مجلة العودة

ورشة عمل: تداعيات الوضع الحالي في مصر على الفلسطينيين في غزة ومصر

ورشة عمل
 تداعيات الوضع الحالي في مصر على الفلسطينيين في غزة ومصر
لندن/ العودة

عقد مركز العودة الفلسطيني في لندن يوم الأربعاء 17 تموز/ يوليو ورشة عمل تناولت تداعيات الوضع الحالي في مصر على الفلسطينيين في غزة ومصر، وقد طرحت الورشة ورقتي عمل منفصلتين في الموضوع، بحضور نخبة من الإعلاميين والسياسيين والشخصيات العامة، فيما عقّب المستشار القانوني الأستاذ صباح المختار على الورقتين كلاً على حدة من ناحية القانون الدولي وتبعاته على الحالتين.

تناولت الورقة الأولى التي طرحها المسؤول الإعلامي للمركز الأستاذ سامح حبيب، الأوضاع الإنسانية فى قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عدة سنوات. وتطرق حبيب للوضع الحالي في مصر وأثره على حركة العابرين من أهالي قطاع غزة عبر معبر رفح، ومقارنة الوضع الحالي بالسابق في هذا الخصوص، حيث انخفضت أعداد المسافرين فى الأسبوع الماضى إلى ما يقارب 300 شخص يمرون بنحو غير منتظم مقارنةً بفترات سابقة تجاوز عدد المسافرين فيها 1200 فرد.

وأشار حبيب إلى ضرورة وقف العمل بنظام الترحيل من قطاع غزة وإليه، وإلى الحاجة لإيجاد ألية جديدة تضمن تحرك سكان القطاع بصورة سلسة بعيداً عن أية اعتبارات سياسية خاصة، وأن معبر رفح هو المخرج الوحيد من القطاع وإليه، ويرتبط بمصالح الناس اليومية كالطلاب والأطباء والعائلات المقيمة بالخارج.

ولفت حبيب إلى أن الوضع الإنسانى في قطاع غزة لا يزال متأزماً، وذلك لاستمرار الحصار الإسرائيلي، وإغلاق المعابر، حيث يُحرَم سكان القطاع الموادَ الأساسية.

ونوّه حبيب بخطورة الوضع الإنساني في القطاع، وضرورة تدخل المؤسسات الدولية لإنهاء الحصار الظالم الذي يمسّ كافة فئات الشعب الفلسطيني في غزة، حيث توفي العديد من المرضى لغياب العلاج اللازم، أو عدم المقدرة على السفر، فضلاً عن التضييق على قطاع الاقتصاد والإنشاءات الذي تأثر كثيراً، حيث أُغلق الكثير من المصانع ووحدات الإنتاج، الأمر الذي فاقم أزمة البطالة وزاد معدلات الفقر.

أما منسق مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، الأستاذ طارق حمود، فقد طرح ورقته التي تناولت وضع الفلسطينيين اللاجئين من سورية إلى مصر، حيث أشار إلى الأسباب التي دفعت الآلاف من فلسطينيي سورية إلى الهرب باتجاه مصر على خلفية الحرب الدائرة في سورية بين النظام وقوات المعارضة المسلحة، مشيراً إلى أن الأعداد التقديرية لهم تجاوزت سبعة آلاف لاجئ، يتوزعون في أكثر من مكان، حيث يتركز أكثر من 1300 عائلة منهم في العاصمة المصرية القاهرة، وخاصة في مدينتي نصر و6 أكتوبر، فيما تقطن أكثر من 300 عائلة في الإسكندرية، وبحدود35 عائلة في مدينة مرسى مطروح قرب الحدود الليبية المصرية، بعد أن تقطعت بهم السبل بعد رفض السلطات الليبية دخولهم إليها قبل نحو 7 أشهر من الآن.

وختم حمّود ورقته بالقول إن أهم التحديات التي تواجه الفلسطينيين في مصر هو عدم وجود جهة دولية أو وطنية راعية لهم، فالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ترفض تسجيلهم بحجة ولاية الأونروا عليهم، وهذه الأخيرة ترفض رعايتهم بحجة عدم وجود مصر في مناطق عمليات الأونروا، كذلك إنّ السفارة الفلسطينية في القاهرة تتعامل مع الموضوع على أنه شأن سيادي مصري بحت. وأكد حمّود ضرورة وجود جهة دولية راعية للفلسطينيين كلاجئين، وضرورة أن تقف القيادة الفلسطينية أمام مسؤولياتها تجاه هذه الحالة.

