعرف الشهامة ولا الرجولة. ما هم إلا زمرة من الخصي لا يدركون معنى المكارم ولا يتطلعون لتبوّء المعالي؛ فالشعوب الأبية الحرة تتنافس في ارتياد المكارم، والدول المحترمة تتسابق في الاستفادة من الأزمات وتصنع منه أوراق ضغط وتراعي عمق أمنها القومي، لقد عادوا إلى المربع الأول، مربع مبارك سبب الخراب على المصريين، معتبرين إسرائيل هي العمق الاستراتيجي القومي، والفلسطينيين هم الأعداء الإرهابيّون.

* للهجوم أسباب، أهمها إرضاء الكيان الإسرائيلي، والثاني هدم كل الجسور التي بناها الرئيس محمد مرسي، وثالثها التبعية الكاملة لأميركا.

* للأسف، أدعياء الثقافة هم أبواق بثّ الكراهية، والثقافة صارت من أخطر الأسلحة التي تزيف الوعي، ولا ينتظر الدور إلا من رجال أفذاذ يدركون خطورة ما تتعرض له اللُّحمة العربية من شروخ وتشققات، وتلزم حزمة من الفعاليات الواسعة والمسموعة للعمل على تجسير هذه الهوة السحيقة.

* نعم، نحن أمام تمايز ثقافي يعمّق الشعوبية والعنصرية والقطرية والعصبية، وذوبان في بحرٍ من المشاريع الثقافية الدخيلة التي تخدم مصالح الطامعين في الشرق والخائفين من تجارب الديموقراطية فيه.

الأديبة المصريّة نجلاء محرم:

- فلسطين قضية الأمة العربية والإسلامية، وهي الخيط الذي ينتظم عقد الأمّة

- كان الشعب المصري وسيظل حجر العثرة في طريق إسرائيل وأطماعها

* يهبنا الله إشارات علينا أن نلتقطها لنعرف: هل نحن على الطريق الصحيح أم لا؟ وهذا الهجوم على الفلسطينيين والسوريين، بل وعلى الأتراك أيضاً، يؤكد لنا أننا نُدفع دفعاً إلى الطريق الخطأ؛ ففلسطين قضية الأمة العربية والإسلامية، وهي الخيط الذي ينتظم عقد الأمة. وسورية هي توأم مصر تاريخاً وثقافة ونضالاً، والمصريون يجدون محبة فطرية في قلوبهم تجاه السوريين، ويشعرون برباط قوي بين مصر وسورية. وتركيا وتجربتها هي حلم الشعوب العربية والإسلامية، وشعبيتها داخل المجتمعات العربية في تزايد، والرغبة في السير على درب تركيا سياسياً صار يمثل تياراً واضحاً داخل المجتمعات العربية. لذا، يحرص أعداء الأمة العربية والإسلامية - والإعلام فى مقدمتهم - على تقليم أجنحة مصر التي يمكن أن تدعمها لتحلق عالياً. أضف إلى ذلك أن إثارة الكراهية تجاه الفلسطينيين تحديداً داخل مصر، هي هدف إسرائيلى بامتياز؛ فشعب مصر الذي يحمل في قلبه وضميره وثقافته قضية فلسطين باعتبارها قضيته، هذا الشعب الذي لم تنجح اتفاقيات الساسة في تغيير مشاعره تجاه فلسطين، ولم تنجح محاولات "التطبيع" في تغيير مشاعره تجاه الصهاينة، هذا الشعب كان - وسيظل إن شاء الله - حجر العثرة في طريق إسرائيل وأطماعها، لذا اختلقوا طريقة جديدة لتغيير موقفه - لا بالمعاهدات ولا بالتطبيع - بل بإفشاء الكراهية تجاه الفلسطينيين لمصلحة الصهاينة.

* دور الأديب مفقود منذ عقود، وخاصة حين دُسَّت نظريات نقدية هدامة بدعوى فصل الأدب عن المجتمع، واعتبار الأدب الذي يتناول قضايا المجتمع أدباً متخلفاً متحجراً! وحُدِّدت قيمة الأدباء بهذا المعيار الهدام، فتمنح الجوائز الكبرى للكتاب الذين يتبنون في كتاباتهم هذا الاتجاه المفكك لتماسك الأمة، ولكون هؤلاء الكتاب يكتبون في ما لا يعني الشعوب، فقد كفَّت الشعوب عن القراءة، وخاصة في ظل تجاهل الإعلام والصحافة للكتّاب المتجذرين في ثقافتهم ومجتمعاتهم. ودور الأديب - الآن - دور صعب وشاق، حيث لا يتحتم عليه أن يكتب فقط، بل عليه أن يسعى بين الناس مُحْيِيا لنزعة الاطلاع والمعرفة والاستماع والتفكير والتقويم.

* الهجوم على الفلسطينيين والسوريين والأتراك هو هجوم على التجربة المصرية ذاتها، ولا أستبعد أن يدخل التونسيون أيضاً دائرة الهجوم قريباً، حيث يهاجَم كل من يدعم تجربة مصر الديموقراطية التي أتت بما لا يشتهي أعداء الأمة؛ فلم يجد هؤلاء الأعداء إلا بثّ الكراهية في نفوس المصريين تجاه من يدعمهم ويقف معهم ويؤازرهم، لتجفيف قنوات الدعم المعنوي والفتّ في عضد المصريين وإسقاط تجربتهم خوفاً من أن يكون نجاحها بداية لنجاحات متعاقبة مماثلة في الدول العربية والإسلامية.

* يا مصر، لن يكون إلا ما تريدين، نحن ثابتون على درب حريتك، لن نضعف ولن نيأس ولن نفرط، ولن يهدأ لنا بال إلا حين يهدأ بالك ويُسرُّ خاطرك يا سيدة الدنيا، إن شاء الله وبعونه.

