مجلة العودة

فؤاد الخفش:إضراب المعتقلين يربك كثيراً مصلحة السجون الصهيونية

فؤاد الخفش:إضراب المعتقلين يربك كثيراً مصلحة السجون الصهيونية



ماهر شاويش

أكثر من 2800 معتقل يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام وتقديرات الخبراء والمتابعين ترشح الرقم إلى ما أهو أبعد من ذلك .

العودة التقت بالأسير المحرر فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لشؤون الأسرى الذي قدم إضاءات مهمة للتعريف بهذه المعركة التي بدأت منذ أيام. وكانت هذه المحطات معه:

العودة : ما هو واقع الإضراب من حيث أعداد المضربين والسجون، والقوى المشاركة فيه؟

كل يوم يمر على الأسير وهو مضرب عن الطعام يكون أقسى من اليوم الذي يليه، وخصوصاً الأيام العشرة الأولى. بعد ذلك، وبعد أن يفقد الإنسان جزءاً كبيراً من وزنه، تتعود المعدة ـ نوعاً ما قلة الطعام، لكن آثاراً سلبية كبيرة وكثيرة تبدأ تهدد الأعضاء الداخلية لجسد الإنسان؛ فالبصر بعد ذلك يكون مهدداً بالضعف، وكذلك مع الأيام تبدأ مخاوف الإصابة بمرض السكري والضغط، وتحديداً انخفاض السكر بالدم، تنتاب الأسرى.

دور سلبي كبير تقوم به عيادة السجن التي تقوم أغلب الأيام بعملية فحص للسكري والضغط لدى الأسير المضرب، يتمثل برفع سقف المخاوف لدى الأسير، وتحذيره من أن هناك آثاراً سلبية للإضراب.

حب الحياة والخوف من الأمراض المزمنة والناتجة من الإضراب، وتحديداً ضعف البصر والسكري والبواسير التي تصيب الأسرى المضربين، جميعها أمور فطرية موجودة لدى الإنسان، لكن كرامة الإنسان وتحسين ظروف حياته ومعيشته أمور مهمة أيضاً لدى الإنسان الفلسطيني الأسير.

بخصوص أعداد المضربين، لا رقم دقيق وواضح 100%، لكن أنا أقول إن قرابة 2800 أسير مضرب الآن بشكل تام وكامل، وخلال أسبوع واحد سينضم ما لا يقل عن ألف أسير، وبعدها أنا على يقين من أن العدد سيشمل جميع الأسرى المضربين عن الطعام في السجون.

أما بخصوص القوى المشاركة، فأشير إلى أن جميع الفصائل مشاركة في الإضراب، لكن بصور متفاوتة؛ فمثلاً، الإضراب لدى حركة حماس إجباري، باستثناء المرضى. الجميع مضرب عن الطعام، وكذلك الرفاق في الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي. أما الإخوة في حركة فتح، فبعضهم في سجون الجنوب مضرب، وجزء مضرب في الشمال. وهناك من يضرب بشكل تضامني، أي يُرجع وجبات طعام في أيام محددة، إلا أنّ أغلبهم سيدخل الإضراب المفتوح في القادم من الأيام إن شاء الله.

العودة :هناك لغط بشأن موقف أسرى فتح من الانضمام إلى الإضراب. ما حقيقة هذا الموقف؟

فتح حركة كبيرة، وهي تمثّل نصف عدد المعتقلين. هذا من جانب. من جانب آخر، لا يوجد لدى الإخوة في فتح في السجون هيئة قيادية عليا. ثمة أمر آخر، هو أنّ واقع السجون يختلف من سجن إلى آخر، بمعنى أن لفتح نحو 800 معتقل في سجن مجدو شمال فلسطين المحتلة، أغلبهم موقوفون وذوو أحكام بسيطة وتجربة اعتقالية أولى، ولا يستطيعون خوض إضراب مفتوح عن الطعام في الأيام الأولى. لذلك، هم لا يستطيعون المشاركة، وأنت تتحدث عن خمس الحركة الأسيرة في هذا السجن، وكذلك الحال في سجن النقب مثلاً؛ فأسرى حماس غير مشاركين في الإضراب في هذا السجن؛ لأن الأسرى في النقب، من جميع الفصائل، لهم حسابات خاصة تخص واقعهم والمكان الموجودين فيه.

