مجلة العودة

وسط تحذيرات من القادمحصــار غــزة ...يزيد أوجــاع اللاجئين

وسط تحذيرات من القادم
حصــار غــزة ...يزيد أوجــاع اللاجئين

غزة - العودة

لا تتـوقف الأرقـام والصيحات التحذيرية من تذكير العالم وأحراره بأن اللاجئين في غـزة ومع ازدياد لسعات الحصار المستمر لأكثر من ستة أعوام متتالية سيكونون في حـال هو أشبه بالعدم فيما لو استمر هذا الحصار الخـانق لقادم الأيـام .

وفي أحدث تقريـر لها حذّرت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" من خطورة الأوضاع الكارثية التي سيواجهها اللاجئين خلال السنوات القادمة في حال ابقاء الاحتلال على الحصار المفروض وعدم إدخال تحسينات جوهرية على مختلف القطاعات الخدمية وشبكات المياه والكهرباء والبنى التحتية.

وأكدت الأونروا في تقرير لها وصل "العودة" نسخةً عنه على لسان منسق الشؤون الإنسانية لديها ماكسويل جيلارد أنه وبقادم الأعوام القليلة الماضية لن تكون غـزة مكانا قابلا للحياة وأن إسكان وتعليم وتوظيف الزيادة الإضافية في عدد سكان القطاع المتنامي يتطلب جهودًا كبيرة .

وأشارت الأونروا إلى أنه من غير المعقول لغزة أن تتقدم دون أن تكون متصلة بالعالم للتجارة والتواصل مع ما وراء تلك المنطقة المحاصرة .

استمرار الحصار

وتوقع تقرير الأونروا ألا ينمو اقتصاد غزة بنسب جيدة بحلول الأعوام القادمة وإنما سيبقى نموه بطيئا جدا في ظل أنّ أكبر العقبات ستتمثل بالحصول على المياه والكهرباء وقال " إن الفلسطينيين في غزة يواجهون الكثير من الصعوبات وإنهم بحاجة لإيجاد مساحة لهم لتشجيع الأمن والسلام، وهو ما يعني إنهاء الحصار والإغلاق والصراع".

واستعرض جملة من المشاكل القائمة في غزة منها عدم توفر مياه كافية صالحة للشرب وقلة عدد المدارس وانقطاع الكهرباء المستمر بالإضافة إلى نسبة البطالة المرتفعة وعدم وجود مستقبل للتجارة والأعمال.

ونوه التقرير إلى أن أكبر المشاكل التي تواجه غزة تتمثل في سوء المياه وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي نظرا لتسرب الأملاح والمياه العادمة إلى المياه الجوفية بشكل كبير، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على السكان، سيما الأطفال بسبب الأمراض التي تنتج عن المياه الملوثة.

وأشار إلى أن الحاجة الى مياه الشرب ستزيد بنسبة 60 % فيما الضرر الحادث للآبار الجوفية المصدر الرئيس للمياه سيكون غير قابل للإصلاح بدون خطوات عاجلة وأن 75 % من المياه العادمة تضخ الى البحر والمياه الجوفية مما يحدث كارثة حقيقية .

ولفت التقرير إلى أنه في عام 2016 قد تصبح المياه الجوفية غير صالحة للاستخدام فيما يتوقع أن يزيد الطلب على المياه حتى العام 2020 بنحو 260 مليون متر مكعب وبناءً على النمو السكاني الموجود حاليا، فانّ كمية المياه العادمة التي يتم إنتاجها كل عام قد تزيد من 44 إلى 57 مليون متر مكعب في العام 2020 " وطالب التقرير بإنشاء عدد من محطات معالجة المياه العادمة وتوسيع المحطات القائمة في القطاع وتطبيق أنجع الحلول الممكنة.

ولفت التقرير إلى أن 70 % من سكان قطاع غزة من اللاجئين، وما يزيد على 1.2 مليون لاجئ بغزة تحت رعاية أونروا متوقعا أن زيادة ذلك العدد حتى العام 2020 إلى 1.5 مليون لاجئ تتحملهم أونروا.

وشدد أنه بدون حلول لتلك المشكلات، فإنّ ذلك سيزيد من العبء الموجود على عاتق أونروا داعيا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني ومؤكدا في ذات الوقت أن أونروا ستبقى مضطرة لطلب المساعدات من المجتمع الدولي لتلبية احتياجات اللاجئين.