رسّام الكاريكاتير المصري عبد الرحمن بكر:

- الهجوم المتعمّد على الشعب الفلسطيني ليس غريباً في هذا التوقيت

- ما رأيك في الهجوم الذي تشنّه بعض القنوات المصرية على الشعب الفلسطيني؟

* ما تقوم به الآن القنوات المصرية الرسمية والفضائيات التابعة لها من محاولات للتشويه والفُرقة والهجوم المتعمد على الشعب الفلسطيني ليس غريباً في هذا التوقيت، بل هو نتيجة طبيعية بعد الانقلاب المنظم على نظام ديموقراطي فتح المعابر، ليعيد إلى المصري قبل الفلسطيني كرامته؛ فالمصري ليس خائناً ليترك شقيقه الفلسطيني يموت جراء إغلاق معابر هي بالنسبة إليه متنفس الحياة. هذا النظام الذي استطاع ببساطة أن يُرهب الكيان الصهيوني بوقوفه مع قضية الشعبالفلسطيني العادلة، ومن الطبيعي بعد الانقلاب على نظام كهذا أن يحصل الانقلاب أيضاً على كل إنجازاته، وفي مقدمتها النتائج التي حققها للطرف الفلسطيني في القضية، وهذا في حد ذاته هو ضعف في بناء الكيان الحاكم الجديد الذي يدعي من قاموا به أنه استكمال لمطالب الشعب في ثورة يناير المجيدة، من عيش وحرية وعدالة اجتماعية. وبالطبع ما يحدث ليس للشعب الفلسطيني وحده، بل للمصريين الآن بعيداً تماماً عن الحرية والعدالة الاجتماعية.

فالعدالة والحرية لم يكن المقصود بهما حياة الشعب المصري، بل شعوب المنطقة العربية كافة.

* أمّا عن دور الأديب في تقريب المسافات بين شعوب الأمّة، فهو قَدره الذي ولد من أجله. فما دام مختوماً بختم العربية، فقضيته ستظل قضية الأمة العربية، وسيظل دوره في تقريب المسافات بين أممها قائماً ما دام قلمه يتحرك على الأوراق،والتاريخ سيحكم ويحاسب ويرصد، ويُخلد من باع قضيته ومن عاش من أجلها، لذلك لا مجال للتمايز ولا للجدال حين تكون القضايا واضحة المعالم، يشع أبيضها بياضاً، ويزداد أسودها عتمة وضلالاً.

* المطلوب ثقافيّاً من الأدباء في هذه المحطات المهمة أن يتحدوا ويُنشئوا الرابطات الأدبية، ويملأوا صفحات الجرائد والكتب والمجلات بما هو تصحيح للمفاهيم وتوضيح للرؤى؛ فما زالت هناك أجيال تولد، تنشأ على ما يقُدم لها، ونحن لا نريد أن نقدم لها سوى أمانة الكلمة. فعلى الأدباء أن يفيضوا إبداعاً؛ فالإبداع لغة الشعوب المتحضرة، وكما يقول الشاعر:

وما من كاتبٍ إلا سيفنى ::: ويبقي الدهرُ ما كتبت يداه

فلا تكتب بخطك غير شيء::: يسرك في القيامة أن تراه

الشاعر المصري أحمد حسن محمد:

- ما تقوم به هذه القنوات مخالف جداً لطبيعة الهوية المصرية

- نحن أمام تمايز في المشهد الثقافي بين أديب متوحش وآخر إنسان

* بادئ ذي بدء، أنا أعتقد أنّ من الأفضل أن نسمي هذه القنوات تسميتها الصحيحة؛ فالهوية المصرية معروفة، والهوية الفلسطينية معروفة، وما تقوم به هذه القنوات مخالف جداً لطبيعة الهوية المصرية، ويروقني الآن أن نسميها القنوات التي كانت مصرية! وثانياً، لا يختلف أحد على أنّ ماسبيرو قد تحول على أيدي هؤلاء وأمثالهم منذ أيام النظام المخلوع غير الشرعي السابق إلى برميل قمامة مقلوب، وبداخله ما لا حصر له من ذباب الإعلاميين، وماذا ننتظر من الذباب إلا كل شيء مقرف. في النهاية إن شاء الله ستعود الشرعية، وهذا أمل في الله فقط، وليس في قوتنا ولا وجودنا .

* الأديب وصلة إنسانية مهمة جداً؛ لأن كتاباته لا بد أن تدعو دوماً إلى وجود الإنسان بشكل عام غير مقتصر على حدود جغرافية، لكن بالطبع تعرف أن إعلاميي الوقت الحاضر ليسوا أدباء ولكنهم تجار جملة! يتاجرون بأقوات الشعب بالجملة، ويتعاملون مع رأس أيّ نظام فاسد خلال هذه التجارة الفاسدة، والتاجر له حساباته الأخرى المختلفة عن حسابات المصلحين أو من يدافع عن عقيدة أو يؤدي رسالة بيضاء.

* هذه آلة معروفة بعشوائيتها في إلقاء التهم في أي اتجاه إذا رأت أن هذا الإلقاء العشوائي سيكون في مصلحة قضيتها الخبيثة. هم الآن يحاولون في ظني إرضاء الجوار المعادي للحركة الإسلامية، وتأكد لي هذا بعد زيارة البرادعي لإسرائيل فور توليه حقيبته العسكرية الجديدة. لا بأس في أن يضحوا بأي عربي أو إسلامي مقابل من يحمي وجودهم غير الإنساني الذي يتحالف مع أي شخص الآن ليهدم الشرعة ويقتل أصحابها، لدرجة أني أعتقد أن لا مانع لدى إعلاميينا الذين يمدحون السعودية وقطر في أن يهجوهما بعد قليل إن رأوا أن مصلحة إعلامهم في ذمهم.

* في الواقع نحن أمام تمايز في المشهد الثقافي بين أديب متوحش وآخر إنسان، كأنّ صاعقة نزلت عليّ حين اكتشفتُ أن كثيراً من الكتاب والمثقفين والشعراء المصريين يرتدون جلود البشر لكنهم بالطبع ليسوا بشراً، ولا يسوقهم إلا كرههم للإخوان الذي أعماهم عن كل إنسانية وصار دم المؤيدين بالنسبة إليهم عصير مائدة الإفطار في رمضان!!

* كان بودي أن أطلب كثيراً من سنن الثقافة والأدب، لكن أعتقد أن معظم الأدباء والمثقفين لم يؤدوا الفرض الوحيد المطلوب منهم، وهو أن يكونوا آدميين قليلاً في تلقي أخبار شهدائنا المؤيدين للشرعية.

