مجلة العودة

صفحة من كتاب : "إسرائيل" في ضوء أحكام القانون الدولي الفصل الثاني وعد بلفور 2/11/1917

   صفحة من كتاب "إسرائيل" في ضوء أحكام القانون الدولي

     الفصل الثاني وعد بلفور 2/11/1917

صفحة من كتاب "إسرائيل" في ضوء أحكام القانون الدولي

ص 27 إلى ص29

تمهيد

لا شك بأن وعد بلفور، الذي كان أساساً للمأساة العربية قد تضمنت نصاً نموذجياً في كيفية القضاء على شعب كامل، وإزالته من أرضه ونقض حقوقه التاريخية والثابتة، لتحقيق مطامع استعمارية لمجموعة من الناس الذين لم يكونوا مقيمين أبداً على هذه الأرض، وقلما وجدت في التاريخ وثيقة قصد منها التضليل والتمويه والخداع كهذه الوثيقة التي كانت بمثابة الصك أو البراءة الاستعمارية التي أُعطيت للحركة الصهيونية لتقيم وطنها المزعوم على أرض فلسطين.

الوعد: صدر وعد بلفور بتاريخ 1917/11/2 على شكل رسالة من وزير الخارجية البريطاني اللورد آرثر بلفور إلى البارون ليونيل روتشيلد ونشر في الصحافة البريطانية بتاريخ 9 تشرين الثاني بالنص التالي:

"عزيزي اللورد روتشيلد"

يسعدني كثيراً أن أنهي نيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي تعاطفاً مع أماني اليهود الصهيونيين التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء:

إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف، وليكن مفهوماً بجلاء أنه لن يتم شيء من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين أو بالحقوق والأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود في دولة أخرى.

إني أكون مديناً لكم بالعرفان لو قمتم بإبلاغ هذا التصريح إلى الاتحاد الصهيوني.

المخلص آرثر بلفور.

المناقشة القانونية للوعد

أولاً: التوصيف القانوني لوعد بلفور:

"إن وعد بلفور هو عبارة عن تصريح سياسي وحيد الطرف جاء على شكل رسالة موجهة من الحكومة البريطانية إلى شخص عادي من رعاياها، وليس له أي صفة للتعاقد تعاقداً رسمياً، فاللورد روتشيلد هو مواطن بريطاني يهودي لم يكن حتى ليمثل الطائفة اليهودية التي لم يكن لها في أي حال شخصية بنظر القانون الدولي".

وبالتالي فإن الوعد يخرج من نطاق الأعمال القانونية التي تصدر عن جانبين أو أكثر كالاتفاقيات والمعاهدات التي تصدر عن شخصين أو أكثر.

كما أن الاتحاد الصهيوني الذي كان من المفترض أن يصله الوعد لم يكن يتمتع بالشخصية القانونية الدولية لعقد مثل تلك الاتفاقيات أو القيام بمثل تلك الأعمال القانونية.

وبالتالي فإن الوعد هو عبارة عن عمل قانوني صادر من جانب واحد هو الحكومة البريطانية، ولا يوجد في نص المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ما يتضمن الإشارة إلى الأعمال القانونية التي تصدر عن جانب واحد كمصدر من مصادر القانون الدولي العام.

إذاً، فوعد بلفور لا يدخل أصلاً في نطاق العلاقات التي يحكمها القانون الدولي، ولا يقام له أي وزن في إطار العلاقات القانونية الدولية.

ثانياً: وعد بلفور ونظرية اكتساب الأقاليم بطريق التنازل:

حاول بعض القانونيين الصهاينة إثبات حق اليهود المزعوم في إقامت دولتهم على أرض فلسطين استناداً إلى إحدى طرق اكتساب الأقاليم في القانون الدولي، ألا وهي التنازل. على اعتبار أن دولة بريطانيا، بعد توقيعها اتفاقية سايكس - بيكو وسيطرتها عسكرياً على فلسطين، نقلت سيادتها وحمايتها الاستعمارية على إقليم فلسطين إلى الحركة الصهيونية، وتنازلت لها عنه.

وبالعودة إلى مبادئ القانون الدولي، نجد أن "تتنازل دولة عن سيادتها على إقليم معين لدولة أخرى، والتنازل يتم بالاتفاق بين الدول المعنية في شكل معاهدة أو بتصريح يصدر عن الدولة المتنازلة".