مجلة العودة

ماجد الزير :تمثيل الشعب الفلسطيني بين الدولة ومنظمة التحرير

ماجد الزير

http://www.alawda-mag.net/assets/issue48/p27-1.jpgصفًق ممثلو الدول الحاضرون في الجمعية العامة للأمم المتحدة طويلاً للرئيس محمود عباس في أثناء وبعد إلقائه خطابه الشهير الذي أعلن فيه تقدمه بطلب عضوية كاملة لفلسطين كدولة في المحفل الدولي في أواخر أيلول (سبتمبر ) الماضي. الدولة المنشودة على الأراضي التي احتلت عام 1967. كانت نبرة التحدي عالية وجاءت « كما بدا » عكس الرغبة الإسرائيلية الأمريكية الأوروبية التي ألحت على عباس بعدم التقدم بالطلب، والاستعاضة عنه بالبقاء في دهاليز المفاوضات الثنائية المعتمدة منذ توقيع اتفاق أوسلو . نعترف بأن عباس استطاع رسم مشهد حول الخطوة تدخل في دائرة « الوطني » من الافعال، والتي لا تنسجم مع حراك الرجل ذاته ومن معه طوال العقدين الماضيين .

هذا لا يمنعنا كفلسطينيين وأصحاب حق أن نتوقف طويلاً بجدية ومسؤولية عند حقيقة الخطوة، وماذا تعني بعداً وقرباً من استعادة كامل الحقوق وعلى رأسها حق عودة الشعب الفلسطيني إلى دياره التي هُجِّر منها عام 1948، وخصوصاً أننا لم نُعطَ الفرصة مسبقاً في الإطار الداخلي الفلسطيني من الحوار في المبدأ والمضمون والشكل والمآلات . وتم وضع الفلسطيني المنتقد في حالة حرج في تعامله مع الخطورة الاستراتيجية سياسياً وقانونياً، وهو ما يعتقده لهكذا مبادرة .

لعل استبدال تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية التي حازت على هذه المكانة منذ 1974، يمثل تراجعاً حقيقياً عن مكسب الاعتراف الأممي بـ « التحرير» الذي لازم اسم الشعب الفلسطيني وممثليه طوال العقود الثلاثة الماضية . وخصوصاً أنه مرتبط تاريخاً ومساحةً بفلسطين المحتلة عام 1948، حيث تم تأسيس المنظمة عام 1964، أي قبل احتلال عام 1967 للضفة وغزة . وهذا يعني استكمالاً للخطوة السياسية الرسمية الفلسطينية بالاعتراف بالكيان الإسرائيلي كدولة على الأراضي المحتلة عام 48. نعتقد بخطورة التراجع عن ميزة « الحالة الثورية التحررية » للشعب الفلسطيني في المنتديات الدولية . إن بقاء المنظمة كممثل للشعب الفلسطيني يبقي الصراع مفتوحاً على مصراعيه . ويظل معه حال عدم الاستقرار الدائم للكيان الصهيوني .

وفي السياق نفسه، فإنه لا أحد في العالم يناقش أن منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني ككتلة واحدة بغض النظر عن الجغرافيا التي يعيش فيها . وهذا يربط دائماً الأرض الفلسطينية التاريخية بكل الشعب . يُدخلنا مسمى « دولة» على جزء من أرض فلسطين في دائرة البحث عن إجابات لأسئلة مصيرية كثيرة كنا قد انتهينا منها عالمياً، من قبيل الشتات الفلسطيني وتمثيلهه، وحق العودة، والتعامل مع الكيان الإسرائيلي .

منظمة التحرير خرجت من رحم المخيمات، وارتبطت بوعد العودة لفلسطين، وانتهجت الكفاح المسلح سبيلاً أساسياً لتحقيق أهدافها . وجاء الاعتراف بها من دون التخلي عن هذا النهج، بل جرى تكريسه بعد خطاب الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي لوّح ببندقيته خياراً أساسياً إلى جانب غصن الزيتون . أما خطاب عباس فقد سلب الاعتراف العالمي بالكفاح المسلح بتغييبه لمنظمة التحرير من المشهد السياسي الرسمي العالمي تمثيلاً للشعب الفلسطيني، وقد اكد على "إمعاناً" في مضامين خطابه .

نرصد كوامن قوة كثيرة في القضية الفلسطينية ساعدت على بقائها حيةً طوال العقود الستة من عمر الصراع . يأتي الحراك الثوري الانتفاضي مع حضور خارطة كل فلسطين محركاً رئيسياً لمسيرة الشعب الفلسطيني الواحد . وقد عكس تمثيل المنظمة بكل مفراداتها شيئاً مهماً من هذه المسيرة .

لا يعني ما قلناه أن تمثيل الدولة مفرغ من الإيجابيات . القياس هنا على الأهداف الاستراتيجية بالتحرير والعودة . ومسألة التمثيل هي واحدة من سلبيات أخرى لا تقل خطورة، منها إلغاء حق العودة . وهذا يحتاج إلى وقفات أخرى .