*كِيلُو دَمٍ... أَوْ زِدْ لإِفْطَارٍ شَهِيْ

وَصُحُونُكَ امْتَلَأَتْ بِلَحْمِ الطِّفْلِ حَيْ

جِسْمِى أَبَارِيقُ الشَّهَادَةِ.. صُبَّنِي فِي رِيقِ مِصْرَ:الْمُرُّ يُصْبِحُ سُكَّرِيْ

فِي صِحَّةِ الشُّهَدَاءِ.. كَأْسُكَ نِصْفُ جُمْجُمَتِي وَنِصْفٌ كَأْسُ مَوْتِكَ بِالْبَطِيّْ

تَبْقَى لَقِيطَ الْمَجْد... رَبَّتْكَ الْخِيَانَةُ... مُذْ تَبَنَّاكَ الْحِذَاءُ الْعَسْكَرِيّْ

****

الشاعر المصري ناصر صلاح "حرفوش المجدوب":

- هدف أميركا والصهاينة الإيقاع بين المصريين والفلسطينيين

- الغرب يعلم أن نجاح الإسلاميين في مصر نهاية للصُّهيونية

* الناس على دين ملوكهم، واستخفّ قومَه فأطاعوه، هكذا يشير الرسول الكريموالقرآن الكريم من قبله إلى سطوة الحاكم على شعبه. وأولى أدوات تحقيق السيطرة الإعلام الذي يلعب بعقول الشعب. وللإعلام دور متغير للشيء ونقيضه طبقاً لإرادة الحاكم. مثلاً رأينا فى عصر اللامبارك الإعلام يهاجم حماس وفصائل الجهاد لحساب فتح، ثم رأينا بعدها بأيام الإعلام يقدم الأغاني الوطنية والجهادية وصوراًولقطات للشيخ ياسين وغيره من القيادات، بل السماح لطلاب المدارس بالتظاهر، رافضين ضرب غزة، لم يكن لوجه الله والقضية فى ضمير الحاكم، بل كان استعراضاً لقواه الهزيلة للضغط على إسرائيل من باب تجميل الوجه. مما سبق، أريد أن أقول إن الإعلام حذاء الحاكم، والحاكم في مصر الآن وزير الدفاع الأميركي والصهيوني؛ فأولى مهماتهما مهاجمة الشعب الصامد ليجنوا من وراء ذلك مكاسب، أولها الوقيعة بين مصر وفلسطين، وثانيها تشويه صورة الفلسطينيين، فيفقدوا دعم البسطاء في مصر معنوياً، وثالثها تشويه صورة الحاكم الشرعي لمصر المنقلب عليه. هذا شيء طبيعي جداً؛ فهل ترقص الراقصة بحجاب على سجادة الصلاة؟ إنه إعلام مأجور.

* الأدب بمجالاته المختلفة هو روح الأمة. هو لغتها البليغة، هو ديوانها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، ويقاس رقيّ الأمة بتقدم آدابها وتميّز أدبائها.

وكلما كان الأدب صاحب قضية ولغة حية مفهومة للجميع، كان تأثيره أقوى. وأذكر معرض الكتاب السنوي في القاهرة، حيث كان منارة وروضة تجمع زهور الأمة من أدبائها، فنتبادل الثقافات وتزيد الروابط، وهذا أسهم بقدر كبير في توحّد الأمة وقوتها. لذا، وجب على الأديب المسلم في أي مكان في العالم تبني قضايا أمته بإبداعه ليفوز بالإبداع المتميز ويحظى بخلود هذا الإبداع الموجه لتقوية الأمة.

* الرعب من المدّ الإسلامي ونجاح مشروع الحكم الإسلامي في مصر هما بركان هذا الهجوم. فإسرائيل والغرب يقرآن جيداً ويعلمان أنّ نجاح الإسلاميين في مصر نهاية الصهيونية، واللصوص لا يريدون حكماً يقطع أيديهم؛ فكل له ليلاه وهدفه، والتقت الذئاب على الضحية. لكن لله عجائبه التي ستشفي صدور قوم مؤمنين.

* الأدب أدب، ورأينا كيف فاز نجيب محفوظ بأدبه الشعبي بأكبر جائزة عالمية (نوبل)، رغم ما قيل من شائعات حولها، في حين أن الصديق علاء الأسواني لم يفز في شيكاغو بأي جائزة، رغم أنه تناول صورة لمدينة عالمية وأحداثاً تجري في قالب التحرر الغربي. الأديب يفرض نفسه وقوته تنبع من قوة الموهبة ومحصلة الثقافة الخاصة بالمبدع.

* أن يخلصوا لدينهم وأوطانهم، وأن تكون هوياتهم أقوى من أيديولوجياتهم، وأن يحصّنوا أنفسهم بثقافة بناء لا هدم.

* هوَ الليلُ جاوزَ نصفاً وزادَه

فَلا تيأسنْ

فَلمْ يبقَ إلا قليلٌ منَ اللّيلِ يَطوي سَوادَه

الأديبة المصريّة ماجدة شحاتة:

- ما يجري الآن على مسرح الأحداث في سيناء لحساب إسرائيل

- تؤدي الآلة الإعلامية دورها في التشويه لتنفض الشعوب يدها من فلسطين

* كان مطلوباً من إسرائيل كبح حماس لإمرار الانقلاب، على أن تكون تحتالسيطرة الإسرائيلية. ووفقاً لذلك، كان لا بد من أن تؤدي الآلة الإعلامية دورها في المسخ والتشويه، لترسيخ جاهزية نفسية لدى الشعب للقبول بأي إجراءات ضد فلسطين متمثلة في هدم الأنفاق، توطئة لما هو أشد.