من الخطأ أن نقول إن فتح غير مشاركة في الإضراب، بل هم موجودون ومشاركون وممثلون في اللجنة المركزية لقيادة الإضراب.

العودة: ما هي الإجراءات التي اتخذتها قوات الاحتلال لإجهاض الإضراب (العزل والقمع وخلافه)، وكيف تعاطى معها الأسرى؟

الإضراب عن الطعام يربك كثيراً مصلحة السجون ويصنع حالة من عدم الاستقرار والفوضى داخل السجن... أهم شيء يريده أي مدير سجن هو استقرار الوضع في السجن الذي يديره؛ فما بالك عن مصلحة سجون كاملة؟ هذا من من جانب. من جانب آخر ومهم، توقيت الإضراب كان في موعد أعياد إسرائيلية، الأمر الذي أدى إلى إلغاء العطل لديهم ألغاءً كاملاً وإعلان حالة الاستنفار.

وقبل البدء بالإضراب، كانت هناك لقاءات ما بين لجنة الخبراء التي ألّفَتها مصلحة السجون وقيادة الإضراب، وحاولوا معهم بكل الطرق تأجيل الإضراب لفترة محدودة لحين دراسة المطالب، الأمر الذي رفضته الحركة الأسيرة بنحو نهائي وقطعي.

بعد البدء بالإضراب، هناك إجراءات تقوم بها مصلحة السجون، الأسرى يعرفونها جيداً، وهم معتادون إياها، مثل سحب التلفاز والراديو وأي شيء يمكن أن يربطهم بالعالم الخارجي، وعمليات نقل لهم من سجن إلى آخر لإرهاقهم وإتعابهم وإفقادهم طاقتهم والسعرات الحرارية

وعمليات تفتيش ودهم غرفهم والعبث بحاجاتهم ومصادرة ملابسهم وكل شيء يملكونه، من باب الضغط عليهم. وهذا ما جرى مع أسرى مجدو المضربين عن الطعام، حيث صودرت ملابسهم وتُركوا في غرف ضيقة لا تتسع إلا لستة أشخاض وُضع داخلها تسعة أشخاص،

بالإضافة إلى التفتيش العاري والمذلّ، وغيرها من الإجراءات القمعية الأخرى التي تهدف إلى كسر إرادة الأسرى وصمودهم.

العودة : كيف أثر عزل بعض قادة الأسرى وقادة الإضراب في معنويات الأسرى؟

هذا يندرج تحت الخطوات المتوقعة والمحسوبة بحسابات الحركة الأسيرة وقيادتها، وهذا أمر اعتاده أيضاً الأسرى بمثل إضرابات كهذه؛ فقيادة الإضراب أغلبها يُعزَل، ويُمنَع المحامي من رؤية الأسرى وزيارتهم. لا شك في أن وجود قيادي من شأنه أن يرفع همم الأسرى المضربين عن الطعام ومعنوياتهم، ويشحذ العزائم؛ ولكنها السجون وحالها الذي اعتاده الأسرى، ولكن الأسرى وضعوا ضمن خططهم لمواجهة إجراءات مصلحة السجون.

العودة: هل ثمة اتصالات بين إدارة السجون وقادة الأسرى، أم الاتصالات مقطوعة؟

الاتصالات موجودة ولم تنقطع قبل يومين، وبالتحديد في 24 نيسان اجتمعت اللجنة بجزء من قيادة الإضراب، وكان على رأس هذه اللجنة الدكتور بيتون، وهو شخص معروف جداً في الاستخبارات الإسرائيلية، وكانت هناك عروض من قبل هذه اللجنة بوقف الإضراب مقابل وعود بتنفيذ جزء من المطالب. لن تتوقف هذه الاتصالات، وستكثف خلال القادم من الأيام.

العودة: ما هو المسار المتوقع للإضراب في ظل تقويم الأسبوع الأول؟

سيستمر الأسرى بإضرابهم، وستستمر مصلحة السجون في إجراءاتها، وما زالت المعركة في بدايتها، وهناك أيام ستكون أكثر شدة وصعوبة على الأسرى وقياداتهم. لا أظن أن الإضراب سيكون أقل من 40 يوماً بالحد الأدنى، وأتوقع أن تتطور الأمور. كل ما أتمناه أن لا يسقط شهداء على الطرق، وأن يحفظ الله أسرانا.