وشدد التقرير على أن غزة ستكون بحاجة الى 440 مدرسة اضافية وأكثر من 880 سريرا في المشافي وألف طبيب حتى العام 2020 مشددا ان التحديات التي تواجه غزة أصعب بسبب استمرار الحصار .

يوما بعد يوم

وشددت التقرير على أن هذه الانعكاسات الخطيرة ستؤثر بشكلٍ خاص على اللاجئين في غـزة وأوضـاعهم المعيشية فهم إلى جانب ما يكابدوه من وضع معيشي صعب زاد الحصار من آلامهم وأحزانهم .

ويعيش في غزة أكثر من مليون لاجئ مسجل لدى الأونروا، يعيش نصفهم تقريبا في المخيمات الثمانية في القطاع (الشاطيء , البريج , دير البلح , خانيونس , المغازي , النصيرات , رفح)

وتأثرت كافة المخيمات بالحصار على غزة وافقتر السكان الذين يعيشون في المخيمات المكتظة إلى إمكانية الوصول إلى إمدادات كافية من مياه الشرب والكهرباء.

أما البطالة، فقد وصلت معدلات غير مسبوقة، حيث أن هناك أكثر من 40% من القوة العاملة لا تعمل.

وفي حديث خاص لـ"العودة" أقر "عصام عدوان " رئيس دائرة شئون اللاجئين في غـزة أن الانحدار في مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والاقتصادية يزداد يوما بعد يوم على اللاجئين وحياتهم بفعل الحصار الخانق .

وقال عدوان إن أكثر من ثلاثة أرباع سكان القطاع هم من اللاجئين وأن نسبهم تزداد فيما أوضاعهم على ما هي عليه ومضى يقول :" للأسف الحصار انعكس بشكل جلي على غــزة وبشكل خاص على أوضاع اللاجئين فتقلصت الخدمات والمساعدات المُقدمة إليهم ..."

وأشار إلى أن المخيمات باتت عبارة عن كتل بشرية وسكنية تفتقر إلى سبل المعيشة الصحية من حيث التهوية والمنافع العامة والشوارع الضيقة ، والأسواق المختلطة والملتصقة بالمساكن وانعدام أماكن اللعب للأطفال والأرصفة الضيقة التي تمثّل في مجملها مخاطر حقيقية على المستوى الصحي والنفسي للسكان اللاجئين.

أمراض شتى

ولفت عدوان إلى أن الحصار أثر على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي للمخيمات ووقف الحصار عائقا في وجه عمليات البناء والترميم مؤكدا أن ما يقارب ثلث اللاجئين ، يعيشون تحت خط الفقر المدقع وغير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية .

كما ونوه إلى أن اللاجئين يعانون على الصعيد الصحي وأن أوضاعهم تزداد سوءاً يوما بعد يوم ومع تردي الوضع الصحي لغزة بشكل عام ونفاد الأدوية والخدمات الطبية والصحية .

ويقع الإشراف على الأوضاع الصحية في المخيمات بمعظمه على الأونروا، التي قلصت خدماتها بنحو ملحوظ خلال الشهور الأخيرة، فلا تلبي الوكالة كل ما يتعلق بحاجات اللاجئين على هذا الصعيد.

وتمتلك الوكالة شبكة تضم أكثر من 18 مركزاً أو عيادة صحية، توفر الرعاية الطبية، وخاصة في ما يتعلق برعاية الأم والطفل، حيث إن البرنامج الصحي لوكالة الغوث هو ثاني أكبر برنامج بعد برنامج التعليم، حيث تخصص له الوكالة 18% من ميزانيتها، ويركز البرنامج اهتمامه على الصحة الأولية عبر تقديم خدمات صحية من خلال المراكز الصحية.

ومن أهم المشاكل التي يعانيها سكان المخيمات صحياً، الاكتظاظ بالمراجعين من سكان المخيم وخارجه، وتقليص الوكالة لعدد الحالات التي تُحَوَّل إلى المستشفيات الحكومية، وقلة عدد العيادات قياساً مع عدد السكان، والنقص المستمر في الدواء.