ـوهذا بالطبع ضد قناعات الشعب المصري، وضد مهمة الإعلام التي هي رسالةتعتمد الحياد وتنطلق من ثوابت الأمة وقيمها. غير أن إعلامنا العربي منذ الاحتلال بالوكالة وهو يدور في فلك التبعية للغرب؛ فهو خادم إما على توجهات النظم مهما كانت مخالفتها لثوابت الوطن، أو هو خادم على قيم غربية يعمل على تنميط مجتمعاتنا بها، لتزول حساسية الشعوب، وبالتالي وفقاً لحالة الانهزام الحضاري والنفسي للأمة تتشكل قناعة تناقض مقتضى الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة، وبالتالي تنفض الشعوب يدها من فلسطين حجر الزاوية في الاجتماع على همّ الأمة.

* أسباب الهجوم في هذا الوقت لا تخفى على الراصد؛ فإمرار الانقلاب ضرورة حتمية بالنسبة إلى الانقلابيين، ليمكن ترسيخ وضعية على الأرض، تضطر الجميع إلى الاعتراف بها واقعاً يجب التعامل معه، واستخدام حماس كفزاعة من حيث اتهامها بكل الجرائم التي يصنعونها في سيناء مثلما حدث في قتل الجنود في رمضان الماضي، وما يجري الآن على مسرح الأحداث في سيناء لحساب إسرائيل، فيصبح أي إجراء ضد حماس أمراً عادياً لا يثير أي استفزاز.

* الأدب رسالة إنسانية تتسم بالعالمية؛ لأنها تنطلق من قيم مشتركة كالعدل والحب والصدق والوفاء والرحمة والحرية. هذه قيم لا يمكن حصرها في شخص أو زمان أو مكان دون غيره، لكن قد تتضخم هذه القيم في حضارة دون غيرها في واقع البشر، وقد تكون هي أساس ومنطلق حضارة ما مثل الحضارة الإسلامية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). والأديب هو ذلك الجسر الذي من خلاله تعبر الرسالة متجاوزة حدود المكان وحتى الزمان. وكلما كان الأديب رسالياً، تماهى مع هموم الإنسان حيثما كان، يتغنى بآماله ويبكي لآلامه، فتعلو صيحاته بقضايا الحق والحرية والحياة الكريمة والآمنة.

* المشهد السياسي فرض نوعاً من التمايز في الاختيار السياسي بعد ثورة الربيع العربي؛ إذ أصبحت الشعوب بين خيارين: مدنية علمانية أو مدنية إسلامية، وازدادت حالة التمايز هذه بعد تطويع بعض الثورات لضمان استحقاقات صهيوأميركية غربية، أو بعد الانقلاب في مصر على قيم الديموقراطية ومحدداتها الأسياسية كما هي لدى الغرب، والضرب صفحاً بخيارات الشعوب إذا تصادمت مع مصالح قوى الاستبداد العالمية. وهذا بدوره لا بد سينعكس بالضرورة على المشهد الثقافي ليحدث هذا التمايز. لكن يظل المشهد الثقافي بما غلبت عليه من قيم التبعية للثقافة الغربية، يظل التمايز يفرض نفسه بحكم اختلاف المنطلق من ثوابتالأمة أو الانخلاع عنها واعتماد أخرى، دائماً ما تهدد خصوصية تشكل هوية الأمة.

* الأدباء دائماً في طليعة حملة رسالة الإصلاح في المجتمعات، وهم بما لديهم من حسّ مرهف،وفكر طموح، الأكثر شعوراً بهموم الأمة، والأكثر استشرافاً لمستقبلها، والأقدرعلى استلهام ماضيها وتنزيله في أعمالهم، بما يرسخ الوعي ويشكل النفسيات. وفي اللحظات الفارقة من حياة الأمة، ومحطاتها المفصلية في تقرير مساراتها لقرن قادم على الأقل، يصبح على الأدباء مهمة البيان الواعي لما يجب أن تكون عليه خيارات الشعوب، بما يستحثونهم به من تذكير بمجد الأمة الذي ينبغي استعادته ببناء يواكب العصر ويستعمل أدواته ويستثمر معطياته. والأدباء ضمير الأمة الذي يسجل الأحداث ويعكس قضاياها في انفعال يتجاوز المكان، بحيث يخاطبون الإنسانية كلها بعدالة ما يطمحونه لشعوبهم، والتحرك بفاعليات تخرج عن المعتاد، لتبدع في إيجاد روابط تتبنى قضايا الإنسان في عالمنا وتصحيح الصورة الذهنية عنه في الموروث الثقافي للحضارة الغربية.

* رغم أن العقل المسلم استُهدف على مدى قرن أو يزيد، ورغم امتداد الغزو الفكري في فراغنا، ورغم مشاريع تطويع الشعوب بنشر ثقافة الاستسلام، ورغم الانهزام النفسي الذي كرسته التبعية الذليلة للغرب، إلا أنّ الأمة لا تزال تنبض بالعزة، وتتدفق في شرايينها دماء الكرامة التي تأبى أن تستذل أو تمرر مشاريع إعادة الأمة لحظيرة الاستبداد والاستعباد. ومن ثم فغداً سيشرق فجر جديد مهما غلا ثمنه. فلا بد له من تضحيات تتمايز من خلالها الأمم والمجتمعات والأفراد وسنن الله غالبة وحاكمة (ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون).

الشاعر المصري عصام بدير:

- غياب الرؤية الصحيحة عمّن يقوم بالهجوم وفقدان البوصلة، إضافة إلى - خدمة أرباب العمل الذين يعملون لمصالح خاصة بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة

* بدايةً، أُقدّر غالياً تواصلكم الكريم المحبب إليّ شخصياً، وأزعم أنه محبب إلى كل مثقف يحمل هموم أمته.بشأن الهجمة الشرسة التي تمارسها بعض القنوات التي أتحفظ عن وصفكم لها بالمصرية، أقول إن هذه القنوات تحمل أجندة غير أجندة الشعب المصري الذي يعرف حقيقةً، من هو عدوه ومن هو حليفه. تلك القنوات فقدت بوصلتها الإنسانية، فضلاً عن بوصلتها العربية والإسلامية، وهي تعبير محدود لا يمثل الشعب المصري عن بعض أصحاب المصالح الشخصية، وهي ظاهرة ستنحسر مع موجة الحرية التي تتنامى شجرتها في رحاب الثورة التي يقوم بها الشعب المصري حالياً لاسترداد حريته وكرامته من النظام الانقلابي الغاشم .

