مجلة العودة

مقابلة ثقافية: المُنشد«أبو عاصم»: سأظل أشدو للوطن حتى نعود إليه فاتحين - سمير عطية

أحيا أناشيد ثورة 1936 ومن مؤسسي فرقة الرَّوابي
المُنشد«أبو عاصم»: سأظل أشدو للوطن حتى نعود إليه فاتحين
 

سمير عطية/ دمشق

في سيرة الفنان طارق وليد (أبو عاصم) من المفارقات ما يربطه بفلسطين منذ ميلاده، فقد ولد في الثامن من ديسمبر من عام 1967م، ففي تلك السنة كان ضياع الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن في الثامن من ديسمبر عام 1987 انطلقت انتفاضة الحجارة التي شارك من خلال أعماله الفنية المتميزة في مواكبتها والتفاعل الفني معها، وكان لافتاً أنه درس في ثانوية حملت اسم القائد «صلاح الدين الأيوبي»، هذا الاسم كان ملهماً لعدد من أعماله التي حملت اسم هذا القائد العظيم. كان من مؤسسي فرقة الروابي الفنية التي ساهمت في إبراز التراث الفلسطيني من خلال الشكل والمضمون، فقدمت عشرات الأناشيد المتميزة لفلسطين عن «العودة» والأرض والتمسك بهما، وغنت للديار والمقاومة في العديد من الدول العربية والأجنبية.

«العودة» كان لها وقفات في محطات من مسيرة الفنان المنشد طارق وليد «أبو عاصم»، وكان هذا اللقاء:

«العـودة»: كيف دخلت مجال النشيد؟ ومتى كان ذلك؟ وأين؟

كان ذلك في عام 1980، إذ كانت أول مشاركة في المراكز الصيفية، حيث قدمت أول أنشودة مصورة تلفزيونية عرضت في تلفزيون دولة الكويت، وكانت الأنشودة عن المقارنة بين الغني والفقير، ثم كانت النقلة الفنية المميزة على مسرح جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت، فكانت أنشودة يا شهيد أول ما قدمته من أعمال.

«العـودة»: كيف بدأت فكرة تأسيس فرقة الروابي الفنية؟

كانت فكرة تأسيس فرقة الروابي الفنية في الكويت في عام 1987 للميلاد، حيث كانت الأعراس الإسلامية التي كان ينظمها أبناء الجالية الفلسطينية تفتقر إلى الفرق التي تحيي أعراسها ومناسباتها، وكان لزاماً على مجموعة من المنشدين الكبار أن يقودهم شخص لصناعة فرقة على مستوى عال، حيث كان على رأس المؤسسين الأستاذ الكبير عمر درويش أبو ياسر، مع عمالقة النشيد الملتزم بالكويت من الجالية الشامية تحديداً الفلسطينية والسورية فكان من المؤسسين (على أبو الحسن – أبو البشر – منذر صبحي – نزار أبو الفدا – جمال درويش – عبدالفتاح عوينات – طارق أبو عاصم وغيرهم).

لقد تأسست الفرقة في ظروف صعبة، ولكن كانت البداية مفاجأة للجميع، فرقة متميزة وملتزمة في الكويت تحيي الحفلات والمناسبات المختلفة، حتى أصبحنا ندعى من الجاليات السورية والكويتية والإماراتية بالدرجة الأولى، وأصبح الجميع لا يتوانى في دعوتنا إلى أي مناسبة داخلية أو خارجية.

«العـودة»: كان للفرقة اهتمام بالتراث الفلسطيني شكلاً ومضموناً، حدثنا عن ذلك؟

الفرقة تأسست في الكويت في ظل وجود جالية فلسطينية كبيرة جداً من حيث التعداد والأفكار والاتجاهات المختلفة، وكان التراث الفلسطيني يسود الجالية في أعراسها بالتحديد، وكانت أكثر من 10 فرق فلسطينية شعبية تستخدم الموسيقى والآلات الشعبية في الأعراس. وما شكل التحدي الكبير لنا هو كيف ننافس تلك الفرق، فكان لا بد لنا من اختيار زي من التراث والأناشيد كذلك حتى تكون قريبة من الناس وما يجول في خاطرهم، وكانت المفاجأة الكبرى دخول الدبكة الشعبية في فرقتنا رغم عدم وجود آلات تخدمها بالدرجة الأولى باستثناء الإيقاع.

«العـودة»: تزامن ميلاد الفرقة مع انتفاضة الحجارة. هل استفدتم من الاهتمام الجماهيري بالانتفاضة لتقديم الفرقة شعبياً وإعلامياً؟

كانت بدايات الفرقة كما تعلم في بداية الانتفاضة الأولى، ما ساعد كبيراً في تحديد مساراتها في البدايات وأعطاها الأفق الكبير في استخدام الأناشيد التراثية والجهادية القديمة وجرى تطويرها وتغيير بعض المعاني فيها وبعض الأفكار الجوهرية، وهذا خدمنا إعلامياً بشكل كبير حيث أننا كنا ومازلنا نطرح قضايانا بشكل صريح وموضوع ولا نخش في الله لومة لائم وهذه الصراحة دعمتنا إعلامياً على الصعيد المحلي والدولي ولله الحمد.

