مجلة العودة

نسائم الثورة المصرية تداعب أحلام اللاجئين الفلسطينيين

نسائم الثورة المصرية تداعب أحلام اللاجئين الفلسطينيين

ايمان يس / القاهرة

 
 

ظن أن الثورة العربية ستنتهي دون المرور بفلسطين ... الشاعر والمحلل السياسي تميم البرغوثي  " ،،، "فلسطين هي المستفيد الأكبر من الثورات العربية.... رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية".!على الرغم من أن أيا من هذه الثورات لم يقم بسبب القضية الفلسطينية إلا أننا يمكننا القول أن "فلسطين" كانت القاسم المشترك وصاحبة النصيب الأكبر ومحط أنظار الثوار في كل بقعة انتفض فيها أبناء الوطن العربي، ليس فقط لأن القدس في قلب كل عربي مسلم ولكن أيضا لأن الأنظمة المستبدة لم تكتف بقمع الحريات في الداخل بل عملت أيضا على ضياع القضية الفلسطينية وتفريغها من محيطها العربي والإسلامي، فكما منعت الشعوب من ممارسة حقوقها السياسية وكبلتها بالفقر والجهل والمرض فقد وقفت أيضا دون قيامها بواجبها تجاه مقدسات الأمة، فهل أثرت هذه الثورات وفي مقدمتها ثورة ميدان التحرير على وضع اللاجئين الفلسطينيين في أرض الكنانة ؟

يجمع الفلسطينيون المقيمون في مصر على أن أكبر ما أنجزته لهم الثورة على أرض الواقع حتى الآن هو حصول أبناء الأم المصرية على الجنسية المصرية وبحسب إحصائيات وزارة الداخلية بلغ عدد الفلسطينيين الحاصلين على الجنسية المصرية بعد الثورة 459

وتقول ن . ع صدر قرار رقم 145 لسنة 2004 بمنح الجنسية المصرية لأبناء الأم المصرية إلا أن الداخلية كانت تماطل وتراوغ في تطبيق القرار على الفلسطينيين فتارة تتذرع بتطبيقه على المولودين بعد صدور القرار فقط وتارة ترفض تطبيقه مطلقا دون إبداء أسباب !! إلا أننا فور سقوط جهاز أمن الدولة توجهنا جميعا لإدارة الجوازات بمجمع التحرير والحمد لله استطعنا الحصول على الجنسية المصرية التي نعتز بها كثيرا وسنعمل يدا بيد مع كل مصري شريف لإعادة إعمار البلد الذي منحنا ثقته لكننا أبدا لن ننسى وطننا فلسطين ، وتضيف ،أنشأنا صفحة للتواصل على موقع الفيس بوك وحتى الآن لم نسمع برفض أي طلب للحصول على الجنسية فقط هناك من ينتظرون دورهم .

وحول أثر التجنيس على تمسك اللاجئين بحق العودة يقول م .ص ، اضطرتنا ضغوط الحياة إلى اللهث وراء جنسية البلد الذي نعيش فيه ، فليس لنا حق في التعليم أو التوظيف أو حتى العلاج ! وبحسرة يضيف ؛ كنا نتمنى من الدول العربية أن تمنحنا حقوق المواطنين وتترك لنا المجال للحفاظ على هويتنا ، ويحذر "ص" من أثر هذه الخطوة على المدى البعيد قائلا " نحن الآن فرحين بما سنحصل عليه من حقوق لكن المشكلة ستظهر وبعمق بعد عدة سنوات وعلى وجه الخصوص فيمن يحملون وثيقة السفر المصرية ، فحملة جواز السفر الفلسطيني لن يُسْحَب منهم وبالتالي سيحتفظون بهويتهم، أما أصحاب وثائق السفر فبالتأكيد ستقوم مصر بإلغاء الوثيقة فور منحهم الجنسية مما يعني انتهاء أي صلة لهم بوطنهم الأم فلسطين.

لكن هي تعارضه قائلة أن حملة الوثائق بإمكانهم التوجه للسفارة الفلسطينية واستخراج "شهادة إثبات جنسية" بموجب شهادة الميلاد التي تثبت أنهم ولدوا لأب فلسطيني، وتضيف لحسن الحظ أن مصر لا تعارض ازدواج الجنسية وبالتالي لا يوجد ما يجبرنا على التنازل عن جنسيتنا الفلسطينية.

وكما استطاعت الثورة أن تنهي معاناة من أسموا أنفسهم " مصريون بموجب القانون " الذين حصلوا على الجنسية، فقد تمكنت أيضا من التخفيف كثيرا من أزمة استخراج إقامات اللاجئين ؛ فقد تمكن عدد كبير منهم بعد سقوط جهاز أمن الدولة من تجديد إقامته بزيارة واحدة فقط لمجمع التحرير ، إلا أن عددا قليلا منهم ما زالت أوضاعه غير مرضية وبالأخص بعد عودة الأمن الوطني ، يقول س . ل ـ حامل وثيقة سفر مصرية ـ في عام 1996 استدعاني جهاز أمن الدولة ودون إبداء أية أسباب قاموا بختم جواز سفري بالمغادرة فقمت بتقديم التماس فأهملوه، ثم سحبوا جواز السفر نهائيا، والآن بعد الثورة استطعت استخراج جواز سفر جديد لكني حتى الآن ليس لدي إقامة ،ويضيف ، أرشدتني مصلحة الجوازات بالتوجه إلى الأمن الوطني لكني أخشى أن يختم جوازي مرة أخرى بختم مغادرة ولا أدري ماذا أفعل !

