مجلة العودة

دراسة نقدية لواقع الجالية الفلسطينية ومؤسساتها في البرازيل

 دراسة نقدية لواقع الجالية الفلسطينية ومؤسساتها في البرازيل


جاد الله صفا – البرازيل

على مدار السنوات السبع الماضية، شهدت البرازيل العديد من النشاطات والفعاليات الوطنية والنضالية والتضامنية الكبيرة، واقتصرت مشاركة الجالية الفلسطينية على بعض النشطاء ورؤساء المؤسسات وافتقدت إلى المشاركة الجماهيرية، كالمنتديات الاجتماعية العالمية، وخاصة اللقاء الأول للتضامن مع الشعب الفلسطيني والمنتدى الاجتماعي العالمي – فلسطين حرة، حيث من المفترض أن تكون هذه الأحداث والنشاطات قد شكّلت دفعة في أداء الجالية الفلسطينية ودورها في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونشرها في المجتمع البرازيلي.

وعلى مدار السنوات الماضية، قامت العديد من الوفود البرازيلية بزيارات لفلسطين، واطلعت على الإجراءات والممارسات الصهيونية في الأراضي المحتلة، وأصدرت العديد من برلمانات الولايات والمدن البرازيلية قرارات تضامنية ومناصرة مع القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني، أهمها قرارات باعتبار يوم 29/11 يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وأخرى للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين ونضالاتهم ومطالبهم، بالإضافة إلى المحاضرات والندوات التي أُقيمت على مدار السنوات الماضية.

البرازيل دولة زاخرة بالنشاطات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، ولكن هل أداء الجالية الفلسطينية ومؤسساتها وقيادات الجالية كانت بمستوى هذه النشاطات؟ وهل تعاملت الجالية معها بطريقة منظمة أم فردية وعفوية؟ وما هو دور السفارة الفلسطينية؟

على مدار التحضيرات للمنتدى الاجتماعي العالمي "فلسطين حرة"، أعلنت مجموعة من المؤسسات والافراد الفلسطينية تأسيس الاتحاد الديموقراطي اتحاداً موازياً لاتحاد المؤسسات الفلسطينية، لتثبت الشهور اللاحقة أن الاتحاد الديموقراطي ما هو إلا برج من ورق، انهار قبل بدء أعمال المنتدى، لغياب التجانس بين ممثلي الاتحاد، وفشله في حشد رمزي لنشاطات المنتدى، التي كانت نتيجتها فشل أغلب نشاطاته، حيث لم يتمكن هذا التيار من وضع برنامج نهضوي بديل قادر على استنهاض الجالية الفلسطينية واستغلال الحدث، وابتعدت مواقفه عن التنسيق والعمل المشترك.

أما اتحاد المؤسسات الفلسطينية المعترف به ممثلاً للجالية، فأثبت على مدار الأحداث الماضية أن تمثيله هي شكلية بالأساس، وهذه الإشكالية هي ناتجة من ضعف الهيئة الادارية وقدرتها على الإدارة وإفلاسها، حيث لم تتمكن الهيئة الإدارية من وضع حلول لمعضلات الجالية وخلافاتها وتفعيل المؤسسات الفلسطينية المنضوية ضمن إطار الاتحاد، وإن مشاركات الاتحاد بأي مناسبة برازيلية كانت تجري من خلال استبعاد العديد من الآراء والتوجهات وأصحاب المواقف، وعلى أساس رغبة فردية وفئوية تتدخل بها أطراف من أصحاب النفوذ بطريقة ما ومؤثرة على القرار وكيفية اتخاذه، وتكون في بعض الحالات استفزازية.

لم تكن السفارة الفلسطينية بعيدة عن هذه النشاطات والأحداث من خلال شخص السفير نفسه، لقد غاب عن السفير أنه فقد القاعدة الجماهيرية التي كانت تتمتع بها السفارة، وأن واقع الجالية ليس هو واقع الثمانينيات أو بداية التسعينيات، وأن الرأي الواحد وفرضه قد ولّى، وأن الإصرار على هذا الأسلوب من التعامل مع الجالية لا يجدي اليوم إطلاقاً، وأن الحلول للخروج من هذا الواقع ليست من خلال التمسك بالأفكار البالية وفرض الرأي وأسلوب الهيمنة والتفرد، بل من خلال دعوة كافة ممثلي ووجوه ونشطاء الجالية ومؤسساتها لوضع برنامج وتصور يضمن مشاركة فعالة للجالية تكون بمستوى النشاط والحدث، وبما يليق بالقضية الفلسطينية وحقوق شعبنا ونضالات الأسرى، ويعزز من حملة التضامن البرازيلية والدولية مع القضية الفلسطينية، وقد كان تدخل السفير بالنشاطات الكبيرة التي كانت بالأساس مبادرة من قوى حركات اجتماعية ومدنية، تدخلاً ترك سلبيات على دور السفير والسفارة، حيث أكد أحد القياديين من اليسار البرازيلي "أنه أثناء لقائه مع السفير الفلسطيني قبل انعقاد المنتدى الاجتماعي العالمي (فلسطين حرة)، حاول إقناع السفير بأنّ المنتدى الاجتماعي العالمي (فلسطين حرة)، هو منتدى وليس مؤتمراً، ولكن السفير لم يقتنع".

الجالية الفلسطينية ينقصها الكادر الواعي لفهم واقعها وتناقضاتها بطريقة علمية من أجل إعادة الفعل إلى المؤسسات الفسطينية وتعزيز حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل، مراعياً التحولات والتغييرات الطبقية والاقتصادية، باعتبار أن الجاليات الفلسطينية بالشتات أدت على مدار العقود السابقة دوراً أساسياً بكافة حملات التضامن العالمية ونشر القضية الفلسطينية بالمجتمعات الغربية، من خلال بناء أفضل العلاقات مع الطبقات المحرومة والمناضلة وقواها وأحزابها اليسارية، التي تتوجت أيضاً باعترافات عالمية بنضال الشعب الفلسطيني ونضاله العادل. فالمرحلة الحالية تؤكد أهمية إعادة الفعل إلى التجمعات الفلسطينية بالشتات من أجل أن تعيد دورها وتلاحمها مع حركة التضامن العالمية مع نضال الشعب الفلسطيني.