وتعاني المخيمات انتشار وظهور العديد من الأمراض الصحية المختلفة، وعدم وجود مختبرات وأجهزة حديثة، وعدم كفاءة المؤسسات الصحية القائمة، وعدم الفحص بفاعلية بسبب الأعداد المتزايدة من المرضى المراجعين.

باختصار إنهم يموتون

وعلى الصعيد التعليمي، اتجه أبناء المخيمات في قطاع غزة نحو التعليم بكثافة، وتشهد الأرقام المتوافرة على هذا التوجّه، حيث تشرف الوكالة على التعليم الابتدائي والإعدادي للاجئين في المخيمات وخارجها، فيما يتابع بعض أبناء اللاجئين دراستهم الإعدادية في المدارس الرسمية. والتعليم الثانوي مقتصر على المدارس الرسمية، ذلك أن الوكالة لا تغطي هذه المرحلة من التعليم.

وتشغّل الأونروا نحو16 8 مدرسة ابتدائية وإعدادية في قطاع غزة، وهو العدد الأكبر الثاني بعد الأردن، وتوفّر فرص التعليم لنحو 160 ألف طالب وطالبة، فما زالت هناك حاجة ماسة لبناء المزيد من المدارس، رغم عدم وجود الدعم المالي لذلك.

ونتيجة لزيادة عدد التلاميذ، زادت حدة الاكتظاظ في مدارس الأونروا في القطاع، حيث ارتفع معدل عدد التلاميذ، في الصف الواحد من 47 إلى 50 تلميذاً، وهي أعلى نسبة من نوعها في الأقاليم الخمسة لعمليات الأونروا.

وبحسب الأرقام أكد عدوان أن عدد اللاجئين الذين يعيشون تحت نير الفقر المدقع في قطاع غزة تضاعف ثلاث مرات منذ بدء الحصار .

ويعتمد اللاجئون الفلسطينيون على المساعدات التموينية التي تقدمها لهم وكالة غوث وتشغيل "الأونروا" لمساعدتهم على التغلب على ظروفهم المعيشية الصعبة الناتجة عن البطالة والفقر المدقع الذي ينتشر في قطاع غزة.

وربما تعيش أسرة بكاملها في غرفة واحدة وينامون كعلب السردين فيما تزداد حياتهم مع ارتفاع درجات الحرارة بؤسا وتشتد ألماً.

ويعاني سكان المخيمات من عدة مشاكل في مقدمتها مشكلتا الاكتظاظ السكاني وضيق المسكن وانعدام التمدد العمراني الأفقي.

وهناك العديد من المشاكل الأخرى التي يعاني منها السكان مثل: مشكلة مياه الشرب، إذ أن المياه مالحة وملوثة ولا تصلح للاستخدام البشري اضافة الى انقطاعها المتكرر خلال فصل الصيف، وكذلك انقطاع التيار الكهربائي الذي يفاقم معاناتهم خلال فصل الصيف.

ويعاني سكان المخيم من انتشار الأمراض الجلدية والطفيلية والدودية إضافة إلى انتشار الحشرات والزواحف والجرذان في فصل الصيف.

إلى جانب معاناة مشكلة الصرف الصحي وانسداد الشبكات وغرق بعض المناطق والبيوت خاصة خلال فصل الشتاء، إضافة إلى نقص المناطق المفتوحة والملاعب لأبناء المخيم، ما يتسبب بالاحتكاكات بين السكان.

ويصف عبد الله الفار الحاج السبعيني من سكان مخيم الشاطئ الأوضاع في المخيمات أنها بائسة ومؤلمة وأن الوضع لا يصلح والمأساة تتعدد بكل تفاصيلها .

وأشار بوجع إلى بيته الذي يتلاصق مع بيوت جيرانه دونما فواصل ولا مسافات مؤكدا أن الحصار الخانق زاد من انتشار حالات الفقر والبطالة بين سكان المخيمات وأضاف بصوت الوجع :" إن الحصار لا يرحم كبيرا ولا صغيرا ولا رجلا ولا شابا ...الكل يعاني من الحصار .."

أما ابنه فادي 27 عاما فيجسد معاناة الشباب العاطل عن العمل والعاطل عن تأسيس أسرة وبيت بسبب الحصار ولسعات البطالة والفقر ويضرب كفا بكف وهو يستدرك بألم :" الأوضاع من سيء إلى أسوأ ...إننا باختصار نمــوت ."♦