مجلة العودة

قضية: القدس في مواجهة التهويد - هشام منوّر

القدس في مواجهة التهويد
 

هشام منوّر/ دمشق

إذا كان الفلسطينيون، ومعهم العرب والمسلمون، قد تجرعوا في عام 1967م، مرارة عدوان ضاعف من حجم الأراضي التي كان الكيان الإسرائيلي قد اغتصبها لدى قيامه عام 1948، فإن استكمال احتلال القدس، زهرة مدائنهم، وأولى قبلتيهم، وثالث مساجدهم التي تشد إليها الرحال، قد فاقم من آلامهم ومصابهم حينها.

والحال أنه لا يمكن اجتزاء مأساة، مدينة القدس، من كارثة نكبة فلسطين، وخاصة بعد أن اتخذت سلطات الاحتلال جملة من الإجراءات والقرارات والقوانين لضم القدس وتغيير طابعها ومعالمها العربية والإسلامية.

الكيان الإسرائيلي عمل من خلال ممارساته العنصرية على ترجمة مقولة كبير مجرمي الصهاينة ديفيد بن غوريون، أنه «لا معنى لإسرائيل من دون القدس، ولا معنى للقدس من دون الهيكل»، يستمر مشروع تهويد القدس، إذ تحدث مدير «مؤسسة القدس» ياسين حمود في لقاء تضامني مع القدس لمناسبة الذكرى الـ44 لاحتلالها، عن أحدث الاعتداءات والانتهاكات في المدينة، كإقرار بناء 1500 وحدة استيطانية جديدة شرق القدس، وإقرار حكومة الاحتلال لخطة «دعم اقتصاد القدس» بميزانية تزيد على 80 مليون دولار أميركي. وتوجه إلى الفصائل الفلسطينية داعياً إياها إلى «إعادة القدس على رأس قائمة أولوياتها».

وبعد تصاعد وتيرة مسلسل تهويد القدس والاعتداءات الصهيونية المتكررة على الشرعية الدولية، أين يبرز سؤال مفاده: تقع القدس في المشروع الوطني الفلسطيني؟ وما هي أبرز ملامح مشروع التهويد الذي تواجهه؟ وما هي أبرز المواقف والإجراءات الداعمة لصمود أهل القدس في وجه آلة الاحتلال؟ وما هي مواقف كل من الفصائل الفلسطينية والدول العربية والإسلامية مما يجري في القدس وللمقدسات الإسلامية والمسيحية؟

سيناريو التعديات على أولى قبلتي المسلمين، ابتدأ بعد نقل مكاتب ما يسمى رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزرائه إلى القدس، في مقدمة لإعلانها عاصمة أبدية، بعد انعقاد اجتماع «الكنيست» في القدس بتاريخ السادس والعشرين من شهر كانون الأول لعام ثمانية وأربعين، الذي أعلن أن «القدس عاصمة إسرائيل».

احتلال شرقي القدس في عدوان حزيران عام سبعة وستين، وإعلان توحيدها تحت الاحتلال الإسرائيلي في السابع والعشرين من الشهر ذاته، أديا إلى جملة من الإجراءات الميدانية لتغيير واقع المدينة المقدسة، من تدمير الأحياء العربية إلى تطويقها بالبؤر والأحزمة الاستيطانية، بالإضافة إلى بناء عدد من الأحياء اليهودية ضمن حدود المدينة من أجل تحويل سكان المدينة إلى أقلية عربية، وشرعت سلطات الاحتلال بتوسيع حدود القدس من (38 كم) إلى (110 كم).

كذلك أصدر «الكنيست» بتاريخ الثلاثين من تموز عام 1980، قراراً يقضي بجعل «القدس عاصمة إسرائيل الأبدية»، ومقراً لما يسمى البرلمان ورئيس الدولة والحكومة والمحكمة العليا، في تحدٍّ لجميع قرارات الأمم المتحدة، والعرب والمسلمين في كل مكان.

وفيما تتوالى محاولات اقتحام المسجد الأقصى على نحو دوري، بالتزامن مع ذكرى احتلال القدس و«توحيدها» تحت السيادة الإسرائيلية، بحسب الزعم الإسرائيلي، تتكثف معطيات البناء الاستيطاني لاستكمال تهويد المدينة، فقد أعلن عن أخيراً تحريك مشروع لبناء 4100 وحدة استيطانية جديدة شرق القدس، في مستوطنات: «رمات شلومو»، و«جيلو»، و«بسغات زئيف»، و«هارحوما».

فهل يكتفي العرب والمسلمون بتقديم الدعم المعنوي والمادي في حدوده الدنيا، فيما تدخل بوابة السماء مراحل التهويد النهائية؟!