«العـودة»: كيف كانت تجربتكم في اختيار القصائد الشعرية المناسبة؟

طبعاً هناك صعوبات كثيرة جداً كانت تواجهنا، ولكن أبرزها وأكثرها هو أذواق الجمهور فنياً وغياب بعض أعضاء الفرقة الأساسيين في بعض المهرجانات والأعراس – في البدايات استخدام الإيقاعات كانت تشكل لنا صعوبات في تقبل الناس لتلك الإيقاعات – كذلك عندما ندعو إلى حفلات لغير الجالية الفلسطينية كنا نواجه صعوبات في اختيار القصائد المناسبة لتلك المناسبة، ومن أهم الشعراء الذين تميزوا بقصائدهم (رشيد عتيلي – فريد سرسك – مريم العموري- نضال الزواتي – نعيم عبد الله – بالإضافة إلى بعض الأعضاء).

«العـودة»: كانت لك تجربة إنشادية بعنوان سلسلة صلاح الدين، حدثنا عنها؟

جاءت أناشيد صلاح الدين في فترة يفتقر فيها السوق الإسلامي للكاسيت ولمثل هذه الأناشيد، فكان لأبي عاصم فرصة أن ينطلق في ألبومه الأول في عام 1987 في ذكرى انطلاقة الانتفاضة الأولى، وكنت أختار الأناشيد بداية من المجلات والجرائد التي كانت ممتلئة بمثل هذه الأناشيد، وكانت تكتب بعناية شديدة بسبب المعاناة التي كان يعانيها شعبنا في فلسطين الحبيبة، فكانت عن الانتفاضة والقدس و»العـودة» ولاقت نجاحاً باهراً ولله الحمد من خلال إنتاجي الأول من سلسلة أناشيد صلاح الدين بعنوان «أتلمح يا أخي الفجرا»، ومن ثم الإنتاج الثاني والثالث والرابع وكان الألبوم الخامس «لن نغني للدموع» من النقلات الفنية في حياة أبوعاصم لمشاركات عديدة من الفنيين والشعراء (علي أبو الحسن وعوض الله عبد الكريم ورشيد عتيلي) في الكلمات وآخر هذه السلسلة ختمتها بالاشتراك مع الشاعر سمير عطية حيث كان التعاون معه في ألبوم كامل من كلماته وألحاني وأدائي بعنوان (غناء الدروب).

«العـودة»: هل تفكر في إطلاق شيء جديد منها أم أنها تجربة كان لها وقتها ومكانها؟

هي كان لها وقتها ومكانها لكن الأوضاع الآن اختلفت تماماً، ولا تحتمل مثل تلك الأناشيد بقوة معانيها وغزارة كلماتها لكن هناك من يكتب حالياً بمثل تلك القوة لكن الأسلوب يختلف حتى يتسنى نشرها إعلامياً وتصويرها تلفزيونياً.

«العـودة»: شاركت في إطلاق أناشيد القدس الكشفية، كيف بدأت فكرة هذا الألبوم؟

كانت الفكرة من عمالقة النشيد في الكويت آنذاك (نزار أبو الفدا وكيان بركات وطارق أبو عاصم) والقائد الكشفي الكبير ومدير فرقة الروابي حالياً الأستاذ ماهر أبو ناعمة بمشاركة القائد الكبير الأستاذ شرف الدين النشاشيبي، في تجميع وترتيب القصائد ومن ثم تنقيحها وترتيب لحنها في عام 1988، وكان لها وقع كبير في نفوس الناس لقوتها اللحنية والكتابية، وأعدت تسجيلها بالتقنية الحديثة مرة أخرى، وذلك بصوتي فقط وتوزيعي الفني الجديد لها في عام 1998، وكانت أنشودة (اسلمي يا قدس) من أرقى الأناشيد التى سمعناها وسجلناها، وسيظل وقعها في نفوس الجماهير العاشقة للقدس.

«العـودة»: ما هي الأناشيد التي تأثرت بها في ألبوم «اسلمي يا قدس»؟

الأناشيد التي أثرت فيّ في ألبوم «اسلمي يا قدس» كانت بالدرجة الأولى (يا ظلام السجن – ويلي على أوطاني – فلسطين الحبيبة – اسلمي يا قدس).

«العـودة»: تنوعت المواضيع التي قدمتها الفرقة في السنوات الأخيرة، ما أسباب ذلك؟

تنوع المواضيع كان لأسباب وظروف المناسبات المختلفة وطبيعة الأسفار الخارجية الكثيرة لعدة دول مختلفة بمجتمعات مختلقة وثقافات مختلفة، فكان لزاماً علينا التنوع في القصائد والألحان والألوان المختلفة لنكون قريبين بشكل كبير للجمهور.

«العـودة»: كيف تجد الكلمات المقدمة اليوم في الأناشيد والأغاني عن فلسطين؟

الكلمات كثيرة جداً كما تعلم، ولكن لم تعد الكلمة صاحبة المعاني الغزيرة متوافرة، لا لقلة الشعراء وقدرتهم على الكتابة لكن بوجهة نظري الظروف السياسية هي تحكمنا الآن على النحو قوي جداً، وطبعاً هناك عامل آخر هو الاختلاف على النواحي المالية بين المنتج والشاعر ما يجعل الشاعر يكتب حسب التكاليف المالية التي يتقاضاها.

«العـودة»: أين يقع الوطن بمفردات «العـودة» والمقاومة في وجدانك وأعمالك الفنية؟

لا تعلم كم تتحرك مشاعري كلها عندما أشدو للوطن ولتلك البقاع الرائعة في الوطن, وأنا قد نشأت على الأهازيج الخاصة بالوطن – فالوطن له أهمية كبرى في قلبي ووجداني وأتمنى أن أظل أشدو عن الوطن حتى نعود إليه فاتحين منتصرين بإذن الله عز وجل – ولكل إخواننا المرابطين هناك حق علينا أن نشدو لهم ونؤازرهم بكل أنواع النصر من كلمة وألحان وإنشاد وأغانٍ.