العودة : بشكل محدد، ما هي مطالب الأسرى المضربين عن الطعام؟

على رأس مطالب الأسرى يتربع إنهاء سياسة العزل الانفرادي للأسرى المعزولين الذين مضى على عزل جزء منهم سنوات طوال. الأسير محمود عيسى معزول منذ 13 عاماً  متواصلة، وهو من مدينة القدس، وهو عميد أسرى حماس في سجون الاحتلال، وكذلك الأسير حسن سلامة المعزول منذ أكثر من عشرة أعوام، وكذلك الشيخ جمال أبو الهيجاء والأستاذ إبراهيم حامد وعباس السيد والصحفي وليد خالد وباجس نخلة وعبد الله البرغوثي وأحمد المغربي وأحمد سعدات وعاهد غلمه ومحمد عرمان على رأس أولويات الإضراب إنهاء العزل الانفرادي لهؤلاء الأسرى.

طبعاً، إلغاء قانون شاليط أيضاً أمر أساسي، وتحت هذه النقطة تندرج أمور كثيرة، مثل السماح لأسرى القطاع بزيارة ذويهم والسماح للممنوعين من الزيارة بزيارة ذويهم وأهاليهم، إلغاء القيود المفروضة على المحامين، وقف التفتيش العاري والمذل، إعادة الفضائيات التي حذفت، مثل فضائية الجزيرة

وهناك مطالب أخرى تتعلق بتحسين الظروف الحياتية لدى الأسرى. ومن الملاحظ أن جميع ما يطالب به الأسرى حقوق كفلتها الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية.

العودة : إلى جانب الإضراب، هناك مجموعة من الأسرى المضربين من قبل ذلك، هل يمكن أن تسلط الضوء عليهم والمدد التي أضربوا خلالها؟

في الحقيقة هذه نقطة مهمة. الإعلام شُغل كثيراً عنهم بعد بدء إضراب 17 نيسان. يجب ألا ننسى إطلاقاً أن هناك حسن الصفدي المضرب منذ أكثر من 55 يوماً، وثائر حلاحله وبلال ذياب، المضربين منذ قرابة شهرين، وكذلك عمر أبو شلال.

هذه إضرابات فردية مهمة، وهي تأتي احتجاجاً على الاعتقال الإداري. هؤلاء لهم بصمة واضحة في تحفيز الحركة الأسيرة على البدء بهذه الخطوه الاستراتيجية، ويجب أن نبرز معاناتهم بوضوح، وأن نقف خلفهم وأن لا ننسى أنهم مضربون من وقت طويل وأن حياتهم في خطر شديد.

العودة : كيف تقوّم التفاعل الرسمي والشعبي والفصائلي مع الإضراب، وما هو المطلوب؟

التفاعل دون المستوى المطلوب، وأقل بكثير من آهات وجراح الأسرى وعائلاتهم. يجب أن يكون هناك تفاعل أكبر وأكثر وأعمّ وأشمل. يجب أن يخرج الأسرى المحررون إلى الشارع وأن يقودوا هذا الحراك؛ فهم من جربوا القيد، والأسرى يتوقعون منهم الكثير من الخطوات. حتى الآن هم غير موجودين في الشوارع ولا في خيام الاعتصام.

على الجانب الرسمي والفلسطيني، هناك مسؤوليات كبيرة على الجانب الرسمي، ويجب أن تتوحد الجهود بشكل أكبر. سعدت كثيراً باتصال الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس بالسيد الرئيس أبو مازن لتنسيق الجهود، وهذا هو المطلوب من جميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني، أن تعمل معاً للوقوف عند هذا الجرح النازف في خاصرة الوطن.

لن يرحم التاريخ كل من تكاسل عن نصرة الأسرى في هذه المعركة التاريخية، ونريد أن نتحرك بفاعلية في جميع الاتجاهات، السلطة الفلسطينية، سفراء فلسطين في كل دول العالم. السيد الرئيس يستخدم كل قوته ونفوذه في نصرة الأسرى، المؤسسات الحقوقية تتواصل مع جميع المؤسسات لتكوين لوبي من المؤسسات الداعمه لقضية الأسرى ومساندتهم

لإنجاح أي إضراب. نحن بحاجة إلى أمرين: الأول إصرار وعزيمة من قبل الأسرى، والآخر مساندة فاعلة وحقيقية من قبل الشعب وقطاعاته.

حتى الآن كل شيء يسير بخجل، ودون المستوى المطلوب.♦