مجلة العودة

ماجد الزير : رائد صلاح.. رجل وقضية

ماجد الزير

http://www.alawda-mag.net/assets/issue48/p27-1.jpgمنذ أن وطئت قدما الإنسان الأول نبي الله آدم الأرض، اقترن وجوده بمهمات وقضايا ومبادئ حملها معه . فكانت مهمته الأولى الخلافة في الأرض وإعمارها، فنفاذ المشيئة الإلهية في الحراك الدنيوي مسبَّبٌ ببني البشر، وتتطلب التطورات وتحقيق الأهداف في القضايا الصعبة المنال نوعيةً خاصة من هؤلاء البشر، كما الأنبياء والرسل أو مَن هم على هديهم من بعدهم لضمان ديمومة ما جاؤوا به .

وينطبق هذا على العلماء، كلّ في مجاله في العلوم النظرية والعملية . وكذلك أصحاب المبادئ بالمطلق، فالأمر ليس مقروناً بالأديان فقط . فما انتشرت فكرة وطال أمد وجودها من دون روحٍ بشريةٍ سَرتْ فيها حوّلتها مجازاً لكائن حي يدبّ على الأرض، وخُلّدت القضايا والإنجازات عبر التاريخ، من دون استثناء، مقترنةً بأَعلام طبعوا بصماتهم ومجهودهم ومزجوها بتضحياتهم وبَذلهم .

ويتمايز البشر في العمل بمقدار عِظم مجهودهم، ونوعية إنجازهم ومثابرتهم، وهنا تندمج بالعموم أسماء الشخصيات بالقضايا التي يعملون لها . وبهذا يأتي حال التسجيل في صفحة التاريخ «قضايا وحاملوها ». ونموذجنا هنا ارتباط اسم رائد صلاح بالقدس ومسجدها، حتى لُقّب بـ« شيخ الأقصى ».

فما إن يُذكر اسم الشيخ رائد صلاح حتى تحضر قضية القدس ودرّتها الأقصى . فهي الغالبة على شخصيته ومجهوده الوافر للعمل لها لتحريرها من المحتل الصهيوني . حيث أخذ من اسمه «الريادة »لجماهير فلسطين 48 في العمل على الحفاظ على القدس فلسطينية عربية إسلامية، وركزوا على المسجد الأقصى، وأبدع وأبدعوا في رفع شعار «الأقصى في خطر »ليقودوا حركة استنهاض الأمة للعمل من أجل القدس ومسجدها . ومن خلال ذلك جذّروا القضية الفلسطينية بالعموم في الضمير الإنساني لكل من تعنيه القضية .

ونذهب تأصيلاً، إلى أن ذكر الأقصى والقدس ليس بالضرورة يأتي حصراً لذكرالشيخ رائد ومن معه، لأن القضايا أكبر من البشر، والعام يعلو على الخاص، والقضايا تعمل لها مجموعات مختلفة ومتنوعة باختلاف منطلقهم للوصول إلى الغاية نفسها، والقدس وأقصاها ليسا استثناءً .

فلا يمكن التقليل من مجهود تراكمي بذله ــ وما زال ــ الشعب الفلسطيني والمحيط العربي والإسلامي من خلال العديد من الشخصيات والمؤسسات منذ أن تمكن المحتلّ الصهيوني من القدس، بل قدم الآلاف أرواحهم فداءً للقدس والأقصى، ويأتي على رأسهم المقدسيون الذين صمدوا في القدس وعضّوا على وجودهم بالنواجذ، وتكبّدوا العناء والقهر والتضييق، وضربوا نماذج نوعية وجبارة، كالسيدة أم كامل الكرد وغيرها من نماذج تستحق التسجيل .

وبالرجوع إلى الشيخ صلاح ومن يعمل معه، فقد تميزوا بشكل جماعي بتحويل حال الضعف بالعيش في الغربة داخل فلسطين 48 وحرمانهم أهلَهم وفرض واقع إسرائيلي عليهم، فتعملقوا بجهاد وتضخية نوعية، وأعادوا مع بقية أهلنا هناك اللحمة مع الجسم الفلسطيني العام، وفتحوا جبهة القدس والأقصى في مجابهة المحتل، حين عزّ النصير فتصدوا للاحتلال في يوم لم يكن في وجهه غيرهم، حين استطاع العدو عزل القدس وأهلها وانفرد بهم لتَخْلُص له .

إن إبراز كل ما في الأقصى والقدس، تاريخاً وجغرافيا بأبعادها الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية وتركيبتها السكانية والاجتماعية ومعالمها المعمارية، هو من أهم إنجازات الشيخ رائد وفلسطينيي الـ 48 ومن يعمل للقدس وعروبتها وإسلاميتها في أرجاء المعمورة . يزعج العدو الصهيوني دوام الحضور القوي للقدس والأقصى في الذهن والضمير الفلسطيني والعربي والإسلامي والأممي الداعم للحق والعدل .

يعرف العدو أن هذا يعني أن عودة القدس لأصحابها مسألة وقت .