* إن دور الأديب في تجسير المسافة بين بين شعوب الأمة يتجسد في التعريف والتأليف والتكوين،فيبدأ بتعريف المصطلحات والقيم الحقيقية التي ينبغي للشعوب الوقوف عليها ثم التأليف بإحياء العاطفة الإنسانية العربية الإسلامية المشتركة بين عموم أفراد الأمة، وأقصد هنا بالتأليف المعنى الذي قصده الله تعالى في كتابه الكريم: (لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم). أما التكوين، فالمقصود به تكوين مؤسسات ذات طابع أدبي ثقافي داعمة لقيم الإنسانية والعروبة والإسلام، وحبذا لو كان لها امتداد عربي خارج حدود القطرية.

* أسباب الهجوم في هذا التوقيت - حسب ما أراها - غياب الرؤية الصحيحة عمّن يقوم بالهجوم، وكما ذكرت سابقاً فقدان البوصلة إضافة إلى خدمة أرباب العمل الذين يعملون لمصالح خاصة بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة.

أضف إلى ذلك أنه سلعة دُفع ثمنها مسبقاً من قبل جهات، كالعدو الصهيوني الذي ساعد - إن لم يكن ضالعاً - في الانقلاب الغاشم على الديموقراطية الوليدة في ربوع القطر المصري.

* نعم، نحن أمام تمايز حقيقي؛ فالأدب رسالة لا تعترف بالقطرية ولا بالحدود بقدر اعترافه بالقيم الإنسانية العامة والإسلامية. فالأديب الذي يكتب لتراب أرضه - وهذا مطلوب بالتأكيد -سيظل حبيس الحدود. أمّا الشاعر الذي يعلي قيم الإنسانية العامة من احترام الإنسان وحرمة الدماء وقيم الحرية والعدالة وغيرها من القيم التي أعلى الإسلام شأنها،هذا الشاعر يتعدى شعره حدود القطر فتصبح أشعاره على ألسنة الصغار والكبار داخل القطر وخارجه.

الدكتور مأمون جرّار:

- الهجوم مستهجن ولا يمثل الموقف الأصيل لشعب مصر العظيم

- المطلوب هو التحصين الثقافي للأمة في هذه المرحلة

* كانت مصر وستبقى بإذن الله الظهير القوي لقضايا الأمة كلها ولقضية فلسطين خاصة ، هذه القضية التي هي في القلب من قضايا الأمة ، ولا يخفى أن من المصريين كغيرهم من الشعوب العربية فيهم من لديهم الحس الإقليمي الذي يدفع إلى الانكفاء على النفس والإعراض عن قضايا الأمة بدعوى رعاية شؤون الإقليم،ومنهم من يرتبط بمصالح مع جهات مشبوهة ، فهناك دعاة التطبيع مع الكيان المغتصب لفلسطين، وهم مجموعة من "النخبة المثقفة المتعفنة" التي تؤثر مصالحها على مصالح الأمة، ويكون ولاؤها لمن يدفع أكثر، فهذه المجموعة لا تعرف القيم والمبادئ الأصيلة بل تعرف المصالح القصيرة العاجلة، وهناك من يعادي الاتجاه الإسلامي ويسوؤه صعود حماس في واجهة العمل الفلسطيني، وإدارتها شؤون غزة على وجه الخصوص، ولا يخفى أن بعض المصريين ينظر إلى القضية الفلسطينية من بوابة غزة ، كل هذه العوامل تدفع إلى هذا الموقف المستهجن من بعض القنوات المصرية وبعض من ينعقون فيها بالسوء، وهم لا يمثلون الموقف الأصيل لشعب مصر العظيم.

* الأديب الأصيل ذورؤية ثاقبة وإدراك واع للحظة الراهنة، وذو استشراف للمستقبل الآتي ، والأدب كما أفهمه أدب بان يسهم في إيقاد الوعي، وإذكاء جذوة الأخوة بين أبناء الأمة الواحدة ، فنحن مهما تباعدت المسافات أبناء أمة جمعها الله على دين الإسلام ، وزاد اللسان العربي من لحمة الصلة بين أبنائها ، فالأديب: شاعرا أو قاصا أو روائيا أو كاتب مقال أو أي مجال من مجالات الأدب لابد أن يسعى إلى إبراز الأوجه الإيجابية بين أبناء الأمة وإحياء روح الأخوة متجاوزا الحدود التي اصطنعها الاستعمار، وقدسها النظام الإقليمي، والكلمة الطيبة كالترياق كما أن الكلمة الخبيثة كالسم الزعاف.

* ما تشهده أمتنا في السنتين الأخيرتين من مخاض أو ولادات توأمية هنا وهناك أدى إلى إعادة ترتيب الأوراق ولا أقول خلطها ، فبرزت الحركات الإسلامية كقوة أصيلة في البلاد العربية بعد محاولات تغييب طويلة دفع الدعاة ثمنها ودفعت الشعوب كذلك ثمنا باهظا ، والآن وملامح المستقبل تتشكل نجد القوى كلها تلقي بثقلها في الساحة لترسم المشهد وفق ما تريد ، ويدخل في هذا المشهد وما فيه من صراع قوى محلية وقوى دولية مشتبكة المصالح مع بعض القوى المحلية ، ومن هنا يأتي الهجوم على الفلسطينيين لأن من يهاجمونهم يصنفونهم في الصفالإسلامي الصاعدة أسهمه والمترقب ظهور فجره، ولا يخفى أن الأحداث الجارية في مصر واختلاط المشهد والتغيرات المفاجئة وربط غزة بالنظام المصري الذي قام بعد الانتخابات الرئاسية، كل ذلك حدد ميقات الهجوم على الفلسطينيين.

*هذا التمايز ليس جديدا بل هو قائم منذ زمن طويل ، ولعل أبرز تجلياته كان بعد معاهدة كامبديفيد وما حدث بعدها من انعزال مصر عن الأمة العربية والسعي إلى إحياء الروح المصرية الإقليمية، ومنذ النصف الأول للقرن العشرين وجدنا في مصر من يرفع شعارا شبيها بشعار النازية : ألمانيا فوق الجميع فوجدنا من يرفع شعار : مصر فوق الجميع ، ولهذا الشعار أشباه وأنصار في دول عربية أخرى، وله من يتبنونه في السياسة والإعلام والأدب ، ولكننا لا نعدم الاتجاه الأصيل الذي يتعالى على القيود القطرية والحدود الإقليمية وينظر بمنظار : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس).