ومازال س .ل يأمل أن تمنحه الثورة إقامة دائمة في مصر أسوة باللاجئين السودانيين أو اليمنيين أو غيرهم ، وأن يتمكن من الحصول على فرص متكافئة في التعليم والعلاج والوظائف.

ومن مجمع التحرير إلى العريش حيث يسكن معظم اللاجئون الفلسطينيون، يقول (ي .ت) هبت نسائم الثورة علينا واستبشرنا بها ، فقد استطعنا بعد أعوام طويلة أن نعقد اجتماعا لانتخاب لجنة يرأسها شيخ وله نائب لحل مشاكلنا ومناقشة قضايانا والتحدث باسمنا، ويضيف، في السابق تقدمنا بهذا الطلب مرارا وتكرارا لجهاز المخابرات المصرية لكن لا رد، إلا أننا تمكنا بعد الثورة أن نعقد اجتماعا حضره ممثلون عن جميع العائلات أسفر عن اتفاق بتكوين لجنة يرأسها أحد مشايخ العائلات ويعين له نائبا، على أن تعقد هذه اللجنة في حال وجود مشاكل أمنية أو اجتماعية ،ويضيف ، هذا الاتفاق عرفي كما أنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد إلا أننا نطمح أن يفعل في المرحلة القادمة وأن يصبح للفلسطينيين شيخ حر لا يأخذ أوامره من أحد ويُغَلِّب المصلحة العامة على الأهواء الشخصية.

ومن جانبه يرى المفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين أن الثورة المصرية حتى الآن لم تقدم شيئا للاجئ الفلسطيني في مصر، ويرفض اعتبار تجنيس أبناء الأم المصرية مؤشرا إيجابيا ويستدل على سلبيته قائلا " لم تسجل حالة محاولة واحدة من الفلسطينيين المقيمين في مصر للحصول على الجنسية المصرية طوال الأعوام من 58 إلى 74 لأن هذه الفترة اتسمت بمساواة معاملة الفلسطيني بشقيقه المصري فيما عدا حق الترشيح والانتخاب والانضمام للجيش، أما سعيهم الآن للحصول على الجنسية ليس إلا انعكاسا لما يعانونه منذ عام 78 ولا يمكن اعتباره من الإيجابيات بأي حال من الأحوال"

كما أشار ياسين إلى تصريحات أحد أعضاء المجلس العسكري التي أدلى بها في واشنطن في 25 _7 بأن أوضاع معبر رفح لم يطرأ عليها أي تغيير !

واستنكر ياسين مطالبة رئيس المجلس العسكري للرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته أبو مازن بالمضي قدما في المفاوضات على خلاف رغبة الشعب الفلسطيني كله على حد تعبيره

واعتبر ياسين أن جميع هذه المؤشرات تؤكد أن الثورة مازال أمامها الكثير لتدعم به الملف الفلسطيني

وفي السياق ذاته قال المهندس محمد عصمت سيف الدولة ـ باحث متخصص في الشئون الفلسطينية ورئيس مؤسسة مصريون ضد الصهيونية ـ أن الثورة أثرت ايجابيا في جانب واحد فقط من الملف الفلسطيني وهو تحسين أوضاع المسافرين عبر معبر رفح نسبيا

وأضاف:"بعد الثورة توقعنا عودة سريعة لمصر إلى أحضان أمتها لكن من المؤسف أن نقول أن غالبية النخب التي تقود الثورة لا تطرح هذه القضية على رأس أجندتها، واستطرد قائلا هذا ليس موقف الشباب مؤكدا أن شباب الثورة لا يدع فرصة للتعبير عن دعمه لقضايا أمته وفي مقدمتها القضية الفلسطينية

وأثنى سيف الدولة على خطوة منح الجنسية وتسهيل الحصول على الإقامات إلا أنه أكد على ضرورة ما أسماه تحرير الرأي العام من التزييف والأكاذيب التي كان يصدرها النظام السابق حول القضية الفلسطينية وثقافة المقاومة

وأكد أيضا على ضرورة تعريف الرأي العام ببطلان الكيان الصهيوني وأن اتفاقية كامب ديفيد شرٌّ مطلق على مصر قبل فلسطين وأن النظام السابق كان يحمي أمن الكيان وليس أمن مصر

وحذر سيف الدولة من خطورة تدخل أمريكا واستخباراتها على الثورة فهي تريدها ثورة ليبرالية مما يعني بقاء مصر خارج محيطها العربي والإسلامي