مجلة العودة

الثورة العربية الكبرى في فلسطين

«الثورة العربية الكبرى في فلسطين»

 
 

صفحة من كتاب "الثورة العربية الكبرى في فلسطين" للكاتب صبحي ياسين من الصفحة 228 حتى الصفحة 234

الوضع العام في فلسطين

بين عام 1939 وعام 1947 أي بين نهاية الثورة وحرب فلسطين

 
 

عندما وقفت أعمال الثورة العربية في فلسطين للأسباب التي سبق ذكرها، تناست بريطانيا الغادرة سائر وعود الشرف التي قطعتها على نفسها بعدم معاقبة أي مواطن على اشتراكه في الثورة، وأخذت تنتقم من الأحرار بدون شفقة أو رحمة، متجاهلة كرامة الإنسان كإنسان وقامت بأعمال وحشية. وفي ما يلي نماذج عن أعمال حكومة الانتداب:

جعلت سجون فلسطين مجازر بشرية وتم تنفيذ اكثر من 170 حكم إعدام على المجاهدين الأحرار في مدة خمسة أشهر، أي ضعف الذين أعدموا طيلة سنوات الثورة.

بلغ عدد السجناء السياسيين الذين حكموا أمام المحكمة العسكرية الصورية أكثر من (1000) سجين تراوحت الأحكام عليهم من السجن مدى الحياة الى السجن خمس سنوات وبقوا في السجن إلى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

استعمل في السجون وسائل تعذيب تقشعر لها الأبدان فمن خلع أظافر الى تكسير أسنان الى كيّ في الحديد الى ضرب شديد إلخ.

ولولا الانتصارات الألمانية الساحقة على جيوش الحلفاء وأضرار الإنكليز إلى مسايرة الغرب لأعدم وسجن كل من اشترك في الثورة.

 
 

ويكفي أن أقدم أمثلة تدل على ظلم الطغاة الإنكليز:

 
 

قد بلغ عدد الذين حكم عليهم غيابياً بالإعدام من أهالي بلدة شفا عمرو وحدها (82) شاباً بتآمر الضابط اليهودي  ((كوهين)) مفتش بوليس القرى في اللواء الشمالي، وقد أعدم منهم 6 أشخاص، وسجن لأكثر من 7سنوات 8 أشخاص. وكنت أنا مع 11 شخصاً بانتظار إعادة المحاكمة التي جرت في السابق غيابياً وحكم علينا بالإعدام وأطلق سراحنا (منع المحاكمة) مع مئات من المجاهدين الآخرين.

لقد أعدم (21) مجاهداً من مدينة اللد لأجل قتل شاويش إنكليزي واحد.

الحكم على المجاهد الشيخ سليمان أحمد الشريف من صفورية وستة من عائلة واحدة من قرية عيلوط، منهم المجاهد الشجاع رجا علي الخليل بالإعدام وأنزل الحكم إلى المؤبد بتهمة واحدة.

وكانت معاملة السجناء السياسيين داخل السجون كالمجرمين العاديين. أما بالنسبة إلى زعماء الثورة وعدد من الزعماء السياسيين، فقد تشردوا بعيداً عن الوطن من أرجاء العالم وأبعدوا عن كل نشاط سياسي طيلة سنوات الحرب العالمية الثانية.

ومن ناحية ثانية، فقد خرج عرب فلسطين من الثورة  التي استمرت نحو 5 سنوات جياعاً عراة وفي أسوأ حالة اقتصادية؛ لأن الحكومة منعت الأشغال عن الشعب ونسفت وحرقت قرى كاملة وأحياءً كاملة من المدن، ونهب جنودها البيوت والمتاجر والمصانع والمزارع وسرقوا قوت الشعب اليومي أثناء التفتيش والتطويق.

وزاد عدد الذين اعتقلوا على (40) ألف مواطن يشكلون 25% من مجموع الرجال، كل فرد منهم يعول أكثر من 7 أشخاص.

لذلك، أخذ كل مواطن يسعى بعد وقف أعمال الثورة إلى إيجاد عمل للحصول على الخبز والكساء، واستمر الركود السياسي مدة 4 سنوات حتى 1943.

وفي سنة 1943 ابتدأ النشاط السياسي والنوادي الاجتماعية والرياضية، وكانت جمعية الاعتصام بحيفا تقيم مهرجانات شعبية كبيرة في المناسبات العربية والإسلامية التاريخية، مثل معركة بدر الكبرى واليرموك والقادسية وذكرى الهجرة إلخ...

 
 

وتبعتها فروع الجمعية في شفا عمرو وطولكرم بمهرجانات مماثلة

 
 

ثم قام نفر من المخلصين بإعادة نشاط  شركة صندوق الأمة العربي التي أخذت تجمع التبرعات لشراء الأراضي الممهدة بالبيع إلى اليهود. وأقامت شركة صندوق الأمة مهرجانات شعبية مستمرة في طول البلاد وعرضها، وأعرف من رجال صندوق الأمة البارزين السيد محمد الخضرا والمرحوم رشيد الحاج إبراهيم، وكان مدير الشركة السيد أحمد حلمي باشا.

وقد استقبل الشعب عودة شركة صندوق الأمة العربي للعمل، بموجة عارمة من الحماسة؛ إذ شعر كل فرد مخلص بأن مرحلة الإعداد للمعركة قد ابتدأت وآزر الشعب الشركة بحماسة.

ووافق الناشط السياسي عودة مغارز الفدائيين العمل لقتل كل خائن يبيع شبراً من أرضه لليهود وقتل عدد من سماسرة الأراضي، وخاصة في مدينة حيفا.

ثم قام بعض الشباب بتأسيس منظمة التجارة التي تشبه إلى حد بعيد منظمة عسكرية، بقصد إعداد الشباب نفسياً وعسكرياً للمعركة، فانتسب إلى هذه المنطقة آلاف المواطنين المسلمين والمسيحيين. واستقبل تأسيس النجادة بحماسة وتأييد من الشعب. لكن الحزب العربي الفلسطيني الذي كان يرأسه جمال الحسيني لم يرقه وجود أي منظمة تعمل بدون الاعتراف بقيادة الحزب العربي !.... فطالبوا قادة النجادة بانضمام الحزب العربي، فأجابهم قادة النجادة بأن المنظمة ليست لحزب معين، بل هي لكل مواطن. فاستشاط قادة الحزب غضباً وأعلنوا تأسيس منظمة مشابهة للنجادة باسم منظمة الفتوة، وابتدأ الخلاف بين قادة النجادة وقادة الفتوة – فاحتار الشباب - وفشلت الجهود للإعداد للمعركة.