* المطلوب هو التحصين الثقافي للأمة في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخنا ، مرحلة إعادة تشكيل الواقع ، ولابد أن يصحبه إعادة تشكيل الوعي ، فكل القوى العالمية المضادة لهذه الأمة تسعى إلى تحويل (الربيع العربي) إلى خريف عربي، فبعد أن كان في أوله حلما بالتحرر من الطغيان وبناء واقع إيجابي وصناعة مستقبل مشرق إذا به يصبح مشوبا بمشاهد الخراب والدمار والقتل والتشريد، واجب الأدباء والمثقفين في هذه المرحلة أن يسوقوا الإيجابيات، ويحللوا الحدث تحليلا يحارب السلبية والعبثية التي يسعى الأعداء إلى تسويقها .هذه المرحلة من أخطر ما شهدته أمتنا منذ الحرب العالمية الأولى وما تلاها من أحداث خطيرة.

* لا بد أن نتسلح بالأمل في مواجهة أمواج اليأس التي يثيرها أعداء الأمة ، علينا ألا ننسى أن قضية فلسطين هي محور ما يجري من أحداث وتطورات ، وأن أمن الكيان الغاصب هو الهم الأول للدول الكبرى، ومن هنا لابد من ترتيب الأولويات الفكرية والثقافية لشعوبنا من خلال ما يضخه الأدباء والمثقفون من إنتاج، ونحن أمة ذات رسالة أمة شاهدة على الأمم لكننا تخلينا عن هذا الدور حينا من الدّهر ولابد أننعود إليه وللمثقفين دور كبير في هذا المجال.

الأديب الفلسطيني مروان الخطيب:

- زرع العداوة بين شعوبِ أمتنا يقعُ في مجالِ الخريطةِ العدوّة

- المستهدفُ أمَّتنا في عقيدتِها وفي هُويَّتِها الحضاريَّةِ والفكريَّة

* يؤلمني أن أرى تلكَ المحطَّاتِ تسقطُ في شِراكِ وخططِ وأهدافِ الإعلام الآخر، الذي يستهدفُ أمَّتنا عموماً في عقيدتِها الواحدة والمُوَحِّدة، وفي هُويَّتِها الحضاريَّةِ والفكريَّة. لذا، أرفعُ الصَّوتَ عالياً إلى أهلي وإخواني في قاهرةِ المُعزّ، وفي مصر الكنانة، قائلاً لهم: نحنُ إخوةٌ وَفْقَ أمرِ اللهِ تعالى، ونحنُ في خندقٍ واحدٍ لمواجهةِ أعداء الأمَّة. لنا كتابٌ واحد، ميراثٌ واحد، ومدى واحدٌ لمجدِ الأمَّةِ ورسالتها، وتحريرها من براثنِ الاستعمار، ومن أصفاد الاحتلال.

* للأدبِ رسالةٌ تتعدى الجمالَ والبيانَ والخيال. إنَّها رسالةُ الفكرِ والإنسان. والأديبُ الحقُّ والملتزمُ، ينبغي أن يلتفت إلى قضايا أمَّتِهِ المصيريَّةِ، يناضلُ من أجلها، من أجلِ وحدتها، من أجلِ شموخِها وسموِّها، من أجلِ نصرتِها وقضاياها العادلة والمحقة. وعلى الأديبِ أن يُجسّرَ بأدبِهِ ومِدادِه، مسافةً للقاءِ الأجزاءِ في بوتقةِ الجوهرِ والاتّحاد، وفي أتونِ الانصهار النُّوراني، حيثُ يُبرزُ الجوانبَ العليَّةَ في هُويّتنا وثقافتنا، الأمر الذي يُعلنُ للناسِ والملأ أننا أمَّةٌ واحدةٌ من دونِ النَّاس، أُخوّتُنا من نخيلٍ وسنديانٍ وآس، وبالتَّالي ثقافة التلاقي الأخوي والوحدوي، وتلاقي المصير الواحد، هي ثقافتنا، وهي ماؤنا وخبزنا، وهي أصلنا وفصلُنا. هو ذا الأدبُ الرفيعُ الذي نسعى إليه، وننادي به، والذي لا بدَّ لهُ من الظفرِ في ساحِ مواجهةِ كلّ ما يُعاندهُ ويُعاكسهُ من ثقافةِ وأفكار الآخر الرأسمالي والصهيوني، وملحقاتِهِما الرَّخيصة.

* إنَّ العملَ الدؤوب، من أجلِ تفكيكِ وحدةِ الأمَّة، ومن أجلِ الإمعان في تكريس الثقافة القطريَّة والهويَّة القطريَّة، كان من الأهداف المُستدامة التي سعتْ وتسعى إليها مشاريعُ التقسيم والتجزئة التي زرعها ورعاها وما زال المستعمرُ القبيح منذ سايكس - بيكو وحتى الآن. وبناءً عليه، ووفقَ ما تقدم، أزعمُ وأنا مطمئنُ القلب والخاطر، أنَّ بقايا الليالي السود، تلك المرتهنة لمشاريعِ الرّماد والزئبق في بلادنا، والتي تفتحُ قلبَها وعقلَها وجيوبَها للآخر، كي تنقذ لهُ ما تريد، وتنجزُ عنه ما رسمَ وخططَ له. وإنَّ أيَّ هجومٍ وأداءٍ إعلامي أو سواه، يُرادُ منهُ زرع العداوة والبغضاء بين شعوبِ أمتنا، لهوَ هجومٌ غيرُ بريء، ويقعُ جغرافياً وسياسياً في مجالِ الخريطةِ العدوة التي تكلمتُ عليها.