المستشار القانوني الأستاذ صباح المختار، عقّب بدوره على الأوراق المطروحة بالقول بدايةً إن حالة غزة تتفاقم بنحو ينذر بكارثة خلال عام من النواحي الصحية والبيئية، مؤكداً أن لغزة بحسب القانون الدولي حدوداً مع "إسرائيل"، والقطاع في حالة حرب معها، والطرف الثاني هو مصر التي لا تُعَدّ بحالة حرب بينها وبين غزة، وهو ما يرتب التزامات قانونية على الطرف المصري، وخاصة في ظل تهديد جدي للقطاع بحدوث كارثة إنسانية. وأشار إلى أنّ مصر هي المعبر الوحيد المتاح للقطاع، ويحتم عليها القانون الدولي اتخاذ إجراءات لتسهيل حركة المواطنين في القطاع. فيما رأى المختار أن حالة اللجوء تنطبق على كافة السوريين والفلسطينيين المقيمين بمصر، مشيراً إلى أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة المصرية بحق اللاجئين والفلسطينيين الغزيين لديها هي إجراءات قانونية من الناحية السيادية، لكنها استخدمت بأقصى درجات سوء النية، مشيراً إلى أن القانون الدولي يكفل من خلال قواعده ضرورة المعاملة الحسنة للاجئين في أي بلد، إلا أنه لا يستطيع فرض معايير محددة على الإجراءات السيادية التي تتخذها الدول من قبيل معايير الحصول على سمات الدخول والتأشيرات. وأشار المختار إلى أن التحرك باتجاه المنظمات الدولية ذات الشأن، وخاصة مجلس حقوق الإنسان من الأهمية بمكان، لتسليط الضوء على هذه المعاناة، سواء المتعلقة بقطاع غزة، أو المتعلقة بفلسطينيي سورية في مصر. واقترح المختار عقد لقاءات مع كلٍّ من المفوض العام لوكالة الغوث الدولية (الأونروا)، والمفوض العام لمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لمناقشة الولاية القانونية على الفلسطينيين في الشتات، مشيراً إلى أهمية إرسال مذكرات لمختلف مراكز صنع القرار في الأمم المتحدة والدول الغربية، دون إغفال الحكومة المصرية القائمة، والتيارات المصرية الداعمة للتوجه الحالي في مصر، من أجل التخفيف من الإجراءات التعسفية بحق أبناء القطاع وفلسطينيي سورية.

وختم المختار تعقيبة بالقول إنّ الخشية من طول نفس معاملات المفوضية والمنظمات الدولية يحتم علينا تحركاً سريعاً باتجاه إيجاد حل سريع ومؤقت لفلسطينيي الشتات في مصر، مثل مناشدة إحدى الدول القريبة من سورية لاستيعاب الفلسطينيين في مصر مثل تركيا.

هذا وقد أغنى النقاش عدداً من المقترحات تداولها الحضور بشأن إمكانيات إيجاد حلول لهذا الوضع الطارئ، اتفق بعده المنظمون على لسان المدير العام لمركز العودة الفلسطيني الأستاذ ماجد الزير على ضرورة القيام بجملة تحركات على المستوى القانوني والشعبي والديبلوماسي الرسمي لتحريك القضية، ومحاولة إيجاد الحلول المثلى لها، حيث أكد الزير أن المركز سيبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة بإعداد تقارير في الموضوع، وإرسال مذكرات إلى مختلف أماكن صناعة القرار المعنية بهذا الشأن، مؤكداً أن الموضوع محل نقاش في الجلسة الدورية القادمة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أيلول/ سبتمبر القادم، حيث سيعقد المركز ندوة خلال انعقاد المجلس، وسيوزع خلاله تقارير مفصلة على المندوبين في المجلس. ودعا الزير إلى ضرورة تكاتف الجهود من قبل جميع الأطراف، وخاصة في ما يتعلق بالوضع الكارثي في قطاع غزة، مع عمليات تدمير الأنفاق ومحاولة خنق القطاع إنسانياً، مشيراً إلى أن أبناء القطاع يواجهون معاملة غير إنسانية من قبل السلطات المصرية في ما يتعلق بحرية الحركة والتنقل. وعلى صعيد فلسطينيي سورية في مصر، أشار الزير إلى ضرورة تحمل المنظمات الدولية كالأونروا والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين مسؤولياتهم تجاه فلسطينيي سورية في كل مكان، سواء في مصر أو لبنان أو الأردن أو تركيا وغيرها من الدول التي استقبلت أعداداً من فلسطينيي سورية.