*نحنُ أبناءُ أمَّةِ القرآن وعربيَّته المجيدة. وبناءً عليه، إنَّ ثقافة القرآن هي ثقافة الوحدة التي تمجُّ القطريَّةَ الانعزاليَّة. وهي ثقافةُ الخيرِ والنور، ثقافة الإنسان الذي يحملُ الرسالة، من أجلِ إعادةِ الحقِّ إلى نصابهِ وتحريرِ الإنسان من ظلاميَّةِ الخضوعِ لما يسلبُ منهُ فكرَهُ وقلبَهُ وإنسانيَّتَه.من هُنا أراني أصرخُ بالفمِ الملآن: ينبغي لكلِّ أدبائنا أن يكونوا رساليين، حتّى ننجحَ في مشروعنا الثقافي وندحرَ المشروعَ الآخر، ذلكَ الذي يودُّ الإيغالَ في تضييعِ هُويتنا الحضارية والفكريَّة، ويسعى إلى الإمعانِ في مشروعاتهِ التمزيقيَّةِ والتقسيميَّة.

* المطلوبُ من أدبائنا جميعاً، أن يكونوا أمناءَ على الدوام، على رسالةِ الحرفِ والكَلِمِ، وألَّا تُغادرهم أبداً تلكَ الفيوضُ العالية لرساليَّةِ المِداد، والتي تتلاقى حتماً مع رسالاتِ السماءِ في الدفاعِ عن معنى الإنسان على الأرض، وفي النضالِ والكفاحِ من أجلِ الخير والعدل، والمحافظةِ على جوهرِ النورانيَّة في مسيرة الركب الإنساني، كي تبقى المسيرةُ في حلم الصُّعود الملائكي المحفوظ من غوغائيَّة ووحشيَّة الظالمين والمحتلين والمستعمرين.

****

الشّاعر والإعلامي الفلسطيني هشام يعقوب:

- هؤلاء جزء من أدوات معركة أميركا و"إسرائيل" ضدّ الشعب الفلسطيني

- هناك أصوات مؤثرة في المشهد الثقافي بدأت تغرّد خارج سرب الوحدة

* أقلّ ما يمكن أن نصف به تلك الحملة الشرسة من بعض وسائل الإعلام المصرية على الشعب الفلسطيني أنه قنبلة من الحقد توجّه إلى شعبٍ يكافح الظلم منذ أكثر من مئة سنة. الذين يقفون وراء تلك الحملة ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات في يد المشروع الأميركي الصهيوني الذي يستهدف المنطقة، ويستهدف الشعب الفلسطيني بصموده ومقاومته وإصراره على التمسك بحقوقه. لقد سقطت كل الأقنعة عن وجوه هؤلاء، وبانت سوءتهم حينما خلعوا عن أنفسهم أدنى حدود الموضوعية والصدق واحترام عقل الجمهور. تلك الحملة توجهها أميركا و"إسرائيل"، وتغذيها بعض الدول التي تملك المال الأسود كفعلها الشائن، وتنفذها أدوات لا همّ لها إلا الإبقاء على مصر ذيلاً تابعاً لأعداء الأمة، وتشويه صورة الشعب الفلسطيني الصابر والمجاهد. بكلّ الأحوال صدق المثل القائل: "حبل الكذب قصير". أعتقد أنّ كلّ مكائد هؤلاء وأكاذيبهم سترتدّ عليهم؛ لأن دمَ شهداء فلسطين، وعذابات أسراها وجرحاها، وأنين أطفالها، وبكاء نسائها لها شأن عند الله، ومن استسهل التحريض على المظلومين فسينال العقاب المناسب. هذه سُنّة الحياة والتاريخ.

* جملة أسباب تقف وراء هذه الهجمة الإعلامية من قبل بعض الإعلام المصري على الشعب الفلسطيني. أولاً: لأنّ هؤلاء جزء من أدوات المعركة التي تستخدمها أميركا و"إسرائيل" ضدّ الشعب الفلسطيني. فبعد الحرب الأخيرة على غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ثبت للاحتلال وداعميه وأعوانه أن صمود الشعب الفلسطيني راسخ كجبال فلسطين، وأن المقاومة قادرة على تحقيق الانتصارات، وأن زمن تحقيق انتصارات عسكرية على المقاومة الفلسطينية قد ولّى إلى غير رجعة، ولذلك أرادوا أن يشيطنوا الشعب الفلسطيني ومقاومته، وأرادوا أن يقحموه في أتون المشاكل الداخلية للدول العربية والإسلامية، على الرغم من التأكيد اليوميّ على لسان قيادات الشعب الفلسطيني أنّ هذا الشعب يقف في زاوية الحياد الإيجابيّ، ويتمنى السلامة والاستقرار لكل الدول والشعوب العربية والإسلامية. وثانياً: يظنّ بعض الإعلام المصري أن الشعب الفلسطيني هو الخاصرة الضعيفة، و"الشمّاعة" التي تحتمل كل تلك الأكاذيب والاتهامات، ويريدون أن يوحوا أنّ كفاح الشعب المصريّ ضدّ الانقلاب العسكريّ على الشرعية الدستورية مدعوم من فصائل فلسطينية محددة، وهذا استخفاف بالعقول. وثالثاً: هناك حالة من الثأر وتصفية الحسابات التي يقوم بها فلول النظام الديكتاتوريّ السابق ضدّ المقاومة الفلسطينية، حيث اعتاد هؤلاء أن تعلن الحرب على غزة من منبر القاهرة، ولم يعتادوا طوال العقود الثلاثة الماضية أن يروا رئيسهم وحكومتهم يقفان بكلّ قوة إلى جانب الحق الفلسطيني وحق هذا الشعب بالمقاومة والدفاع عن نفسه. وبكلّ الأحوال، أريد أن أذكّر بأنّ حملة التحريض طاولت، بالإضافة إلى الفلسطينيين، الإخوة السوريين النازحين من بلادهم، ما يؤكد نظرة الحقد التي تسكن في ضمائر بعض الإعلام الحاقد والكاذب.

* طالما شكّل الأدباء والمثقفون جسوراً بين شعوب الأمة العربية والإسلامية. وخير شاهد على ذلك القصائد والنصوص الأدبية التي صدح بها هؤلاء وهم يتحسّسون هموم إخوانهم في الأقطار المختلفة. لقد واكب الأدباء آمال الجماهير العربية والإسلامية وآلامها، وعبّروا بروح المسؤولية عن التضامن والتكاتف والوحدة بين تلك الجماهير التي تجمعها حضارة ولغة وثقافة واحدة، ويجمعها همّ أساسيّ أيضاً، هو التخلص من ربقة الاستعمار والاحتلال. وها هو أمير الشعراء، الشاعر المصريّ أحمد شوقي، يرسل سلامه الممزوج بالحزن والغضب لما حلّ بدمشق في قصيدته المشهورة:

سلام من صبا بردى أرقّ ودمع لا يكفكف يا دمشق

وطالما رددنا القصيدة المشهورة المنسوبة إلى الشاعر السوري فخري البارودي، التي يقول فيها:

بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدان ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ

فـلا حـدٌّ يباعدُنا ولا ديـنٌ يفـرّقنا لسان الضَّادِ يجمعُنا بغـسَّانٍ وعـدنانِ

الأدباء والمثقفون يفترض أن يصوغوا تطلعات الأمة بنتاجهم الأدبي المختلف رسماً وشعراً ونثراً وأدباً وإبداعاً وفكراً، ليقدموها، بل ليفرضوها على صانع القرار. الأديب الذي يمتلك نظرة شمولية واسعة، وعمقاً قوميّاً ووطنيّاً أصيلاً يصبح إبداعه مساحة لتحسّس هموم إخوته في كل الأقطار، وينطق لسانه بحالهم ومطالبهم، وتغدو أسماء شهداء وأبطال أهله في الدول المختلفة مفردات حاضرة في أدبه، وأطرافاً دائمة في تشابيهه واستعاراته وتنظيراته وإبداعته.

* مع الأسف وصلنا إلى هذا المستوى، ولكن ليس على الإطلاق والتعميم. هناك أصوات مؤثرة في المشهد بدأت تغرد خارج سرب الوحدة والإجماع والتضامن. والسبب معروف طبعاً، هو أن هؤلاء الفئويين والضيّقي النظر رهنوا أقلامهم وإبداعهم لأصحاب السلطة، وأصبحوا من مثقفي البلاط. وأكثر ما يستوقفني في هذه الأيام بعض الأصوات التي تنظّر للانقلاب على مكتسبات شعوبنا التي انتفضت ثائرة على الظلم والديكتاتورية والقمع. لقد أدمن هؤلاء الخنوع، والتردد على موائد الحكام المستبدين، واللهاث وراء المصالح الشخصية والفئوية. لقد فتك المال الأسود بفطرة هؤلاء، وأعتقد أن أخطر ما فعلوه، ولا يزالون، هو استدراج قضايا الأمة المركزية التي لا خلاف عليها، كقضية القدس وفلسطين إلى مرّبع الشيطنة، ودائرة الاتهام والفبركات والأكاذيب المضللة. وفي المشهد الثقافي أيضاً أصوات باتت ترفع شعارات السياسيين الفئويين نفسها، مثل: "لبنان أولاً"، و"مصر أولاً"، و"تونس أولاً"، وغير ذلك من الشعارات التي تؤكد النزعة الفئوية الضيقة، بحجّة أن وطنهم يحتاج إلى اهتمامهم أكثر، ولا مجال للالتفات إلى قضايا الأمة الكبرى. ولعلّ لوثة الإعلام المنحاز والمأجور والممتهِن للفتن قد تسللت إلى أقلام هؤلاء المثقفين وخطاباتهم.

* نحن في مرحلة حاسمة من تاريخ الأمة، هناك انتفاضة حقيقية على الظلم والتسلط بغضّ النظر عن بعض الهواجس المحقّة، وبعض الملاحظات التي يمكن تسجيلها على أداء الجماهير. المسؤولية مضاعفة على المثقفين في هذه المرحلة، وعليهم أن يجاروا الجماهير التي سبقتهم بأشواط. لا مجال للمكوث في الصوامع والهوامش. إن لم يأخذ المثقفون والأدباء دورهم في تهذيب تطلعات الشعوب وصقلها وحملها، فسنتحسر على دماء الشهداء وتضحيات الشباب والأثمان التي دفعتها تلك الشعوب، وسيعود إلينا الاستعمار والاحتلال والنظام القمعيّ بلَبوس جديد وأساليب أكثر شناعة. المثقفون والأدباء معنيون بتحويل مطالب الجماهير إلى حالة نهضة وانعتاق من قيود التخلف والدونيّة والخنوع. وبدهيّ القول إن الصدق والموضوعية أكثر ما يحتاج إليه الجمهور بعدما حاول البعض تضليل الذاكرة الجماعية للأمة وإحداث انحراف في مسيرتها الحضارية. طالما شكّل المثقفون والأدباء قدوة للآخرين، وعليهم أن يستشعروا خطورة وأهمية موقعهم في المجتمع. كذلك تقع على عاتق الأديب والمثقف مسؤولية توجيه وعي الجماهير نحو القيم ومعاني الحرية والوعي لإيجاد المواطن الصالح والمخلص لوطنه وأمته وقضاياها وهمومها الجمعيّة. باختصار شديد، على الأدباء والمثقفين أن يكونوا ضمير الأمة.

* الأدب التزام. هذه مقولة تختصر ما يتمناه كل إنسان حرٍّ من الأدباء والمثقفين. التزام قضاياهم وهمومهم وشجون الأمة. ما يجري اليوم في الشارع العربي والإسلامي هو تحوّل يجب على المثقفين والأدباء والمبدعين أن يحموا شعلته، ويسهموا في توجيهه نحو الهدف الأسمى لهذه الأمة، وهو استعادة كيانها ومكانتها وقيمتها الحضارية؛ فلا قيمة لأي ثورة أو انتفاضة من دون عمق وجوهر وهدف أسمى، وإلا فستكون ثورة جياع تريد رغيفاً فقط، ولا أظنّ أن الجماهير العربية والإسلامية صدحت بحناجرها من أجل ذلك فقط.

فلتكن قصائدنا وخواطرنا وجميع أشكال إبداعنا جسوراً تقرّب وجهات النظر، وتعالج الهمّ الأسمى لأمتنا، وتكرّس الوحدة والتكاتف.